الإخوة أعضاء المنتدى الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في يوم الأحد الماضي الموافق 11/3/1427هـ ذهبت إلى (( قرية ثول )) التابعة لمحافظة جدة لإجراء لقاء مع الشاعر / علي بن عبدالله السعدي الزهراني ( الشافق ) وأخذ ما تيسّر من قصائده ومروياته ، وقد تمّ اللقاء على خير وليس هذا حديثنا في هذه الصفحة فموضوع اللقاء بالشاعر الشافق يحتاج لصفحات وصفحات - وسوف اورد لكم ما تحصّلت عليه من قصائد لهذا الشاعر في الأيام القادمة - إن شاء الله
أما حديثنا في هذا الموضوع فهو بشأن المفاجئة التي وجدتها في منزل الشافق ، حيث أنني تشرّفت بمقابلة أثنان من أبناءه الصغار - الأول / عيسى ، والثاني / ماجد الشافق .. وقد فاجئني الأخ / ماجد بمفاجئة سعيدة ، حيث أكتشفت أنه شاعر ومن المهتمين بلون الشعر العربي الفصيح ، وهذا ما تبيّن من خلال قراءتي لمجموعة من الأوراق تحمل قصيدة ( معلّقة ) بعنوان : ( قصيدة زهران ) ومناسبة القصيدة يتضح من قراءة المقدمة المرفقة مع القصيدة 0
لن أطيل عليكم خوفاً من الإزعاج ، وخوفاً أن أشوّه جماليّات القصيدة .. وسأترككم مع هذه المعلّقة - بأمل الإطلاع والتعليق عليها - بارك الله فيكم :
=========
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ..
أخي العزيز الأستاذ / ..... المحترم
اكتب لك اليوم إستجابة لطلبك ، لأنك مِن معادِن الرِّجال الذين لا يُردّ لهم طلب 0
ولا أبغي الوجاهة أو رفع درجة ما ؛ لأن الله حيٌّ عِندما تموت الضمائر 0
قصيدة (( زهران )) التي في البداية ، لم أكتبها والله لعصبيِّة أو تجبُّر ، أو إختلاق وكذب 0 بل هي تدور حول أحداث أهملها التاريخ المعاصِر ، أو التاريخ (( السعودي )) بمعنى أخصّ 0
قبيلة زهران التي صمدت أمام المدّ التركي الجائر على بلاد الجزيرة أيام الدولتين ( السعودية الأولى ، والثانية ) أنظر كتاب ( التأريخ ) للصف الثالث المتوسط لتجد خريطة توضِّح المناطق التي لم تحتلّها الجيوش التركية ولا نقول العثمانية ، لتجد نجد فقط وفي أسفل الخريطة نقاط سوداء توضِّح منطقة الباحة حالياً وليس كُلّها بل فقط مناطق قبائل زهران 0
لا نُنكِر أن الدولة العُثمانية كانت حامية حِمى المسلمين ، ولكن (( لكل أجلٍ كِتاب )) فقد فسد مذهبها ومذهب وُلاتها وأُمرائها ، وفي آخر عهدِها ظهرت أُمُور يندى لها الجبين الحُرُّ الأبي حيث بدأت القومية تسري بين جنباتها في تحدٍّ صارِخ للوِحدة السياسية الإسلامية آنذاك 0
ومع بداية ظهور دولة الشيخ في نجد كان مِن الواجب محاربة الفئة التي ظلمت أُختها ، ولكن القوة التركية كانت أكبر مِن أن تُقَاوِمُ مِن قِبل مجموعات مُسلّحة ، ولكن قبائل زهران قاومت بِقوُّة ، فظلمها التأريخ وقال : الثورة العسيرية في جنوب الطائف 0
