ثلاثة أيام في الباحة 2-3
مداخلات وتعليقات- 2
وعندما تعود الذاكرة إلى تلك الأيام الثلاثة ومباهجها التي لا ينتهي ألقها في النفس والروح، تنبجس لغة المثاقفة والتحاور التي عجز الوقت أن يسعفنا بطرحها أو المحاورة حولها. ولعل هذه الوقفة الثانية مع هذا المنجز الخلاق لنادي الباحة الأدبي فرصة نستثمرها لنتحاور مع المبدعين الذين قدموا أوراق العمل.
* الدكتور صالح معيض الغامدي قدم ورقة بعنوان (الباحة بأقلام زوارها) ولم أجد فيها الجديد فهي عبارة عن دراسة مسحية لزوار المنطقة الذين وثقوا زياراتهم في كتب. وكان المفترض أن يقوم الباحث بالدرس والتحليل والتعليق وخاصة أنه تعرض لكتاب كمال الصليبي (التوراة جاءت من جزيرة العرب) فلم يناقش هذا المصدر المغرض ولم يرد عليه في أكاذيبة ومستلخصاته.
* أما الدكتور عبدالرزاق الزهراني فقد قدم بحثاً في الدرس الاجتماعي ممتع وجميل، ودرس التحولات الاجتماعية المؤثرة في الضبط الاجتماعي.
ولكنه لم يتوقف عند فترة الطفرة التي تعتبر حداً فاصلاً بين القروية والمدنية. ولعل كتاب (جدة أم الرخا والشدة) للدكتورة ثريا التركي والدكتور أبو بكر باقادر نموذج على الدراسات الانثربولوجية التي تناقش التغيرات المجتمعية وأثر الطفرة على تلك التغيرات.
* وفي ورقة الشيخ محمد البركي عن الشنفرى شاعر الصحراء، لم يتوقف عند مصطلح (الصعلكة) الذي ينسب إليه الشنفرى كشاعر من الشعراء الصعاليك وما دار حول هذا المصطلح من مقولات سلبية وإيجابية.
وفي نظري أن الصعلكة في ذلك الظرف الزماني والاجتماعي والقبلي كانت توازي الشجاعة والفروسية وخدمة المساكين والفقراء ولعل لاميته الشهيرة تبرز هذا الفضاء المعرفي/ النقدي.
* أما الباحثة الواعدة منى الغامدي، فكانت ورقتها عن الشاعر محمد خضر الغامدي وقصيدة النثر. وهي بذلك تكشف لنا عن شاعرية شاعر شاب لم تعرفه الساحة الشعرية بشكل جيد فلفتت الأنظار إليه لأنه يتعاطى قصيدة النثر التي لم يستقر أمر خطابها ومرجعيتها فهي تدور بين شعرية الشعر ونثرية النثر ولم يحسم الخلاف حولها. لكنها أشارت إلى قضية النص القصير أو القصيدة أو القصيدة القصيرة التي تسميها التوقيعات وأنا أسميها (النص البخيل) أو (النص الفلاش) أو (النص الومضة) التي يكثف فيها الشاعر لغته وخياله فيعطيك الحالة الشعرية في أوجز عبارة وهذه مقدرة شاعرية لا تتأتى إلا للمتألقين والمبدعين شعرياً.
* الأستاذ الشاعر عبدالله الزيد قدم ورقة تعاطفية جميلة مع المبدع علي الدميني وأوقفنا على شاعريته وجماليات النص لديه وذلك عبر لغة جازمة وأحكام نهائية وقطعية من مثل (أفضل الشعراء على الإطلاق) وغير ذلك. وأنا في نظري أن الدرس النقدي لا يقبل هذه الأحكام المفرطة في الذاتية والفردانية، فهناك قراء كثر ولهم قراءاتهم وتأويلاتهم التي يصلون بها إلى أحكام أخرى قابلة للنقض والتجديد فما دام الدميني شاعرا يتعاطى النص الحديث المتعدد القراءات والاحتمالات فإن الأحكام القطعية لا تقبل هنا؟
* الدكتور العزيز سلطان القحطاني قارئ واع وناقد متمكن أحترم أطروحاته وأستفيد منها دائماً وقد وقف على الرؤية الاجتماعية في سرديات عبدالعزيز مشري (رحمه الله) وكأنه يشير إلى أن العمل الروائي رصد للواقع الاجتماعي وصورة متحولة عنه. لكني أقول إن جماليات النص السردي عند المشرى لا ترتهن إلى نقل الواقع وتصويره ولكنه الإبداع الذي يبني واقعاً افتراضياً بعد أن يتماهى مع واقع القرية وآفاقها الاجتماعية.
