Unconfigured Ad Widget

Collapse

مات الغامدي قيل أن يكمل الرواية ,,

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • الشعفي
    مشرف المنتدى العام
    • Dec 2004
    • 3148

    مات الغامدي قيل أن يكمل الرواية ,,

    السلام عليكم ورحمة الله ويركاته

    بين يدي رواية كتبها صاحبها قبل موته

    وهي من أجمل مامر علي في المنتديات

    أحببت أن تتطلعون عليها ففيها من العبر والدروس الكثير الكثير

    وصاحبها هو أحد أبرز طلاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين :

    مازن أحمد المنسي الغامدي

    وهو الذي كان يكتب في الساحة باسم :

    مالك الرحبي

    وسبب وفاته فشل كلوي تطور إلى مضاعفات أدخل على أثرها

    المستشفى العناية المركزة ثم توفي رحمه الله في

    اليوم الثالث عشر من ذي الحجة لعام 1426هـ



    رحل مازن وترك لنا69 بصمه بتلك القصة الرائعة

    تحت عنوان" طريقي إلى النور"

    رحل ولدية 4 بصمات آخرى هي الأروع لم يستطع تركها لأن الرحيل سبقه

    وهي تحت عنوان"رسالة وداع الوالد الكريم أبي محمد رحمه الله "

    فإليكم هذه البصمات الأربع أنقلها لكم بدون زيادة أو نقصان،،

    أنقلها لكم كما سطرتها يمناه،،أنقلها لكم بعد أن رحل إلى مثواه ،،رحمة الله..

    ===============
    --------
    --
    الرسالة الأولى....


    قبل عدة شهور..

    كنت أتنزه على شاطئ البحر

    حيث تهب الرياح القادمة من الساحل متناغمة مع موج البحر الدافئ ..

    كنت حينها منغمسا في همومي وأحزاني ..

    فقد بلغ بي الحنين لطفلي الصغيرين معاذ وحنان وأمهما ..

    اللذان يبعدان عني آلاف الأميال..مبلغا عظيما..

    لقد كان القهر والغيظ يكوياني لعجزي عن الوصول إليهم..

    وزاد الأمر سؤا فقدي لعزيز على قلبي..

    إنه والدي عليه سحائب الرحمة والغفران..

    الذي قتل في حادث مأساوي .. بين ..مكة والطائف

    ألا ما أضعف الإنسان..

    لو شق صدري في ذلك اليوم لما وسع الناس ما فيه من أسقام وأوجاع..

    هذا ما كنت أظن طبعا!!

    كنت في تلك اللحظة وأنا أراقب غياب الشمس..

    أتأمل البحر..

    خطرت لي حينها فكرة غريبة:

    ياترى لو ألقيت نفسي في هذا البحر المخيف..

    المليء بالظلمات والمهالك..

    وسبحت عددا من الأميال..

    حتى أجد سفينة تحملني للبلاد التي يعيش فيها أبنائي..!!

    هل سأنجو؟

    كم من القصص الخيالية قرأت!!

    والتي ينجو فيها البطل بمغامرة جنونية..!!

    لا تلوموني فقد كدت أجن بل جننت فعلا!!!

    لقد بلغ بي التيه و الاشتياق أن فكرت في الأمر جديا..!!!

    وما منعني من ذلك والاستغراق في نسج الخطة سوى أن لمعت لي في تلك اللحظة...

    قارورة تخفق في الماء علوا وهبوطا...

    كنت أراها من بعيد ..

    لم أبالي بها كثيرا في أول الأمر..

    لكن وفي أقل من لمحة،شاهدت شيئا مميزا في هذه القارورة..

    حمسني ذلك وألهاني عن جنوني!!!

    لمحت أنها مغلقة بإحكام..!!!

    ولفت بشريط حريري جميل..!!

    وطويت بشكل بديع في قماش جميل للغاية يبهر النظر..

    يميل إلى البياض المشرب بحمرة..

    لفتت نظري وألهبت مشاعري وظننت في تلك القارورة الظنون..!!!

    فلربما حوت كنزا ..!!

    أو أي شيء يدور في مخيلة شخص مثلي..

    سرت بمحاذاة الشاطئ محاولا الإمساك بها

    اقتربت منها ،لكن لم أجرؤ أن أمد يدي لسحبها فالماء عميق ومخيف..

    استمرت المطاردة برهة من الزمن..

    وأخيرا أمسكت بها وقد حشرت في جدار صخري..

    رفعتها وكان الظلام قد هبط تقريبا..

    سمعت إقامة الصلاة للمغرب..

    ذهبت للمسجد وصليت المغرب مع الجماعة..

    كنت في صلاتي أفكر في تلك القارورة وقد فعل في عقلي خنزب الأفاعيل..!!!

    بعد سلام الإمام وانصراف الناس..

    خطرت في رأسي خاطره...

    ماذا لو كانت هذه الزجاجة عقدة سحر !!

    ماذا لو كان في القارورة شرا ينتظرني!! ..

    أصابتني هذه الفكرة برهبة حقيقية..

    وما يدريني ما هي النتائج إن كانت هذه القارورة تحوي عفريتا أو شيطانا مريدا أو!!!

    وبعد تفكير بسيط عزمت على اكتشاف سر هذه القارورة السحرية وليكن ما يكن..

    يتبع إن شاء الله..
    من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة
  • عبدالرحمن
    • Dec 2000
    • 4527

    #2
    رحمه الله وغفر له..
    سنبقى أخي الكريم متابعين لك.
    sigpic

    تعليق

    • ابن مرضي
      إداري
      • Dec 2002
      • 6171

      #3
      شكرا لك أخي الشعفي على هذه الرواية ورحم الله صاحبها . وسنبقى متلهفين على ذلك السر الذي في القارورة والشاطيء الذي وجدها عليه .
      كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى = وحنينه أبدا لأول منزل

      تعليق

      • حديث الزمان
        عضوة مميزة
        • Jan 2002
        • 2927

        #4

        فلا تكتب يمينك غير شىء = يسرك في القيامة أن تراه


        الأستاذ الفاضل الشعفي


        أشكرك على هذا الدرس (( الهاااام ))



        غفر الله لنا و له ولك وللجميع .. آمين



        دمت في حفظ الله

        لكل بداية .. نهاية

        تعليق

        • قينان
          أدعو له بالرحمه
          • Jan 2001
          • 7093

          #5
          أخي الشعفي

          قصة تشدك إلى المتابعة لاكتشاف المجهول

          رحمة الله تغشى الميت و غفر الله للجميع..

          لازلنا متلهفين لتكملة القصة
          sigpic

          تعليق

          • الشعفي
            مشرف المنتدى العام
            • Dec 2004
            • 3148

            #6
            الفضلاء :

            عبد الرحمن

            ابن مر ضي

            حديث الزمان

            قينان

            سعدت بمروركم ومتابعتكم

            ما أنا هنا إلا ناقل ومنسق للرواية التي كتبها

            مازن الغامدي رحمه الله والتي تحكي معا ناة

            مربها قبل مماته قتولدت نثراً جميلاً مشوقاً

            نترككم مع بقية الرواية ,,
            من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

            تعليق

            • الشعفي
              مشرف المنتدى العام
              • Dec 2004
              • 3148

              #7


              ***

              وبعد تفكير بسيط عزمت على اكتشاف سر

              هذه القارورة السحرية وليكن ما يكن..

              لقد بلغ بي اليأس حدا جعلني لا أبالي بأي شيء..

              وهكذا الإنسان إذا مسه الشر يؤسا..

              انتظرت قليلا حتى يخرج المصلون من المسجد..

              وحين اطمأننت..

              فتلت الشريط..

              نزعت القماش الحريري..

              يا الله...

              ما أبرد ملمسه وأنعمه..

              أدرت الغطاء ..

              فاحت من القارورة رائحة زكية..

              لم أشم عطرا كهذا في الدنيا أبدا..

              لا والله ما هذه الرائحة برائحة دنيا!!

              عجيب !!

              ما هذه الخزعبلات!!

              أخاطب نفسي..!!!

              من شدة شوقي لما في داخل القارورة

              هممت بتكسيرها استعجالا لما قد يكون فيها..

              هززتها مقلوبة ..

              بالكاد تستطيع النظر لما في داخلها..