التقت قبائل زهران مع الأتراك في معارِك كثيرة ، ولكن المعركة الفاصِلة كانت في منطقة تُسمى وإلى الآن بـ ( رهوة البر ) فسُمِّيت المعركة برهوة البر ، سُحِقت فيها أساطيل التُّرك وكتائِبهُم ، بل وكانت مِن دعائِم النصر في نجد ، ولدي ما يُثبِت ذلك عن طريق قصائد قديمة لأجدادي تعود لعشرات العُقُود 0
قبيلة زهران التي أصبحت مصدر تندُّر في هذا العصر البائِس كانت في الجاهلية تُسمى ( دوس ) هاجر مِنهُم جُزءٌ في الجاهلية إلى عُمَان – جنوب الجزيرة – وحكموها ، وهُم إلى الآن يحكُمُون فيها ، وهاجر مِن عُمَان مجموعة مِنهُم إلى بلاد فارِس واقاموا فيها مملكة عظيمة في حُكم كِسرى ، وكانت ذات شوكة عظيمة تهابُها جيوش كِسرى ، وكانت جميع هِجراتهُم لمشاكِل داخلية بينهُم فلم تجبرُهُم قوّةٌ خارجيِّة على الهِجرة ، وكانوا في إقليم كرمان في إيران ولا يزالون إلى الآن 0
بل أن من بقي مِنهُم في دوس – أي في المرابع في الباحة – حكموا الحِيرة وكان مِنهُم أميرها ( جُذيمة الأبرش ) بل وفرضوا الجِزية على قُريش قبيل الفتح ، وكانت هذه أسباب فتح مكّة بعد ضُعف قُريش – وانظر على أشعار / حسان بن ثابت – هذا كُلّه قبل الإسلام ، وعِندما جاء محمد – صلى الله عليه وسلّم – بِأبي هو أُمِّي ووالديهما .. دخلوا إلى الإسلام عام 7 هـ ، ولحِقوا بالرّسول – صلى الله عليه وسلّم – بعد قِصّة الطُّفيل المعروفة 0 فكان لهم مِن المجد في الإسلام أعظم مما كان لهم في الجاهلية ، وشاركوا النبي في غزواته 0 وكان مِنهُم أعلم الصحابة بالحديث أبو هريرة / عبدالرحمن بن صخر الدّوسي – رضي الله عنه – وفي عهد الخُلفاء الراشدين كانت مُشاركتهُم في الفُتوُحات حيث شاركوا فيها بل وفي أعظمها وهي معركة ( اليرموك ) ، وكان حامِل لِوائهُم أبو هريرة ، وشفرتهُم السِّرّيّة قول : ( يا مبرور ) 0 (( يقول أحد المؤرخين : ( قالها ابو هُريرة فاجتمع لهُ سوادٌ عظيمٌ مِن دوس ، أخذوا ميمنة الجيش ، فكُنت لا أرى على مدّ بصري إلاّ كفٌ طائِرة في السّماء ، ورأسٌ ساقِطٌ على الأرض ، وكُنت أنظُر إلى وسط الجيش وميسرتِهِ فلا أُشاهِد إلاّ قِتالاً خفيفاً ، وجاءنا مِن خلفِنا ( كتيبة رُوميِّة ) كأنها الجِبال فكانوا مِن فوقِنا ومِن أسفلِ مِنّا ، ولا أعلم كيف أخرجنا الله مِنهُم ! ) ... إنتهى )) 0
وتواصلت مُشاركاتِهِم في الفُتُوحات ، ففي عهد / مُعاوية كان قائد أسطوله زهراني ، وسُمِّي الميناء إلى هذا اليوم بإسمِهِ (( ميناء الزهراني )) في لُبنان – أُنظُر كِتاب ( الجغرافيا ) للصّف الثالث متوسط – وشاركوا في عهد / الوليد بن عبدالملك في فتح المغرِب ، والأندلُس 0 بل وإن قبائل زهران يُسمّون بِهذا الإسم الآن في أسبانيا والمغرِب 0 ولم أُصدِّق الشيخ / حمد الجاسر – رحمه الله – إلاّ بعد أن قالها لي رجلٌ مغربي الجنسية مستغرباً وجود زهران في الجزيرة 0 يقول لي : إنني لم أكُن أعلم بوجودهم إلاّ في أسبانيا والغرب ، فسُبحان الله 0