لذلك فالرؤية بفنيتها وصورها ولغتها تخرج بنا إلى فضاء دلالي إبداعي يجعل الناقد قادراً على التأويل لبناء الواقع الافتراضي الذي تطمح إليه الرواية.
* وأما الدكتور محمد ربيع الغامدي فقد تداخل مع المكان في روايات المشرى وكأني به يقول إن المشرى يعود بذاكرته الروائية إلى المكان القروي المشرى وكأني به يقول إن المشرى يعود بذاكرته الروائية إلى المكان القروي بكل جمالياته لأنها المخزون الثقافي الذي يمتح منه رؤاه وإبداعاته ويقول إن المشرى كان يعيش حميمية جامحة مع المكان فجاءت لغته حميمية أيضاً.
وأنا أظن أن المكان الذي استجمله المشرى هو مكان الطفولة، مكان الحلم، العودة إلى الفضاء والصفاء والطبيعة بعيداً عن المدنيات الملوثة بالأسمنت والغرف والمغلقة.
* الأستاذ الرائع المصري جنسية - المتسعود ثقافة وممارسة نقدية.
الدكتور حافظ المغربي لديه قدرة بارعة على اقتناص الإبداعات الأولية للشباب فيستثمرها ليطرح علينا رؤى نقدية فاتنة ويبشر بهم كمبدعين واعدين وليس محمد الصفراني فقط ولكنه يقدم لنا مسفر العدواني وعبدالرحمن آل سابي ويدشن بهما مشوارهما الجديد في ديار الشعر والشاعرية.
ورغم هذا التوجه الإيجابي للزميل الدكتور المغربي لكنه لا زال مصراً على التعامل مع النص من خلال الشخص. والدرس النقدي الحديث لا يقبل الوسيط بين النص والرؤية النقدية فالنص المبدع والنص الجميل لا يحتاج إلى وسيط. فهو قادر على البوح دون الرجوع إلى صاحبه/ أعني هنا (موت المؤلف) حال القراءة النقدية.
وفي ورقة الدكتور أيضاً لم نجد الباحة الرمز الذي يوحد الشعراء الثلاثة الذين درس بعض نتاجهم فقد قرأ كل واحد على حدة وكنت أتمنى أن تكون الباحة/ الشعر. الباحة/ الجمال هي محور الورقة والشعراء المبدعون يتحركون في فضائها. ولكن الزميل حافظ المغربي له خطته ومنهجه الذي نحترمه ونقدره.
* الأستاذ المبدع، والشاعر والناقد المتخصص صالح سعيد الزهراني: قدم ورقة فكرية إبداعية عن القبيلة وتحولاتها، عبر رؤية اجتماعية للواقع القبلي الذي يحمل إرثاً جاهلياً غير سوي وما يشوب هذا المجتمع القبلي من تقوقع وتخوف وعصبية ليصل في نهاية مقاربته إلى مقولة فلسفية رائعة وهي (نحن نحتاج إلى عقلية القابلية لا عقلية القبيلة) فكأنه يقول إن عقلية القبيلة منغلقة/ متحجرة، واحدة الرؤية. أما عقلية القابلية فهي العقلية التي تتجدد وتحتمل التغيير وتقبل الآخر وتتجلى فيها التعددية.
وهذا البحث المتمكن يحمل في طياته بشارات مستقبلية تتماهى مع الانفتاح الذي تعيشه بلادنا عبر دوائر الإصلاح الثلاثة (الحوار الوطني، والانفتاح على الآخر، وحقوق الإنسان).
* أما الناقد المبدع على الشدوي الذي قدم مقاربته بعنوان الشجرة والموجه ليقرأ من خلالها الدور التقليدي للشيخ عبدالله بن سعدى عبر الوثيقة التي توثق للمسألة العقدية والبدع في المنطقة التي اعتبرها منكرات ولا بد من تغييرها مما أحدث شرخاً في المجتمع القبلي (بمنطقة الظفير).
