ثنين 21 ,جمادى الثانية 1427
مرايا ثقافية من الباحة
صالح بن سعيد الهنيدي
تُعد منطقة الباحة من المنابع الثقافية المتدفقة، وتمتاز بأنها ولاّدة للمبدعين والأدباء المتألقين، حيث أنجبت ثلةً إبداعية جميلة ومن شتى الأطياف الفكرية، وتطول القائمة لو أردنا أن نستقصي جميع مبدعي منطقة الباحة وأدبائها ومفكريها، ولهذا كان لزامًا أن ينسجم الجوُّ الثقافي لهذه المنطقة مع هذا التدفق الإبداعي الغزير.
وبنظرة سريعة للحركة الثقافية في منطقة الباحة يُصدم المتابع بالتناقض العجيب بين محفِّزات الإبداع الطبيعية وبين تنامي الحسِّ الإبداعي ورعايته فلا انسجام ولا تجانس بينهما البتة.
ولعلي في هذه المرايا أورد مواقف ثقافية لنتعرف على جوانب من ذلك التناقض المخجل، وليس الهدف التشهير أو إثارة زوابع تُنتظر إثارتها، بقدر ما أهدف إلى تشخيص الإشكالية للوصول إلى الحلِّ الناجح، والعلاج الناجع الذي يجتث الكثير من أمراضنا الثقافية.
الكتاب بريال!
دُهشتُ وأنا أتنقل في إحدى المكتبات الكبرى في المنطقة بوجود الكثير من الكُتب المكدَّسة الملقاة على الأرض، فبادرت صاحب المكتبة بسؤاله عن سرِّ هذه الفوضى في مكتبته فأجاب بأنه يبيع الكتاب الواحد من هذه المجموعات بريال واحد وبقدر فرحي وسروري بهذا الخبر الذي سيكسر قاعدة غلاء أسعار الكتب كسرًا مضاعفًا بقدر حُزني العميق لأنني لم أجد إلا عددًا قليلا جدًّا من الزوار والمرتادين!
وسأصدمك أيها القارئ الكريم عندما تعلم أنَّ من ضمن هذه الكُتب المعروضة للبيع على سبيل المثال (الأدب الحديث - تاريخ ودراسات) للدكتور محمد بن سعد بن حسين بجزئيه، وكتاب (لجام الأقلام) لأبي تراب الظاهري، وكتب الأديب الجميل علي العمير ك(تحت الشمس) (سنابل الشعر) (ركض الخاطر) وبعض روايات نجيب الكيلاني والكثير من الدواوين الشعرية والمجموعات القصصية.
وأتساءل هنا أين مثقفو منطقة الباحة من هذه الغزارة المعرفية المجانية؟!
معرض الكتاب!
إنني أصقل هذه المرايا ومعرض الكتاب الذي تبنته كلية المعلمين بالباحة لا يزال يفتح أبوابه لمرتاديه، وزيارتك الأولى لجناح المعرض تضطرك إلى أن تكون الأخيرة لقلة الكتب الموجودة وغلاء أسعارها، والمثير في الأمر هو عدم وجود رفوف خاصة بكتب الأدب بكافة أجناسه، فلا دواوين شعرية ولا كتب سردية ولا حتى قراءات نقدية!
صالونان أدبيَّان!
أبت مرآتي الثقافية إلا أن تعكس صورة قاتمة للصراع الدائر بين صالونين أدبيين كلاهما يدعي الأسبقية لنفسه ولم تُرد مرآتي أن تحسم الموقف بينهما، إلا أنها ارتأت عكس زاوية مشرقة في هذه القضية وهي تعدُّد الصالونات الأدبية في المنطقة، فإلى متى نظل نبحث عن الأولويات في قضايانا الثقافية ونتناسى الجانب الأهم وهو إشعال فتيل الحركة الثقافية ودفع عجلتها لتتقدم خطوات وخطوات إلى الأمام، ألا يمكن إيجاد أكثر من فضاء ثقافي نسبح من خلاله بأرواحنا المتعبة بعيدًا عن هوس السباق وماراثون الراليَّات؟!
ثم أسدلت مرآتي ستار القضية بدون حسمها وبلا عائد معرفي يُذكر.