              ويا لخيبة أملي..

              لقد كانت شبه فارغة..

              سوى من صحائف رقيقة طويت بإحكام..

              وحشيت بطريقة لطيفة بداخل القنينة..

              أصبت بخيبة أمل لأني بلغ بي الطمع البشري حدوده..

              وما عساني أن أحلم بغير الدرهم والدينار.. !!!

              عانيت في استخراج الأوراق المطوية...

              استعنت بقلمي لأخرجها..

              آه..!!

              كانت الرائحة الزكية تصدر من تلك الأوراق..إذا!!

              ذكرتني تلك الرائحة بريح المسك والكافور

              الذي يوضع على الميت..

              سبحان الله..!!

              إن ذكرياتي في تلك الأيام لا تنقطع عن الموت وما يتعلق به.!!

              والظاهر أن ذلك من نتائج الفجيعة بفقد والدي العزيز....

              فهي مرحلة تصيب المكلومين..

              ومن ذا يعز علي أكثر من والدي رحمه الله

              ووالدتي أطال الله عمرها على الطاعة ورزقني برها..

              لقد قام المغسل كما هي السنة بإحضار الكافور والسدر المدقوق..

              ليخلطهما بالماء الذي يغسل به الميت..

              كنت حينها واقفا على رأس أبي عليه رحمة الله..

              أساعد المغسل في تغسيل والدي ..

              كانت الغرفة مليئة برائحة الموت الزكية!!!

              وحدث أن صارت كلما فاحت رائحة عطر من أي كان..

              تذكرني بتلك العطور التي وضعت على أبي..

              دعونا من الموت الآن..!!

              ما سر هذه الأوراق..؟؟

              وما سر هذه القارورة..؟؟

              حين استخرجت لفافة الأوراق..

              اتكأت على جدار المسجد وفتحتها ..

              لم يبد عليها أنها مكثت كثيرا بداخل القارورة..

              ولم يظهر عليها أثر رطوبة أبدا..!!

              واضح أنها ألقيت في البحر قبل زمن قريب..

              في أعلى الصفحة الأولى.. وبعبارة واضحة كالشمس!!!

              وأنا أحملق فيها !!

              لقد بهت وصدمت حينما رأيت المكتوب..:

              تسلم هذه الصحيفة لأبنائي..

              صالح وعبد المحسن ومازن ووليد ومحمد

              وأم شهد وأم هشام وأم باسل ورباب..!!!

              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...!!!!!

              قفزت من شدة الهول..!!!!

              ارتعبت ..!!!

              وقفت الدماء في عروقي..!!!

              غلا دماغي خوفا ورعبا !!!


              صعقت صرخت ياالهي..

              ..بسم الله الرحمن الرحيم..

              ما هذا الذي أرى؟؟

              هذه أسماء إخوتي وأخواتي!!!!

              رميت تلك الأوراق من يدي..

              زحفت للخلف وأنا التفت يمينا وشمالا ..

              ياترى هل يراني من احد فيظنني مختلا في داخل المسجد..!!!

              أصابتني رجفة وارتعاد..

              بقيت شارد الذهن لفترة من الزمن..

              ماذا سأفعل..

              هل أنا أحلم ..

              رفعت يدي نظرت إليها نفخت فيها..

              بصقت على يساري ثلاثا

              بعثرت شعر رأسي..

              أنا في الواقع، لست أحلم...

              كل شيء حولي يدل على الحقيقة..

              ياللهول ما هذه الرسالة ؟؟

              من كتبها؟؟

              يتبع إن شاء الله..
              من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

              تعليق

              • الشعفي
                مشرف المنتدى العام
                • Dec 2004
                • 3148

                #8
                من كاتب هذه الرسالة؟؟

                آلاف التساؤلات مرت كلمح البصر على ذهني..

                رقرقت عيناي .. بالدموع..

                بكيت ...

                تذكرت والدي..

                ما أصعب أن يفقد الإنسان عزيزا فجأة بلا مقدمات..

                لم أحزن على فقد أحد كما حزنت عليه..

                تمنيت أن لو كنت أنا المسجى بدلا عنه..

                تمنيت والله أن ألقى الأهوال عنه ولا يصاب أبي بوخزة ..

                لقد خطفت المنية والدي أحمد من بيننا .. خطفا..

                كما تسرق الحدأة فريستها من على مائدة الطعام..

                هكذا .. بلا مقدمات..

                ولا إنذار..

                حينما نقل إلي خبر الحادث ظننت انه لم يمت ..

                حيث لم يشأ الناقل أن يفجعني..

                قلت في نفسي ..

                سألقى والدي وأقول له..

                لا طعم للحياة من بعدك يابو محمد..

                اقتربت بحذر من تلك الأوراق.. المبعثرة..

                عزمت على اكتشاف السر الغامض..

                استجمعت قواي..

                وقلت في نفسي ..هه..

                وما ضرني!!!

                فأنا منذ شهور وأنا أتلقى الأخبار المحزنة والكوارث حتى ..

                أصبح قلبي حجرا لا مكان للحزن فيه..

                حزنت وحزنت حتى لم يعد للحزن معنى!!!

                يقول كاتب تلك الأوراق..

                إلى أبنائي الأعزاء..

                أنا والدكم أحمد بن محمد الغامدي ..

                قد توفاني الله تعالى في الثالث من شهر ذي الحجة ..

                وذلك بعد غروب الشمس يوم الجمعة..

                بعد أن صليت صلاة المغرب والعشاء قصرا وجمعا ..

                وذلك في جبل الهدا في الطائف ..

                برفقة ابنتي الحبيبة رباب ..

                اكتب لكم هذه الرسالة أيها الأبناء وأنا بعيد عنكم..

                بعيد عنكم بعدا لا يوصفه مقياس ..

                فأنا الآن في دار البرزخ ..!!!

                حيث يكون الميت في دار انتقال للآخرة..

                بل بدأت آخرته حقا..

                إنني أعيش في حفرة مظلمة لا رفيق لي فيها ولا أنيس..

                إلا ما قدمت لنفسي.. من عمل صالح..


                لا أدري هل ستصدقون أن والدكم يكتب لكم بعد موته..!!!

                لا ألومكم يا أبنائي..

                لم يسبق لكم أن مررتم بمثل هذه التجربة الغريبة..

                وما من ميت مثلي خلف أولادا في سنكم وحالكم...

                إلا ويتمنى أن يفعل ما أفعله ..

                إنها آهات يا أبنائي..

                إنها كلمات أردت أن أخطها لكم بقلمي ..

                وابعثها لكم لتستفيدوا منها..

                وتعتبروا بما فيها..

                إن آخر واحد منكم رأيته هي ابنتي الصغيرة رباب..

                أتذكرين يارباب ..

                أتذكرين ياعصفورتي الصغيرة..

                حينما نظرت إليك قبل لحظات من الوداع..

                أتذكرين تقاسيم وجه أبيك..

                لقد أردت ياحبيبتي أن أقول لك كلمة ..

                أردت أن أحملك رسالة..

                ولكني أشفقت عليك..

                أن أحمل جسمك الضعيف ..

                أمرا ثقيلا تعجز عنه الجبال!!!

                ولكن..

                لقد كفاني يارباب تلك الضمة الأخيرة ..

                ضممتك لصدري لأشم عبيرك يابنتي ..

                لقد مضت مشيئة الله أن أرحل من دونك ...

                ثم حصل ما حصل من قدر الله..


                أتعلمين يابنتي.. الصغيرة..

                أنني بعد الحادث لم أمت مباشرة..

                لقد استيقظت بعد لحظات بسيطة من الحادث..

                كان كل همي أن أراك.. والله

                وأطمأن عليك..

                زحفت متثاقلا وأنا الكهل ابن الستين سنه...

                وقد انفلق رأسي..

                وسالت دماء جسدي النحيل من حولي..

                لقد أيقنت ياصغيرتي أنها النهاية..

                لقد زحفت يارباب أبحث عنك ..

                حاولت يابنتي أن أصل إليك..

                أردت أن اسبق الزمن إليك ولكن هيهات هيهات..

                وقف ملك الموت على رأسي..

                شامخا كالطود العظيم..

                أشار إلي إشارة فهمتها وقال لي..

