ومضى الشيخ علي جابر محمولاً على الأكتاف ( نبذة من سيرته رحمه الله )
ولادته والنشأة :
ولد الشيخ علي عبدالله جابر في مدينة جدة عام 1373هـ ، وبالتحديد في شهر ذي الحجة , إلا أنه عند بلوغه الخامسة من عمره انتقل إلى المدينة المنورة مع والديه لتكون مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم مقر إقامته برفقة والديه.
يقول الشيخ علي جابر عن تلك المرحلة ـ كما وصفها لصحيفة عكاظ ـ : "بعد انتقالي إلى المدينة النبوية التحقت بمدرسة دار الحديث فأكملت بها المرحلة الابتدائية والاعدادية , ثم انتقلت إلى المعهد الثانوي التابع للجامعة الاسلامية وبعدها دخلت كلية الشريعة ، وتخرجت فيها عام 1395/1396هـ بدرجة امتياز , فالتحقت بالمعهد العالي للقضاء عام 1396/1397 هـ ، وأكملت به السنة المنهجية للماجستير , ثم أعددت الأطروحة وكانت عن (( فقه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وأثره في مدرسة المدينة )) , ونوقشت الرسالة عام 1400هـ ، وحصلت على درجة الماجستير"
تعليمه وإمامته المصلين :
بعد حصول الشيخ على الماجستير اعتذر عن القضاء , بعد أن تم تعيينه قاضيا في منطقة (ميسان) , بالقرب من الطائف , ثم صدر أمر ملكي من الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله بإخلاء طرفه من وزارة العدل وتعيينه محاضرًا في كلية التربية بالمدينة المنورة فرع جامعة الملك عبدالعزيز في قسم اللغة العربية والدراسات الاسلامية , وباشر التدريس بها في العام الجامعي 1401هـ , إلا أن طموح الشيخ علي جابر لم يتوقف عند هذا الحد , وقد عنَّت له في ذلك الحين أفكارٌ عدة , أيواصل دراسته أم يتوظف ? ولكن الإرادة القوية , وحب العلم وطلبه , جعلا الشيخ يقرر بعد تخرجه من الجامعة إكمال دراساته العليا , وقد تحدث عن ذلك رحمة الله عليه فقال : "الارادة الربّانية شاءت أن أواصل الدراسة الجامعية في مراحلها العليا حتى يتسنى لي الحصول على أكبر قسط من العلم , والالتقاء بعدد آخر من العلماء في غير المنطقة التي عشت فيها , وبحمد الله تم لي ذلك , فقد انتقلت إلى الرياض وظفرت بمشايخ أجلاء ".
كان حلم الشيخ علي جابر أن يحصل على الدكتوراه بعد انقطاع دام سنوات عديدة , لكنه استطاع ان يتقدم بأطروحته في الفقه المقارن لنيل درجة الدكتوراه في رسالته بعنوان (( فقه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق )) التي نوقشت في الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1407هـ وحصل بموجبها على مرتبة الشرف الأولى ، وفي الوقت نفسه كان إماما لصلاة التراويح في المسجد الحرام .
ويوجز أحد مقربي الشيخ تلك المرحلة بقوله : "في اليوم الذي حصل فيه الشيخ جابر على الدكتوراه كان دوره في الإمامة , حيث كانت مقسّمة على ثلاثة أئمة فيؤم أحد المشايخ يوما ويرتاح يومين , وصادف أن ذلك اليوم كان نصيبه , ورغم ذلك لم يغب عن الإمامة فجاء من المطار مباشرة إلى المحراب ليقوم بواجبه".
استطاع هذا الرجل بحبه وإخلاصه للعلم والعمل , أن يجني ثمرة والده - رحمه الله - الذي تمنى أن يصبح أحد ابنائه صاحب علم شرعي , فاستطاع الشيخ بصبره ومثابرته على طلب العلم , أن يحقق أمنية والده حتى بعد وفاته .
