دول الخليج العربية بين مطرقة أمريكا وسندان إيران
تعيش دول الخليج العربية هذه الأيام مرحلة في أشد الحساسية بل وأدق وأخطر مراحل حياتها وفي ظنها أنها لم ولن تمر بظروف ومخاطر اشد مما هي عليه اليوم حيث إنها في مرحلة تكون- كما ينبغي- أولا تكون وقد يظن البعض أن احتلال العراق كما هو السبب الرئيسي لما تعيشه هذه الدولة من حالة عدم الاستقرار و الوجود.
وأنا لا اتفق مع هذا الطرح وان كنت اعتقد أن احتلال العراق كان بمثابة شرارة حرب احتراق الخليج وأنا عندما اختلف مع هذا الطرح اخذ في الحسبان اعتبار أن إن احتلال إيران لجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى و أبو موسى هو السبب الحقيقي في حالة احتقان وتدهور العلاقات الخليجية الإيرانية وعدم الثقة في إيران مثل أن احتلال فلسطين هو السبب في حالة الصراع العربي الإسلامي مع إسرائيل ومن ورائها أمريكا وهو ما تراهن عليه إيران في تأييد مواقفها و التعلق بها. ويلاحظ أن كلا من إيران وأمريكا توظف عدم قوة دول الخليج لمصالحها القومية فأمريكا تخوف الخليجين من مد طائفي إيراني لا يوقفه إلا الحماية الأمريكية وهذا يتطلب فاتورة باهظة الثمن وقد نجحت أمريكا إلى حد ما في هذا التوظيف لصالحها حتى بلغ وانتهى باحتلال العراق ونهب ثرواته وإيران توظف دعم أمريكا لإسرائيل لتوسيع دائرة نفوذها وتواجدها وربما سيطرتها مع الواقع الجغرافي ومن بعده الاقتصادي ثم الأمني والاجتماعي ولعل نجاح حزب الله في لبنان والمدعوم إيرانيا في إفشال الحرب اليهودية على لبنان مؤخرا دليلا واضحا علي هذا التوظيف الإيراني و تحقيق التعلق بها وإذا ما أردنا التحدث بواقعية فان لكل من إيران وأمريكا ومن منطق المصلحة القومية لكل البلدين المبرر لما ذهبنا إليه لان كل يبحث عن مصلحته فإيران تريد بسط نفوذها وتحقق سيطرتها على اكبر مساحة من هذه المنطقة الحساسة من العالم لما فيها من ثروات وأمريكا تريد تحقيق مكاسب مالية خيالية إضافة إلى حماية إسرائيل وجعلها أقوى دولة في المنطقة في حين أن دول الخليج تبدو وكأنها تجهل وعلى وجه الدقة مصلحتها الإستراتيجية العليا ومع من وضد من تقف.
أن سياسة التخويف الأمريكي التي تمارسها وتروج لها أمريكا وبريطانيا هذه الأيام تقوي التعلق بإيران والارتماء في أحضانها وزيادة أعداد أحزاب الله في كل بلدان دول المنطقة وعلى الأخص في دول الخليج وبهذه السياسة البلهاء تكون أمريكا قدمت خدمة لإيران لا تقدر بثمن . ولن تستطيع إيران عزل الدول الخليجية عن أمريكا إلا بحالة واحدة كما اعتقد وهي إعادة الجزر المحتلة إلى الخليج أو على الأقل قبول التحكيم الدولي فيها. وكذلك إيقاف مبدأ تصدير الثورة. عندها فقط قد تثق الدول الخليجية بإيران وتبتعد عن الحماية ألأمريكية ولو فعلت إيران ذلك لسحبت البساط كما أعتقد من تحت أرجل أمريكا في هذه الدول النفطية ولوجهت لطمه قوية إلى أمريكا قد تفقدها توازنها إلى الأبد إن إيران باستمرار احتلال الجزر الإماراتية ومبدأ تصدير الثورة تقدم خدمة لأمريكا لا تقدر بثمن حيث ستطلب الدول الخليجية الحماية الأمريكية باستمرار. وهكذا تعيش الدول الخليجية العربية كما أرى.... بين مطرقة أمريكا وسندان إيران..
لم يعد أمام الدول الخليجية إلا مخرجا واحدا كما أرى .. ألا وهو تقوية جبهتها الداخلية والاعتماد على الله ثم على أبنائها وتوظيف ثروتها البترولية لتقوية تلك الجبهة كما فعلت كوريا الشمالية وعندها فقط تحترم أمريكا وإيران الدول الخليجية..
يوم أن تملك الدول الخليجية القوة الذاتية التي تحميها تكون مؤهلة لحياة لحياة كريمة وعيش حقيقي آمن..
لقد نجحت إيران في صرف نظر الخليجيين عن احتلال الجزر ألأمارتيه ومبدأ تصدير الثورة بمساعدة أمريكا في احتلال العراق .
وصرفت أمريكا نظر الخليجيين عن ابتزازها ونهب ثرواتها بالسماح للتدخل الإيراني في العراق بعد احتلاله.
لقد أصبحت العراق اليوم مصدر الاحتراق القادم ومنطلق الرعب الداهم فأين العظماء الذين سيحمون ارض وعرض ودين وماء وتراب دول الخليج أجزم أن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله هو المؤهل والفارس الشجاع الذي سيحمل راية الحياة الكريمة والعيش الآمن للدول الخليجية فقط يحتاج لوقفة شرف من أخوانه قادة دول الخليج فهل يفعلون ذلك أم تتكرر مأساة الأندلس الإسلامية.
ونصبح أثرا بعد عين إن ثمن إيقاف المد الإيراني أن تصبح دول الخليج عراقية كلها يا قادة دول الخليج حافظوا على بلدانكم كما يحافظ الرجال على بلدانهم قبل أن تبكوا كما بكى آخر خلفاء الأندلس والله المستعان
جمعان بن عايض الزهراني
جدة 1/1/1248هـ
تعليق