والذي أعتقده أن قراءة عبدالله بن سعدى لا تتم بحياد تام إلا إذا قرئت كتبه وتآليفه وسيرته مجتمعة لنصل إلى حكم نطمئن إليه أما ورقة الأخ الشدوي فتقرأ في سياقها المعرفي وهذا يذكرني بالداعية القرعاوي في جازان وكيف سعى لتغيير المنكرات والبدع بالمدارس والتعليم حتى انتشر المذهب السلفي بشكل اجتماعي مقبول.
أما ابن سعدى فقد حاول أن يزيد المنكرات والبدع بواسطة هيئة الأمر بالمعروف المتطوعة فلم يجد إلا العناد والمقاومة إلى درجة الإبعاد.
وهاتان رؤيتان في التغيير: رؤية للتغيير والإنكار بالعلم والتعليم واللسان والقلب، ورؤية للتغيير باليد والقوة وقد لا تفلح إلا ظلماً وعدواناً.
* أما الدكتور صالح زياد فله الشكر كل الشكر على التفاتته الواثقة إلى القاص عثمان الغامدي صاحب المجموعة (شدا يحني قامته لها) والتي كان لي شرف تقديم صاحبها وتقديم المجموعة إلى القراء كما كان لي إسهام في نشر مجموعته الثانية (الحراج) وهو مبدع غامدي يحتاج إلى الوقفات النقدية من أمثال الناقد صالح زياد.
* وأخيراً نقف مع الناقد المبدع عالي القرشي الذي ربط بين السفر الجغرافي الذي يكون من مكان إلى آخر والسفر الإبداعي الذي يكون بين الحروف والكلمات والخطابات وأنساقها مما ينجز مشروعاً ثقافياً بحيث يؤول هذا السفر الإبداعي إلى كشف واكتشاف لعوالم جديدة في الفكر والأدب والشعر.
تحية لنادي الباحة الأدبي ولقيادته وأعضاء مجلس الإدارة على هذا الملتقى الثقافي البهيج.
د. يوسف بن حسن العارف
عضو النادي الأدبي بجدة
جريد الجزيرة الخميس 8\ذي الحجة 1247ه
مداخلات وتعليقات- 2
وعندما تعود الذاكرة إلى تلك الأيام الثلاثة ومباهجها التي لا ينتهي ألقها في النفس والروح، تنبجس لغة المثاقفة والتحاور التي عجز الوقت أن يسعفنا بطرحها أو المحاورة حولها. ولعل هذه الوقفة الثانية مع هذا المنجز الخلاق لنادي الباحة الأدبي فرصة نستثمرها لنتحاور مع المبدعين الذين قدموا أوراق العمل.
* الدكتور صالح معيض الغامدي قدم ورقة بعنوان (الباحة بأقلام زوارها) ولم أجد فيها الجديد فهي عبارة عن دراسة مسحية لزوار المنطقة الذين وثقوا زياراتهم في كتب. وكان المفترض أن يقوم الباحث بالدرس والتحليل والتعليق وخاصة أنه تعرض لكتاب كمال الصليبي (التوراة جاءت من جزيرة العرب) فلم يناقش هذا المصدر المغرض ولم يرد عليه في أكاذيبة ومستلخصاته.
* أما الدكتور عبدالرزاق الزهراني فقد قدم بحثاً في الدرس الاجتماعي ممتع وجميل، ودرس التحولات الاجتماعية المؤثرة في الضبط الاجتماعي.
ولكنه لم يتوقف عند فترة الطفرة التي تعتبر حداً فاصلاً بين القروية والمدنية. ولعل كتاب (جدة أم الرخا والشدة) للدكتورة ثريا التركي والدكتور أبو بكر باقادر نموذج على الدراسات الانثربولوجية التي تناقش التغيرات المجتمعية وأثر الطفرة على تلك التغيرات.
* وفي ورقة الشيخ محمد البركي عن الشنفرى شاعر الصحراء، لم يتوقف عند مصطلح (الصعلكة) الذي ينسب إليه الشنفرى كشاعر من الشعراء الصعاليك وما دار حول هذا المصطلح من مقولات سلبية وإيجابية.
