Unconfigured Ad Widget

Collapse

احساس الضياع

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • الغمر
    مشرف منتدى شعبيات
    • Feb 2002
    • 2328

    احساس الضياع

    مجرد لحظاتٍ احست فيها ((دنيا))بالضياع ...في المطار الدولي بينما كان موظفو الخطوط الجوية يستقبلون المسافرين ويتفحصوا بطاقات الصعود , كان الاب وكانت والام التي تحمل بين يديها رضيعاً يمشون بخطواتٍ عجلةٍ وكانت ابنة الاربع سنين دنيا تسير من خلفهم بمسارٍ مستقيمٍ تقلب ناظريها في وجوه الناس وفي ارجاء المبنى الداخلي للمطار
    ينحرف الاب عن المسار المستقيم وتنحرف معه الام وتواصل المسكينة سيرها للامام وترفع ناظريها وتحث في سيرها فتمسك بثوب من ظنت انه اباها وتنظر اليه واذا به من لاترف ثم تتركه بهدوءٍ وخوف وقد توقف الدم في عروقها وانحبست انفاسها كان الاب قد نظر الى الخلف بعد انعطافه بقليل فلم ير ابنته فجال سريعا ببصره ليشاهدها واقفةً جامدةً صامتةً منبهتةً ((تعانق احساس الضياع ))وليجري اليها وهو ينادي:- دنيا هنا يابابا ...سمعت المسكينة الصوت فاخذت تجول ببصرها لتتعرف على جهة الصوت وترى اباها فتنتظره جامدةً تتابعه ببصرها بين الشك واليقين وهي صامتةً حتى احتظنها وتعلقت به ثم اطلقت العنان لصرخةٍ مدويةٍ وهي تضرب بيديها على صدره وهو يتبسم تبسم المحترق محاولا تهدئتها .....

    جلست على احد الكراسي وانا اتخيل الموقف مراتٍ ومراتٍ ولاسيما وقد مررت بحالات ضياعٍ كثيرةٍ وفي مراحلٍ مختلفةٍ من عمري حتى بعد ان نبت الشيب في رأسي .
    كل ما كان يهمني هي تلك الثواني المعدودة التي احست فيها دنيا بالضياع والتيه, اين جال بها فكرها الصغير؟ كيف تخيلت العالم؟ كيف رأت مستقبلها؟ ....انني اكاد اجزم ان السواد كسا حياتها واستحوذ على دنياها واكاد اجزم انها احست بالظلم وتجرعت اشد انواعه مرارةً وقسوة,اكاد اجزم انها عاشت اليتم للحظات كانت اثقل من عشرات السنين ,اكاد اجزم ان في قلب دنيا جرحاً سيعيش معها بتبعاته سنيناً طوال ...وما كان ذلك الصمت الرهيب الا لانها احست انها انتقلت الى عالمٍِ آخر لاتفهمه ولا يفهمها ففضلت الصمت بل قد اعلنت استسلامها لمصيرٍ مظلمٍ مجهولٍ مرعبٍ, بل ان الصمت هو من اكتسحها واطبق عليها ....وما كانت تلك الصرخات بعد ان احتظنها اباها الى ثأرا من ذلك الصمت وانتقاماً من تلك اللحظات, وما تلك الحركات الكثيرة بيديها ورجليها ورأسها وكل اعظائها الا تعويضاً لذلك الجمود اللحظي .

    قد لا اكون احسنت التعبير ولا الصياغة عن الموقف لكنني آمل ان تكون الصورة مشاهدة ولو باقل درجات الوضوح.
    آخر تعديل تم من قبل الغمر; 11-03-2007, 04:22 PM.
    لعيونك
  • سنبقى
    عضو نشيط
    • Feb 2007
    • 400

    #2
    اخي الكريم رائع ماسطرته يمناك الف شكر على تلك الخاطره التي تسطر بماء الذهب وفقك الله

    تعليق

    • الشعفي
      مشرف المنتدى العام
      • Dec 2004
      • 3148

      #3
      صورة واضحة ومؤلمة لأحاسيس الضياع
      من الطرفين الضائع والمضيع

      و هناك نوع من الضياع لايشعر به صاحبه
      إلا بعد فوات الأوان للأسف ربما نقع فيه جميعاً

      شكرأ لك أخي الغمر
      على هذا الطرح المتميز والأسلوب الجذاب
      من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

      تعليق

      • أبو ماجد
        المشرف العام
        • Sep 2001
        • 6289

        #4
        أبدعت يا أباهاشم في تصوير هذا الموقف الإنساني

        موقف قد يتكرر أمام أعين الكثيرين ، ولكنهم ، إما لا يرونه ، أو لا يستطيعون التأمل فيه ثم تصويره كما صورته هنا .

        بارك الله فيك فموضوعاتك ثمينة وغنية وتفيد من يقرأها .