ولكن هذه السيرة العظيمة كان فيها بعض الشّذوذ ، ففي عهد / عبدالملك بن مروان .. نشب خِلاف بين قبائل زهران في الباحة وإبنه / عبدالله في مكة فقاموا بِمُهاجمة مكّة واحتلّوها وهرب إبن عبدالملك على الجموم ، ثًم عسفان ، ثم خُليص ، ثُم قُديد ، ثُم المدينة ، ثُم الشّام .. فهاجمت قبائِلهُم الجموم واحتلّتها ، وكذلك في عسفان ، وخليص .. إلاّ قُديد فقد قاوم رِجالُها مُقاومةٌ شديدةٌ أجبرت زهران على عقد صُلح معهم نتج عنهُ تحالُف تمّت به مُهاجمة ( المدينة المنوّرة ) إنطلاقاً مِن قُديد فأحتلّوا المدينة ، وعاثوا فيها فساداً ودماراً .. وهرب إبن عبدالملك على الشّام 0 تقول عجوز تصِف تِلك المعركة :
مال الزمان وماليه = أفنت قُديدُ رِجاليه
فلا بكين سريرةً = ولا بكين علانيه
ولا عوين إذا خلو = ت مع الكِلاب العاويه
لم افُل هذا أو اكتُب هذه ( القصيدة ) لشيءٍ وإنّما لأُبرِز ولو القليل من تُراث هذه القبيلة التاريخي ، وأنت أعلم اليوم فيمن تُصاغُ ( النُكات ) والطرائِف 0حسبي الله ونِعم الوكيل 0
أُنظُر كِتاب العلاّمة المعروف الشيخ / حمد الجاسِر (( سراة غامد وزهران )) وكلّ ما قُلتهُ موثّقٌ فيه بالتفصيل 0
أخوك / ماجد بن علي السعدي الزهراني 0
قصيدة (( زهران ))
حيث الورود تُعانِقُ الأزهارا = والطيرُ يشدو في عبيرٍ طارا
ومناهِل الينبوع تسلك جدولاً = شقّ الرُّبا الخضراء والأشجارا
والشمس تبدو للعيان كأنها = تبرٌ تعلّى في الذّرا وأنارا
وأشعّ نوراً باسِماً مُتغلغِلاً = بين الدُّرُوب وعضفر النهارا
وأزاح سِتر الليل معسول الكرى = نشر الضّياءُ وأرسل الأنوارا
ذكرت أرضاً لست أنسى حُسنها = ارضُ المُروجِ ومُلتقى الزُّوّارا
أرضٌ يطُلُّ الغيم مِن سرواتِها = للوهد ، والوديان .. في الأغوارا
أرضُ الجمالِ وما تنفّستِ الصّبا = إلاّ لها في دوحِها مِضمارا
ولا ترنّم بالطّبيعة شاعِرٌ = إلاّ لهُ مِن سِحرِها مِزمارا
ولا تفرّد في العُلُومِ مُجرِّبٌ = إلاّ لهُ مِن دُرِّها مِنظارا
مِنها تقدّم للنّبيّ محمدٍ = ( أبو هُريرة ) صاحِبُ الأثارا
مِنها ( الطُّفيلُ ) وإبنهُ والمُلتقى = في الجنّة العليا مع الأخيارا
مِنها تجلّى للنُّحاةِ إمامُهُم = شيخٌ على آرائِهِم يتبارا
أرضٌ بِها جدّي ترعرع وأنتشى = نشأُ الكِرامِ وفي رُباها سارا
في معشرٍ مِن القرونِ تجمعُهُمُ = عُكفُ الجنابا* فِرقةِ الأحرارا
شُمٌّ أُباةٌ لا يُدانوا ذلّة = ساروا على نهج الأُلى الأبرارا
قوم بنى جدهم للمجد ملحمة = طوت صحار وسراً وقِفارا