وفي نظري أن الصعلكة في ذلك الظرف الزماني والاجتماعي والقبلي كانت توازي الشجاعة والفروسية وخدمة المساكين والفقراء ولعل لاميته الشهيرة تبرز هذا الفضاء المعرفي/ النقدي.
* أما الباحثة الواعدة منى الغامدي، فكانت ورقتها عن الشاعر محمد خضر الغامدي وقصيدة النثر. وهي بذلك تكشف لنا عن شاعرية شاعر شاب لم تعرفه الساحة الشعرية بشكل جيد فلفتت الأنظار إليه لأنه يتعاطى قصيدة النثر التي لم يستقر أمر خطابها ومرجعيتها فهي تدور بين شعرية الشعر ونثرية النثر ولم يحسم الخلاف حولها. لكنها أشارت إلى قضية النص القصير أو القصيدة أو القصيدة القصيرة التي تسميها التوقيعات وأنا أسميها (النص البخيل) أو (النص الفلاش) أو (النص الومضة) التي يكثف فيها الشاعر لغته وخياله فيعطيك الحالة الشعرية في أوجز عبارة وهذه مقدرة شاعرية لا تتأتى إلا للمتألقين والمبدعين شعرياً.
* الأستاذ الشاعر عبدالله الزيد قدم ورقة تعاطفية جميلة مع المبدع علي الدميني وأوقفنا على شاعريته وجماليات النص لديه وذلك عبر لغة جازمة وأحكام نهائية وقطعية من مثل (أفضل الشعراء على الإطلاق) وغير ذلك. وأنا في نظري أن الدرس النقدي لا يقبل هذه الأحكام المفرطة في الذاتية والفردانية، فهناك قراء كثر ولهم قراءاتهم وتأويلاتهم التي يصلون بها إلى أحكام أخرى قابلة للنقض والتجديد فما دام الدميني شاعرا يتعاطى النص الحديث المتعدد القراءات والاحتمالات فإن الأحكام القطعية لا تقبل هنا؟
* الدكتور العزيز سلطان القحطاني قارئ واع وناقد متمكن أحترم أطروحاته وأستفيد منها دائماً وقد وقف على الرؤية الاجتماعية في سرديات عبدالعزيز مشري (رحمه الله) وكأنه يشير إلى أن العمل الروائي رصد للواقع الاجتماعي وصورة متحولة عنه. لكني أقول إن جماليات النص السردي عند المشرى لا ترتهن إلى نقل الواقع وتصويره ولكنه الإبداع الذي يبني واقعاً افتراضياً بعد أن يتماهى مع واقع القرية وآفاقها الاجتماعية.
لذلك فالرؤية بفنيتها وصورها ولغتها تخرج بنا إلى فضاء دلالي إبداعي يجعل الناقد قادراً على التأويل لبناء الواقع الافتراضي الذي تطمح إليه الرواية.
* وأما الدكتور محمد ربيع الغامدي فقد تداخل مع المكان في روايات المشرى وكأني به يقول إن المشرى يعود بذاكرته الروائية إلى المكان القروي المشرى وكأني به يقول إن المشرى يعود بذاكرته الروائية إلى المكان القروي بكل جمالياته لأنها المخزون الثقافي الذي يمتح منه رؤاه وإبداعاته ويقول إن المشرى كان يعيش حميمية جامحة مع المكان فجاءت لغته حميمية أيضاً.
وأنا أظن أن المكان الذي استجمله المشرى هو مكان الطفولة، مكان الحلم، العودة إلى الفضاء والصفاء والطبيعة بعيداً عن المدنيات الملوثة بالأسمنت والغرف والمغلقة.
* الأستاذ الرائع المصري جنسية - المتسعود ثقافة وممارسة نقدية.
الدكتور حافظ المغربي لديه قدرة بارعة على اقتناص الإبداعات الأولية للشباب فيستثمرها ليطرح علينا رؤى نقدية فاتنة ويبشر بهم كمبدعين واعدين وليس محمد الصفراني فقط ولكنه يقدم لنا مسفر العدواني وعبدالرحمن آل سابي ويدشن بهما مشوارهما الجديد في ديار الشعر والشاعرية.
ورغم هذا التوجه الإيجابي للزميل الدكتور المغربي لكنه لا زال مصراً على التعامل مع النص من خلال الشخص. والدرس النقدي الحديث لا يقبل الوسيط بين النص والرؤية النقدية فالنص المبدع والنص الجميل لا يحتاج إلى وسيط. فهو قادر على البوح دون الرجوع إلى صاحبه/ أعني هنا (موت المؤلف) حال القراءة النقدية.