الثقافة العاميَّة الطاغية!
لن أجانب الصواب إذا قلت إنَّ الثقافة السائدة في منطقة الباحة هي الثقافة العاميَّة وأقصد بها (العرضة الجنوبية) على وجه التحديد ولن أسمح لمرآتي بالخوض في أصل الخلاف بين الفصيح والعامِّي ولكنني سأسمح لها بأن تبرز صورتين على الهواء مباشرة، الأولى أمسية شعرية لشعراء مبدعين ولهم إسهامات واضحة في الحركة الثقافية في بلادنا، والصورة الأخرى عرضة جنوبية تقام بأحد قصور الأفراح في منطقة الباحة، والمدهش والمحزن في آنٍ واحد هو جفاف الحضور في الصور الأولى، وكثافة الحضور في الثانية.
أين الصَّحافة؟!
في أيِّ منشط ثقافي يتطلَّع الحضور إلى الوجود الإعلامي بكافة وجوهه، وستقتصر مرآتي على وجه واحد من وجوه الإعلام وهو الصحافة، والمتمعِّن للحضور الصحفي في تلك المناشط يتلمَّس أسىً من اللامبالاة من قبل بعض الصحفيين في الحضور أصلا، فضلا عن التغطيات المشوَّهة للأحداث الثقافية التي تعكس صورًا مبتسرة يراد بها إنارة زوايا وإطفاء أخرى حسب الأهواء الشخصية والميولات العاطفية، وللحق فقد استثنت مرآتي اسمين جميلين يمثلان الصورة المشرقة للصحافة في منطقة الباحة وهما الأستاذ علي الزهراني من صحيفة البلاد والأستاذ محمد المرزوقي من صحيفة الرياض.
وها هي مرآتي قد حاولت تشخيص شيء من أوصابنا الثقافية لعلنا نصل إلى الخلل في مكمنه لنحاول إيجاد الحلول التي تقضي على هذه الظواهر المتردية. وما يزال لدى مرآتي الكثير من صور التردي الثقافي لكنني أسدلت عليها الستار لأترك مساحة للتفكير في مصيرنا الإبداعي في منطقة الباحة.
صالح بن سعيد الهنيدي
تُعد منطقة الباحة من المنابع الثقافية المتدفقة، وتمتاز بأنها ولاّدة للمبدعين والأدباء المتألقين، حيث أنجبت ثلةً إبداعية جميلة ومن شتى الأطياف الفكرية، وتطول القائمة لو أردنا أن نستقصي جميع مبدعي منطقة الباحة وأدبائها ومفكريها، ولهذا كان لزامًا أن ينسجم الجوُّ الثقافي لهذه المنطقة مع هذا التدفق الإبداعي الغزير.
وبنظرة سريعة للحركة الثقافية في منطقة الباحة يُصدم المتابع بالتناقض العجيب بين محفِّزات الإبداع الطبيعية وبين تنامي الحسِّ الإبداعي ورعايته فلا انسجام ولا تجانس بينهما البتة.
ولعلي في هذه المرايا أورد مواقف ثقافية لنتعرف على جوانب من ذلك التناقض المخجل، وليس الهدف التشهير أو إثارة زوابع تُنتظر إثارتها، بقدر ما أهدف إلى تشخيص الإشكالية للوصول إلى الحلِّ الناجح، والعلاج الناجع الذي يجتث الكثير من أمراضنا الثقافية.
الكتاب بريال!
دُهشتُ وأنا أتنقل في إحدى المكتبات الكبرى في المنطقة بوجود الكثير من الكُتب المكدَّسة الملقاة على الأرض، فبادرت صاحب المكتبة بسؤاله عن سرِّ هذه الفوضى في مكتبته فأجاب بأنه يبيع الكتاب الواحد من هذه المجموعات بريال واحد وبقدر فرحي وسروري بهذا الخبر الذي سيكسر قاعدة غلاء أسعار الكتب كسرًا مضاعفًا بقدر حُزني العميق لأنني لم أجد إلا عددًا قليلا جدًّا من الزوار والمرتادين!
