(سبكيم) وتعليق الاكتتابات الجديدة
فضل بن سعد البوعينين
(رب ضارة نافعة) وما حدث في يوم التداول الأول لسهم شركة (سبكيم) يمكن أن يكون من الأمور النافعة على الرغم من ضرره الذي طال صغار المساهمين، في يومه الأول، تم تداول سهم (سبكيم) بأقل من سعره الأساسي البالغ 55 ريالاً، مخالفاً بذلك جميع التوقعات المتفائلة والمتحفظة التي تداولها المحللون من قبل، تأثر السهم كثيراً بموجة الانخفاض الحادة، ونفسيات المتداولين، إلا أنه كان أكثر تأثراً بعلاوة الإصدار المرتفعة التي أُضيفت إلى قيمة السهم الاسمية، ولو تمت مقارنة سهم (سبكيم) بسهم شركة (ينساب) الذي طرح بقيمته الاسمية، لوجدنا أن سهم (ينساب) لا يزال محتفظاً ببعض أرباحه الرأسمالية التي حققها منذ أن طرح للتداول، على الرغم من تعرضه لانهيارين متتالين، في حين تعرض سهم (سبكيم) لخسارة عشرة ريالات من قيمته الأساسية في يوم تداوله الأول.
قد يعترض البعض على مثل هذه المقارنة الربحية غير العادلة بين سهم شركة قائمة وأخرى تحت الإنشاء!، وهو اعتراض مقبول (بتحفظ) من الناحية الاستثمارية، إلا أننا نتحدث في هذه المقارنة عن الأرباح الرأسمالية التي يبحث عنها غالبية المكتتبين.
حقق سهم (ينساب) في يوم تداوله الأول أرباحاً مالية تجاوزت نسبتها 1000 في المائة من قيمته الاسمية، في حين تعرض سهم (سبكيم) لخسارة قدرت بـ18 في المائة من قيمته الأساسية.
دون أدنى شك، فوضعية السوق، ونفسيات المتداولين، كان لهما أكبر الأثر في تحديد أسعار تداول السهمين، ومن الظلم حقاً أن نتخذ من فترتين مختلفتين معياراً ثابتاً للقياس، لذا نتحول عن سهم (ينساب) إلى سهم شركة (إعمار) وهو السهم الذي طرح للتداول في فترة الانهيار الثانية، ومع ذلك لا يزال السهم محتفظاً بجزء من أرباحه الرأسمالية المحققة.
بعيداً عن طبيعة النشاط، فقد أدت علاوة الإصدار المضافة لسهم شركة (سبكيم) إلى تضخيم قيمة السهم السوقية مقارنة بأسهم القطاع من جهة، وبأسهم العوائد المميزة من جهة أخرى ما أدى إلى تدني جاذبية السهم مقارنة بأسهم العوائد المتميزة بمكررات ربحية منخفضة.
خسارة سهم (سبكيم) لا تنفي جاذبية السهم الاستثمارية، ولا تقلل من مكانة الشركة التي أعتقد، والعلم عند الله، بأنها أحد أفضل الفرص المستقبلية في القطاع الصناعي، لكنها أصبحت ضحية لسلوك المتداولين الطارئ تجاه الأسهم التي طرحت للتداول بعلاوات إصدار مرتفعة، في سوقٍ أنهكتها موجات الانهيار.
تداول سهم (سبكيم) بأقل من قيمته الأساسية يضع أكثر من علامة استفهام حول علاوة الإصدار المحتسبة لصالح ملاك الشركات المغلقة التي تُطرح للاكتتاب العام، ويؤكد شكوك بعض الاقتصاديين حيال عدالة التقييم الذي يتم بموجبه تحديد غالبية علاوات الإصدار.
فما حدث لسهم (سبكيم) يعتبر سابقة أولى في السوق السعودية، إذا ما استثنينا تجارب ماقبل التسعينات الميلادية، وهي سابقة قد تتكرر كثيرا في المستقبل المنظور.
من حق ملاك الشركات المغلقة أن يتحصلوا على علاوات إصدار منطقية نظير ما قدموه من مال وجهد في بناء شركاتهم الخاصة، إلا أنه من المفترض أن تتناسب علاوات الإصدار المطلوبة مع قيمة الشركة الحقيقية التي يجب أن يحددها مراقبون ماليون، و قانونيون مستقلون عن مستشار الشركة المالي، والبنك المتعهد، وذلك لضمان الدقة والنزاهة في التقييم.
