Tweet
قرأت هذا المقال في جريدة اليوم في عددها 12207 بتاريخ 25/10/1427هـ وقد أعجبني كثيراً فنقلته لكم عسى أن ينال على إعجابكم
الإبل والأسهم
جانب من إحدى صالات تداول الأسهم
يحكي ان اعرابيا في غابر الوقت والزمان كثر ماله بعد ان عم الخير في ربوع بلادهم وحلت البركة في ديارهم واستغنى مثله مثل باقي الاعراب في البادية فبدأ هذا الاعرابي في شراء المئات من اطيب الابل الاصايل من الفحول والوضح والمجاهيم وغيرها واصبح مولع بالابل وعشقها بشغف محبته لبنيه وامضى يقضي الساعات الطوال في رعايتها والسعي في شؤونها.
وغدا كلما تراكم لديه قدر من المال بالمسارعة للسوق لشراء قطيع جديد من الابل حتى اصبح يملك الالاف منها وعاش وباقي ربعه الاعراب تلك الحقبة من الزمن في سعادة نعيم لا مثيل لها واصبح يعد من الاثرياء لما يملكه من حلال وكذلك كان حال باقي الاعراب في مختلف الامصار ولم يعد للرجال حديث غير الابل وجمالها حتى غارت النساء منها. وكان هذا الاعرابي من شدة حبه للابل لا يقدر على بيعها وان باع في بعض الاحيان لا يبيت ليلته الا وقد اشترى خلفات جديدة بدلها وبدأت الابل بالتناسل والتكاثر وفاض الحليب بالبادية والرجل في قمة النشوة والسعادة وازدهر مع سوق الابل سوق الدلالين وكثر الطلب عليهم والسؤال عنهم وتصدروا المجالس في المضارب وهم يقدمون التحليل تلو التحليل ويهبون النصائح المجانية للاعراب عن اسرار كيفية الاكثار منها ونصب اعينهم غنائم السمسرة التي سيجنونها من وراء ازدهار سوق الابل الذي يقتاتون منه وامسى بعضهم يقرض الشعر غزلا في جمال الابل وفي فراسته التي حباه الله اياه في تميز الاصايل منها.
وفجأة وعلى حين غرة ظهر مرض غريب في الصحراء لا يعرف مصدره وانتشر بين ابل الاعراب كافة بسرعة كما انتشار النار في الهشيم فبدأت ابل هذا الاعرابي تمرض ومنها بدأ يموت من شدة الوهن ولم يعد احد في الصحراء يشتري الابل لسقمها وشدة ضعفها وغدا الرجل في حيرة من امره واعتصر الحزن قلبه وهو يرى ابله القريبه من فؤاده تهوى الواحدة تلو الاخرى وفشل تدخل الاطباء في تشخيص العلة ووصف الدواء وندم الاعرابي على تلك الايام الخوالي عندما كان يرفض ان يبيع ابله وهي تسام بالملايين بسبب حسنها وكثرة الطلب عليها من المتهافتين على شرائها واستعدادهم لدفع اغلى الاثمان فيها والان تبدل الحال بين ليلة وضحاها ولم يعد للابل اي قيمة ولا يتقدم اجد لشرائها واخذت اقيامها بتدهور يوما بعد يوم.
وزادت مأساة الاعرابي باضطراره لرهن داره للاستدانة من المرابين للانفاق على مأكل ما بقي من الابل الهزيلة وللراعي الذين يقوم عليها ويجلب لها الماء والكلاء.
واضمحلت في خضم هذه النازلة مكانته الاجتماعية التي عهدها ولم يعد يقصد مجلسه الدلالون وكأنهم اتفقوا على التواري على الانظار حتى لا يبطش بهم نظير تلك النصائح المضللة التي رفعت اثمان الابل اضعافا مضاعفة.
وبعد مرور حول على هذه النازلة اشتد المرض بالاعرابي من الحزن والكمد وتوفاه الله لرحمته وحزن عليه ابناؤه اشد الحزن الا ان المفارقة العجيبة ان ايا منهم لم يرغب باخذ نصيبه من الورث الذي تركه لهم ابوهم من هذه الابل المريضة واضطرت امهم العجوز ان تهمل الابل في الصحراء لمواجهة مصيرها المحتوم وهي تدعو الله ليل نهار ان ينزل الله الغيث من عنده وان تربع الدنيا من جديد وان يعافي الله ما بقي من حلال ابنائها من هذه الابل السقيمة وان تعود الايام السعيدة لربوع الصحراء ليسعد الجميع وتزول الكربة عن الامه والله نسأل ان يستجيب الله لدعاء هذه العجوز ولدعاء الملايين من امثالها وماذلك على الله بعزيز ما اشبه الليلة بالبارحة قصة هذا الاعربي مع إبله وقصة الملايين من المساهمين مع سوق الاسهم هذه الايام.