                كفى ياأبا محمد كفى أيها الرجل الصالح..

                إنه أمر الله..

                نظرت إليه بنظرة توسل..

                ولمن حوله من ملائكة الرحمة..

                الذين امتدت منهم الطرقات مد البصر ..

                أي والله هذا ما رآه أبوك ياعزيزتي..

                توسلت إليه قائلا.. أيها الملك الصالح..

                أيها الملك الصالح..

                إنها ابنتي..

                نظرة واحدة تكفيني لأطمأن عليها..!!

                نظرة واحدة..

                ضمة واحدة.. أرجوك..

                طأطأ برأسه وقال...

                يا أبا محمد .. إنني عبد مأمور.. ولا راد لأمر الله...

                الحمد لله على قدره ..

                سمعت صوتك يارباب ، سمعت استغاثاتك..

                أبي، أبي ،أبي...

                لم استطع إجابتك يابنتي فقد كنت أنازع الروح...

                أحاطت بي ملائكة الرحمة ..

                فخرجت روحي من جسدي.. كما يخرج الماء من في السقاء..

                وداعا يابنتي العزيزة وليرعاك الله ويحفظك ويجعلك من الصالحات العفيفات..

                أيها الأبناء ..

                لكم تمنيت أن يزيدني رب الجلالة في العمر ساعة أو ساعتين ..

                لأعود إليكم واجتمع بكم .. للحظات..

                لحظات أو دقائق.. فقط!!

                لتشفي شوقي وألمي لفراقكم المفاجئ...

                أردت أن أعود إليكم لأقول لكم وداعا ، وداعا..

                من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

                تعليق

                • الشعفي
                  مشرف المنتدى العام
                  • Dec 2004
                  • 3148

                  #9
                  لأمسح رؤوس..أحفادي..

                  لأوزع ابتسامات صادقة لأبنائي..

                  لأهمس في أذن كل واحد منكم بتوصيات تصلح أمر دينه ودنياه..

                  آه ..آه ما أشد مرارتي ..

                  اشتقت لأم محمد..

                  زوجتي الغالية..

                  رفيقة دربي لأربعين سنة..

                  آه يا أم محمد ..

                  أنا أدرى الناس بك وبحزنك على فراقي..

                  والله إن مشاعري نحوك يا أم محمد ليست بأقل من مشاعرك.. نحوي

                  ياأختاه لقد تعذبت بألم فراقك كما تتعذبين الآن..

                  ولكن صبرا فإن موعدنا الجنة إن شاء الله..

                  لو كنت أعلم في تلك اللحظة حينما جلستي أمامي..

                  قبل ساعة أو أقل من رحيلي من هذه الدنيا..

                  ووضعت يديك على ركبتي ...

                  حينما قلتي لي..

                  أنا لا أذهب بغير إذنك يابو محمد..

                  لو كنت اعلم بقدر الله تعالى ..لضممتك كما يضم الشاب الغر صبيته...

                  أتذكرين يا أم محمد ..

                  كم عشنا في هذه الحياة حلوها ومرها..

                  في الطائف والباحة والرياض وجده ..

                  قصص لا تنسى وذكريات تتعطر بها المجالس..

                  لن تحرمي منها أبنائنا وأحفادنا..

                  حدثيهم ولو قدر لي لحدثتهم عنك ..

                  أحدثهم عن صبرك وتحملك ..

                  أحدثهم عن أربعين خريفا مرت بذكريات عطرة ..

                  لا يعلم خباياها سوانا بعد الله عز وجل..

                  وأنت يازوجتي الأخرى..

                  يامن كنت تنتظريني في جده..

                  رحمتك والله وشفقت عليك..

                  اسأل الله تعالى أن يعوضك خيرا مما أخذ منك..

                  أريد يا أبنائي لو استطعت..

                  أن أزوركم في مجلسنا المعتاد..

                  اجتمع بكم في صالة بيتي في مدينة الطائف في مخطط السحيلي..

                  الذي لم يعد بيتي بعد اليوم..!!!

                  أتذكرون يا أبنائي والدكم ذلك الشيخ الكهل الذي اشتعل رأسه شيبا..

                  أتذكرون..أبو محمد

                  حينما يدخل عليكم في صالة البيت..

                  أو أجلس أمام دكة جارنا القحطاني..

                  أو حينما أحمل الفول والتميس كل صباح من الدكان برفقة هشام أو يزيد..

                  أو حينما أرجع بعد صلاة الظهر محملا بالجرائد وأنا مرهق تعبان..

                  أتذكرون جلسات العصر اليومية وشرب القهوة والشاي..

                  صدقوني..

                  لا معنى لتلك اللحظات في حينها ولكنها الآن ...

                  نار تحترق في فؤادي..


                  إنني أتمنى أن تعود تلك اللحظات لمرة واحدة..

                  لمرة واحدة فقط..

                  لأرى شمل العائلة حين يجتمع..

                  أريد أن أقبلكم واحتضنكم واحدا واحدا..

                  كبيركم وصغيركم..

                  كلكم في نظري صغارا ولو كان عمر الواحد منكم أربعين سنه..

                  اشتقت لأحفادي ..

                  يزيد حينما يجري في البيت ويلعب ..

                  هشام رفيقي في روحاتي للبقالة ..

                  إبراهيم وعبد الله رفاقي للمسجد..

                  عبد الرحمن ذلك الولد الشقي..

                  أسماء ولجين وجنا إنهن رياحيني في الدنيا..

                  احمد وباسل وبسام ووليد وفارس..

                  آه ما أعظم لوعتي ...

                  إن أصعب اللحظات يا أبنائي أن يتمنى المرء شيئا يحبه..

                  ولكنه يعجز عنه...

                  لا أدري كيف ابدأ.. وماذا أقول..

                  فمشاعري مضطربة للغاية ..

                  والشوق يحدوني لأسجل آلاف الذكريات في هذه الرسالة..

                  ولكن لن يسمح لي يابنائي سوى بتدوين بضع صفحات فقط..

                  سأنجزها بأقل العبارات وأصدقها..
                  من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

                  تعليق

                  • الشعفي
                    مشرف المنتدى العام
                    • Dec 2004
                    • 3148

                    #10
                    أيها الأبناء الأعزاء:

                    إن أول شيء أوصيكم به أن تتقو الله تعالى ..

                    يا أبنائي إن من خبر ليس كمن سمع..!!

                    ليس من يحدثكم وهو يرى كمن يحدثكم من كتاب ..

                    يا أبنائي إن خير الزاد التقوى..

                    إن خير حمل يحمله الإنسان في هذه الدنيا

                    هي طاعة أو قربة للمولى جل وعلا..

                    والله الذي لا إله سواه لحسنة واحدة لنا يا أبنائي

                    وفي حالنا خير لنا من كل ما في الدنيا

                    من بيوت وكنوز وقصور وسيارات فارهة وبنوك وسواه..

                    صدقوني يا أبنائي لو كان لي من الأمر شيء

                    وعدت للعمل لملأت الأرض صلاة وتسبيحا

                    وقرءانا.. الحمد لله على ما قضى ويسر..

                    إنني في غبن شديد على ساعات وأيام وشهور

                    لم أقضها في شيء ينفعني يوم الدين ..

                    ولكن العوض فيكم.. إن شاء الله

                    لقد رأيت كيف ينفع عمل الولد والده..

                    يا أبنائي نحن في الآخرة في حاجة للحسنة الواحدة

                    بتسبيحية

                    أو كلمة معروف

                    أو ذكر أو صلاة.. وقراءة قرءان..

                    يا أبنائي لو رأيتم ما رأيت لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا..

                    لو رأيتم ما رأيت لما انتفعتم من الدنيا بشيء..

                    لو رأيتم الدود والظلمة في القبر

                    وما يمر به المؤمن من أهوال فكيف بالعاصي

                    أبنائي الأعزاء ...

                    إن أول أمر أوصيكم به بعد تقوى الله هي الصلاة..

                    إن الصلاة كالسور يحميك من النار..

                    إنها الصلة التي تصلك بربك في الدنيا ..

                    وتؤنسك في قبرك في الآخرة..

                    أوصيكم يا أبنائي أن تحذروا من أمور

                    أحذروا من ألسنتكم.. فإما أن تقولوا خيرا أو اصمتوا..