كما أنه من المفترض أن يؤخذ في الاعتبار أسعار أسهم القطاع، وشركات العوائد الأخرى، من مبدأ القياس، قبل تحديد علاوة الإصدار، فمن غير المنطق أن تطرح شركة جديدة بسعر أساسي يفوق في حجمه أسعار أسهم شركات القطاع، والشركات الأخرى ذات العوائد، الإستثمارات الضخمة، والنمو المضمون!.
تجربة (سبكيم) القاسية على كثير من المستثمرين علقت الجرس، ونبهت المكتتبين إلى أن السوق الأولية لم تعد مضمونة الربح كما كانت من قبل، ولعلها تكون أكثر خطورة في المستقبل القريب، ما يفرض على الجميع مراجعة حساباتهم، وبذل مزيد من الجهد لقراءة نشرات الاكتتاب، والتأكد من الشركات المزمع طرحها للاكتتاب العام قبل الولوج فيها.
خطورة السوق الأولية لن تقتصر على المستثمرين بل ستتعداها إلى سوق الأسهم، والاقتصاد الوطني الذي سيعاني دون أدنى شك من إهتزاز الثقة في اكتتاباته المستقبلية، وهو ما قد يؤثر سلباً على إستراتيجية الخصخصة.
لذا أتمنى على هيئة السوق المالية، والجهات الرسمية الأخرى، إيقاف جميع اكتتابات الشركات المغلقة المشكوك في كفاءتها المالية والإنتاجية، وإعادة النظر في تقييمها التقييم الأمثل، وفتح الباب أمام طرح الشركات الإنتاجية الجديدة التي يمكن لها أن تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتنمية مدخرات المواطنين.
الشركات المنتجة ذات الأفكار الخلاقة، والمشروعات الضخمة هي التي يمكن لها أن تسهم في دعم الاقتصاد الوطني، وأن تساعد في إيجاد فرص العمل للمواطنين والمواطنات، كما أتمنى على هيئة السوق المالية أن توقف عمليات الإدراج الفوري لأسهم الشركات الجديدة، الحالية منها والمستقبلية، في سوق التداول، من أجل المحافظة على حقوق صغار المستثمرين الذين دأبوا على التخلص من أسهمهم الإستثمارية الجديدة بأبخس الأثمان، ومن أجل دعم استقرار السوق، وتنمية الرغبة الاستثمارية لدى المتداولين، وتحويل الجزء الأكبر من أسهم الاكتتابات الجديدة إلى أرصدة ادخارية مستثمرة تحقيقاً للأهداف والغايات الوطنية النبيلة
فضل بن سعد البوعينين
(رب ضارة نافعة) وما حدث في يوم التداول الأول لسهم شركة (سبكيم) يمكن أن يكون من الأمور النافعة على الرغم من ضرره الذي طال صغار المساهمين، في يومه الأول، تم تداول سهم (سبكيم) بأقل من سعره الأساسي البالغ 55 ريالاً، مخالفاً بذلك جميع التوقعات المتفائلة والمتحفظة التي تداولها المحللون من قبل، تأثر السهم كثيراً بموجة الانخفاض الحادة، ونفسيات المتداولين، إلا أنه كان أكثر تأثراً بعلاوة الإصدار المرتفعة التي أُضيفت إلى قيمة السهم الاسمية، ولو تمت مقارنة سهم (سبكيم) بسهم شركة (ينساب) الذي طرح بقيمته الاسمية، لوجدنا أن سهم (ينساب) لا يزال محتفظاً ببعض أرباحه الرأسمالية التي حققها منذ أن طرح للتداول، على الرغم من تعرضه لانهيارين متتالين، في حين تعرض سهم (سبكيم) لخسارة عشرة ريالات من قيمته الأساسية في يوم تداوله الأول.
قد يعترض البعض على مثل هذه المقارنة الربحية غير العادلة بين سهم شركة قائمة وأخرى تحت الإنشاء!، وهو اعتراض مقبول (بتحفظ) من الناحية الاستثمارية، إلا أننا نتحدث في هذه المقارنة عن الأرباح الرأسمالية التي يبحث عنها غالبية المكتتبين.
حقق سهم (ينساب) في يوم تداوله الأول أرباحاً مالية تجاوزت نسبتها 1000 في المائة من قيمته الاسمية، في حين تعرض سهم (سبكيم) لخسارة قدرت بـ18 في المائة من قيمته الأساسية.
دون أدنى شك، فوضعية السوق، ونفسيات المتداولين، كان لهما أكبر الأثر في تحديد أسعار تداول السهمين، ومن الظلم حقاً أن نتخذ من فترتين مختلفتين معياراً ثابتاً للقياس، لذا نتحول عن سهم (ينساب) إلى سهم شركة (إعمار) وهو السهم الذي طرح للتداول في فترة الانهيار الثانية، ومع ذلك لا يزال السهم محتفظاً بجزء من أرباحه الرأسمالية المحققة.
