هذا جزء من كتاب لعالم الرياضيات العظيم روجر بنروز
ويتكلم فيه عن العقل وطبعا خلال حديثه تطرق لومضات الالهام
واحببت نقل هذا الجزء لكم
بنروز:
(لابد لي من محاوله اعطاء قليل من الشروح حول ومضات البصيره تلك التي تنفرج عرضا عن رؤيه جديده نسميها الهاما فهل هذه ايضا هي باي معنى من المعاني الوجيه من نتاج الشعور نفسه ام انها في الحقيقه افكار وصور تصدر بصوره غامضه عن العقل اللاشعوري؟
ان المرء ليستطيع ان ياتي بامثله عديد كان قد سجل فيها مفكرون كبار مثل هذه التجارب اما انا شخصيا فسأحصر اهتمامي لكوني رياضيا بالتفكير الاصيل المهلم عند بعض من الرياضيين(والتفكير الاصيل هذا يفتقده غالب المشتغلين بالعلوم خصوصا الجيولوجيا )
ولكني اتصور ان هناك الكثير مما هو مشترك بين الرياضيات والعلوم الاخرى والفنون (انا لا اوافق ابدا) ومن يريد رحله جميله فليقرأ كتاب بسكيولوجية الابداع في مجال الرياضيات الذي الفه الرياضي اللامع جدا هادمار ويوري فيه الكثير من تجارب الالهام كما رواها رياضيون بانفسهم
طبعا اشهر هذه التجارب هي تلك التي مر بها بوانكاريه ويصف فيها البدء بمراحل من التفكير المركز والجهود الواعيه وهو يبحث فيما دعاه fuchsian functions ولكنه توصل الى مازق وهنا نتابع رواية بوانكاريه بنفسه
غادرت كان التي كنت اقيم فيها لاذهب في رحله جيولوجيه تحت اشراف مدرسة المناجم وقد حملتني عوارض السير على نسيان عملي الرياضي وحين وصلنا كوتانس ركبنا في حافله معا لكي نذهب الى مكان او اخر وفي اللحظه التي وضعت فيها قدمي على درجة الحافله لكي اصعد عرضت الفكره في خاطري ولم يكن في افكاري السابقه اي شيء ينبىء اليها
وكانت تلك الفكره هي ان التحويلات التي استخدمتها لتعريف الدوال الفوخيه هي نفسها تحويلات الهندسه اللاقليديه ولم اتحقق الفكره اذ لم يتسن لي الوقت لذلك فقد اخذت مكاني في الحافله وتابعت حديثا كان قد بدأ سابقا ولكني كنت اشعر بثقه تامه ولدى عودتي الى كان تحققت من النتيجه في وقت فراغي انتهى
ان مايدهشنا في هذا المثال هو ان تلك الفكره العميقه المعقده قد اومضت ظاهريا في ذهن بوانكاريه حين كانت افكاره الواعيه في اتجاه اخر تماما وكذلك شعوره بالثقه التامه من الفكره!!!
ربما كان علي ان اربط ذلك بتجارب مرت علي شخصيا (وانا اجزم بانها تجارب عظيمه)
هذا امر قد يستحق منا ايراده هنا ففي خريف عام 1964 كنت مهتما بمسالة شذوذيات الثقب الاسود وكان اوبنهايمر وسنايدر قد اثبتا انه يمكن ان يؤدي انهيار نجم كبير الكتله انهيارا كرويا بكل معنى الكلمه الى فضاء مركزي -اي الى شذوذيه بالزمن-تتوسع فيها نظرية النسبيه العامه الكلاسيكيه الى ماوراء حدودها وقد شعر اناس عديدون انه يمكن الخلاص من هذه النهايه غير الساره فيما لوحذف فرضهم الغير معقول عن التناظر الكروي التام ففي الحاله الكرويه تتجه الماده المنهاره كلها الى نقطه مركزيه واحده تظهر فيها
بسبب هذا التناظر وربما من دون ان يكون ذلك متوقعا شذوذيه كثافتها لانهائيه
وكان تجديد الاهتمام بمسالة الثقوب قد اثار لدي افكاري الخاصه
وهي ان من الممكن ان تكون هناك مبرهنه رياضيه دقيقه يجب البرهان عليها تثبت بان شذوذيات الزمكان يجب ان تكون محتمه وفقا للنظرية النسبيه القياسيه
وكان هناك زميل زائر لي من امريكا كا قد اشغلني بمحادثه لاتنتهي حول موضوع مختلف كل الاختلاف حين كنا نسير مقتربين من مكتبي بكلية بيربيك في لندن وكانت المحادثه قد توقفت لبرهه عبرنا في اثنائها الطريق ووصلنا الى الرصيف الاخر وخلال هذه الثواني القليه طبعا خطرت لي فكره ولكن متابعة الحديث محتها من عقلي