وسأصدمك أيها القارئ الكريم عندما تعلم أنَّ من ضمن هذه الكُتب المعروضة للبيع على سبيل المثال (الأدب الحديث - تاريخ ودراسات) للدكتور محمد بن سعد بن حسين بجزئيه، وكتاب (لجام الأقلام) لأبي تراب الظاهري، وكتب الأديب الجميل علي العمير ك(تحت الشمس) (سنابل الشعر) (ركض الخاطر) وبعض روايات نجيب الكيلاني والكثير من الدواوين الشعرية والمجموعات القصصية.
وأتساءل هنا أين مثقفو منطقة الباحة من هذه الغزارة المعرفية المجانية؟!
معرض الكتاب!
إنني أصقل هذه المرايا ومعرض الكتاب الذي تبنته كلية المعلمين بالباحة لا يزال يفتح أبوابه لمرتاديه، وزيارتك الأولى لجناح المعرض تضطرك إلى أن تكون الأخيرة لقلة الكتب الموجودة وغلاء أسعارها، والمثير في الأمر هو عدم وجود رفوف خاصة بكتب الأدب بكافة أجناسه، فلا دواوين شعرية ولا كتب سردية ولا حتى قراءات نقدية!
صالونان أدبيَّان!
أبت مرآتي الثقافية إلا أن تعكس صورة قاتمة للصراع الدائر بين صالونين أدبيين كلاهما يدعي الأسبقية لنفسه ولم تُرد مرآتي أن تحسم الموقف بينهما، إلا أنها ارتأت عكس زاوية مشرقة في هذه القضية وهي تعدُّد الصالونات الأدبية في المنطقة، فإلى متى نظل نبحث عن الأولويات في قضايانا الثقافية ونتناسى الجانب الأهم وهو إشعال فتيل الحركة الثقافية ودفع عجلتها لتتقدم خطوات وخطوات إلى الأمام، ألا يمكن إيجاد أكثر من فضاء ثقافي نسبح من خلاله بأرواحنا المتعبة بعيدًا عن هوس السباق وماراثون الراليَّات؟!
ثم أسدلت مرآتي ستار القضية بدون حسمها وبلا عائد معرفي يُذكر.
الثقافة العاميَّة الطاغية!
لن أجانب الصواب إذا قلت إنَّ الثقافة السائدة في منطقة الباحة هي الثقافة العاميَّة وأقصد بها (العرضة الجنوبية) على وجه التحديد ولن أسمح لمرآتي بالخوض في أصل الخلاف بين الفصيح والعامِّي ولكنني سأسمح لها بأن تبرز صورتين على الهواء مباشرة، الأولى أمسية شعرية لشعراء مبدعين ولهم إسهامات واضحة في الحركة الثقافية في بلادنا، والصورة الأخرى عرضة جنوبية تقام بأحد قصور الأفراح في منطقة الباحة، والمدهش والمحزن في آنٍ واحد هو جفاف الحضور في الصور الأولى، وكثافة الحضور في الثانية.
أين الصَّحافة؟!
في أيِّ منشط ثقافي يتطلَّع الحضور إلى الوجود الإعلامي بكافة وجوهه، وستقتصر مرآتي على وجه واحد من وجوه الإعلام وهو الصحافة، والمتمعِّن للحضور الصحفي في تلك المناشط يتلمَّس أسىً من اللامبالاة من قبل بعض الصحفيين في الحضور أصلا، فضلا عن التغطيات المشوَّهة للأحداث الثقافية التي تعكس صورًا مبتسرة يراد بها إنارة زوايا وإطفاء أخرى حسب الأهواء الشخصية والميولات العاطفية، وللحق فقد استثنت مرآتي اسمين جميلين يمثلان الصورة المشرقة للصحافة في منطقة الباحة وهما الأستاذ علي الزهراني من صحيفة البلاد والأستاذ محمد المرزوقي من صحيفة الرياض.
وها هي مرآتي قد حاولت تشخيص شيء من أوصابنا الثقافية لعلنا نصل إلى الخلل في مكمنه لنحاول إيجاد الحلول التي تقضي على هذه الظواهر المتردية. وما يزال لدى مرآتي الكثير من صور التردي الثقافي لكنني أسدلت عليها الستار لأترك مساحة للتفكير في مصيرنا الإبداعي في منطقة الباحة.
تعليق