وعن ذلك يقول الشيخ علي جابر : "كان والدي - يرحمه الله - لا يسمح لنا بالخروج للعب في الشارع والاحتكاك بالآخرين حتى توفاه الله , كنت لا أعرف إلا الاتجاه إلى المسجد النبوي ومن ثم الدراسة وأخيرًا العودة إلى البيت , لقد كان لوالدي - رحمه الله - دوركبير في تربيتي وتنشئتي وانتقل إلى جوار ربه في نهاية عام 1384هـ ، وعمري آنذاك لا يتجاوز الأحد عشر عامًا ثم تولى رعايتي من بعده خالي - رحمه الله - بالمشاركة مع والدتي" .
وعلى الرغم من وفاة والد الشيخ علي جابر وهو في هذه السن المبكرة لم يجعله ذلك يسلك الاتجاه المعاكس , فحفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ , وأتقن الحفظ , فلم يكن يخطئ فيه إلا نادرًا , وفي فترات متباعدة ، وقد قال لي ذات مرة في جلسة جانبية أنه يراجع يوميًا جزءين من القرآن غيباً , وزاد ذلك بحرصه على طلب العلم منذ صغره حتىأانه تخرج في الجامعة ومن قبلها وبعدها في مرحلتي الماجستير والدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى , يقول الشيخ علي جابر عن ذلك : "إن وجودي في المدينة المنورة ودراستي في دار الحديث والجامعة الإسلامية كان له أكبر الأثر في توجيهي الوجهة السليمة وختمت تلك الوجهة بانضمامي إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي عشت فيها فترة هي من أحسن فترات حياتي ".
وعلى الرغم من مثابرة الشيخ علي جابر وجده وإخلاصه في طلب العلم وبُعده عن الراحة والتقاعس , إلا أنه يعتبر نفسه لم يفعل شيئًا ولم يكن له دور فيه سوى المتابعة , ويتحدث فضيلته عن ذلك بقوله : "لا أستطيع أن أدّعي لنفسي أنني كنت بنفسي مجردًا أقوم بهذا الدور ولكن أقول إن توفيق الله عز وجل هو الذي شجعني وحباني ومنحني هذه المسيرة التعليمية التي اختتمت بالحصول على الدكتوراه ، وإن كانت لم تنته من حيث العلم وإنما انتهت من حيث الناحية الرسمية في الدراسات العليا , ولمشايخنا الذين تتلمذنا عليهم في كلية الشريعة دور كبير في أن يتوجه الإنسان بعد التخرج صوب الدراسات العليا , لأن النفس إذا ألفت الراحة وتقاعست بعد الحصول على الإجازة العالية يصعب عليها بعد ذلك مواصلة الدراسات العليا ما لم يكن الطريق موصولا بعضه ببعض , وهذه نصيحة مشايخنا وقد قمنا بها حسب الاستطاعة وقدر الإمكان ".
بين النشأة ومغريات الشباب :
عندما نعود إلى نشأة الشيخ علي جابر طفلاً ثم شاباً نجده لم يتأثر بالمغريات التي واجهت أقرانه . يتحدث الشيخ علي جابر عن تلك المرحلة بقوله : "بالنسبة للظرف الذي عشته فأنا ما شعرت - بحمد الله - بفارقٍ كبيرٍ بين مجتمع النشأة الذي عشته في الصغر وبين المجتمع الآخر الذي يأتي بعد أن يبلغ الإنسان مرحلةً مبكرةً من العمر ، تأتيه ما يسمى بالمغريات والتحديات , فكما قلت إن من نعمة الله عليّ وتوفيقه لي أن أحاطني بنخبة من الإخوان الصالحين الذين يكبرونني قليلاً في السن من الذين عاشوا في المدينة المنورة ودرسوا في الجامعة الإسلامية , وكما قلت إن الإنسان يمكن أن يتكيف مع المجتمع من خلال ما درس وتعلم إذ يستطيع تطبيقه في واقع حياته" ، ويضيف قائلاً : "بحمد الله الظرف الذي عشته في المدينة النبوية والالتقاء بهؤلاء الاخوة الذين وفقهم الله عز وجل لكي يحيطوا بي في تلك السن التي تمر على كل شاب من الشباب وهي ما تسمى فترة المراهقة وقد تتغير به هذه المرحلة أحياناً إذا لم يوفق لأناس يدلونه على الخير ويرشدونه إليه , ولكن بحمد الله وفقني الله عز وجل في تخطي هذه المرحلة على أحسن ما يكون ".
