الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
فأهلا وسهلا بالذين أحبهم=وأودهم في الله ذي الآلاء
أهلا بقوم صالحين ذوي تقى=غرُّ الوجوه وزين كل ملاء
ومداد ما تجري به أقلامهم=أزكى وأفضل من دم الشهداء
فلقد روى الإمام أحمد وأبو داوود والترمذي وحسنه ابن القيم والألباني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من سلك طريقا يلتمس فيه علماً سلك الله به طريقا إلى الجنة , وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم , وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء , وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب , إن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر )) ولهذا فقد رفع الله شأن العلم والعلماء وأعلى قدرهم وحث على الازدياد من العلم والحرص على طلبه وتحصيله لما للعلم من أثر في حياة البشر أفرادا ومجتمعات ومنع سبحانه من المساواة بين العالم وغيره لما يختص به العالم من فضيلة العلم ونور المعرفة فقال سبحانه (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب )) [ الزمر : 9 ] وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة منوهة بفضل العلم وأهله والحث على تعلمه وكسبه بل إن من الخصائص المميزة لأمة الإسلام عبر العصور والقرون أنها أمة العلم والمعرفة وأمة القلم والقرطاس تمييزا لها عن أمم الجهل والضلال .
وقد يتساءل القارئ عن سر اختياري لموضوعي ذا العنوان البسيط هل لأن الحديث في العلم سهل ميسر أم لأن العالم اليوم في عصر العلم والتكنولوجيا والتقدم والتطور أم أن السر هو في كتابة مقال وحسب قطعا لا وما كنت لأتحدث تلاعبا أو حشوا ليقال ما يقال بل إن سر اختيار المقعد الدراسي هو أني كنت من ذوي الاعتقاد والظن السيئ بهذا المقعد حيث كنت ممن يبغي به النجاح فقط لأجل الحصول على الشهادة ولكن الأمر اختلف مع تقدم العمر ونضوج العقل فتغيرت الفكرة القديمة حيث وجدت نفسي بعد مضي عشر سنوات أجلس على مقعد الدراسة ذاته فإذا بي أجد في نفسي حلاوة ولذة إذ عدت بأدراج الذاكرة إلى الوراء وتمنيت الأماني كيف لا والعلم حياة القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور ورياض العقول ولذة الأرواح هكذا علمتني الحياة أن العلم هو أنيس في الوحشة وصاحب في الغربة ومحدث في الخلوة ودليل عند الحيرة وهاد عند الشبهة ومنقذ عند المحنة وهو ميزان توزن به صحة الأقوال ومقياس لسلامة الأعمال بل أعظم شيء عرفته أن العلم يعرف العبد بربه فيعبده كما أمر وشرع ويذكره ويوحده ويحمده ويمجده إذ هو المستحق وحده جل في علاه وبالعلم يعرف الحلال والحرام والتمييز بين الشرائع والأحكام , مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وطلبه قربة وبذله صدقة والحاجة إليه أعظم من الحاجة إلى الطعام والشراب فقد صح عن البني صلى الله عليه وسلم فيما يرويه مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال : (( أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين ( يعني عظيمة السنام ) في غير إثم ولا قطيعة رحم )) فقلنا يا رسول الله نحب ذلك ! قال : (( أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيَعلَمُ أو يَقرَأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل )) فبالله أي فضل هو طلب العلم ؟! وأي غنيمة هو ؟!!