هُم عِندما هتف الصّريخُ لِجمعِهِم = أنّ العدوّ يُدبِّرُ الأخطارا
ثاروا فما مِن قاعدٍ في بيتِهِ = حتّى العذارى لم يعُدن صِبارا
ثاروا وكُلاً قد أقام لِحربِهِ = دارٌ يُناخُ جِوارها الأبكارا
بدءوا مسيراً للِحُروُبِ وايقنوا = أنّ الرّكون يُورِّثُ الأتبارا
ضاقت بِهُم ساحاتُهُم فتبطّنوا = سُمر الجِبالِ ومُظلِم الأصدارا
وقفوا على حدِّ الدِّيارِ وأشرعوا = سيُوفَهُم في وجهِ من قد جارى
مِن قومِ عبشان* وباشا* جُندُهُم = جاؤوا لِفرضِ الذُّلِ والإصغارا
مكروا ومكرُهُمُ تعدّا أرضُهُم = وصدّروا الأقذار والأضرار
خُوّان عهدٍ لا يُسالم جنبُهُم = درجوا على نقضِ العُهُودِ صِغارا
تنكّبوا بالعُهرِ دين محمدٍ = زادوا على عُهرِ الرّدى إصرارا
جاؤوا لِنشرِ رذيلةٍ ومذاهِبٍ = عفا عليها الدّهرُ والتِّكرارا
وأتوا وقبلهُمُ الرّدى بِسُراتِهِ = وتَهامة الملئى مِن الأسرارا
خطّوا بِخُطّتِهِم مقابِرَ جُندِهِم = لم يعلموا ما حضَّر الجبّارا
جاؤوا على صُبحِ الخيول أداهِمٌ = ومراكِبٌ شُعثٌ تشُقّ بِحارا
بِبنادِقِ ترمي اللظى ومدافعٍ = تحشُر بِبارُدٍ يصُبُّ دمارا
فجُوبِهوا بِحواسِمٍ وصوارِمٍ = وقواطِعٍ وقوامعٍ وكبارا
وصواعِقٍ وروادعٍ وغطارفٍ = غطّى صدُورهُمُ الدّمِ القطّارا
كالأُرجُوانِ إذا توشّحهُ الفتى = في كَرّةٍ مِنها الجبانُ توارى
ومراجِمٍ تُدمِي اللظى وصفيرها = قد أرّق الجُبناءُ في الأخدارا
وبنادِقٍ أذكى الزِّنادُ بُطُونها = فتسعّر الزِّنديقُ مِنها نارا
وعقيدةٍ بيضا على خفّاقِها = قد سُطِّرَ القُرآنُ والأذكارا
وحُصُون كانت كالقِلاعِ على ذّرا = رؤوسُها قد شَمَّرَ العُمّارا
لِيُدافِعُوا عمّا بنوهُ وقد وعوا = أنّ الحياة تُعافُ بعد العارا
وتهافت الشُّجعانُ للموتِ الذي = راموا بِها كسر العُدى الأشرارا
كانوا يرون الموت عن عرصاتِهِم = شرفٌ يُرامُ وهُم عليهِ سُكارى
فاستبسلوا وحَمى الوطيسُ وقد تَرى = ضربُ القنا مِنهُم يفِلُّ حِجارا
فأهلكوا من قد تمنّى وابتغى = نيل اللئالئ مِن فكِّ المحارا
رصدوا الكمائِنَ خِدعةً في حِكمةٍ = وأوقعوا فيها العدوّ جِهَارا
وخيّبوا ظنّ العدوِّ المُفتري = قال : السّلاهِب* تألف القِهقَارا
قطروا الهزائِم علقماً في حلقِهِ = وأورثُوُهُ ندامةً وخسارا
وتجرّع الأتراك في ديمومةٍ = كانت لهُم في دورِها أوطارا
ذلَّ الأيامى المزجياتِ على ثرى = سُوقٌ تُداولُ فيهِ بالدِّينارا
سُحِقوا ومامِن قائِدٍ إلاّ ترى = على جثاهُ تحلّقت أطيارا
هُم في الحضيِضِ ونحنُ في علياءِنا = لا ننتزي في صفحةِ الفُجّارا
ويوم ( يرموكٍ ) تَمَحَّصَ بأسُهُم = بين الصِّحابِ وجُملة الأنصارا
دارت رحى حربٍ ضروسٍ لم تزل = فيها المتُون تُورِّد الأخبارا
وفدت جيُوشُ الرُّومِ في غمراتِها = لعِباً ولهواً للخُمورِ مدارا
