المدير
حدثني خالد بن سعيد ، منحه الله من العمر المزيد ، بدأ حديثه وهو يقول ـ سلمه ربي من الذبول ـ : كنت يوماً في مدرسة ، قلت : ونعمت المؤسسة ، أكمل ...أسأل عن ابني الصغير ، (عبودي) حبي الكبير ، أعلق عليه أمالي ، وأرى فيه أحلامي ، دخلتها باسم الله ، ما خاب من رجاه ، سألت عن مديرها ، مدبر شؤونها ، قيل : في مكتبه جالس ، فهو إداري ممارس ، لا يخرج من إدارته ، إلا على جنازته ، فقلت : هذه والله الأمانة ، مللنا دروب النوم والخيانة ، فكرت في شكره ، وذكر علو قدره ، فمن لا يشكر الناس ، قد حرم الإحساس ، فلما دخلت عليه ، وتأملت في عينيه ، هالني المنظر ، وجه مظلم ، ومكتب مُغْبر ، استأذنت بالجلوس ، من ذي الوجه العبوس ، فابتسم ابتسامة ( زرقاء ) ، ونادى : القهوة يا علاء ، ثم أدار ظهره ، كفاني الله شره ، فقلت لعل الرجال مخابر ، وكم غرتنا المناظر ، وأنا في حيرتي ، أنتظر قضاء حاجتي ، إذ دخل عليه طالب ، ذو لحية وشارب ، يبدو عليه الغضب ، وقليلٌ من الأدب ، فالتفت إليه صاحبي ، بوجهه والغارب ، قال: ما تريد؟ ، أيها البليد ، فقال الطالب : أستاذنا منير ، يُضرب بالحصير ، وبقايا الفسحة والعصير ، فقال له المدير ، القائد النحرير ، اذهب إلى الوكيل ، ووكيله نبيل ، فإن لم تجد أحد ، فعليك بصابر وعبد الصمد ، فقد ضُربوا كثيراً ، و تمرسوا أخيراً ، تمرسوا على التحمل ، دونما تململ ، فخرج من عندنا ، شاتماً ملعنا ، وفي هذه الأثناء ، دخل أحد الآباء ، دخل غاضباً ، لائماً معاتباً، يقول للإدارة ، حديثاً ذو مرارة ، يشتكي المدرسة ، ويسميها بـ( المهسهسة ) ، يشكو سوء التربية ، والحالة المزرية ، قائلاً : أنتم السبب ، دونما أدب ، ضيعتم الأمانة ، فتمت الخيانة ، فصارت العاقبة ، (كمخ ) سائبة ، أما العلم والمعرفة ، فهذا ما لا نعرفه ، فإذا به يستدير ، ويصرخ أخرج يا حقير ، آباء آخر زمن ، نعوذ به من الفتن ، فإذا بالأب ينسحب ، بسرعة ويرتعب ، فهاهو يهرب ، بسرعة ويغرب ، وبقيت صامتاً ، لعبرتي كاتماً ، وصاحبي ساه ، عني لاه ، فإذا به يصيح : يا ربي (تصحيح) ، ثم إلي يلتفت ، قائلاً : اللعبة انتهت ، فقلت: أي لعبة ، قال : راح كل ما في الجعبة ، فلما قام من مكتبه ، عرفت سبب نكبته ، كمبيوتر ومباشر ، ومؤشر خاسر ، فقلت : أجزل الله لك الأجر ، ورفع عنك الآثام والوزر ، فقال : جوزيت الخير كله دقه وجله ، هذه حال الدنيا ، مرة تحت ومرة عليا ، فقلت: لم آت معزياً ، بل شاكراً مهنياً ، قال : تهنئني على الخسارة !، وخراب البيت والعمارة ، فعرفت أن ما قيل فيه كذب ، وكل ما قيل لعب في لعب ، قال لي : من أنت ؟ ومن أي أنواع البشر كنت ؟ فما أن دخلت علي ، وقلت : يا هلا ويا بعد حي ، عرفت أنك نحس ، فقررت البيع بثمن بخس ، ولكن هيهات هيهات ، نزول ونسبات ، فما تريد يا صاحب النكبات ، قلت وبربي استعنت : أنا أبو عبد الله ، والرزق على الله ، لي حاجة واحدة ، يا ابن العرب البائدة ، ملف عبودي ، حتى لا تضيع جهودي ، أبحث له عن مدرسة ، ولو كانت بعيدة مندرسة ، لا أرى فيها مُضارب ، موجب أو سالب ، لم يُسأل فيها عن المراعي ، ولا مُضارب الجماعي ، فعبودي رأس مالي ، أغلى من حلالي ، حتى لا يضيع في فرصة شراء ، أو ارتداد وانزواء ، ودعته وقلت مع السلامة ، ولم أر في وجهه الندامة .
قلت : يا أبا سعيد ، يا ذا الرأي الرشيد ، والقول السديد ، فما توصيات اليوم ، قال : النوم ، فالبيع بالكوم !