فيا معشر الطلاب والطالبات إن هذه الحياة مدرسة كبيرة فلا نجعلها تمر بنا ونحن في سباتنا فوالله لا خير فينا إن فعلنا وسنجد عاقبة ذلك في الدنيا قبل الآخرة فإن العلم هو الحياة الحقيقية حيث هو أساس صحة الإعتقاد والعبادة من استزاد منه أورثه خشية في القلب وتواضع للناس وبلوغ أعلى المراتب بعد الأنبياء وبالأخص العلم الشرعي الذي ينبغي علينا أن نسعى لتعلمه حتى نكون على بصيرة من أمور ديننا التي لا يسعنا الجهل فيها مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر العبادات وبقية العلوم مالم تتعارض مع كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولكم رأينا العلم يرفع وضيعا ويعز ذليلا ويجبر كسيرا إذ بالعلم توصل الأرحام وتؤدى الحقوق وبه يبلغ العبد منازل الأبرار وينال الدرجات العلى في جنة المولى جل شأنه إذا أخلص لله عز وجل نيته ولم يشرك معه أحدا غيره فالأعمال بالنيات كما أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وكما يقول الأول :
العلم يجلو العمى عن قلب صاحبه=كما يجلّي سواد الظلمة القمرُ
وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلها=ولا البصير كأعمى ما له بصرُوإلى من يجد في نفسه ضيقا من العلم وتعبا منه وإعراضا معتمدا على مشاهدات من الواقع غير دقيقة أو أوهام تراكمت عنده ونمت بالوسواس حتى ترك العلم وقعد عاطلا عالة على غيره لا نفع منه ولا فائده تسوقه الشياطين أنى شاءت يتبع هواه في كل واد انتبه فأنت في خطر وتذكر قوله تعالى (( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا)) وحديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتعود بطانا أو كما قال صلى الله عليه وسلم وكما قيل ( اعط العلم كلك يعطيك بعضه ) ومهما بلغنا في العلم فالله يقول ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) فعليك بتفقد أنفسنا بين الحين والآخر فهذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول ( اغد عالماً أو متعلماً ولا تغد بين ذلك , إن أحدا لا يولد عالماً , والعلم بالتعلم وإني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها )أهـ ورحم الله الإمام الشافعي إذ يقول :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي=فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور=ونور الله لا يؤتاه عاصي
فحري بنا أن نكون أصدقاء مخلصين لمقعد الدراسة ذلك المقعد الذي لا يوف إلا للمجتهد
فيا مقعد الدراسة أحمد ربي أن عدنا إليك مجددا وأسأل الله ألا نفترق إلا على الخير .
وفقني الله وإياكم وجعلنا ممن يأخذون من العلم أحسنه وأكمله وأجمله .
وإلى لقاء آخر على مقاعد الدراسة .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
فأهلا وسهلا بالذين أحبهم=وأودهم في الله ذي الآلاء
أهلا بقوم صالحين ذوي تقى=غرُّ الوجوه وزين كل ملاء
ومداد ما تجري به أقلامهم=أزكى وأفضل من دم الشهداء
فلقد روى الإمام أحمد وأبو داوود والترمذي وحسنه ابن القيم والألباني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من سلك طريقا يلتمس فيه علماً سلك الله به طريقا إلى الجنة , وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم , وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء , وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب , إن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر )) ولهذا فقد رفع الله شأن العلم والعلماء وأعلى قدرهم وحث على الازدياد من العلم والحرص على طلبه وتحصيله لما للعلم من أثر في حياة البشر أفرادا ومجتمعات ومنع سبحانه من المساواة بين العالم وغيره لما يختص به العالم من فضيلة العلم ونور المعرفة فقال سبحانه (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب )) [ الزمر : 9 ] وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة منوهة بفضل العلم وأهله والحث على تعلمه وكسبه بل إن من الخصائص المميزة لأمة الإسلام عبر العصور والقرون أنها أمة العلم والمعرفة وأمة القلم والقرطاس تمييزا لها عن أمم الجهل والضلال .