وفي ذلك اليوم وبعد ان رحل زميلي عدت الى مكتبي لكن كان لدي شعور بالسعاده لا اعلم ماسببه (يحق له ان يشعر بالسعاده) فبدأت ادير في ذهني مختلف الامور التي حصلت لي في ذلك اليوم في محاوله لمعرفة سبب هذا الابتهاج وبعد ان حذفت الامكانيات غير الملائمه استحضرت اخيرا في ذهني تلك الفكره التي عرضت لي في اثناء اجتيازي الطريق وفي الحال ابهجتني لانها زودتني بحل المساله التي كانت تلف وتدور في راسي وكانت على مايبدو هي المعيار الذي احتاجه والذي دعوته فيما بعد بالسطح المحجوز فلم احتج بعد ذلك الى وقت لكي اضع مخطط البرهان الذي كنت ابحث عنه وعلى الرغم من ذلك فقد انقضت فتره قبل ان يصاغ البرهان صياغه متينه (المحافظه على السمعه)
طبعا اريد ان اختم بجمله تنسب لهادمار
....من الواضح انه مامن اكتشاف او ابداع قيم يمكن ان يحتل مكانته من دون رغبه في الابتكار ولكننا نرى في حالة بوانكاريه شيئا اكثر من ذلك اذ قام تدخل الاحساس بالجمال بدور وسيلة الابتكار التي لاغنى عنها هكذا وصلنا الى نتيجتين وهما
-ان الابداع خيار
-وان هذا الخيار يتحكم فيه الزاميا الاحساس بالجمال العلمي انتهى كلام هادمار
اتمنى ان يكون المقال اعجبكم والذي خطته انامل بنروز
المهم هو الفكرة من الموضوع
شكرا يا مازن
ويتكلم فيه عن العقل وطبعا خلال حديثه تطرق لومضات الالهام
واحببت نقل هذا الجزء لكم
بنروز:
(لابد لي من محاوله اعطاء قليل من الشروح حول ومضات البصيره تلك التي تنفرج عرضا عن رؤيه جديده نسميها الهاما فهل هذه ايضا هي باي معنى من المعاني الوجيه من نتاج الشعور نفسه ام انها في الحقيقه افكار وصور تصدر بصوره غامضه عن العقل اللاشعوري؟
ان المرء ليستطيع ان ياتي بامثله عديد كان قد سجل فيها مفكرون كبار مثل هذه التجارب اما انا شخصيا فسأحصر اهتمامي لكوني رياضيا بالتفكير الاصيل المهلم عند بعض من الرياضيين(والتفكير الاصيل هذا يفتقده غالب المشتغلين بالعلوم خصوصا الجيولوجيا )
ولكني اتصور ان هناك الكثير مما هو مشترك بين الرياضيات والعلوم الاخرى والفنون (انا لا اوافق ابدا) ومن يريد رحله جميله فليقرأ كتاب بسكيولوجية الابداع في مجال الرياضيات الذي الفه الرياضي اللامع جدا هادمار ويوري فيه الكثير من تجارب الالهام كما رواها رياضيون بانفسهم
طبعا اشهر هذه التجارب هي تلك التي مر بها بوانكاريه ويصف فيها البدء بمراحل من التفكير المركز والجهود الواعيه وهو يبحث فيما دعاه fuchsian functions ولكنه توصل الى مازق وهنا نتابع رواية بوانكاريه بنفسه
غادرت كان التي كنت اقيم فيها لاذهب في رحله جيولوجيه تحت اشراف مدرسة المناجم وقد حملتني عوارض السير على نسيان عملي الرياضي وحين وصلنا كوتانس ركبنا في حافله معا لكي نذهب الى مكان او اخر وفي اللحظه التي وضعت فيها قدمي على درجة الحافله لكي اصعد عرضت الفكره في خاطري ولم يكن في افكاري السابقه اي شيء ينبىء اليها
وكانت تلك الفكره هي ان التحويلات التي استخدمتها لتعريف الدوال الفوخيه هي نفسها تحويلات الهندسه اللاقليديه ولم اتحقق الفكره اذ لم يتسن لي الوقت لذلك فقد اخذت مكاني في الحافله وتابعت حديثا كان قد بدأ سابقا ولكني كنت اشعر بثقه تامه ولدى عودتي الى كان تحققت من النتيجه في وقت فراغي انتهى
ان مايدهشنا في هذا المثال هو ان تلك الفكره العميقه المعقده قد اومضت ظاهريا في ذهن بوانكاريه حين كانت افكاره الواعيه في اتجاه اخر تماما وكذلك شعوره بالثقه التامه من الفكره!!!