الإبل والأسهم
جانب من إحدى صالات تداول الأسهم
يحكي ان اعرابيا في غابر الوقت والزمان كثر ماله بعد ان عم الخير في ربوع بلادهم وحلت البركة في ديارهم واستغنى مثله مثل باقي الاعراب في البادية فبدأ هذا الاعرابي في شراء المئات من اطيب الابل الاصايل من الفحول والوضح والمجاهيم وغيرها واصبح مولع بالابل وعشقها بشغف محبته لبنيه وامضى يقضي الساعات الطوال في رعايتها والسعي في شؤونها.
وغدا كلما تراكم لديه قدر من المال بالمسارعة للسوق لشراء قطيع جديد من الابل حتى اصبح يملك الالاف منها وعاش وباقي ربعه الاعراب تلك الحقبة من الزمن في سعادة نعيم لا مثيل لها واصبح يعد من الاثرياء لما يملكه من حلال وكذلك كان حال باقي الاعراب في مختلف الامصار ولم يعد للرجال حديث غير الابل وجمالها حتى غارت النساء منها. وكان هذا الاعرابي من شدة حبه للابل لا يقدر على بيعها وان باع في بعض الاحيان لا يبيت ليلته الا وقد اشترى خلفات جديدة بدلها وبدأت الابل بالتناسل والتكاثر وفاض الحليب بالبادية والرجل في قمة النشوة والسعادة وازدهر مع سوق الابل سوق الدلالين وكثر الطلب عليهم والسؤال عنهم وتصدروا المجالس في المضارب وهم يقدمون التحليل تلو التحليل ويهبون النصائح المجانية للاعراب عن اسرار كيفية الاكثار منها ونصب اعينهم غنائم السمسرة التي سيجنونها من وراء ازدهار سوق الابل الذي يقتاتون منه وامسى بعضهم يقرض الشعر غزلا في جمال الابل وفي فراسته التي حباه الله اياه في تميز الاصايل منها.
وفجأة وعلى حين غرة ظهر مرض غريب في الصحراء لا يعرف مصدره وانتشر بين ابل الاعراب كافة بسرعة كما انتشار النار في الهشيم فبدأت ابل هذا الاعرابي تمرض ومنها بدأ يموت من شدة الوهن ولم يعد احد في الصحراء يشتري الابل لسقمها وشدة ضعفها وغدا الرجل في حيرة من امره واعتصر الحزن قلبه وهو يرى ابله القريبه من فؤاده تهوى الواحدة تلو الاخرى وفشل تدخل الاطباء في تشخيص العلة ووصف الدواء وندم الاعرابي على تلك الايام الخوالي عندما كان يرفض ان يبيع ابله وهي تسام بالملايين بسبب حسنها وكثرة الطلب عليها من المتهافتين على شرائها واستعدادهم لدفع اغلى الاثمان فيها والان تبدل الحال بين ليلة وضحاها ولم يعد للابل اي قيمة ولا يتقدم اجد لشرائها واخذت اقيامها بتدهور يوما بعد يوم.
وزادت مأساة الاعرابي باضطراره لرهن داره للاستدانة من المرابين للانفاق على مأكل ما بقي من الابل الهزيلة وللراعي الذين يقوم عليها ويجلب لها الماء والكلاء.
واضمحلت في خضم هذه النازلة مكانته الاجتماعية التي عهدها ولم يعد يقصد مجلسه الدلالون وكأنهم اتفقوا على التواري على الانظار حتى لا يبطش بهم نظير تلك النصائح المضللة التي رفعت اثمان الابل اضعافا مضاعفة.
وبعد مرور حول على هذه النازلة اشتد المرض بالاعرابي من الحزن والكمد وتوفاه الله لرحمته وحزن عليه ابناؤه اشد الحزن الا ان المفارقة العجيبة ان ايا منهم لم يرغب باخذ نصيبه من الورث الذي تركه لهم ابوهم من هذه الابل المريضة واضطرت امهم العجوز ان تهمل الابل في الصحراء لمواجهة مصيرها المحتوم وهي تدعو الله ليل نهار ان ينزل الله الغيث من عنده وان تربع الدنيا من جديد وان يعافي الله ما بقي من حلال ابنائها من هذه الابل السقيمة وان تعود الايام السعيدة لربوع الصحراء ليسعد الجميع وتزول الكربة عن الامه والله نسأل ان يستجيب الله لدعاء هذه العجوز ولدعاء الملايين من امثالها وماذلك على الله بعزيز ما اشبه الليلة بالبارحة قصة هذا الاعربي مع إبله وقصة الملايين من المساهمين مع سوق الاسهم هذه الايام.
تعليق