                    أحذروا من آذانكم أن تسمعوا حراما أو تتجسسوا ..

                    أحذروا من مال الحرام يا أبنائي ..

                    الربا أموال الأيتام ، أموال الناس بالباطل ..

                    مال الحرام كله .. الحذر الحذر من ذلك..

                    أخيرا يا أحبابي ..

                    أوصيكم أن تجتمعوا ولا تتفرقوا..

                    فإن الشيطان يجرؤ على من شذ ...

                    ولا يقترب منكم مجتمعين...

                    إنها مئات بل عشرات الوصايا الثمينة

                    التي أعلم نفعها لكم إن شاء الله..

                    أوصيكم بطاعة الله وتقديمها على طاعة

                    كل البشر من عظم ومن احتقر..

                    كما ان لي طلبا هو حق لي عليكم..

                    لا تحرموني ياأولادي من عمل صالح بمالي الذي قد ملكتموه..

                    لا تحرموني من دعوة صادقة يا أولادي..

                    لا تحرموني من صدقاتكم وبركم ..

                    فأنا والله كالغريق يبحث عن كل شيء ينقذه من الهلاك..

                    أسأل الله تعالى أن يصلح حالي وحالكم

                    وأن يهيئ لكم من أمركم رشدا..

                    وأن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ..

                    وأن يجعلني من ورثة جنة النعيم.. أبوكم أحمد

                    يعلم الله تعالى قدر تأثري من تلك الرسالة

                    فقد انفجرت باكيا ما كتب فيها ..

                    والتف الناس حولي حينما سمعوا نحيبي ..

                    كنت استمع دمدمتهم وحديثهم ..

                    قم يا عبد الله

                    قم وأنا أبوك

                    قم قم بسم الله عليك

                    ايش فيك تبكي.. !!!

                    نظرت من حولي فإذا أمي فوق رأسي توقظني من النوم ..

                    لقد هالها وهالني صراخي وبكائي .. فاستيقظت من نومها..

                    وجاءت توقظني..!!

                    كانت الساعة العاشرة ضحى تقريبا..

                    قم ياولدي قم ..

                    جلست ومسحت وجهي ..

                    اجتمع حولي من استيقظ من بكائي..

                    لم اصدق ما يدور حولي..

                    فقد كنت كالتائه.. وحينها...

                    رن جرس التلفون ..

                    رفعت والدتي السماعة..

                    السلام عليكم

                    وعليكم السلام ..

                    هل هذا منزل الأستاذ أحمد الغامدي..

                    نعم تفضل..

                    هل ولده (فلان ) موجود..؟؟

                    من يبغاه؟؟

                    معاكم إدارة المباحث في الطائف؟؟؟





                    من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

                    تعليق

                    • عبدالرحيم بن قسقس
                      مشرف المنتدى العام
                      • Nov 2004
                      • 2600

                      #11
                      الدعاء له بالمغفرة والرحمة

                      .

                      رحمك الله وغفر لك يا مازن أحمد المنسي الغامدي واسكنك الجنة
                      والشكر والتقدير لك ايه الشعفي على تخليد ذكره

                      .

                      تعليق

                      • مجرد احساس
                        عضو نشيط
                        • Dec 2004
                        • 688

                        #12
                        أخي الغالي الشعفي

                        رحم الله مازن وأبا مازن وجمعهما في مستقر رحمته .

                        شكر وتقدير لك على هذا النقل الرائع وهذه القصة الأروع ...

                        دمت في رعاية الله وحفظه .
                        لأننا نتقن الصمت ..
                        ...
                        حمّلونا وزر النوايا!!

                        تعليق

                        • الشعفي
                          مشرف المنتدى العام
                          • Dec 2004
                          • 3148

                          #13
                          ارتعبت الوالدة وخافت ..

                          فشعر المتحدث بذلك.. وقال لها.. بأدب جم

                          لا تقلقي يا أمي إن ابنك لم يفعل شيء يسيء..

                          االموضوع أن مكتب الأمير محمد بن نايف يبحث عن فلان...

                          انتهى الجزء الأول


                          الرسالة الثانية...

                          في وداع والدي أبي محمد الجزء الثاني..

                          تعصف بالإنسان كثير من المشاكل..

                          وقل في هذه الدنيا من سلم منها..

                          وقد كان لي منها بحمد الله حظ وافر..!!!

                          فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه..

                          لقد سمعت كثيرا بالأمير محمد بن نايف..

                          وأذكر أنني سمعت به لأول مرة على لسان

                          أحد مشائخنا عليه رحمة الله..

                          فقد سمعته يثني عليه مرارا..

                          وقد خدمني هذا الشاب عن طريق شيخنا المذكور

                          في قضية مطلقتي أم عبد الله..!!

                          المهم أنه حينما بلغت بي الأمور مبلغا وضاقت علي السبل..

                          أشار علي أحد الإخوان بمقابلة الأمير محمد بن نايف..

                          توسطت عن طريق أحد المعارف للدخول على الأمير..

                          وذلك في حياة الوالد رحمه الله..

                          قبل شهر رمضان عام 25 للهجرة..

                          دخلت على ضابط برتبة مقدم ..

                          استقبلني بوجه طلق..

                          قلت له أنت فلان ..

                          قال نعم....

                          قلت له لقد روحني لك فلان لتدخلني على الأمير محمد بن نايف..

                          قال ونعم فيك وفيمن روحك ايش موضوعك؟ أكيد زواج ؟؟

                          أنتم المطاوعة تحبون الزواج؟؟

                          قلت له لا, الموضوع هو الحصول على جواز...

                          لا أدري هل فهم عبارتي أو لا ...

                          ومع أنه قرأ الخطاب المعد إلا أنه كرر كلمة الزواج مرارا.. !!

                          علما أنني لم أورد قضية استخراج تصريح لزوجتي..في ذلك الحين..

                          فقد كان همي أن أحصل على الجواز .. فقط

                          فقد مضى عدم رؤيتي لهم خمسة شهور تقريبا..

                          وزوجتي على وشك الوضع ..!!

                          أذن علينا الظهر ..

                          فخفت أن أتزحزح من مكاني للصلاة ..

                          ثم لا استطيع الدخول مرة أخرى على المقدم المذكور..

                          فقد رأيت من الزحام في الأسفل عند البوابة ما يعد بمئات الناس..

                          كلهم جاءوا لمقابلة محمد بن نايف ..

                          كهولا وشبابا ونساء وحتى أطفالا ومعاقين..

                          علما أنه لا يقبل في الجلسة سوى ثمانين شخصا

                          فقط في الأسبوع مرة واحد ة..!!

                          وهو قليل للغاية لمجتمع كبير ومشاكله كثيرة!!

                          وللأسف الواسطة مقدمة على الحاجة في كل أمورنا..

                          على كل.. كان في الغرفة معي أربعة أشخاص

                          وكلهم جاءوا بواسطة الضابط المذكور..

                          تحرجنا جميعا أن نقوم لأجل الصلاة خوفا

                          من أن تبدأ الجلسة أو أن يغيب الضابط..

                          قال أحد الحضور وهو كبير في السن

                          حن جئنا من أماكن بعيده ونحن مسافرون ..

                          فيجوز لنا الجمع..!!

                          تنفست الصعداء ...

                          وفرحت بهذه الحجة وأيدته فورا!!!

                          انتظرنا حوالي الساعة نراقب الداخل والخارج..

                          بعد ها نادى الضابط شخصا مدنيا وهمس في أذنه بكلمات..!!

                          وقع في نفسي شك فلربما أراد الرجل تصريفنا

                          وتحرج منا فقد كنا أربعة...

                          قال لنا قوموا مع الأخ ..

                          شكرته وودعته وأنا محتار..!!

                          نزلنا من الدرج من الطابق الأول أو الثاني لا أذكر..

                          لما وصلنا للأسفل أجلسنا مضيفنا الجديد

                          على المقاعد المرصوصة في بهو الوزارة الفسيح..

                          أخذت أتبادل النظرات مع أصحابي: هل ياترى عدنا من الصفر؟؟

                          هل يجب أن نسجل مع المجموعات الهائلة؟؟

                          حينما رايتهم صامتين مطمئنين ارتحت وبردت أعصابي ..

