ابو هاجر

هنا تجد عن بعض تساؤلاتك لفل فيها بعض الفوائد

إن الكشف عن حقائق التاريخ والتمسك بها ليس تعصبا كما يطيب لأولئك أن يرددوا على مسمع كل من يحاول عن ذلك عن قناعة وإخلاص

.إن التشبث بالحقيقة والكشف عنها هو العلم وهو الموضوعية وإن التشبث بما قرره الآخرون على أرضية من العداء السافر هو الجهل والتعصب معا. وإننا بعد هذا كله لن نجد ما يستحق أن نتوقف قليلا أو كثيرا عند ما يقرره الأستاذ هاري ولفسن في جامعة هارفارد الذي "زور" في كتاب ديورانت كل ما يتعلق بتاريخ المنطقة من جهة النظر الصهيونية البحتة تحت ستار "تصحيح بعض أخطاء الجزء الخاص بالدولة اليهودية "

وكم سوف يبدو قميئا مثل هذا التعصب والبعد عن أية روح علمية تليق باي باحث عادي الذي تنضح به تصحيحات "كهذه": ".... و لكن الدهر لا يحتفظ بأسماء هذه الشعوب لما قامت به هي نفسها من الأعمال الجليلة بقدر ما يحتفظ بها لان أصحابها مثلوا دوراُ على مسرح فلسطين الفاجع وعلينا الآن أن ندرس شعبا آخر بتفصيل أوفى وأدق من دراستنا لجيرانه ونعني به اليهود وهم قوم إذا نظرنا إلى قلة عددهم وضيق بلادهم لا نكاد نراهم جديرين بهذه الدراسة ولكنهم أورثوا العالم أدبا من أعظم آدابه ودينين من أقوى أديانه وعددا عظيما من اذكي رجاله وأعمقهم تفكيرا "

ماذا يمكن أن نعلق على مثل هذا القول الذي يقحم في ذروة انتشاء ول ديورانت وهو يتحدث عن فضل الشعب العربي السوري ( ولو تحت أسماء أخرى) على الإنسانية بأكثر من أن نستمر مع ديورانت في بعض حديثه: "...

وقد استطاعوا منذ 2000 ق.م. أن يسجلوا بالدقة شروق الزهرة وغروبها بالنسبة إلى الشمس وحددوا مواضع النجوم واخذوا يصورون السماء على مهل فلما فتح الكاشيون بلاد بابل توقف هذا التقدم نحو ألف عام ثم واصلوه من جديد في عهد نبوخذ نصر فصور العلماء مسارات الشمس والقمر ولا حظوا اقترانهما كما لا حظوا الخسوف والكسوف وعينوا مسارات الكواكب وكانوا أول من ميز النجوم الثوابت من الكواكب السيارة تمييزا دقيقا . وحددوا الانقلابين الشتائي والصيفي وتاريخي الاعتدالين الربيعي والخريفي وساروا على نهج السومريين قبلهم فقسموا دائرة فلك البروج ( أي مسار الأرض حول الشمس) إلى الأبراج الاثني عشر وبعد أن قسموا الدائرة إلى 360 درجة عادوا فقسموا الدرجة إلى ستين دقيقة والدقيقة إلى ستين ثانية وكانوا يقدرون الزمن بالساعة المائية والمزولة و أكبر الظن أنهم لم يعملوا على ترقية هاتين الآلتين فحسب بل اخترعوهما اختراعا وقسموا السنة إلى اثني عشر شهرا قمريا منها ستة في كل منها ثلاثون يوما و الستة الأخرى في كل منها تسعة وعشرون يوما ولما كان مجموع أيامها على هذا الحساب لا يبلغ سوى 354 يوما فإنهم كانوا يضيفون في بعض السنين شهرا آخر لكي يتفق تقويهم مع الفصول وقسموا الشهر إلى أربعة أسابيع تتفق مع أوجه القمر الأربعة وحاولوا أن يتخذوا لهم تقويما أسهل من هذا بأن قسموا الشهر إلى ستة أسابيع كل منها خمسة أيام ولكن ثبت بعدئذ أن أوجه القمر أقوى أثرا من رغبات الناس وبقي التقسيم الأول كما كان ولم يكونوا يحسبون اليوم من منتصف الليلة إلى الليلة التي تليها بل كان عندهم من شروق القمر إلى شروقه التالي وقسموا هذه المدة إلى اثنتي عشرة ساعة في كل منها ثلاثون دقيقة إذن فتقسيم الشهر عندنا إلى أربعة أسابيع وتقسيم أوجه ساعاتنا إلى اثنتي عشرة ساعة (لا أربع وعشرين ) وتقسيم الساعة إلى ستين دقيقة والدقيقة إلى ستين ثانية كل هذه آثار بابلية لاشك فيها باقية من أيامهم إلى عهدنا الحاضر وان كان لا يخطر لنا على بال "

ملحوظة

عسى أن تجدوا أسباب تقسيم اليوم والليله إلى أربع وعشرون ساعة فكانت12 ساعة من نصيب القمر والأخرى حتى يشرق مرة أخرى والله اعلم


تاريخ سوريا القديم
د.أحمد داوود
ص-409-410