من نصائحه وتوجيهاته :
ولم ينس الشيخ علي جابر وصيته للشباب بحفظ القرآن الكريم ، وتدبر معانيه فكان ينصح ويجتهد في النصيحة سواء لمن حوله أو لطلابه في الجامعة فيقول لهم : "ما من شك أن حفظ كتاب الله تعالى هو نعمة من الله عز وجل , وهذه النعمة اختص الله بها عز وجل من شاء من عباده , وأن الشاب المسلم متى وجد من نفسه قدرة على حفظ كتاب الله تعالى فإن عليه التوجه إلى أحد المساجد التي تعنى بتدريس القرآن الكريم ونشره لأن ذلك سوف يعينه مستقبلاً في حياته العلمية والعملية" .
لكن الشيخ علي جابر يطالب العلماء والمفكرين بأن يقوموا باحتضان الشباب ، والتغلغل في أعماق نفوسهم حتى يعرفوا ما عندهم من مشكلات فيعالجوها على ضوء ما رسمته الشريعة الإسلامية ، حيث يقول فضيلته : "الصحوة الاسلامية الآن تمر بمرحلة طيبة لكنها في حاجة من العلماء والمفكرين الى احتضان هؤلاء الشباب ولا يبتعدون عنهم يحجزون أنفسهم فيما هم موكلون فيه من أعمال فإنهم إن لم يقوموا بهذه المهمة الجليلة فيخشى أن تكون العاقبة وخيمة والعياذ بالله" , وفي المقابل فإن الشيخ علي جابر يوجه حديثه للشباب بقوله : "يحسن بالشاب المسلم أن يذهب إلى حلق العلماء في الحرمين الشريفين وفي غيرهما من المساجد وعليه أن يسأل العلماء الذين منحهم الله عز وجل الفقه والبصيرة في هذا الدين حتى يعيش عيشه منضبطة ومتمشية مع ما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام" .
تورعه عن القضاء :
بعد حصول الشيخ على جابر على الماجستير رشح للقضاء في منطقة (ميسان) قرب الطائف إلا أنه اعتذر عن هذا المنصب . يوضح الشيخ علي جابر أسباب اعتذاره عن تولي القضاء بقوله : "ورد في حديث نبوي صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : (القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة) , والذي يتتبع أخبار القضاة في عصور الإسلام المزدهرة يجد أن أغلبهم كانوا يعينون من قبل ولاتهم بعد أن علم الوالي سعة علمه وكمال فقهه وإحاطة إدراكه بالمسائل الشرعية وأهليته لتولي منصب القضاء , ومع ذلك فإن بعضاً من الأئمة والأعلام رفض تولي هذا المنصب لا لعجزه عن ممارسته وإنما لما يعلمه علم اليقين أن حسابه عند الله عظيم ".
وفاته :
توفي مساء الأربعاء في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية إثر مرض ألم به منذ فترة طويلة ، وكان الشيخ على جابر - يرحمه الله - إماما للحرم المكي سابقاً ، حيث صلى رحمه الله تعالى فيه من عام 1401هـ إلى رمضان 1409ه ، بطلبٍ خاص من الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله ، وكان رحمه الله مدرساً في الفقه المقارن بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة وصلي على الشيخ في المسجد الحرام بمكة المكرمة .
(منقولٌ بتصرف)
اللهم اغفر له وارحمه..وعافه واعف عنه..
اللهم أكرم نزله..ووسع مدخله..واغسله بالماء والثلج والبرد
اللهم أعلِ درجته..واجعل محط رحلِهِ جنة الفردوس مع من أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والصالحين...
اللهم عدد ما صدح بتلاوة آيات كتابك في الحرمين..وعدد ما أبكى من المصلين..وعدد ما أيقظ من قلوب الغافلين..واحتوى من نفوس العائدين..نفس عنه كرب هادم الدنيا..ومفرق المتحابين..اللهم آمين...
