أعيدوا الحسابات
تابعت كغيري الندوة التي عقدتها قناة العربية تحت عنوان الشباب العربي غربة في الوطن على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي الذي جرت فعالياته في الأردن، وشارك فيها عدد من المسؤولين والباحثين المهتمين بالقضايا الاجتماعية والتنموية، وللحقيقة فقد كانت ندوة هامة لاسيما بحضور عدد كبير من شريحة الشباب الذين عبروا بوعي ونضج عن همومهم وتطلعاتهم، وكذلك إحباطهم وانكسارهم نتيجة ما يجري في عالمهم العربي الذي انصرف عنهم زمنا طويلا منشغلا بقضايا بعيدة جدا عن مفاهيم ومتطلبات التنمية البشرية. لقد كان محزنا جدا حين ذكر عدد منهم الأسباب التي تدفعه إلى مغادرة الوطن لأنها أسباب يفترض المنطق أن معظم الدول العربية كانت قادرة على تجاوزها منذ زمن بعيد، لاسيما وأنها تندرج ضمن الحقوق الأساسية لأي مواطن، وليست عن أشكال الترف أو المتطلبات الثانوية.
إنها مسألة خطيرة حين يغشى أكبر شريحة في الوطن العربي مثل هذا الشعور القاتم.
وهو شعور موجود بنسبة أو بأخرى في كل دولة عربية، وربما الفرق لا يزيد عن إمكانية التعبير عنه وفقا للظروف السياسية وهامش التعبير المتاح، وحين تظن الأنظمة العربية أن هذه الشريحة تعبر بشكل انفعالي غير ناضج ومن ثم لا تقيم وزنا لرأيها فإنها ترتكب خطأ فادحا لأن شباب اليوم لم يعد شباب الأمس الذي كان معزولا عن أحداث العالم ومتغيراته، وبالإمكان حجر المعلومة عنه وتغييبه، إنه شباب أصبح يدرك جيدا ما يقول ويعرف جيدا ما يريد، وبالتالي فإنه من غير المنطق مطالبته بواجباته دون إعطائه حقوقه التي لم تعد أكثر من فرصة التعليم الجيد والعمل الكريم والحد الأدنى من مقومات الحياة الإنسانية اللائقة في أوطان تستطيع تقديم هذه الاحتياجات بسهولة لو أعادت ترتيب أولوياتها وأوقفت هدر مواردها على ما لا طائل منه سوى إطالة زمن التخلف وتوسيع الفجوة بينها وبين الشعوب المتحضرة.
إن نزيف العقول والقدرات العربية لن يتوقف، ولن تتوقف الهجرة المتزايدة، ولن تتقلص الخسارة طالما نحن مستمرون في ما دأبنا عليه منذ زمن طويل.
****
مقال للدكتور حمود أبو طالب في صحيفة الوطن يوم أمس بمناسبة المنتدى الأقتصادي العربي .
تابعت كغيري الندوة التي عقدتها قناة العربية تحت عنوان الشباب العربي غربة في الوطن على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي الذي جرت فعالياته في الأردن، وشارك فيها عدد من المسؤولين والباحثين المهتمين بالقضايا الاجتماعية والتنموية، وللحقيقة فقد كانت ندوة هامة لاسيما بحضور عدد كبير من شريحة الشباب الذين عبروا بوعي ونضج عن همومهم وتطلعاتهم، وكذلك إحباطهم وانكسارهم نتيجة ما يجري في عالمهم العربي الذي انصرف عنهم زمنا طويلا منشغلا بقضايا بعيدة جدا عن مفاهيم ومتطلبات التنمية البشرية. لقد كان محزنا جدا حين ذكر عدد منهم الأسباب التي تدفعه إلى مغادرة الوطن لأنها أسباب يفترض المنطق أن معظم الدول العربية كانت قادرة على تجاوزها منذ زمن بعيد، لاسيما وأنها تندرج ضمن الحقوق الأساسية لأي مواطن، وليست عن أشكال الترف أو المتطلبات الثانوية.
إنها مسألة خطيرة حين يغشى أكبر شريحة في الوطن العربي مثل هذا الشعور القاتم.
وهو شعور موجود بنسبة أو بأخرى في كل دولة عربية، وربما الفرق لا يزيد عن إمكانية التعبير عنه وفقا للظروف السياسية وهامش التعبير المتاح، وحين تظن الأنظمة العربية أن هذه الشريحة تعبر بشكل انفعالي غير ناضج ومن ثم لا تقيم وزنا لرأيها فإنها ترتكب خطأ فادحا لأن شباب اليوم لم يعد شباب الأمس الذي كان معزولا عن أحداث العالم ومتغيراته، وبالإمكان حجر المعلومة عنه وتغييبه، إنه شباب أصبح يدرك جيدا ما يقول ويعرف جيدا ما يريد، وبالتالي فإنه من غير المنطق مطالبته بواجباته دون إعطائه حقوقه التي لم تعد أكثر من فرصة التعليم الجيد والعمل الكريم والحد الأدنى من مقومات الحياة الإنسانية اللائقة في أوطان تستطيع تقديم هذه الاحتياجات بسهولة لو أعادت ترتيب أولوياتها وأوقفت هدر مواردها على ما لا طائل منه سوى إطالة زمن التخلف وتوسيع الفجوة بينها وبين الشعوب المتحضرة.
إن نزيف العقول والقدرات العربية لن يتوقف، ولن تتوقف الهجرة المتزايدة، ولن تتقلص الخسارة طالما نحن مستمرون في ما دأبنا عليه منذ زمن طويل.
****
مقال للدكتور حمود أبو طالب في صحيفة الوطن يوم أمس بمناسبة المنتدى الأقتصادي العربي .
تعليق