قِطعٌ كظُلماتِ الغمامِ شِعارُها = صُلُبٌ تُعربِدُ في مدى الأنظارا
فتحضّروا الأبطالُ ثُمّ تقدّموا = على ميامِنِ* جيشِنا المِغوارا
لم تستطِع إيقافُهُم أو ردُّهم = هوج الجيوش وعسكر الإعصارا
فتزمجروا حنَقاً وصبّوا جامُهُم = غضباً فزمجرت النّجُومُ شرارا
بدأ اللحام وقد تلاطم موجُهُم = ناراً فأزبد لابةً كالقارا
ساغوا بِها روماً فلّما أُهْلِكُوا = نكَصَ البقيّة مِنهُمُ فُرّارا
بذلوا نُفوساً لِلشّهادة وراتموا = في ساحة الهيجا نحا الكُفّارا
خاضوا غِماراً لِلفناءِ فكُوفئِوا = حياة عِزٍّ خيرُها مِهمَارا
وتذوّق الرّومان ذُلّ هزيمةٍ = عصفت بِهِم وبِمُلكِهِم أطوارا
ما بين قتلى أو أُسارا فُرِّقوا = مِن غيرٍ بهمٍ في الفَلاةِ حيارى
سِيقوا على جِسرِ الخُنُوعِ ومِثلُهُم = نوقاً تُساقُ لِشفرةِ النَّحّارا
وتساقطت لعناتُ ربِّي فوقهُم = مكروا ومكرُ إلاهنا كُبَّارا
مِن وقعةِ اليرموكِ سار كُماتَنَا = دقّوا بِنعشِ ( هِرَقْلَة )* المِسمَارا
نحنُ العُلا محضُ العُلا جهادنا = تعزْ عن إستداركهُ الأسفارا
هذا ومِن عادى دياراً حلّها = زهرانُ أو أغنى بِها الإيثارا
هيهات أن تصِلُ الثُّريّا يا ثرى = وأحذر مُلامسة الشِّهابَ الحارا
( من يسمع الأخبار ليس كمن رأى ) = سُود المعارِك ساعة الزِّمجارا
أرضُ الشَّهامة والبُطولات التي = قد سُطِّرت بِعزيمةِ الثُّوّارا
لم أنأعنك وعن ثراك لذلَّةٍ = بل حُكمُ ربِّي حاكِمُ الأمصارا
ربُّ ( العُميصا ، والعبور ) كواكِب = أُختا سهيلٍ زِينة الأقمارا
أنت الأنيس وفي ذراك ( مُشَوَّطٌ ) = و ( شُعَيْرُ ) ذو الأشجار فيك سُمَارا
فيك اللقا يزدادُ رونقهُ زهاً = تحت السّحاب وهَيْنُهُ المِدرارا
وعلى السّحاب سناً وكاد شبا السّنا = مِن وضحهِ يطفي سنا الأبصارا
يا أرضنا من قال أنّكِ بهجتي ؟ = بل مُهجتي ولجرحيَ المِسبارا
بل موطِني ولِغُربتي أنتِ التي = تُطفين ناراً في الحشا تُتوارى
لا تعذليني إن كُنتُ ناءٍ إنّنِي = لم أقتدِر صرقاً مِن الأقدارا
ياليتني لم أبتعِد لكنّنِي = أُقدِّمُ القُرباتِ بالأشعارا
--
الشاعر /
ماجد الشافق الزهراني
25/2/1425هـ
*الجنابا : جمع جنبية ، سلاح أبيض أصغر من السيف وأكبر من الخنجر
* عبشان : علي عبشان هو قائد من قادات التُّرك الذين غزوا المنطقة 0
* أحمد باشا : قائد أيضاً من قادات التُّرك الذين غزوا المنطقة 0
* السلاهِب : هم زهران - كما دعاهم الرسول - صلى الله عليه وسلّم 0
* على ميامين : كان قبائل زهران على ميمنة الجيش الإسلامي في معركة اليرموك 0