                          فالظاهر أنهم قد جربوا الأمر مرارا..

                          شاهدت مئات البشر يصفون في صفوف

                          غير منضبطة وفي أيديهم الملفات والأوراق..

                          ويقف أمامهم ضباط لتسجيل الأسماء وتوزيع الأرقام..

                          وكما قلت فالطلب كبير والمعروض نزر يسير..

                          كنت أرى وأنا منهم طبعا!!

                          كيف يتوسط الضباط مع مسئولي المراسم..

                          لمن جاء بواسطة فلان وفلان..

                          وما أسهل أن يقول الضابط لمن يقف أمامه تعال الأسبوع الجاي!!

                          طيب هل يعرف هذا الضابط من أين جاء هذا المسكين !!

                          بعضهم يأتي من آلاف الأميال .. من شمال المملكة وجنوبها..

                          ويا ليت الأمر أنه يضمن مقابلة الأمير في الأسبوع التالي..

                          بل يجب عليه أن يسجل من جديد..

                          وقد يقابل الأمير وقد لا يقابله ..

                          وقد يعتذر الأمير من جلسة ذلك الأسبوع إلى أجل غير منظور!!

                          إن هذا شيء مؤسف والله فكم من صاحب حاجة ولا حيلة له..

                          ولكن إذا لم يكن إلا الأسنة مركب فما حيلة المضطر إلا ركوبها..

                          بعد لحظات تمركز مجموعة من حرس المراسم

                          ي مواقع محددة من البهو..

                          بحيث لا يسمحون لأحد من الناس المرور من تلك المراكز..

                          وقد كنا نحن في وسط المنطقة ..

                          ارتحت جدا وفرحت بالخصوصية التي نلتها بالواسطة..!!!

                          والله أعلم قد يكون ممن منعوا من هم أحوج مني

                          وخير مني آلاف المرات والله المستعان...

                          ظننت في البداية أننا سنستقبل الأمير في البهو..

                          ولقد خاب ظني طبعا فالذي أنا فيه هو البداية فقط ..

                          فنظام البروتوكول معقد وفوضوي للغاية..!!

                          كما هو حال شعبنا للأسف!!

                          صرخ فينا ضابط وقال ادخلوا المجلس ..

                          كانت الكراسي فاخرة للغاية ..

                          وبطرفة عين امتلأت المقاعد..!!!

                          ولم أجد مكانا للجلوس..

                          كانت هناك عدة غرف جانبية تحيط بالمجلس الكبير ..

                          وقد حشيت حشوا بالناس..

                          ويظهر أن بعض الغرف هي لكبار الضيوف !! أظن هذا!!

                          مرت أكثر من ساعة أو ساعتين تخللها توزيع مياه للشرب ..

                          ومجلة لا أذكر اسمها لكن أتذكر عليها صورة الأمير نايف..

                          وفي كل لحظة ودقيقة ألاحظ حركة غير طبيعية

                          من الضباط أعتقد أن الأمير وصل..

                          ولكن تمر الدقائق ثقيلة ولم يحضر أحد..

                          أمر الضباط مجموعة من الجلوس بالقيام والدخول في سيب صغير..

                          وقد رصوا صفا واحدا بطريقة فيها شيء من الإهانة كما أشعر..

                          كأنهم في مخبز تميس ..

                          كانت إضاءة السيب ضعيفة وفي طرفه الأيسر

                          بوابة تدخل منها لمكتب يستقبل فيه الأمير

                          الناس.. وكل دقيقة يمر ضابط ليتأكد

                          من استواء الصفوف وانضباطها فتراه يقدم

                          ويؤخر وهو متنرفز بشكل واضح..!!

                          ولا أدري لما النرفزة !!

                          فالأمر أهون بكثير ولا يحتاج للقلق والتشدد..

                          ثم إن من الناس الوقوف ،من هم من هو

                          في مناصب يجب أن تحترم ..

                          ففيهم الأكاديميون على أعلى التخصصات وشيوخ القبائل..

                          وفيهم التجار والأثرياء ونحوهم..

                          والواجب أن يحترم الإنسان مهما كان وضعه ..

                          ولا شك أن حسن التدبير مما يضفي

                          على الجلسة والأمير بهاء وتقديرا..

                          أشغلت تفكيري حول البوابة التي سيأتي منها الأمير..!!

                          وفعلا حيرتني ..!!

                          على كل وأنا في حيرتي وتفكيري وطول الانتظار أخيرا..

                          جاء الأمير..

                          بشر مثل البشر !!!

                          طويل متوسط الطويل معتدل البنية

                          عليه سيما التهذيب واللطف !!

                          مع صرامة لا تخفى على ناظر..

                          فهو بالتأكيد رجل أمن.. يأمن ويؤتمن ويؤمن..!!

                          لا تلوموني ياأخوتي على أوصافي

                          فأنا صاحب حاجة ولا بد أن أتفرس فيه..!!

                          جاء يمشي من المصعد بسرعة البرق

                          فهو سريع في حركته بشكل ملفت!!

                          وقف أمام صف المعاقين وكانوا قليلا وهم في البهو الخارجي..

                          استمع لكل واحد منهم وأخذ الأوراق وسلمها لشخص بجواره..

                          ثم دلف علينا..

                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

                          هكذا حيانا الأمير..

                          رددنا عليه السلام ثم دخل المكتب

                          من البوابة الأمامية من المجلس..

                          وفورا بدأ الناس في الدخول على الأمير..

                          يستقبل الأمير الناس وهو واقف..

                          وبعض المتكلمين يطيلون الحديث معه وبعضهم مثلي ..

                          يقتله الحياء والمهابة من أن يطلب حاجته بشكل مرض..

                          وعندما وصلت للسيب المظلم أمرنا العسكري بالجلوس ..

                          واختار الأربعة الأوائل في الصف ليقفوا بجوار البوابة ..

                          فالدخول يكون بمجموعات أربعة أربعه,, وهكذا ..

                          كانت رائحة البخور العود تملاْ المكان والظاهر

                          أن هذا من عادة الأمراء..أن تبخر

                          المجالس بحضورهم..

                          حينما وقفت على الصف أصابتني قشعريرة ..

                          فقد كنت أفكر في جواب الأمير ..

                          وماذا سأقول له..

                          ولم تمض دقيقة حتى صرت في الصف أمامه مباشرة ..

                          تحدث صاحبي الذي أمامي ..

                          بالغ في الثناء على الأمير مما هو معروف ..

                          ولا حظت أن الأمير يقرب أذنه بشكل

                          مهذب للغاية للشخص المتحدث..

                          ويتركه يتحدث وينصت له حتى ينتهي

                          ثم ينظر في عيونه ويبتسم في وجهه..

                          ويقول له: ابشر أن شاء الله تقضى حاجتك أو نحو هذا الكلام..

                          ثم يلتفت الأمير لمن بجواره ويهمس في أذنه بكلام لا يسمع..

                          ولكن المرافق..يدونه فورا في مذكرة بيده..

                          وبعدها جاء دوري ، صافحت الأمير ..

                          السلام عليكم ورحمة الله..

                          وعليكم السلام ورحمة الله .. تفضل ..

                          قلت له أيها الأمير ..

                          أنا قضيتي غريبة ، فمنذ شهور سحب جوازي

                          مني لأنه غرق في ماء..

                          وزوجتي وأطفالي خارج المملكة..

                          وعملي خارج المملكة قد تأذى كثيرا

                          بسبب عدم حصولي على الجواز.. الخ الكلام..

                          قال هل هناك دولة تطلبك ؟؟

                          قلت أبدا فقد راجعت عدة جهات أمنية

                          من المباحث للداخلية للجوازات وكلهم أكدوا

                          أن ملفي نظيف لا مرية فيه..

                          وبشكل مفاجئ قاطعني الأمير

                          وأمسك بكتفي وقال اصبر شوي!!

                          وأخذ يهمس في أذن مرافقه !! والظاهر

                          أنه تذكر شيئا بخصوص الشخص الذي قبلي

                          فأراد أن يملي على صاحبه قبل أن ينسى..

                          ثم التفت إلي وقال هل معلوماتك ورقم هاتفك مسجله على الخطاب..

                          فقلت نعم ..

                          قال لي ثق تماما سنتصل عليك..

                          ثم ودعته وانصرفت!!

