يروى أن حكيمـًا ، أرسل أبناءه الأربعة إلى مدينة بغداد يوم أن كانت بغداد بغداد ..
أرسلهم ليستطلعوا أخبارها ويتعرفوا على ما فيها من ثقافات متباينة ..
عاد الأولاد الأربعة بعد زمن إلى أبيهم ..
الأب شوقه إلى أخبار بغداد يفوق بمراحل شوقه إلى أبنائه المغتربين ..
يأمر أولاده بأن يمثل كل منهم منفردًا أمامه ..
يأتي الابن الكبير ، فيسأله الأب : كيف تركت بغداد ، وماذا وجدت فيها ؟
فيجيبه : تركتها في أحسن حال ، من أراد العلم من معينه الصافي فمنها ، لا يوجد فيها غير عالم أو متعلم ، ولولا شوقي إليك لقضيت عمري كله هناك ..
اذهب ، وابعث إلي أخاك فلان ( الثاني ) ..
نفس السؤال ..
الإجابة : في أحسن حال ، أهلها صائمون بالنهار قائمون بالليل ، زهدوا في الدنيا وأقبلوا على الآخرة ، من أراد أن يعبد الله حق العبادة ففيها ، أنا الآن إلى جوارك لكنني أشعر بالغربة ..
اذهب ، وابعث إلي أخاك فلان (الثالث ) ..
السؤال نفسه ، والإجابة :
في أحسن حال ، مدينة التجارة ، بأرضها الخير والرزق الوفير ، لو تمر مرورًا من سوقها لوجدت جيوبك ممتلئة بالدراهم والدنانير ، من أراد (بحبوحة ) العيش ، فلا يبحث عن سواها ..!
اذهب ، وابعث إليّ أخاك فلان ( الرابع )..
أجب :
في أسوأ حال ، أهلها (سكارى ) ونساؤها ( بغايا ) ، ليس لشريف أو شريفة مكان عيش فيها ..
هؤلاء أربعة أبناء عاد كل منهم بما حمله وما رآه من منظوره وما عاشه هناك ، ولو كانوا أكثر من أربعة لوصل الأبَ عن بغداد المزيد ..
أحبتي :
الذي أريد الوصول إليه هو :
أن لكل منا منظوره الذي يرى من خلاله الأشياء ، ومن ثم يتولد لديه عنها الانطباع ..
منظوري غير منظورك ، قد يولد لديّ انطباعـًا غير الذي تولد لديك ..
وفهمي للأشياء قد يختلف عن فهمك ، فأنا أفهمه في حدود ما يتوافق مع فكري وتأنس له نفسي ، وتستوعبه عقليتي ، وأنت أيضـًا ، فالعقليات ليست واحدة ، إذ لو كانت كذلك لفسدت الحياة واختل ميزانها ..
أنت حرٌ ، في فهمك وانطباعك عن الشيء الذي أمامنا ، لكن ليس لك أن تقصي نظرتي وانطباعي عنه وتجعلني لا أراه إلاّ من خلال نظرتك وانطباعك أنت ..!
انظر إليه كما تشاء ، وافهم منه كما تشاء ، ولا تحاول أن تجعل مني صورة طبق الأصل منك ، فأنا عقل وفكر ..!
ليتنا نعرف حق الآخرين مثل ما نعرف حق أنفسنا ، ليتنا ..!
السوادي
أرسلهم ليستطلعوا أخبارها ويتعرفوا على ما فيها من ثقافات متباينة ..
عاد الأولاد الأربعة بعد زمن إلى أبيهم ..
الأب شوقه إلى أخبار بغداد يفوق بمراحل شوقه إلى أبنائه المغتربين ..
يأمر أولاده بأن يمثل كل منهم منفردًا أمامه ..
يأتي الابن الكبير ، فيسأله الأب : كيف تركت بغداد ، وماذا وجدت فيها ؟
فيجيبه : تركتها في أحسن حال ، من أراد العلم من معينه الصافي فمنها ، لا يوجد فيها غير عالم أو متعلم ، ولولا شوقي إليك لقضيت عمري كله هناك ..
اذهب ، وابعث إلي أخاك فلان ( الثاني ) ..
نفس السؤال ..
الإجابة : في أحسن حال ، أهلها صائمون بالنهار قائمون بالليل ، زهدوا في الدنيا وأقبلوا على الآخرة ، من أراد أن يعبد الله حق العبادة ففيها ، أنا الآن إلى جوارك لكنني أشعر بالغربة ..
اذهب ، وابعث إلي أخاك فلان (الثالث ) ..
السؤال نفسه ، والإجابة :
في أحسن حال ، مدينة التجارة ، بأرضها الخير والرزق الوفير ، لو تمر مرورًا من سوقها لوجدت جيوبك ممتلئة بالدراهم والدنانير ، من أراد (بحبوحة ) العيش ، فلا يبحث عن سواها ..!
اذهب ، وابعث إليّ أخاك فلان ( الرابع )..
أجب :
في أسوأ حال ، أهلها (سكارى ) ونساؤها ( بغايا ) ، ليس لشريف أو شريفة مكان عيش فيها ..
هؤلاء أربعة أبناء عاد كل منهم بما حمله وما رآه من منظوره وما عاشه هناك ، ولو كانوا أكثر من أربعة لوصل الأبَ عن بغداد المزيد ..
أحبتي :
الذي أريد الوصول إليه هو :
أن لكل منا منظوره الذي يرى من خلاله الأشياء ، ومن ثم يتولد لديه عنها الانطباع ..
منظوري غير منظورك ، قد يولد لديّ انطباعـًا غير الذي تولد لديك ..
وفهمي للأشياء قد يختلف عن فهمك ، فأنا أفهمه في حدود ما يتوافق مع فكري وتأنس له نفسي ، وتستوعبه عقليتي ، وأنت أيضـًا ، فالعقليات ليست واحدة ، إذ لو كانت كذلك لفسدت الحياة واختل ميزانها ..
أنت حرٌ ، في فهمك وانطباعك عن الشيء الذي أمامنا ، لكن ليس لك أن تقصي نظرتي وانطباعي عنه وتجعلني لا أراه إلاّ من خلال نظرتك وانطباعك أنت ..!
انظر إليه كما تشاء ، وافهم منه كما تشاء ، ولا تحاول أن تجعل مني صورة طبق الأصل منك ، فأنا عقل وفكر ..!
ليتنا نعرف حق الآخرين مثل ما نعرف حق أنفسنا ، ليتنا ..!
السوادي
تعليق