يذكرلنا الأباء والأجداد عن زمن تقدم ذلك التعاون
والألفة والمحبة فيما بين أهل القرية الواحدة فتراهم
مجتمعين متعاونين مع بعضهم البعض في مناسبات
الأعياد والزواجات ومواسم الزراعة من الحصاد والحرث
والدياس يفزع بعضهم لبعض يجتمعون في الليل في سمر
مباح لايتحاسدون ولا يتقاطعون ولا يحمل بعضهم على بعض
في قلبه الغل والحقد يتصالحون إذا وقع بينهم خلاف
ويتزاورون فيما بينهم
ومقارنة بين زمن الأمس واليوم نجد الفرق الشاسع
نجد التناحر والبغضاء وقطيعة الرحم منتشرة بين أقرب
الناس فضلاً عن الأباعد ولعل من أهم الأسباب التنافس
على الدنيا والطمع فيها واللهث خلفها بل أن هذا السبب
هو أساس المشكلة وبين يدي قصة توضح هذه القضية
روى الحافظ ابن عساكر في تاريخه :
أن احمد بن عمار الأسدي قال :
خرجنا مع أحد المعلمين الصالحين في جنازة ومعه
جماعة من أصحابه فرأى في طريقه كلاباً مجتمعة بعضها
يلعب مع بعض ويتمَّرغ عليه ويلحسه فالتفت إلى أصحابه فقال :
انظروا إلى هذه الكلاب ما أحسن أخلاق بعضها مع بعض ؟
قال : ثم عدنا من الجنازة . وقد طُرحت جيفة وتلك الكلاب
مجتمعة عليها ، وهي تهارش بعضها البعض ، ويخطف
هذا من هذا ، ويعوي عليه ، وهي تتقاتل على الجيفة .
فالتفت المعلم إلى أصحابه فقال لهم :
هل رأيتم يا أصحابي متى لم تكن الدنيا بينكم
فأنتم إخوان ، ومتى ما وقعت الدنيا بينكم
تهارشتم عليها تهارش الكلاب ؟
استغل المعلم المربي هذا الحدث ليوضح لمن كان معه
خطورة التنافس والتناحر على الدنيا وانها سبب البغصاء
والحسد بين الإخوة والأقارب ولعل القصة قربت ووضحت
السبب الحقيقي وراء التناحر والبغضاء
بين الأقارب والجيران وأهل القرية الواحدة
فاللهم لاتجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا
وطهرقلوبنا من كل داء
دمتم في رعاية الله وحفظه
الشعفي
12/ 7 /1428هـ
تعليق