                          من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

                          تعليق

                          • الشعفي
                            مشرف المنتدى العام
                            • Dec 2004
                            • 3148

                            #14
                            لم تستغرق القضية دقائق!!

                            لا أخفيكم أنني خرجت خائبا للغاية ..

                            هل هذا كل شيء ؟؟ كل هذا الانتظار ثم ولا شيء !!

                            سنتصل عليك!! فقط..

                            خرجت من الداخلية وأنا منكس الرأس محبط حيران..

                            ولكنني أعطيت نفسي أملا بما سمعت عن هذا الأمير ..من تعاطف سريع!!

                            ولكن من الذي يعلم لوعتي وحناني وشفقتي لأهلي..

                            لو اطلع الأمير على الغيب وهيهات أن يطلع لكان الأمر مختلفا ..

                            ولكنه بشر .. لا بد أن يتأكد من كلامي..

                            وهكذا دخل شهر رمضان ..

                            وفي إحدى الليالي جاءني اتصال في الساعة الثانية صبحا.. من صهري..

                            يبشرني بقدوم المولود الجديد..

                            صدقوني لقد فرحت وحزنت في آن واحد..

                            فرحت بقدوم ابنتي وحزنت لبعدي عنهم ..

                            إنها نعمة عظيمة لا يشعر بها إلا من فقدها رغما عنه...

                            سمينا ابنتنا حنان أملا بالمولى جل وعلا أن يرحمنا ويلطف بنا..

                            كنت أتحدث مع أهلي بالهاتف يوميا ..

                            كنت أنفق أسبوعيا على المكالمات حوالي ألفين ريال..

                            حتى أفلست أو أوشكت..

                            اختلفت مع الجهة التي كنت اعمل معها ..

                            ودخلنا معهم في مشاكل لا يعلم مداها إلا الله ..

                            ومع أنني صاحب حق ومظلوم إلا أن مشكلة الجواز هي الفيصل..

                            فأنا مقيد لا أستطيع السفر لبلد العمل لإحضار المستندات اللازمة..

                            ولكنهم استغلوا فرصة غيابي عن مكاتبي

                            ليتلاعبوا بالأوراق والمستندات كيفما شاءوا..

                            حتى أن أحد الأوغاد من أقرب الناس لي سابقا

                            دخل لبيتي في تلك البلاد التي كنت أعمل بها..

                            ودخل غرفة نومي ..

                            ليطلع الخبيث على خصوصياتنا وصور شخصية بداعي..

                            البحث عن المستندات والأدلة..!!

                            ولا شك أن المذكور سيدفع ثمن فعلته في الوقت المناسب!!

                            لم أشعر بطعم رمضان هذا العام للأسف..

                            ولا يظن ظان أنني غر متصاب بل والحمد لله

                            إنني رجل يصبر على الشدائد..

                            ولكنها رحمة في قلبي على ضعافي وصبيتي .. والله المستعان..

                            وكما في الأثر كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.. والله أعلم..

                            اتصل علي رجال الداخلية وأخبروني برقم معاملتي ..

                            صرت اتصل كل يومين ..

                            والجواب ما زالت قضيتك عند الأمير..

                            استدعيت للمباحث في مدينة الطائف..

                            وقد كان ذلك أول مرة استدعى من المباحث..في حياتي..

                            قلقت في أول الأمر ولكن لا مفر، لا بد من الحضور..

                            كان المتحدث معي لبقا ومؤدبا للغاية..

                            ويطمنني بالهاتف بعدم الخوف فقط مجرد أسئلة بسيطة..!!

                            اتصلت علي والدتي وقالت لي ياولدي اتصلت عليك المباحث!!

                            و بعد إلحاح وتطمين أعطيتهم رقمك..!!

                            نزلت لمدينة الطائف ..

                            في صباح ذلك اليوم اتصلت على زوجتي وأخبرتها بالحال !!

                            جن جنونها فقد خافت وخفت أنا أيضا أن يقبض علي!!

                            قدمت للإدارة ..

                            للأسف فإن الجنود الذين على باب الإدارة يتعاملون

                            بجفاء كبير مع الناس.. ولا ألومهم فثقافتهم ثقافة سطحية ..

                            وتقدير الناس ومراعاة مشاعرهم لا وجود له في مبادئهم أصلا!!

                            دخلت الاستقبال وطلبت الضابط المعني ..

                            وبعد ثواني جاء اتصال للاستقبال على أثرها

                            صعدت برفقة العسكري للطابق الثاني..

                            لم تكن هذه الزيارة هي الأولى لي للمباحث.!!

                            فقد سبق وان جئت بنفسي دون استدعاء مرتين وقابلت نائب مدير الإدارة..

                            وطلبت منه أن يفيدني عن وضعي الأمني!!

                            قال لي : ألحين الناس تهرب منا وأنت تأتي طوعا تبحث في ملفك؟؟

                            قلت له إن جوازي ممسوك بدعوى أن لدي ملاحظة أمنية!!

                            صور أوراقي وطلب مني الحضور بعد أسبوع

                            وفعلا جئته فأكد لي أنني سليم لا مرض

                            عندي!!!بل بإمكاني الذهاب للجوازات لاستلام جوازي ..!!

                            وطبعا هذا مالم يحدث..!!

                            ولقد فعلت ذلك مع مباحث عليشة في الرياض فكان الجواب مماثلا!!

                            عندما وصلت للضابط ..

                            ولا بأس من ذكر اسمه هو الرائد صالح الشهري

                            هذا الرجل ، يكفي أن أسميه رجل ..

                            قمة في الأخلاق والأدب..

                            لقد محا صالح بحسن تعامله ولطفه وكياسته معي كل صور الظلام والتعذيب

                            والقهر.. التي سمعتها عن رجال المباحث والتي لا شك أنها كانت موجودة..

                            إن الرجل بأدبه وبرفقه يصل لحاجته ومراده أسرع

                            وأفضل وأصدق من طرق العنف..

                            لقد تولد عن هذا اللقاء علاقة ودية بيني وبين هذا الرجل

                            ما زالت حتى هذه اللحظة

                            تتجاوز كل وظيفة ورتبة قيادية لتصبح أخوة وصداقة ورحمة وعاطفة..

                            بارك الله في أبي وليد فهو رجل فعلا

                            يمثل شعبنا المسلم الطيب الأمين الخلوق..

                            لن احكي ما تم في اللقاء ولكن خرجنا بنتيجة مفادها..

                            أن لا علاقة بالموضوع بالجواز ..

                            ولكن يظهر لي وليسمح لي الرائد صالح أنني استشفيت من الموضوع

                            أن هناك وشاية جاءت عني وعن مجموعة من الإخوة من جهة معروفة..

                            بالعداء للإسلام والسنة في المكان الذي كنت أعمل فيه..

                            ولذا تم التحقيق لا للتأكد بل لتبريء ساحتي !! جاء العيد ولا عيد لي..

                            كما قال المتنبي في سجنه:

                            عيد بأية حال عدت ياعيدُ بما مضى أم لأمر فيه تجديدُ
                            صار الخصيُّ إمام الآبقين بها فالحرُ مستعبدٌ والعبد معبود
                            من علمَّ الأسود المخصي مكرمةً أقومهُ البيضُ أم آباؤه الصيدُ
                            وذاك أن الفحولَ البيض عاجزة عن الجميلِ فكيف الخصيةُ السود

                            جاء العيد وكنت أؤمل أن يأتيني اتصال قبله من الداخلية

                            لأعيد مع أهلي فهاهي ستة شهور تمر كستة قرون..!!!

                            طلب مني الوالد كغير عادته رحمه الله أن أنزل لجدة لأستأجر استراحة

                            تعيد فيها العائلة كلها ، ولم يحصل قط قبل هذا العام..

                            أن استأجرت عائلتنا استراحة في العيد ..

                            وكأن هذا إرهاصات لنا برحيل الوالد عليه رحمة الله..

                            حيث لم اشعر بحياتي ولم أرى والدي وأهلي وإخوتي وأخواتي

                            مسرورين فرحين في عيد كمثل هذا العيد!!

                            لا أنسى أبدا ذلك المنظر الذي ترسخ في ذهني حين رأيت والدي ووالدتي

                            والعائلة كلها يسبحون في وقت واحد في المسبح الفسيح..

