هل استوت الكعكة العراقية وحان اقتسامها؟ سؤال الجواب عليه بنعم اقرب إلى الصواب بدليل تعثر جميع الوسائل الدبلوماسية السلمية لحل الإشكالية الدستورية الشرعية في العراق إلى اليوم فإذا ما قاربت الأزمة الدستورية على الحل ظهر فصيل معارض من هنا أو هناك أو حدث تدهور شديد في الناحية الأمنية للفت الأنظار أو أذيع شريط تسجيلي تهديدي لأحد الزعماء الوطنيين أو العملاء أو غير ذلك من وسائل وطرق تعثير الحل الديمقراطي السلمي للأزمة الوطنية العالقة.
وكل الدلائل تشير _حسب فهمي_إلى اقرب استواء الكعكة بل واقتراب وقت اقتسامها فالمذهبية الغالية ترى أن الوقت حان لتشكيل كيان مستقل أو شيبه مستقل في منطقته والبدء في تشكيل فعالياته وبناء مؤسساته وكذلك أصحاب الشمال يرون انه لا فائدة ربما للبقاء مع من لا يريد حل المشكل الوطني القومي وكذلك بدأت القوات الغازية تلملم إطرافها للرحيل المر بعد أن منيت بخسائر لم تكن في حسبانها ولا حسبان من قادها إلى المستنقع العراقي الآسن.
لم يبق معلقا من غير حل نهائي ضامن لسلامته بل وربما لبقائه إلا قلة لا حول لها ولا قوة لا من الداخل ولا من الخارج حيث وضعت تلك الأقلية تحت غطاء الإرهاب المحارب من جميع العالم.
وقد زاد ظهور إيران النووية الطين بلة واحدث صدمة شديدة فاقت قوتها قوة الصدمة الأولى التي ذعرت من خلالها القوة العراقية الوطنية في بداية الغزو الخارجي للعراق حيث سرعت تلك القوة النووية في تنضيح الرؤية المستقبلية الاستقلالية عند الأغلبية المذهبية واستعجال قيام كيان خاص بها متوافق بشكل أو بأخر مع تلك القوة النووية الجديدة أن لم يعتبر امتدادا لها ولو من الناحية الأيدلوجية على الأقل.
أن استغلال الظرف القائم بين أمريكا وإيران من بعض الإطراف العراقية والمراهنة عليه ربما يدخل المنطقة كلها في صراع فتاك بل وقد يسقط أمريكا ومن يقف معها في هوة سحيقة لا قاع لها ذلك لأنها ستشهد حربا لا قبل لها بها لان الأرض ليست لها ولان التعاطف المعنوي معها لا وجود له ولأنها قد تفاجأ بسلاح جديد فتاك لا يبقي ولا يذر.
ولا اعتقد أن امريكا ستدخل هذه المخاطرة( المشؤمة ) إلا إذا اقتضت مصالح اسرائيل ذلك.
من الغريب جدا أن تدخل امريكا في صراع مع إيران لان لا مصلحة لإيران في الحرب مع أمريكا ولا مصلحة لأمريكا في حرب مع إيران فإيران ليست من ضمن أراضي (اسرائيل الكبرى)فهي لا تشكل خطرا حاليا ولا مستقبليا على الدولة اليهودية الصغرى أو الكبرى حتى تخطر الجيوش الأمريكية لإزالة ذلك الخطر.
ويبقى ما يحدث الآن بين أمريكا وإيران أشبه ما يكون بصراع الديكة ولن يتحول إلى المصارعة الاسبانية المعروفة والأغلب أن ما يحدث هو لتخويف بعض الدول الإقليمية لتدفع بسخاء لمن يدافع ويحمي كيانها كما حدث في الحروب السابقة.
لقد شمرت السواعد لاقتسام تلك الكعكة البترولية ولكن من ستكون له الحصة الكبرى هذا ما قد يظهر بعد خروج القوات الغازية إلى المناطق المقررة لها سلفا_ربما في الانبار_ على الحدود الغربية والشمالية والجنوبية العراقية حيث ستتمركز إلى حين الانتهاء من عدو اسرائيل في الشمال وتصفية قيادته وحل أركانه كما حدث في العراق لقد تعودنا كعرب على الفرجة فقط دون الانتباه إلى أن خطر الحرب قد يصل إلينا في أسرع مما كنا نتوقع فنؤخذ على حين غرة أن من الواجب أن نعتبر وان نتعظ بما سبق من وقائع وحروب لم تكن ولن تكون في مصلحة شعوب هذه المنطقة من العالم مهما حاول (المنتفعون ) من تبرير وتزوير وتعطير بالورود للدبابات الغازية.
أن المنتفع الوحيد مما يحدث اليوم على ارض العراق وكذلك ما قد يحدث غدا وبعد غد هي اسرائيل وحدها لان أمريكا خسرت هيبتها وسمعتها وشعوب المنطقة خسرت أبنائها وثرواتها وأمنها هذا ما يؤيده ويشهد له الواقع اليوم والله المستعان.