اخوكم كاتب
حدثني خالد بن سعيد ، منحه الله من العمر المزيد ، بدأ حديثه وهو يقول ـ سلمه ربي من الذبول ـ : كنت يوماً في مدرسة ، قلت : ونعمت المؤسسة ، أكمل ...أسأل عن ابني الصغير ، (عبودي) حبي الكبير ، أعلق عليه أمالي ، وأرى فيه أحلامي ، دخلتها باسم الله ، ما خاب من رجاه ، سألت عن مديرها ، مدبر شؤونها ، قيل : في مكتبه جالس ، فهو إداري ممارس ، لا يخرج من إدارته ، إلا على جنازته ، فقلت : هذه والله الأمانة ، مللنا دروب النوم والخيانة ، فكرت في شكره ، وذكر علو قدره ، فمن لا يشكر الناس ، قد حرم الإحساس ، فلما دخلت عليه ، وتأملت في عينيه ، هالني المنظر ، وجه مظلم ، ومكتب مُغْبر ، استأذنت بالجلوس ، من ذي الوجه العبوس ، فابتسم ابتسامة ( زرقاء ) ، ونادى : القهوة يا علاء ، ثم أدار ظهره ، كفاني الله شره ، فقلت لعل الرجال مخابر ، وكم غرتنا المناظر ، وأنا في حيرتي ، أنتظر قضاء حاجتي ، إذ دخل عليه طالب ، ذو لحية وشارب ، يبدو عليه الغضب ، وقليلٌ من الأدب ، فالتفت إليه صاحبي ، بوجهه والغارب ، قال: ما تريد؟ ، أيها البليد ، فقال الطالب : أستاذنا منير ، يُضرب بالحصير ، وبقايا الفسحة والعصير ، فقال له المدير ، القائد النحرير ، اذهب إلى الوكيل ، ووكيله نبيل ، فإن لم تجد أحد ، فعليك بصابر وعبد الصمد ، فقد ضُربوا كثيراً ، و تمرسوا أخيراً ، تمرسوا على التحمل ، دونما تململ ، فخرج من عندنا ، شاتماً ملعنا ، وفي هذه الأثناء ، دخل أحد الآباء ، دخل غاضباً ، لائماً معاتباً، يقول للإدارة ، حديثاً ذو مرارة ، يشتكي المدرسة ، ويسميها بـ( المهسهسة ) ، يشكو سوء التربية ، والحالة المزرية ، قائلاً : أنتم السبب ، دونما أدب ، ضيعتم الأمانة ، فتمت الخيانة ، فصارت العاقبة ، (كمخ ) سائبة ، أما العلم والمعرفة ، فهذا ما لا نعرفه ، فإذا به يستدير ، ويصرخ أخرج يا حقير ، آباء آخر زمن ، نعوذ به من الفتن ، فإذا بالأب ينسحب ، بسرعة ويرتعب ، فهاهو يهرب ، بسرعة ويغرب ، وبقيت صامتاً ، لعبرتي كاتماً ، وصاحبي ساه ، عني لاه ، فإذا به يصيح : يا ربي (تصحيح) ، ثم إلي يلتفت ، قائلاً : اللعبة انتهت ، فقلت: أي لعبة ، قال : راح كل ما في الجعبة ، فلما قام من مكتبه ، عرفت سبب نكبته ، كمبيوتر ومباشر ، ومؤشر خاسر ، فقلت : أجزل الله لك الأجر ، ورفع عنك الآثام والوزر ، فقال : جوزيت الخير كله دقه وجله ، هذه حال الدنيا ، مرة تحت ومرة عليا ، فقلت: لم آت معزياً ، بل شاكراً مهنياً ، قال : تهنئني على الخسارة !، وخراب البيت والعمارة ، فعرفت أن ما قيل فيه كذب ، وكل ما قيل لعب في لعب ، قال لي : من أنت ؟ ومن أي أنواع البشر كنت ؟ فما أن دخلت علي ، وقلت : يا هلا ويا بعد حي ، عرفت أنك نحس ، فقررت البيع بثمن بخس ، ولكن هيهات هيهات ، نزول ونسبات ، فما تريد يا صاحب النكبات ، قلت وبربي استعنت : أنا أبو عبد الله ، والرزق على الله ، لي حاجة واحدة ، يا ابن العرب البائدة ، ملف عبودي ، حتى لا تضيع جهودي ، أبحث له عن مدرسة ، ولو كانت بعيدة مندرسة ، لا أرى فيها مُضارب ، موجب أو سالب ، لم يُسأل فيها عن المراعي ، ولا مُضارب الجماعي ، فعبودي رأس مالي ، أغلى من حلالي ، حتى لا يضيع في فرصة شراء ، أو ارتداد وانزواء ، ودعته وقلت مع السلامة ، ولم أر في وجهه الندامة .
قلت : يا أبا سعيد ، يا ذا الرأي الرشيد ، والقول السديد ، فما توصيات اليوم ، قال : النوم ، فالبيع بالكوم !
اخوكم كاتب
تعليق