                            كان وجه والدي متهللا فرحا طوال الأيام الثلاثة التي قضيناها في جده

                            والتي مرت كسرعة البرق ..

                            كان الأطفال مسرورين ويلعبون في الاستراحة الفسيحة ..

                            وجدهم يقف واضعا يده خلف ظهره يضحك ويبتسم ويشير إليهم بيده..

                            لقد عزمنا أن تكون نزلتنا سنوية وفي عيد الأضحى القادم سننزل سويا بالعائلة ..

                            ولكن هيهات هيهات !!

                            فقد خطف الموت الوالد في اليوم الثالث من ذي الحجة

                            حيث تحول عيدنا ميتما حزينا كئيبا والله المستعان...

                            بعد انتهاء العيد وعودة الناس لأعمالهم

                            قدمت للرياض للدخول على الأمير محمد بن

                            نايف مرة أخرى..

                            أتيت لصاحبنا المقدم فتكرم مشكورا ببعثي فورا للمراسم لتسجيلي..

                            دخلت على الأمير ووقفت أمامه وقلت له بالحرف الواحد:
                            من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

                            تعليق

                            • الشعفي
                              مشرف المنتدى العام
                              • Dec 2004
                              • 3148

                              #15
                              ياأبا نايف إني عاجز عن الكلام..

                              لمح الشاب الأمير في عيني الحزن وفي نبرة صوتي اليأس

                              فأمسك بيدي وقبضها !!

                              وأخذ يقرأ في الخطاب المكتوب..

                              قال أين تريد الذهاب ..

                              قلت لأهلي وعملي..

                              أين .؟؟ في البلد الفلاني..

                              احتار الأمير ما يقول لي فما عساه يقول !!


                              ربت على كتفي وقال سأهتم بالموضوع!!

                              حصلت في تلك الفترة قضايا عملية السيارة المفخخة التي فجرت عند الداخلية..

                              علمت أن القوم لن يتفرغوا لقضية شخص مثلي

                              فلديهم من المسئوليات ما هو أهم..

                              زاد همي وإحباطي وضاقت علي أموري المادية سؤا

                              حتى أصبحت أعيش على الديون..

                              انتهى الجزء الثاني
                              =========

                              الرسالة الثالثة....


                              في وداع والدي أبي محمد

                              الجزء الثالث..
                              ---------

                              خطرت لي فكرة استحسنتها ولم أشاور فيها أحدا..

                              وكان فيها نوع من التحدي والانفعال ...

                              فقد كتبت مقالة في موقع الساحات..

                              سخرت بما يشيع في دوائرنا الحكومية من فوضى إدارية ..

                              ومنها الإدارة العامة للجوازات..

                              ووضعت رقم هاتفي بعد أن حددت مشكلتي بشكل عام دون تفاصيل..

                              أقفلت جهازي ونمت..!!

                              وكان الوقت ضحى..

                              لا شك أنني كنت قلقا ... وتوقعت أن لا يؤذن ظهر ذلك اليوم حتى

                              تحيط بمنزلنا قوات المباحث كما يحيط السور بالمعصم...

                              استيقظت من النوم فوجدت رقم هاتف غريب..

                              على جوالي..!! اتصلت عليه فرد علي صوت أجش ..

                              قال هل أنت مالك الرجبي؟؟

                              خفت وهممت أن أغلق السماعة ،قلت : نعم من يبغاه؟؟

                              قال أنا من سكان المدينة وذكر اسمه وقبيلته..

                              أخذ يدعوا لي بسرعة الفرج ولم ينس الدعاء على من ظلمني..

                              وأبدى استعداده لخدمتي ومخاطبة المسئولين ...الخ

                              أقفلت السماعة بعد انتهاء المحادثة وشكري له..

                              انتظرت ، للعصر لم يتصل أحد..

                              اليوم الأول مر و الثاني و الثالث حتى نسيت الموضوع...!!

                              حينها حكمت على الفكرة بالفشل على ضوء ما حدث..

                              أما التجاوب في موقع الساحات فكان متواضعا بل شبه معدوم..

                              وحسب علمي فإنه لم يسبق أن تعود الأخوة على مثل هذه المواضيع الشخصية..

                              فقضايا الصالح العام لها جمهورها العريض...

                              بينما القضايا الشخصية تعني صاحبها أولا وآخرا...

                              بعثت عددا من البرقيات ، حوالي ست برقيات..

                              ولم يتصل علي أحد..

                              محروم هذا المواطن الضعيف...

                              مسكين والله من لا حيلة له مثلي..

                              لم يمر علي في حياتي أبدا ضيق وحرج كما حالي في تلك الأيام...

                              شعرت بآلام مرض النقرس التي عادت لي بعد غياب طويل..

                              راجعت المستشفيات وأشغلت بنفسي..

                              قال لي الطبيب : الكلى لديك فيها ضعف نشاط..

                              وأنت قاب قوسين أو أدنى من الفشل الكلوي..

                              إنا لله وإنا إليه راجعون..

                              طيب ما ذا سأفعل ؟؟

                              في خضم هذه المشاكل ...

                              حدثت الفاجعة الكبرى...

                              والصاعقة القاتلة لما تبقى في من رمق حياة وأمل..!!

                              دعوني أروي القصة كاملة..

                              حصل أن طلبت من والدي أن يهبني عقارا لكي أرهنه فأحصل على سيولة مالية..

                              وقد دخلت في مشروع إعلامي ..أعتبره قفزة في دنيا الإعلام الإسلامي لو تم..!!!

                              وافق الوالد مشكورا على ذلك ..

                              وفي اليوم الثالث من ذي الحجة ..

                              اجتمعت بالوالد أنا وكل العائلة ..

                              سوى من سافر لماليزيا للسياحة .. قبل عدة أيام...

                              كانت الوالدة وأختي الكبرى أم شهد وأنا نتناقش مع الوالد حول موضوع الرهن..

                              وحول المشاريع التي دخلتها ..

                              لا شك أن الوالد سيقلق علي من غوائل الزمان وما أكثرها..

                              أذكر جيدا جلسة الوالد ذلك اليوم ..

                              كانت الجلسة حميمية وعاطفية للغاية ..

                              وأذكر أن آخر كلمة قلتها له

                              ( إذا تم الموضوع فأنت والدي ولو رفضت فأنت والدي)

                              لم يكن الوالد راغبا في سفر الوالدة للباحة برفقتي للقيام بتقييم قيمة الأرض..

                              ولكن بعد إلحاح وترج وافق على ذلك بشرط أن نرجع للبيت .

                              .قبل ظهر اليوم التالي..

                              نزلت لبيتي في الدور الأول وأحضرت إحدى الكاميرات الجديدة لمشروعي القادم..

                              عرضتها عليه فحرك رأسه سرورا بما يرى..

                              جلست الوالدة أمامه بعد أن لبست عبايتها وخمارها ..

                              ووضعت يديها على ركبتي والدي ..

                              لم اذكر أنني رأيت الوالدة تفعل ذلك من قبل..

                              ثم لمست لحيته بيدها وقالت له : أتأذن لي حقا بالذهاب؟؟

                              والله ما ذهبت وأنت متكدر وغير راض

                              إلا كان ذهابي مشقة وعنتا.. أو نحو هذا الكلام..

                              كانت تلك هي نظرة الوداع..الأخيرة ..

                              ويالها من ذكريات !!

                              إنني أكتب هذه العبارات وكأني أنظر لكل شيء أمامي..

                              نزلت للسيارة ..

                              وتوجهت بالوالدة صوب مدينة الباحة ..

                              كان ذلك قبل صلاة المغرب بنصف ساعة..

                              عزمنا على تأخير الصلاة للعشاء جمع تأخير..

                              الوالدة حفظها الله امرأة خمسينية ذربة اللسان..

                              تطوف بك في السواليف والحكايات شرقا وغربا..

                              وبما أننا ذاهبون لتقييم العقار فكان الحديث عن الإرث الذي ورثه

                              والدي من جدتي مناسبا ..


                              حدثتني والدتي عن مرض جدتي أم الوالد التي توفيت فيه وأنا عمري ثلاثة شهور..

                              حيث اتصلت العمة بوالدي الذي كان مديرا لمدرسة في الطائف..