استمع لقراءة مؤثرة للشيخ علي جابر سورة الملك 1407
باقي قراءاته 1407 هـ
شاهد مقطع فيديو من صلاة التراويح
قراءات عطرة من صلاة التراويح والقيام في الحرم المكي
أخوكم / أميربكلمتي
ولادته والنشأة :
ولد الشيخ علي عبدالله جابر في مدينة جدة عام 1373هـ ، وبالتحديد في شهر ذي الحجة , إلا أنه عند بلوغه الخامسة من عمره انتقل إلى المدينة المنورة مع والديه لتكون مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم مقر إقامته برفقة والديه.
يقول الشيخ علي جابر عن تلك المرحلة ـ كما وصفها لصحيفة عكاظ ـ : "بعد انتقالي إلى المدينة النبوية التحقت بمدرسة دار الحديث فأكملت بها المرحلة الابتدائية والاعدادية , ثم انتقلت إلى المعهد الثانوي التابع للجامعة الاسلامية وبعدها دخلت كلية الشريعة ، وتخرجت فيها عام 1395/1396هـ بدرجة امتياز , فالتحقت بالمعهد العالي للقضاء عام 1396/1397 هـ ، وأكملت به السنة المنهجية للماجستير , ثم أعددت الأطروحة وكانت عن (( فقه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وأثره في مدرسة المدينة )) , ونوقشت الرسالة عام 1400هـ ، وحصلت على درجة الماجستير"
تعليمه وإمامته المصلين :
بعد حصول الشيخ على الماجستير اعتذر عن القضاء , بعد أن تم تعيينه قاضيا في منطقة (ميسان) , بالقرب من الطائف , ثم صدر أمر ملكي من الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله بإخلاء طرفه من وزارة العدل وتعيينه محاضرًا في كلية التربية بالمدينة المنورة فرع جامعة الملك عبدالعزيز في قسم اللغة العربية والدراسات الاسلامية , وباشر التدريس بها في العام الجامعي 1401هـ , إلا أن طموح الشيخ علي جابر لم يتوقف عند هذا الحد , وقد عنَّت له في ذلك الحين أفكارٌ عدة , أيواصل دراسته أم يتوظف ? ولكن الإرادة القوية , وحب العلم وطلبه , جعلا الشيخ يقرر بعد تخرجه من الجامعة إكمال دراساته العليا , وقد تحدث عن ذلك رحمة الله عليه فقال : "الارادة الربّانية شاءت أن أواصل الدراسة الجامعية في مراحلها العليا حتى يتسنى لي الحصول على أكبر قسط من العلم , والالتقاء بعدد آخر من العلماء في غير المنطقة التي عشت فيها , وبحمد الله تم لي ذلك , فقد انتقلت إلى الرياض وظفرت بمشايخ أجلاء ".
كان حلم الشيخ علي جابر أن يحصل على الدكتوراه بعد انقطاع دام سنوات عديدة , لكنه استطاع ان يتقدم بأطروحته في الفقه المقارن لنيل درجة الدكتوراه في رسالته بعنوان (( فقه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق )) التي نوقشت في الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1407هـ وحصل بموجبها على مرتبة الشرف الأولى ، وفي الوقت نفسه كان إماما لصلاة التراويح في المسجد الحرام .
ويوجز أحد مقربي الشيخ تلك المرحلة بقوله : "في اليوم الذي حصل فيه الشيخ جابر على الدكتوراه كان دوره في الإمامة , حيث كانت مقسّمة على ثلاثة أئمة فيؤم أحد المشايخ يوما ويرتاح يومين , وصادف أن ذلك اليوم كان نصيبه , ورغم ذلك لم يغب عن الإمامة فجاء من المطار مباشرة إلى المحراب ليقوم بواجبه".
استطاع هذا الرجل بحبه وإخلاصه للعلم والعمل , أن يجني ثمرة والده - رحمه الله - الذي تمنى أن يصبح أحد ابنائه صاحب علم شرعي , فاستطاع الشيخ بصبره ومثابرته على طلب العلم , أن يحقق أمنية والده حتى بعد وفاته .
