Unconfigured Ad Widget

Collapse

جُمانَة البَحرِيِّ

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • الشدوي
    إداري ومؤسس
    • Jan 2001
    • 1254

    جُمانَة البَحرِيِّ

    يزداد إيماني يقيناً ان ما ترك لنا من تراث شعبي وما نقل لنا ما هو الى دراسة نستشف منها ابعاد تطور مجتمعنا عبر العصور ، قد يكون التطور بطيئاً وقد يكون مغايراً للواقع ، وهي أمور تحدث تبعاتها عبر أجيال مكونةً شخصية أي مجنمع ، لعل من المفيد القول هنا إن صياغة التاريخ الإجتماعي ودراسة طبائعه ومدى تطوره وتأقلمه مع الوسط المحيط به ومظاهر تقبله للدخيل من العادات والمورثات منوطاً بدراسة ادبه الشعبي وتراثه المكتوب والمنقول والشعر بشقيه الشعبي والفصيح ، والحكايات الشعبيه هي طريقنا لدراسة سلوكيات المجتمع ، تبين لنا عبر تراثه الممتد عبر اجياله ما طراء عليه ومدى تعلقه بالبيئة المحيطة به ، الحكايات والأمثال والشعر والطقوس والعادت ماهي الا أدوات ان استخدمت من قبل باحث متمرس فهي تعطينا بعد تهذيبها وتقييمها الأداة المناسبة لمعرفة الأنشطة البيئية وسلوك المجتمع ، تتبان الحكايات حسب طبيعة البيئة وهي مُساهِمة في خلق شخصيته ، تُبرز لنا حكيات البحر طبائع قد تمتد بنا عبر أزمنة مختلفة ولكن نجد فيه التشابه الكبير حتى وأن بعدت المسافة الزمنية ، فالبيئة هنا هي من ترسم في بعض جوانبها شخصية هذا المجتمع ، ويأتي قياسنا على ذلك في بيئة الصحراء والجبال وهي مدخل لمواضيع أخرى قد يسمح الوقت لطرحها مع بعض الزملاء الأفاضل .
    شاعرنا في هذه القصيده هو المسيب بن عَلس وهو شاعر جاهلي كما انه خال الشاعر المشهور الأعشى ويعتبرالأعشى راوية شعره ، وتورد لنا كتب الأدب عن شاعرنا هذا موقفة مع طرفة بن العبد عندما انشد بيته الذي يقول فيه :
    وقد أتناسى الهم عند إحتضاره ........... بناج عليه الصيعرية مكدم
    فقال طرفه استنوق الجمل ، وهي مقولة لاتنفي شاعريته حسبما قيل ،،،
    النجوم الكبيرة تضيء طريق القوافل

    sigpic
  • الشدوي
    إداري ومؤسس
    • Jan 2001
    • 1254

    #2
    اوه يامال

    تبدأ أغاني ومواويل البحر في الخليج العربي بأهات تترجم لنا إحساس ساكنيها بقسوة المعيشة ، الإنسان تفرض عليه البيئة المحيطه به أن يتأقلم معها ، يألف سهلها وصعبها ، يعيش معناته وبحثه عن قوته .

    غدار أعرفك يابحر
    ضحكة أمواجك
    تسل سيوف تطعن في الظهر

    مثلما أعطاهم البحر التأمل والعيش ، أعطاهم الشقاء والغدر ، لا يدرون متى يغدر ولا يدرون متى يعطِف ، يشرعون بين هدير أمواجه بحثاً عن رزق صعب ، تطول شهور بعد شهور ، قد يكون الغنى صاحبهم وقد يكون الألم ما يعودون به الى ساحل الأمان .
    توب توب يابحر
    أربعة والخامس دخل
    ما تخاف من الله يابحر

    مواويل تحمل بين طياتها لهفة شوقهم الى العودة حيث الأهل وحيث الأمان ،رحلة مضت زادتهم صلابة وزادتهم عزيمة ، يقول محمد الفايز:

    ماذا يكون السندباد
    شتان بين خيال مجنون وعملاق تراه
    يطوي البحار على هواه
    بحباله
    بشراعه
    بإرادةٍ فوق النجوم
    بيد تكاد عروقها الزرقاء ترتجل النجوم