وفي ورقة الدكتور أيضاً لم نجد الباحة الرمز الذي يوحد الشعراء الثلاثة الذين درس بعض نتاجهم فقد قرأ كل واحد على حدة وكنت أتمنى أن تكون الباحة/ الشعر. الباحة/ الجمال هي محور الورقة والشعراء المبدعون يتحركون في فضائها. ولكن الزميل حافظ المغربي له خطته ومنهجه الذي نحترمه ونقدره.
* الأستاذ المبدع، والشاعر والناقد المتخصص صالح سعيد الزهراني: قدم ورقة فكرية إبداعية عن القبيلة وتحولاتها، عبر رؤية اجتماعية للواقع القبلي الذي يحمل إرثاً جاهلياً غير سوي وما يشوب هذا المجتمع القبلي من تقوقع وتخوف وعصبية ليصل في نهاية مقاربته إلى مقولة فلسفية رائعة وهي (نحن نحتاج إلى عقلية القابلية لا عقلية القبيلة) فكأنه يقول إن عقلية القبيلة منغلقة/ متحجرة، واحدة الرؤية. أما عقلية القابلية فهي العقلية التي تتجدد وتحتمل التغيير وتقبل الآخر وتتجلى فيها التعددية.
وهذا البحث المتمكن يحمل في طياته بشارات مستقبلية تتماهى مع الانفتاح الذي تعيشه بلادنا عبر دوائر الإصلاح الثلاثة (الحوار الوطني، والانفتاح على الآخر، وحقوق الإنسان).
* أما الناقد المبدع على الشدوي الذي قدم مقاربته بعنوان الشجرة والموجه ليقرأ من خلالها الدور التقليدي للشيخ عبدالله بن سعدى عبر الوثيقة التي توثق للمسألة العقدية والبدع في المنطقة التي اعتبرها منكرات ولا بد من تغييرها مما أحدث شرخاً في المجتمع القبلي (بمنطقة الظفير).
والذي أعتقده أن قراءة عبدالله بن سعدى لا تتم بحياد تام إلا إذا قرئت كتبه وتآليفه وسيرته مجتمعة لنصل إلى حكم نطمئن إليه أما ورقة الأخ الشدوي فتقرأ في سياقها المعرفي وهذا يذكرني بالداعية القرعاوي في جازان وكيف سعى لتغيير المنكرات والبدع بالمدارس والتعليم حتى انتشر المذهب السلفي بشكل اجتماعي مقبول.
أما ابن سعدى فقد حاول أن يزيد المنكرات والبدع بواسطة هيئة الأمر بالمعروف المتطوعة فلم يجد إلا العناد والمقاومة إلى درجة الإبعاد.
وهاتان رؤيتان في التغيير: رؤية للتغيير والإنكار بالعلم والتعليم واللسان والقلب، ورؤية للتغيير باليد والقوة وقد لا تفلح إلا ظلماً وعدواناً.
* أما الدكتور صالح زياد فله الشكر كل الشكر على التفاتته الواثقة إلى القاص عثمان الغامدي صاحب المجموعة (شدا يحني قامته لها) والتي كان لي شرف تقديم صاحبها وتقديم المجموعة إلى القراء كما كان لي إسهام في نشر مجموعته الثانية (الحراج) وهو مبدع غامدي يحتاج إلى الوقفات النقدية من أمثال الناقد صالح زياد.
* وأخيراً نقف مع الناقد المبدع عالي القرشي الذي ربط بين السفر الجغرافي الذي يكون من مكان إلى آخر والسفر الإبداعي الذي يكون بين الحروف والكلمات والخطابات وأنساقها مما ينجز مشروعاً ثقافياً بحيث يؤول هذا السفر الإبداعي إلى كشف واكتشاف لعوالم جديدة في الفكر والأدب والشعر.
تحية لنادي الباحة الأدبي ولقيادته وأعضاء مجلس الإدارة على هذا الملتقى الثقافي البهيج.
د. يوسف بن حسن العارف
عضو النادي الأدبي بجدة
جريد الجزيرة الخميس 8\ذي الحجة 1247ه