وقد يتساءل القارئ عن سر اختياري لموضوعي ذا العنوان البسيط هل لأن الحديث في العلم سهل ميسر أم لأن العالم اليوم في عصر العلم والتكنولوجيا والتقدم والتطور أم أن السر هو في كتابة مقال وحسب قطعا لا وما كنت لأتحدث تلاعبا أو حشوا ليقال ما يقال بل إن سر اختيار المقعد الدراسي هو أني كنت من ذوي الاعتقاد والظن السيئ بهذا المقعد حيث كنت ممن يبغي به النجاح فقط لأجل الحصول على الشهادة ولكن الأمر اختلف مع تقدم العمر ونضوج العقل فتغيرت الفكرة القديمة حيث وجدت نفسي بعد مضي عشر سنوات أجلس على مقعد الدراسة ذاته فإذا بي أجد في نفسي حلاوة ولذة إذ عدت بأدراج الذاكرة إلى الوراء وتمنيت الأماني كيف لا والعلم حياة القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور ورياض العقول ولذة الأرواح هكذا علمتني الحياة أن العلم هو أنيس في الوحشة وصاحب في الغربة ومحدث في الخلوة ودليل عند الحيرة وهاد عند الشبهة ومنقذ عند المحنة وهو ميزان توزن به صحة الأقوال ومقياس لسلامة الأعمال بل أعظم شيء عرفته أن العلم يعرف العبد بربه فيعبده كما أمر وشرع ويذكره ويوحده ويحمده ويمجده إذ هو المستحق وحده جل في علاه وبالعلم يعرف الحلال والحرام والتمييز بين الشرائع والأحكام , مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وطلبه قربة وبذله صدقة والحاجة إليه أعظم من الحاجة إلى الطعام والشراب فقد صح عن البني صلى الله عليه وسلم فيما يرويه مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال : (( أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين ( يعني عظيمة السنام ) في غير إثم ولا قطيعة رحم )) فقلنا يا رسول الله نحب ذلك ! قال : (( أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيَعلَمُ أو يَقرَأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل )) فبالله أي فضل هو طلب العلم ؟! وأي غنيمة هو ؟!!
فيا معشر الطلاب والطالبات إن هذه الحياة مدرسة كبيرة فلا نجعلها تمر بنا ونحن في سباتنا فوالله لا خير فينا إن فعلنا وسنجد عاقبة ذلك في الدنيا قبل الآخرة فإن العلم هو الحياة الحقيقية حيث هو أساس صحة الإعتقاد والعبادة من استزاد منه أورثه خشية في القلب وتواضع للناس وبلوغ أعلى المراتب بعد الأنبياء وبالأخص العلم الشرعي الذي ينبغي علينا أن نسعى لتعلمه حتى نكون على بصيرة من أمور ديننا التي لا يسعنا الجهل فيها مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر العبادات وبقية العلوم مالم تتعارض مع كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولكم رأينا العلم يرفع وضيعا ويعز ذليلا ويجبر كسيرا إذ بالعلم توصل الأرحام وتؤدى الحقوق وبه يبلغ العبد منازل الأبرار وينال الدرجات العلى في جنة المولى جل شأنه إذا أخلص لله عز وجل نيته ولم يشرك معه أحدا غيره فالأعمال بالنيات كما أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وكما يقول الأول :
العلم يجلو العمى عن قلب صاحبه=كما يجلّي سواد الظلمة القمرُ
وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلها=ولا البصير كأعمى ما له بصرُوإلى من يجد في نفسه ضيقا من العلم وتعبا منه وإعراضا معتمدا على مشاهدات من الواقع غير دقيقة أو أوهام تراكمت عنده ونمت بالوسواس حتى ترك العلم وقعد عاطلا عالة على غيره لا نفع منه ولا فائده تسوقه الشياطين أنى شاءت يتبع هواه في كل واد انتبه فأنت في خطر وتذكر قوله تعالى (( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا)) وحديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتعود بطانا أو كما قال صلى الله عليه وسلم وكما قيل ( اعط العلم كلك يعطيك بعضه ) ومهما بلغنا في العلم فالله يقول ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) فعليك بتفقد أنفسنا بين الحين والآخر فهذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول ( اغد عالماً أو متعلماً ولا تغد بين ذلك , إن أحدا لا يولد عالماً , والعلم بالتعلم وإني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها )أهـ ورحم الله الإمام الشافعي إذ يقول :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي=فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور=ونور الله لا يؤتاه عاصي
فحري بنا أن نكون أصدقاء مخلصين لمقعد الدراسة ذلك المقعد الذي لا يوف إلا للمجتهد
فيا مقعد الدراسة أحمد ربي أن عدنا إليك مجددا وأسأل الله ألا نفترق إلا على الخير .
وفقني الله وإياكم وجعلنا ممن يأخذون من العلم أحسنه وأكمله وأجمله .
وإلى لقاء آخر على مقاعد الدراسة .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تعليق