    على متن سفينة تشق لجة البحر بحثاً في قيعانه عن درةٍ ، يعود محمد الفايز ليقول لنا :
    في البدء كان البحر
    لا الكلمات يا تلك السفبنة
    أبناء نوح فوق متنك يبحثون
    عن ساحلٍ
    وانا أفتش عن محار

    هذه المعاناة لم تكن في عهدٍ قريب طواه عصر النفط ، بل ازلية قديمة نجد لها نصاً في ابيات من قصيدة للمسيب بن عَلس وهو شاعر جاهلي ، أخترناها في هذا الموضوع لكي نطلع على مفردات قيمة بين ثناياها ، تصف لنا البحث عن اللؤلو في ذلك العصر.
    بدايتها في النهاية ، جمانة وغواص ، بحر وموت ، فقر وغنى ، مفردات جعلت من هذه الجمانة عزيزه ونادره ، يتشبث بها الغواص عند البيع يضمها الى نحره بشوق ، يتذكر البحر وهيجانه ويتذكر والده وموته بحثاً عنها ، يتذكر فقره (ظمآن ملتهب من الفقر ) وما ستجلبه له من غنى وثروة ، ويتذكر فقدها وقد أصبحت جزءاً منه .
    قصة صيغت بعناية ، تَروي لنا عن سفينة تتهادى في لجة البحر على متنها خمسة أشخاص ،مختلفي الأصل والسحنة ، تنازعوا أمرهم فرضوا ان يقودهم هذا الغواص العالم بمسالك البحر ، الدقيق والصلب في بنيته ، والمتراكب الأسنان ، في يأس تمضي بهم شهراً بعد شهر بحثاً عن هذه الدرة حتى يلقي مرساته في عرض البحر ويغوص نصف يومه بحثاً عنها ، لايدري عنه رفيقه حتى يعود بتلك الدرة الثمينة المضيئة كالجمر ، وفي نهاية القصة يرسم الشاعر الملامح من إيرادها فهذه الدرة المصونة المضيئة التي أستخرجت بعد معاناة ماهي الى شبيهة محبوته التي طلعت من الخدر.
    فَتِلكَ شِبهُ المالِكِيَّةِ إِذ ....... طَلَعَت بِبَهجَتِها مِنَ الخِدرِ
    نترككم مع النص :


    كَجُمانَةِ البَحرِيِّ جاءَ بِها ....... غَوّاصُها مِن لُجَّةِ البَحرِ
    صُلبُ الفُؤادِ رَئيسَ أَربَعَةٍ ....... مُتَخالِفي الأَلوانِ وَالنَجرِ
    فَتَنازَعوا حَتّى إِذا اِجتَمَعوا ....... أَلقَوا إِلَيهِ مَقالِدَ الأَمرِ
    وَغَلَت بِهِم سَجحاءُ جارِيَةٌ ....... تَهوي بِهِم في لَجَّةِ البَحرِ
    حَتّى إِذا ما ساءَ ظَنُّهُمُ ....... وَمَضى بِهِم شَهرٌ إِلى شَهرِ
    أَلقى مَراسِيَهُ بِتَهلُكَةٍ ....... ثَبَتَت مَراسيها فَما تَجري
    فَاِنصَبَّ أَسقَفُ رَأسُهُ لَبِدٌ ....... نُزِعَت رَباعيتاهُ لِلصَبرِ
    أَشغى يَمُجُّ الزَيتَ مُلتَمِسٌ....... ظَمآنُ مُلتَهِبٌ مِنَ الفَقرِ
    قَتَلَت أَباهُ فَقالَ أَتبَعُهُ ....... أَو أَستَفيدُ رَغيبَةَ الدَهرِ
    نَصَفَ النَهارُ الماءُ غامِرُهُ ....... وَرَفيقُهُ بِالغَيبِ لا يَدري
    فَأَصابَ مُنيَتَهُ فَجاءَ بِها ....... صَدَفِيَّةً كَمُضيئَةِ الجَمرِ
    يُعطى بِها ثَمَناً وَيَمنَعُها ....... وَيَقولُ صاحِبُهُ أَلا تَشري
    وَتَرى الصَراري يَسجُدونَ لَها ....... وَيَضُمُّها بِيَدَيهِ لِلنَحرِ
    النجوم الكبيرة تضيء طريق القوافل

    sigpic

    تعليق

    Working...