الوهم ..
قصته معي قصة ..
بدأتْ وأنا لم أزل ابن الخامسة تقل أو تزيد قليلاً لست أدري ..
صغيرٌ يستهويه قطر السماء ، يرى ( السراب ) فيظنه القطر ثم ينفلت ، وكلما قطع مسافة وجده يبتعد أكثر فأكثر ، عندها يوقن أنه لم يكن إلا وراء الوهم يطرد ..!
أنهكه الجري ، وحل بجسمه النحيل التعب ، فتحدثه نفسه أثناء العودة أن هنالك من سيعوضه ألم (صدمة الوهم) ، فيفاجأ بالمغزل (يرن) بين أذنيه من كف حنونٍ تجود ولا تبخل ..!
مضت بي الحياة قليلاً ..
أنا الآن في مرحلة ( النشء )..!
اخترت رفاقي بعناية ، فأكّلني أعزّهم ( القوطة) ظلمـًا ، ولسعني بـ (العقرب ) بهتانـًا ، وتجرعتُ ( علقم ) الوهم ..!
كبرت ..
لاحت أمام ناظري ( الملايين ) وزارني ساعة صفاء حلم الغنى ، فرميت بالنفس بين ( سهام ابن مرضي الحمر )، وخرجت منها بجراحٍ سيطولُ اندمالها ، وحسرة ستظل في النفس إلى أن أموت ، فأيقنت ساعتها أن الغنى لم يكن سوى ذاك الوهم الذي لا أجهله وكيف لي وقد قاسمني شربة الماء وكسرة الخبز ونشأ معي مرحلةً فمرحلة ..!
ولا يزال يلازمني ، غير أنه في هذه المرة كان القاصمة ..
كنت أحسبه جبلاً ، بل كان ..
أتكئ عليه وأسند ، تسوّد الدنيا في عيني فأجده كالبدر الذي يزيح ويبدد ، وتضيق بي الأرض فألقى صدره أوسع منها بكثير ، أحمل (الكبائر) على كتفي وإليه يكون اتجاهي وتحولها إشراقة وجهه وابتسامته (صغائر) ..
جبلاً كان ، جبلاً ..
عذرًا ، بل كان ( وهمـًا ) أخبرني به ( استلقائي ) على ظهري وقت ( إسنادٍ ) اعتدت عليه ساعة إرهاق وتعبٍ ..!
( تحسّفتُ ) على كل وهمٍ كان ، لكن يظل (وهم) الجبل الأشد حسافةً والأكثر ألمـًا ، وفي انسكابِ ماء العين الدليل ..!
ليتني أعلم ما سيكون ( الوهم ) في المرة القادمة ، ليتني ..!
السوادي
تعليق