إمام الصابرين صلى الله عليه وسلم
له الزلفى وتمام الرفعة والمنازل الجليلة
بقلم الداعية الشيخ الدكتور عائض القرني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ، وبعد:
فقد ورد الصبلر في القران على اضراب:
اتى بصيغة الأمر والمدح له ، ومدح الصابرين، وذكر اجرهم عند ربهم ، و الإشادة بحسن فعلهم ، وذكر سلام الملائكة عليهم ، وصلوات الله ورحمته لهم، وعرض اوصافهم ، فهم اهل حظ عظيم ، ومهتدون. وفعلهم من عزم الأمور ، فهنيئاً لهم.
الصابريعيش بصبره في نعيم ، والجازع يعيش يعيش بجزعه في جحيم، سجن الصابر جنة، وبليته عطية، ومحنته منحة، وفقره غنى، ومرضه عافية.
صبر أدم على مفارقة الوطن الأول من الجنة، وصبر نوح على فقد الولد، وصبر إبراهيم على مقام ذبح الأبن، وصبر يعقوب على فراق يوسف، وصبر موسى على أذى الطاغية، وصبر داود على مرارة الندم، وصبر سليمان على فتنة الدنيا، وصبر عيس على ألم الفقر، وأما رسولنا صلى الله عليه وسلم فصبر عليها كلها، وعاشها كلها، وذاقها كلها، صبر على فراق الوطن ، ومراتع الفتوة، وملاعب الصبا، وربوع الشباب، فترك الأهل والعشيرة، والدار والمال، وصبر على فقد الولد، فسالت أرواح أبنائه بين يديه، وقعقعة انفاسهم أمام ناظريه.
وصبر على ألم الأذى فأوذي في المنهج والوطن ، والسمعة والخلق، والرسالة والزوجة.
وصبر على شماتة العدو، وتنكر الصديق، وعقوق القريب، ونيل الحاسد، وتشفي الحاقد، وتألب الخصوم، وتكالب االأحزاب، وتكاثر المناوئين، وصولة الباطل، وقلة الناصر، وصبر على شظف العيش، وجفاف الفقر، ومضض الحاجة، وقلة ذات اليد، وجدب النفقة، وعوز المعيشة، وحرارة الجوع، ومرارة الفاقة.
وصبر على غلبة الخصم، وقتل القريب، وأسر الحبيب، وتشريد الأصحاب، والتنكيل بالأتباع، والجراح في البدن، وفزع التهديد والوعيد، وقعقعة الغارات، وأهوال الغزوات.
وصبر على بطر الأغنياء، وزهو الكبراء، وشراسة الأدعياء، وصلف الجهلة، وسوء ادب الجفاة.
وصبر على خيانات اليهود، ومراوغة المنافقين، ومجابهة المشركين، وبطء استجابة المدعوين.
ثم صبر على فرح الفتح، وسرور الإنتصارن وجلبة غقبال الدنيا، وإذعان الملوك، واستسلام الجبابرة، ودخول الناس في دين الله أفواجاً.
صبر على وهو يرى الكنوز تفرغ في أوعية الناس فلم يأخذ منها درهماً واحداً.
وصبر وهو يشاهد القناطير المقنطرة من الذهب والفضة يتقاسمها الناس ولم يحمل منها قطميراً.
صبر وهو يحوز قطعان الأبل والبقر والغنم كالأكام، ثم يوزعها مسلمة الفتح، ولم يظفر بجمل او بقرة او شاة وصبرى على سكنى بيت الطين، وعلى أكل الشعير، وعلى افتراش الحصير، وعلى ركوب الحمار، وعلى لباس الصوف.
الأب مات ولم يراه، والأم توفيت ولم تتم رضاعته، والجد فارق الدنيا ولم يحطه برعايته، والعم ذهب وقت النضال، وخديجة ودعت يوم الحزن، والابن سالت روحه يوم تمام الحب، وعائشة ترمى ساعة كمال الأنس، وحمزة يقتل زمن المصاولة.
أنس بالمدينة فنغص عليه المنافقون أنسه، استبشر بالنصر في بدر فأسرع إليه غصة الألم في أحد، أزهر وجهه كالقمر ليلة البدرفشج بالسهام. وتلالأت اسنانه كالبرد فكسرت ثنيته في المعركة، سبقت ناقته الإبل فسبقها أعرابي على قعود، ليبقى أجره في الآخرة موفوراصن وسعيه عند ربه مسروراَ، ليجتمع له الثواب كله، أوله واخره، قديمه وحديثه، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
واستحق ذلك لأنه صبر فله الزلفى، وتمام الرفعة، والوسيلة، والفضيلة، والمنازل الجليلة، لأنه صبر.
وله المقام المحمود، والحوض المورود، واللواء المعقود، لأنه صبر. وله الشفاعة، والخطاب، والقرب،والحظوة،لأنه صبر.
كذبوه، شتموه، سبوه،أذوه، فنزل ( اصبر على ما يقولون).
حاربوه، نازلوه، طاردوه، قاتلوه، فنزل ( واصبر وما صبرك إلا بالله).
هجروه، وأعرضوا عنه، وصدوا عن سبيله، ووقفوا في طريقه، فنزل ( فاصبر صبراً جميلاً).
طال عليه المدى، ترقب النصر، كثر العدو، تزاحمت النكبات، فنزل (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل).
فصبر صبراً جميلاً في كل مقامات العبودية، صبر في رضاه وغضبه، وسلمه وحربه، وغناه وفقره، فصار إمام الصابرين، وقدوة الشاكرين.
اللهم ثبتنا على سنته، ووفقنا لسيرته، وانصر بنا دعوته.