وعن ذلك يقول الشيخ علي جابر : "كان والدي - يرحمه الله - لا يسمح لنا بالخروج للعب في الشارع والاحتكاك بالآخرين حتى توفاه الله , كنت لا أعرف إلا الاتجاه إلى المسجد النبوي ومن ثم الدراسة وأخيرًا العودة إلى البيت , لقد كان لوالدي - رحمه الله - دوركبير في تربيتي وتنشئتي وانتقل إلى جوار ربه في نهاية عام 1384هـ ، وعمري آنذاك لا يتجاوز الأحد عشر عامًا ثم تولى رعايتي من بعده خالي - رحمه الله - بالمشاركة مع والدتي" .
وعلى الرغم من وفاة والد الشيخ علي جابر وهو في هذه السن المبكرة لم يجعله ذلك يسلك الاتجاه المعاكس , فحفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ , وأتقن الحفظ , فلم يكن يخطئ فيه إلا نادرًا , وفي فترات متباعدة ، وقد قال لي ذات مرة في جلسة جانبية أنه يراجع يوميًا جزءين من القرآن غيباً , وزاد ذلك بحرصه على طلب العلم منذ صغره حتىأانه تخرج في الجامعة ومن قبلها وبعدها في مرحلتي الماجستير والدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى , يقول الشيخ علي جابر عن ذلك : "إن وجودي في المدينة المنورة ودراستي في دار الحديث والجامعة الإسلامية كان له أكبر الأثر في توجيهي الوجهة السليمة وختمت تلك الوجهة بانضمامي إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي عشت فيها فترة هي من أحسن فترات حياتي ".
وعلى الرغم من مثابرة الشيخ علي جابر وجده وإخلاصه في طلب العلم وبُعده عن الراحة والتقاعس , إلا أنه يعتبر نفسه لم يفعل شيئًا ولم يكن له دور فيه سوى المتابعة , ويتحدث فضيلته عن ذلك بقوله : "لا أستطيع أن أدّعي لنفسي أنني كنت بنفسي مجردًا أقوم بهذا الدور ولكن أقول إن توفيق الله عز وجل هو الذي شجعني وحباني ومنحني هذه المسيرة التعليمية التي اختتمت بالحصول على الدكتوراه ، وإن كانت لم تنته من حيث العلم وإنما انتهت من حيث الناحية الرسمية في الدراسات العليا , ولمشايخنا الذين تتلمذنا عليهم في كلية الشريعة دور كبير في أن يتوجه الإنسان بعد التخرج صوب الدراسات العليا , لأن النفس إذا ألفت الراحة وتقاعست بعد الحصول على الإجازة العالية يصعب عليها بعد ذلك مواصلة الدراسات العليا ما لم يكن الطريق موصولا بعضه ببعض , وهذه نصيحة مشايخنا وقد قمنا بها حسب الاستطاعة وقدر الإمكان ".
بين النشأة ومغريات الشباب :
عندما نعود إلى نشأة الشيخ علي جابر طفلاً ثم شاباً نجده لم يتأثر بالمغريات التي واجهت أقرانه . يتحدث الشيخ علي جابر عن تلك المرحلة بقوله : "بالنسبة للظرف الذي عشته فأنا ما شعرت - بحمد الله - بفارقٍ كبيرٍ بين مجتمع النشأة الذي عشته في الصغر وبين المجتمع الآخر الذي يأتي بعد أن يبلغ الإنسان مرحلةً مبكرةً من العمر ، تأتيه ما يسمى بالمغريات والتحديات , فكما قلت إن من نعمة الله عليّ وتوفيقه لي أن أحاطني بنخبة من الإخوان الصالحين الذين يكبرونني قليلاً في السن من الذين عاشوا في المدينة المنورة ودرسوا في الجامعة الإسلامية , وكما قلت إن الإنسان يمكن أن يتكيف مع المجتمع من خلال ما درس وتعلم إذ يستطيع تطبيقه في واقع حياته" ، ويضيف قائلاً : "بحمد الله الظرف الذي عشته في المدينة النبوية والالتقاء بهؤلاء الاخوة الذين وفقهم الله عز وجل لكي يحيطوا بي في تلك السن التي تمر على كل شاب من الشباب وهي ما تسمى فترة المراهقة وقد تتغير به هذه المرحلة أحياناً إذا لم يوفق لأناس يدلونه على الخير ويرشدونه إليه , ولكن بحمد الله وفقني الله عز وجل في تخطي هذه المرحلة على أحسن ما يكون ".