بعيداً عن طبيعة النشاط، فقد أدت علاوة الإصدار المضافة لسهم شركة (سبكيم) إلى تضخيم قيمة السهم السوقية مقارنة بأسهم القطاع من جهة، وبأسهم العوائد المميزة من جهة أخرى ما أدى إلى تدني جاذبية السهم مقارنة بأسهم العوائد المتميزة بمكررات ربحية منخفضة.
خسارة سهم (سبكيم) لا تنفي جاذبية السهم الاستثمارية، ولا تقلل من مكانة الشركة التي أعتقد، والعلم عند الله، بأنها أحد أفضل الفرص المستقبلية في القطاع الصناعي، لكنها أصبحت ضحية لسلوك المتداولين الطارئ تجاه الأسهم التي طرحت للتداول بعلاوات إصدار مرتفعة، في سوقٍ أنهكتها موجات الانهيار.
تداول سهم (سبكيم) بأقل من قيمته الأساسية يضع أكثر من علامة استفهام حول علاوة الإصدار المحتسبة لصالح ملاك الشركات المغلقة التي تُطرح للاكتتاب العام، ويؤكد شكوك بعض الاقتصاديين حيال عدالة التقييم الذي يتم بموجبه تحديد غالبية علاوات الإصدار.
فما حدث لسهم (سبكيم) يعتبر سابقة أولى في السوق السعودية، إذا ما استثنينا تجارب ماقبل التسعينات الميلادية، وهي سابقة قد تتكرر كثيرا في المستقبل المنظور.
من حق ملاك الشركات المغلقة أن يتحصلوا على علاوات إصدار منطقية نظير ما قدموه من مال وجهد في بناء شركاتهم الخاصة، إلا أنه من المفترض أن تتناسب علاوات الإصدار المطلوبة مع قيمة الشركة الحقيقية التي يجب أن يحددها مراقبون ماليون، و قانونيون مستقلون عن مستشار الشركة المالي، والبنك المتعهد، وذلك لضمان الدقة والنزاهة في التقييم.
كما أنه من المفترض أن يؤخذ في الاعتبار أسعار أسهم القطاع، وشركات العوائد الأخرى، من مبدأ القياس، قبل تحديد علاوة الإصدار، فمن غير المنطق أن تطرح شركة جديدة بسعر أساسي يفوق في حجمه أسعار أسهم شركات القطاع، والشركات الأخرى ذات العوائد، الإستثمارات الضخمة، والنمو المضمون!.
تجربة (سبكيم) القاسية على كثير من المستثمرين علقت الجرس، ونبهت المكتتبين إلى أن السوق الأولية لم تعد مضمونة الربح كما كانت من قبل، ولعلها تكون أكثر خطورة في المستقبل القريب، ما يفرض على الجميع مراجعة حساباتهم، وبذل مزيد من الجهد لقراءة نشرات الاكتتاب، والتأكد من الشركات المزمع طرحها للاكتتاب العام قبل الولوج فيها.
خطورة السوق الأولية لن تقتصر على المستثمرين بل ستتعداها إلى سوق الأسهم، والاقتصاد الوطني الذي سيعاني دون أدنى شك من إهتزاز الثقة في اكتتاباته المستقبلية، وهو ما قد يؤثر سلباً على إستراتيجية الخصخصة.
لذا أتمنى على هيئة السوق المالية، والجهات الرسمية الأخرى، إيقاف جميع اكتتابات الشركات المغلقة المشكوك في كفاءتها المالية والإنتاجية، وإعادة النظر في تقييمها التقييم الأمثل، وفتح الباب أمام طرح الشركات الإنتاجية الجديدة التي يمكن لها أن تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتنمية مدخرات المواطنين.
الشركات المنتجة ذات الأفكار الخلاقة، والمشروعات الضخمة هي التي يمكن لها أن تسهم في دعم الاقتصاد الوطني، وأن تساعد في إيجاد فرص العمل للمواطنين والمواطنات، كما أتمنى على هيئة السوق المالية أن توقف عمليات الإدراج الفوري لأسهم الشركات الجديدة، الحالية منها والمستقبلية، في سوق التداول، من أجل المحافظة على حقوق صغار المستثمرين الذين دأبوا على التخلص من أسهمهم الإستثمارية الجديدة بأبخس الأثمان، ومن أجل دعم استقرار السوق، وتنمية الرغبة الاستثمارية لدى المتداولين، وتحويل الجزء الأكبر من أسهم الاكتتابات الجديدة إلى أرصدة ادخارية مستثمرة تحقيقاً للأهداف والغايات الوطنية النبيلة
تعليق