له الزلفى وتمام الرفعة والمنازل الجليلة
بقلم الداعية الشيخ الدكتور عائض القرني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ، وبعد:
فقد ورد الصبلر في القران على اضراب:
اتى بصيغة الأمر والمدح له ، ومدح الصابرين، وذكر اجرهم عند ربهم ، و الإشادة بحسن فعلهم ، وذكر سلام الملائكة عليهم ، وصلوات الله ورحمته لهم، وعرض اوصافهم ، فهم اهل حظ عظيم ، ومهتدون. وفعلهم من عزم الأمور ، فهنيئاً لهم.
الصابريعيش بصبره في نعيم ، والجازع يعيش يعيش بجزعه في جحيم، سجن الصابر جنة، وبليته عطية، ومحنته منحة، وفقره غنى، ومرضه عافية.
صبر أدم على مفارقة الوطن الأول من الجنة، وصبر نوح على فقد الولد، وصبر إبراهيم على مقام ذبح الأبن، وصبر يعقوب على فراق يوسف، وصبر موسى على أذى الطاغية، وصبر داود على مرارة الندم، وصبر سليمان على فتنة الدنيا، وصبر عيس على ألم الفقر، وأما رسولنا صلى الله عليه وسلم فصبر عليها كلها، وعاشها كلها، وذاقها كلها، صبر على فراق الوطن ، ومراتع الفتوة، وملاعب الصبا، وربوع الشباب، فترك الأهل والعشيرة، والدار والمال، وصبر على فقد الولد، فسالت أرواح أبنائه بين يديه، وقعقعة انفاسهم أمام ناظريه.
وصبر على ألم الأذى فأوذي في المنهج والوطن ، والسمعة والخلق، والرسالة والزوجة.
وصبر على شماتة العدو، وتنكر الصديق، وعقوق القريب، ونيل الحاسد، وتشفي الحاقد، وتألب الخصوم، وتكالب االأحزاب، وتكاثر المناوئين، وصولة الباطل، وقلة الناصر، وصبر على شظف العيش، وجفاف الفقر، ومضض الحاجة، وقلة ذات اليد، وجدب النفقة، وعوز المعيشة، وحرارة الجوع، ومرارة الفاقة.
وصبر على غلبة الخصم، وقتل القريب، وأسر الحبيب، وتشريد الأصحاب، والتنكيل بالأتباع، والجراح في البدن، وفزع التهديد والوعيد، وقعقعة الغارات، وأهوال الغزوات.
وصبر على بطر الأغنياء، وزهو الكبراء، وشراسة الأدعياء، وصلف الجهلة، وسوء ادب الجفاة.
وصبر على خيانات اليهود، ومراوغة المنافقين، ومجابهة المشركين، وبطء استجابة المدعوين.
ثم صبر على فرح الفتح، وسرور الإنتصارن وجلبة غقبال الدنيا، وإذعان الملوك، واستسلام الجبابرة، ودخول الناس في دين الله أفواجاً.
صبر على وهو يرى الكنوز تفرغ في أوعية الناس فلم يأخذ منها درهماً واحداً.
وصبر وهو يشاهد القناطير المقنطرة من الذهب والفضة يتقاسمها الناس ولم يحمل منها قطميراً.
صبر وهو يحوز قطعان الأبل والبقر والغنم كالأكام، ثم يوزعها مسلمة الفتح، ولم يظفر بجمل او بقرة او شاة وصبرى على سكنى بيت الطين، وعلى أكل الشعير، وعلى افتراش الحصير، وعلى ركوب الحمار، وعلى لباس الصوف.
الأب مات ولم يراه، والأم توفيت ولم تتم رضاعته، والجد فارق الدنيا ولم يحطه برعايته، والعم ذهب وقت النضال، وخديجة ودعت يوم الحزن، والابن سالت روحه يوم تمام الحب، وعائشة ترمى ساعة كمال الأنس، وحمزة يقتل زمن المصاولة.
أنس بالمدينة فنغص عليه المنافقون أنسه، استبشر بالنصر في بدر فأسرع إليه غصة الألم في أحد، أزهر وجهه كالقمر ليلة البدرفشج بالسهام. وتلالأت اسنانه كالبرد فكسرت ثنيته في المعركة، سبقت ناقته الإبل فسبقها أعرابي على قعود، ليبقى أجره في الآخرة موفوراصن وسعيه عند ربه مسروراَ، ليجتمع له الثواب كله، أوله واخره، قديمه وحديثه، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
واستحق ذلك لأنه صبر فله الزلفى، وتمام الرفعة، والوسيلة، والفضيلة، والمنازل الجليلة، لأنه صبر.
وله المقام المحمود، والحوض المورود، واللواء المعقود، لأنه صبر. وله الشفاعة، والخطاب، والقرب،والحظوة،لأنه صبر.
كذبوه، شتموه، سبوه،أذوه، فنزل ( اصبر على ما يقولون).
حاربوه، نازلوه، طاردوه، قاتلوه، فنزل ( واصبر وما صبرك إلا بالله).
هجروه، وأعرضوا عنه، وصدوا عن سبيله، ووقفوا في طريقه، فنزل ( فاصبر صبراً جميلاً).
طال عليه المدى، ترقب النصر، كثر العدو، تزاحمت النكبات، فنزل (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل).
فصبر صبراً جميلاً في كل مقامات العبودية، صبر في رضاه وغضبه، وسلمه وحربه، وغناه وفقره، فصار إمام الصابرين، وقدوة الشاكرين.
اللهم ثبتنا على سنته، ووفقنا لسيرته، وانصر بنا دعوته.
تعليق