مجرد لحظاتٍ احست فيها ((دنيا))بالضياع ...في المطار الدولي بينما كان موظفو الخطوط الجوية يستقبلون المسافرين ويتفحصوا بطاقات الصعود , كان الاب وكانت والام التي تحمل بين يديها رضيعاً يمشون بخطواتٍ عجلةٍ وكانت ابنة الاربع سنين دنيا تسير من خلفهم بمسارٍ مستقيمٍ تقلب ناظريها في وجوه الناس وفي ارجاء المبنى الداخلي للمطار
ينحرف الاب عن المسار المستقيم وتنحرف معه الام وتواصل المسكينة سيرها للامام وترفع ناظريها وتحث في سيرها فتمسك بثوب من ظنت انه اباها وتنظر اليه واذا به من لاترف ثم تتركه بهدوءٍ وخوف وقد توقف الدم في عروقها وانحبست انفاسها كان الاب قد نظر الى الخلف بعد انعطافه بقليل فلم ير ابنته فجال سريعا ببصره ليشاهدها واقفةً جامدةً صامتةً منبهتةً ((تعانق احساس الضياع ))وليجري اليها وهو ينادي:- دنيا هنا يابابا ...سمعت المسكينة الصوت فاخذت تجول ببصرها لتتعرف على جهة الصوت وترى اباها فتنتظره جامدةً تتابعه ببصرها بين الشك واليقين وهي صامتةً حتى احتظنها وتعلقت به ثم اطلقت العنان لصرخةٍ مدويةٍ وهي تضرب بيديها على صدره وهو يتبسم تبسم المحترق محاولا تهدئتها .....
جلست على احد الكراسي وانا اتخيل الموقف مراتٍ ومراتٍ ولاسيما وقد مررت بحالات ضياعٍ كثيرةٍ وفي مراحلٍ مختلفةٍ من عمري حتى بعد ان نبت الشيب في رأسي .
كل ما كان يهمني هي تلك الثواني المعدودة التي احست فيها دنيا بالضياع والتيه, اين جال بها فكرها الصغير؟ كيف تخيلت العالم؟ كيف رأت مستقبلها؟ ....انني اكاد اجزم ان السواد كسا حياتها واستحوذ على دنياها واكاد اجزم انها احست بالظلم وتجرعت اشد انواعه مرارةً وقسوة,اكاد اجزم انها عاشت اليتم للحظات كانت اثقل من عشرات السنين ,اكاد اجزم ان في قلب دنيا جرحاً سيعيش معها بتبعاته سنيناً طوال ...وما كان ذلك الصمت الرهيب الا لانها احست انها انتقلت الى عالمٍِ آخر لاتفهمه ولا يفهمها ففضلت الصمت بل قد اعلنت استسلامها لمصيرٍ مظلمٍ مجهولٍ مرعبٍ, بل ان الصمت هو من اكتسحها واطبق عليها ....وما كانت تلك الصرخات بعد ان احتظنها اباها الى ثأرا من ذلك الصمت وانتقاماً من تلك اللحظات, وما تلك الحركات الكثيرة بيديها ورجليها ورأسها وكل اعظائها الا تعويضاً لذلك الجمود اللحظي .
قد لا اكون احسنت التعبير ولا الصياغة عن الموقف لكنني آمل ان تكون الصورة مشاهدة ولو باقل درجات الوضوح.
ينحرف الاب عن المسار المستقيم وتنحرف معه الام وتواصل المسكينة سيرها للامام وترفع ناظريها وتحث في سيرها فتمسك بثوب من ظنت انه اباها وتنظر اليه واذا به من لاترف ثم تتركه بهدوءٍ وخوف وقد توقف الدم في عروقها وانحبست انفاسها كان الاب قد نظر الى الخلف بعد انعطافه بقليل فلم ير ابنته فجال سريعا ببصره ليشاهدها واقفةً جامدةً صامتةً منبهتةً ((تعانق احساس الضياع ))وليجري اليها وهو ينادي:- دنيا هنا يابابا ...سمعت المسكينة الصوت فاخذت تجول ببصرها لتتعرف على جهة الصوت وترى اباها فتنتظره جامدةً تتابعه ببصرها بين الشك واليقين وهي صامتةً حتى احتظنها وتعلقت به ثم اطلقت العنان لصرخةٍ مدويةٍ وهي تضرب بيديها على صدره وهو يتبسم تبسم المحترق محاولا تهدئتها .....
جلست على احد الكراسي وانا اتخيل الموقف مراتٍ ومراتٍ ولاسيما وقد مررت بحالات ضياعٍ كثيرةٍ وفي مراحلٍ مختلفةٍ من عمري حتى بعد ان نبت الشيب في رأسي .
كل ما كان يهمني هي تلك الثواني المعدودة التي احست فيها دنيا بالضياع والتيه, اين جال بها فكرها الصغير؟ كيف تخيلت العالم؟ كيف رأت مستقبلها؟ ....انني اكاد اجزم ان السواد كسا حياتها واستحوذ على دنياها واكاد اجزم انها احست بالظلم وتجرعت اشد انواعه مرارةً وقسوة,اكاد اجزم انها عاشت اليتم للحظات كانت اثقل من عشرات السنين ,اكاد اجزم ان في قلب دنيا جرحاً سيعيش معها بتبعاته سنيناً طوال ...وما كان ذلك الصمت الرهيب الا لانها احست انها انتقلت الى عالمٍِ آخر لاتفهمه ولا يفهمها ففضلت الصمت بل قد اعلنت استسلامها لمصيرٍ مظلمٍ مجهولٍ مرعبٍ, بل ان الصمت هو من اكتسحها واطبق عليها ....وما كانت تلك الصرخات بعد ان احتظنها اباها الى ثأرا من ذلك الصمت وانتقاماً من تلك اللحظات, وما تلك الحركات الكثيرة بيديها ورجليها ورأسها وكل اعظائها الا تعويضاً لذلك الجمود اللحظي .
قد لا اكون احسنت التعبير ولا الصياغة عن الموقف لكنني آمل ان تكون الصورة مشاهدة ولو باقل درجات الوضوح.
تعليق