        تعليق

        • حنين
          عضوة مميزة
          • Oct 2004
          • 2439

          #5
          لن تنسى دنيا هذه الموقف أبدا ....

          أحسنت التعبيروالصياغة ( بالتأكيد ) أستاذي ...وتخيلت الصورة كاملة أمامي ... وكم مر بي من مواقف مشابهة ( مرووووّعه ) ..

          لك مني جزيل الشكر والتقدير ..


          لا خير في وعد إذا كان كاذبا..

          ولا خير في قول إذا لم يكن فعل.

          تعليق

          • عبدالله رمزي
            إداري
            • Feb 2002
            • 6605

            #6
            شكراً من الأعماق ياعزيزي

            فموضوعك هذا بعث فيّ ذكريات قديمة مع أحد أبنائي رغم أنه لم يكن صغيراً فقد كان بالمرحلة المتوسطة لكن غيابه الذي إعتقدنا أنه ضاع أو خطف جعلنا في حيرة وقلق أربع وعشرين ساعة .. بعد أن أخبرنا الشرطة عن ذلك والأصدقاء والمعارف وسألنا كل من نعرف .. إلا واحداً لم يخطر ببالنا أنه هناك ... وقي نفس تلك المدة خطرت ببالي كل الأشياء .. من الفضيحة .. العار .. الشماتة .. الحزن .. المأساة .. الفراق ... الحب ...

            ولكن مشيئة الله ورحمته وعطفه تعيدنا إلى ألمل وإلى الحقيقة وتبعث فينا السعادة .. بعد أن عرفنا أنه موجود ...

            هناك نوع من الضياع لايشعر به صاحبه
            إلا بعد فوات الأوان للأسف ربما نقع فيه جميعاً


            نعم أيها الشعفي .. هذا ما بدأنا نحسبه الأن ......!!!

            شكراً للجميع
            ما كل من يبعد به الوقت ناسيك ... بعض البشر قدام عينك وينساك

            تعليق

            • الغمر
              مشرف منتدى شعبيات
              • Feb 2002
              • 2328

              #7
              اخي الكريم سنبقى
              الرائع هو حضورك وتسجيل مداخلتك القيّمه ...اعتذر اليك عن عدم قبول تسمية تلك السطور بخاطرة فهي بالنسبة لي تجسيد وبوح
              اخي الكريم الشعفي
              و هناك نوع من الضياع لايشعر به صاحبه
              إلا بعد فوات الأوان للأسف ربما نقع فيه جميعاً
              النوع الذي تقصده هو الاكثر انتشارا ,اجارنا الله واياك وعامة المسلمين منه ...شاهد واقرأ واستمع لتعرف الكثير ممن هم ضايعون..
              اشكر لطيف كلماتك

              استاذي الحبيب ابو ماجد
              هناك مواقف تستثير الانسان ليعبر عنها بطريقته ..المهم ان لايكون ممن يخمد مشاعره
              اشكرك استاذي الفاضل

              اميرة منتدانا حنين
              المشاركة في الاحاسيس والتعبير عن المشاعر واستلهام المواقف بحلوها ومرها يعطي صورة اوضح لانفسنا ...فلا تبخلي بنثر ما جمعته الايام في صدرك ولا زلت اتذكر خروف السله..شكرا حنين

              ابو سهيل
              اشكرك على اضافتك المميزة والامل في الله موجود دائما ان شاء الله ..اسال الله ان يحفظ لك احبتك وان يحفظك لهم ....بارك الله فيك
              لعيونك

              تعليق

              • السوادي
                إداري
                • Feb 2003
                • 2219

                #8
                عذرًا الغمر ..
                والله ما رأيت موضوعك إلا اليوم ، لستُ أدري لماذا ؟
                أجدت في ( تصوير ) الموقف كثيرًا ، إذ جعلتنا من (دقته) نعيش معك داخل الصالة ..
                الإحساس بالضياع ..
                لئن كانت تلك الطفلة أحست بـ ( الضياع ) للحظات بعد غياب أبويها عن ناظريها ؛ فإن هناك من تجاوز مرحلة الشباب وهو لا يزال يحس بضياعه أكثر من إحساس صغيرتك التي رأيتَ ، رغم أنه يعيش بين أهله وأحبته ..!
                لماذا ؟
                الأسباب كثيرة ، منها :
                - عدم رسم طريق الحياة من الأساس ..
                - افتقاد الشجاعة في اتخاذ القرار ..
                - تعرضه لحالة فشلٍ أو إخفاق يشعر معها بأنه انتهى ..
                - التردد والخوف الزائد عن الحد ..
                وغيرها ..
                أبا هاشم طرحٌ جميل ، تستحق عليه التصفيق إن سمحوا ..
                عذرًا على التأخر وعلى هذا (الانحراف ) الذي أحدثتـُهُ في موضوعك ..
                السوادي

                تعليق

                Working...