ربما كان علي ان اربط ذلك بتجارب مرت علي شخصيا (وانا اجزم بانها تجارب عظيمه)
هذا امر قد يستحق منا ايراده هنا ففي خريف عام 1964 كنت مهتما بمسالة شذوذيات الثقب الاسود وكان اوبنهايمر وسنايدر قد اثبتا انه يمكن ان يؤدي انهيار نجم كبير الكتله انهيارا كرويا بكل معنى الكلمه الى فضاء مركزي -اي الى شذوذيه بالزمن-تتوسع فيها نظرية النسبيه العامه الكلاسيكيه الى ماوراء حدودها وقد شعر اناس عديدون انه يمكن الخلاص من هذه النهايه غير الساره فيما لوحذف فرضهم الغير معقول عن التناظر الكروي التام ففي الحاله الكرويه تتجه الماده المنهاره كلها الى نقطه مركزيه واحده تظهر فيها
بسبب هذا التناظر وربما من دون ان يكون ذلك متوقعا شذوذيه كثافتها لانهائيه
وكان تجديد الاهتمام بمسالة الثقوب قد اثار لدي افكاري الخاصه
وهي ان من الممكن ان تكون هناك مبرهنه رياضيه دقيقه يجب البرهان عليها تثبت بان شذوذيات الزمكان يجب ان تكون محتمه وفقا للنظرية النسبيه القياسيه
وكان هناك زميل زائر لي من امريكا كا قد اشغلني بمحادثه لاتنتهي حول موضوع مختلف كل الاختلاف حين كنا نسير مقتربين من مكتبي بكلية بيربيك في لندن وكانت المحادثه قد توقفت لبرهه عبرنا في اثنائها الطريق ووصلنا الى الرصيف الاخر وخلال هذه الثواني القليه طبعا خطرت لي فكره ولكن متابعة الحديث محتها من عقلي
وفي ذلك اليوم وبعد ان رحل زميلي عدت الى مكتبي لكن كان لدي شعور بالسعاده لا اعلم ماسببه (يحق له ان يشعر بالسعاده) فبدأت ادير في ذهني مختلف الامور التي حصلت لي في ذلك اليوم في محاوله لمعرفة سبب هذا الابتهاج وبعد ان حذفت الامكانيات غير الملائمه استحضرت اخيرا في ذهني تلك الفكره التي عرضت لي في اثناء اجتيازي الطريق وفي الحال ابهجتني لانها زودتني بحل المساله التي كانت تلف وتدور في راسي وكانت على مايبدو هي المعيار الذي احتاجه والذي دعوته فيما بعد بالسطح المحجوز فلم احتج بعد ذلك الى وقت لكي اضع مخطط البرهان الذي كنت ابحث عنه وعلى الرغم من ذلك فقد انقضت فتره قبل ان يصاغ البرهان صياغه متينه (المحافظه على السمعه)
طبعا اريد ان اختم بجمله تنسب لهادمار
....من الواضح انه مامن اكتشاف او ابداع قيم يمكن ان يحتل مكانته من دون رغبه في الابتكار ولكننا نرى في حالة بوانكاريه شيئا اكثر من ذلك اذ قام تدخل الاحساس بالجمال بدور وسيلة الابتكار التي لاغنى عنها هكذا وصلنا الى نتيجتين وهما
-ان الابداع خيار
-وان هذا الخيار يتحكم فيه الزاميا الاحساس بالجمال العلمي انتهى كلام هادمار
اتمنى ان يكون المقال اعجبكم والذي خطته انامل بنروز
المهم هو الفكرة من الموضوع
شكرا يا مازن