                              ويسكن في داخل هذه المدرسة حينها هو وعائلته!!

                              ولا تستغربوا أيها القراء الكرام فهذه حقيقة..

                              وقد أخبرتني الوالدة بأنني ولدت بهذه المدرسة..

                              حينما بلغ الوالد بمرض الجده توجه فورا لمدينة الباحة لقرية اسمها الكرا..

                              وتقع شمال شرق الباحة على يسار الذاهب لمطار الباحة الإقليمي..

                              عرف الوالد بصعوبة وضع أمه ..

                              فقرر نقلها لمستشفى الطائف ( مستشفى الملك فيصل )..

                              كانت في شبه غيبوبة وتأن تحت ثقل المرض ..

                              وصلوا للطائف برفقة أمه وأخته الشقيقة وكانت أمي بانتظارهم بالطائف..

                              حينما استيقظت الجدة من غيبوبتها ..

                              سألت عن والدي !!

                              فجاء من فوره..

                              قالت اتجه الآن للباحة وأحضر صكوك العقارات !!

                              وأصرت وألحت بأن ينطلق فورا ..!!

                              وقد كانت امرأة حازمة ووالدي لا يعصي لها أمرا أبدا..

                              وفعلا توجه الوالد للباحة وأحضر ما طلبته أمه ووصل في الليل متأخرا..

                              حينما عاد أعدت الوالدة شايا للوالد يتنشط به..

                              ولكن حارس العنبر طلب من الوالد الخروج لانتهاء فترة الزيارة ..

                              بقيت الوالدة مع الجده وكنت أنا ثالثهما أما رابعنا فهو ضيف كريم..!!

                              إنه ملك الموت عليه السلام!!

                              طلبت الجدة من أمي أن تفرق لها شعرها فرقتين وتدهن رأسها..

                              لأنها تشعر بصداع شديد وما كانت تعلم بأن ذلك من عوارض الموت..

                              تمددت جدتي واتكأت بظهرها على أمي وأخذت أمي تمشطها..

                              صمتت جدتي ، وسقطت يدها في الأرض..

                              صاحت بها الوالدة .. يافلانه يافلانه..

                              لم ترد ..

                              وفجأة قالت جدتي بعد أن مدت يديها كأنها ترى أحدا..

                              تعال يابني تعال ياصالح..تعال ياحبيبي!!

                              وصالح هذا أحد أبناءها الذين توفو في عمر السبع سنوات تقريبا..

                              ثم رفعت اصبعها كأنها تتشهد، وتشهدت ثم فاضت روحها..

                              هذا ملخص ما حدثتني به الوالدة ..

                              وأما والدي فإنه حين مغادرتي مع الوالدة للباحة ..

                              خرج بعدنا بدقائق وتوجه مع أختي الصغيرة رباب..

                              تحدثني رباب تقول:

                              كان الوالد يمازحها ويضاحكها طوال الطريق ..

                              وكنت أريد أحدثه في أمر ، وخوفا من أن أكدر خاطره بالحديث عنه سكتت..

                              حينما وصلا لجبل الهدى توقف والدي

                              في الصندقة المعدة للصلاة التي في أعلى الجبل ..

                              وتأكد من مصلى النساء فنزلا للصلاة ..

                              وقال لها : صلي المغرب والعشاء فربما لا نعيش يابنتي!!!

                              سبحان الله !! هل يعلم الميت بدنو أجله..

                              هل يبلغ بشيء الله أعلم..

                              غير أني لا حظت في والدي إقبالا على العبادة في الشهور الأخيرة بما لا عهد لي به..

                              يحدثني شخص زارني للعزاء يقول:

                              قبل أسبوعين هرب شخص من الشقق المفروشة التابعة لوالدكم ..

                              ولم يدفع أجرة الشقق...

                              فقلت له يابو محمد عندك رقم جوال الرجل اتصل عليه وبلغ عنه الشرطة..

                              قال الوالد لا، دعه فسوف استرجعها منه يوم الدين فأنا سأحتاجها قريبا..!!

                              يقول الرجل تعجبت من والدك وحينما علمت بموته تذكرت هذا الموقف منه..

                              قرأت في كتاب التذكرة للقرطبي ،عن أثر لا أعلم صحته أن الله تعالى إذا أراد بعبد

                              خيرا وكل له ملك ينشطه للطاعة قبل موته ثم يقبضه على الطاعة.. والله أعلم.

                              كان الوالد مع كبر سنه يسرع في قيادة السيارة..

                              فلقد انطلق بسرعة تفوق المائة وستين في الطريق السريع بين الطائف ومكة..

                              وفجأة ظهرت له سيارة في وسط الخط شبه متوقفة..

                              ويظهر أنها خرجت من فرجة وسط الطريق...

                              وقد أنكر ضابط المرور ذلك .. ولكن أختي أكدته وشاهدت السيارة..

                              على كل حصل أن تنبه الوالد لتلك السيارة ..

                              فأدار المقود للجهة اليمني لتنحرف المركبة بسرعة قاطعة الطريق من طرفيه...

                              حينها صرخت الفتاة وسقطت في تجويف السيارة أسفل المقاعد..

                              وهي من نوع الفرت الدفع الرباعي...

                              تشاغل الوالد بابنته فقد أيقن بالكارثة ..

                              جذبها نحوه وضمها لصدره وارتمى عليها.. ليحميها..

                              سقطت السيارة في الوادي وتقلبت أربع قلبات أو أكثر..

                              تمزقت السيارة فصارت شذر مذر..

                              وضرب سقفها الحديدي من جهة الأخت على رأس الوالد ..

                              كانت الضربة تلك هي القاتلة ..

                              أما أختي ففقدت الوعي .. ولم تشعر سوى أنها ببطن الوادي فوق شجرة طلح..

                              على بعد يتجاوز الخمسين مترا تقريبا.. حيث نفحتها قوة استدارة السيارة في الهواء..

                              وحصل ما حصل مما ذكرته في الجزء الأول... والله المستعان..

                              كانت تلك الأحداث المؤلمة تدور رحاها في طريق الطائف مكة..

                              وأنا والوالدة نتحدث عن الوالد وأمه...

                              تزاحم الناس كالعادة على مكان الحادث..

                              جاء ضابط شهم من قبيلة عتيبة ...

                              ومنع المتطفلين من الوصول للفتاة .. حيث لم تعلم بموت الوالد..

                              لقد قام هذا الشاب النبيل بجمع كل ما تناثر من نقود وذهب ومستندات ..

                              لأكثر من ساعتين من بعد الحادث.. ونقل المصابين..

                              وسلمها كما هي لي بغير نقصان.. بعد عدة أيام فجزاه الله خيرا..

                              حين وصولي لمدينة الباحة ... أدركت العشاء في المسجد..

                              وبعد الصلاة توجهت للسوق لشراء هدايا للأقارب..

                              وحينها اتصل علي ابن العمة...!!!

                              كنت فرحا باتصاله على غير عادته !!

                              قال لي أين أنت ؟

                              قلت له الآن وصلت للباحة..

                              قال والدك أصيب بحادث وأختك بخير وهو بخير ويجب عليك الحضور!!

                              لم أسمع مثل هذه العبارة من قبل !!

                              طلبته يكرر ما قاله كأنني أبله..!! من الصدمة ..

                              وحين أدركت معاني عباراته قذفت بما في يدي من حاجيات..

                              وحين رأيت الوالدة في السيارة .. ترددت!!

                              ماذا أقول لها؟؟ ما هي العبارات المناسبة لموقف مخيف كهذا!!؟؟

                              وأنا بخارج السيارة نظرت في وجهها وقلت لها بعبارة واضحة..

                              يامه أبي صار عليه حادث لازم نرجع للطائف!!

                              ماذا تقول!! كيف أبوك ياولدي؟؟ ووينه؟؟ وأختك؟؟

                              عشرات العبارات انطلقت منها..

                              طمنتها واستدرت بالسيارة فورا لرحلة العودة..

                              لمن يعرف طريق الجنوب في الليل فهو خطير للغاية ومليء بالدواب..


                              ومع ذلك فقد أسرعت بشكل جنوني لألحق بالوالد..
                              من مواضيع الشعفي في منتدى الديرة

                              تعليق

                              Working...