من نصائحه وتوجيهاته :
ولم ينس الشيخ علي جابر وصيته للشباب بحفظ القرآن الكريم ، وتدبر معانيه فكان ينصح ويجتهد في النصيحة سواء لمن حوله أو لطلابه في الجامعة فيقول لهم : "ما من شك أن حفظ كتاب الله تعالى هو نعمة من الله عز وجل , وهذه النعمة اختص الله بها عز وجل من شاء من عباده , وأن الشاب المسلم متى وجد من نفسه قدرة على حفظ كتاب الله تعالى فإن عليه التوجه إلى أحد المساجد التي تعنى بتدريس القرآن الكريم ونشره لأن ذلك سوف يعينه مستقبلاً في حياته العلمية والعملية" .
لكن الشيخ علي جابر يطالب العلماء والمفكرين بأن يقوموا باحتضان الشباب ، والتغلغل في أعماق نفوسهم حتى يعرفوا ما عندهم من مشكلات فيعالجوها على ضوء ما رسمته الشريعة الإسلامية ، حيث يقول فضيلته : "الصحوة الاسلامية الآن تمر بمرحلة طيبة لكنها في حاجة من العلماء والمفكرين الى احتضان هؤلاء الشباب ولا يبتعدون عنهم يحجزون أنفسهم فيما هم موكلون فيه من أعمال فإنهم إن لم يقوموا بهذه المهمة الجليلة فيخشى أن تكون العاقبة وخيمة والعياذ بالله" , وفي المقابل فإن الشيخ علي جابر يوجه حديثه للشباب بقوله : "يحسن بالشاب المسلم أن يذهب إلى حلق العلماء في الحرمين الشريفين وفي غيرهما من المساجد وعليه أن يسأل العلماء الذين منحهم الله عز وجل الفقه والبصيرة في هذا الدين حتى يعيش عيشه منضبطة ومتمشية مع ما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام" .
تورعه عن القضاء :
بعد حصول الشيخ على جابر على الماجستير رشح للقضاء في منطقة (ميسان) قرب الطائف إلا أنه اعتذر عن هذا المنصب . يوضح الشيخ علي جابر أسباب اعتذاره عن تولي القضاء بقوله : "ورد في حديث نبوي صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : (القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة) , والذي يتتبع أخبار القضاة في عصور الإسلام المزدهرة يجد أن أغلبهم كانوا يعينون من قبل ولاتهم بعد أن علم الوالي سعة علمه وكمال فقهه وإحاطة إدراكه بالمسائل الشرعية وأهليته لتولي منصب القضاء , ومع ذلك فإن بعضاً من الأئمة والأعلام رفض تولي هذا المنصب لا لعجزه عن ممارسته وإنما لما يعلمه علم اليقين أن حسابه عند الله عظيم ".
وفاته :
توفي مساء الأربعاء في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية إثر مرض ألم به منذ فترة طويلة ، وكان الشيخ على جابر - يرحمه الله - إماما للحرم المكي سابقاً ، حيث صلى رحمه الله تعالى فيه من عام 1401هـ إلى رمضان 1409ه ، بطلبٍ خاص من الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله ، وكان رحمه الله مدرساً في الفقه المقارن بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة وصلي على الشيخ في المسجد الحرام بمكة المكرمة .
(منقولٌ بتصرف)
اللهم اغفر له وارحمه..وعافه واعف عنه..
اللهم أكرم نزله..ووسع مدخله..واغسله بالماء والثلج والبرد
اللهم أعلِ درجته..واجعل محط رحلِهِ جنة الفردوس مع من أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والصالحين...
اللهم عدد ما صدح بتلاوة آيات كتابك في الحرمين..وعدد ما أبكى من المصلين..وعدد ما أيقظ من قلوب الغافلين..واحتوى من نفوس العائدين..نفس عنه كرب هادم الدنيا..ومفرق المتحابين..اللهم آمين...
استمع لقراءة مؤثرة للشيخ علي جابر سورة الملك 1407
باقي قراءاته 1407 هـ
شاهد مقطع فيديو من صلاة التراويح
قراءات عطرة من صلاة التراويح والقيام في الحرم المكي
أخوكم / أميربكلمتي