* هرقلة : مملكة الرّوم 0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في يوم الأحد الماضي الموافق 11/3/1427هـ ذهبت إلى (( قرية ثول )) التابعة لمحافظة جدة لإجراء لقاء مع الشاعر / علي بن عبدالله السعدي الزهراني ( الشافق ) وأخذ ما تيسّر من قصائده ومروياته ، وقد تمّ اللقاء على خير وليس هذا حديثنا في هذه الصفحة فموضوع اللقاء بالشاعر الشافق يحتاج لصفحات وصفحات - وسوف اورد لكم ما تحصّلت عليه من قصائد لهذا الشاعر في الأيام القادمة - إن شاء الله
أما حديثنا في هذا الموضوع فهو بشأن المفاجئة التي وجدتها في منزل الشافق ، حيث أنني تشرّفت بمقابلة أثنان من أبناءه الصغار - الأول / عيسى ، والثاني / ماجد الشافق .. وقد فاجئني الأخ / ماجد بمفاجئة سعيدة ، حيث أكتشفت أنه شاعر ومن المهتمين بلون الشعر العربي الفصيح ، وهذا ما تبيّن من خلال قراءتي لمجموعة من الأوراق تحمل قصيدة ( معلّقة ) بعنوان : ( قصيدة زهران ) ومناسبة القصيدة يتضح من قراءة المقدمة المرفقة مع القصيدة 0
لن أطيل عليكم خوفاً من الإزعاج ، وخوفاً أن أشوّه جماليّات القصيدة .. وسأترككم مع هذه المعلّقة - بأمل الإطلاع والتعليق عليها - بارك الله فيكم :
=========
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ..
أخي العزيز الأستاذ / ..... المحترم
اكتب لك اليوم إستجابة لطلبك ، لأنك مِن معادِن الرِّجال الذين لا يُردّ لهم طلب 0
ولا أبغي الوجاهة أو رفع درجة ما ؛ لأن الله حيٌّ عِندما تموت الضمائر 0
قصيدة (( زهران )) التي في البداية ، لم أكتبها والله لعصبيِّة أو تجبُّر ، أو إختلاق وكذب 0 بل هي تدور حول أحداث أهملها التاريخ المعاصِر ، أو التاريخ (( السعودي )) بمعنى أخصّ 0
قبيلة زهران التي صمدت أمام المدّ التركي الجائر على بلاد الجزيرة أيام الدولتين ( السعودية الأولى ، والثانية ) أنظر كتاب ( التأريخ ) للصف الثالث المتوسط لتجد خريطة توضِّح المناطق التي لم تحتلّها الجيوش التركية ولا نقول العثمانية ، لتجد نجد فقط وفي أسفل الخريطة نقاط سوداء توضِّح منطقة الباحة حالياً وليس كُلّها بل فقط مناطق قبائل زهران 0
لا نُنكِر أن الدولة العُثمانية كانت حامية حِمى المسلمين ، ولكن (( لكل أجلٍ كِتاب )) فقد فسد مذهبها ومذهب وُلاتها وأُمرائها ، وفي آخر عهدِها ظهرت أُمُور يندى لها الجبين الحُرُّ الأبي حيث بدأت القومية تسري بين جنباتها في تحدٍّ صارِخ للوِحدة السياسية الإسلامية آنذاك 0
ومع بداية ظهور دولة الشيخ في نجد كان مِن الواجب محاربة الفئة التي ظلمت أُختها ، ولكن القوة التركية كانت أكبر مِن أن تُقَاوِمُ مِن قِبل مجموعات مُسلّحة ، ولكن قبائل زهران قاومت بِقوُّة ، فظلمها التأريخ وقال : الثورة العسيرية في جنوب الطائف 0
التقت قبائل زهران مع الأتراك في معارِك كثيرة ، ولكن المعركة الفاصِلة كانت في منطقة تُسمى وإلى الآن بـ ( رهوة البر ) فسُمِّيت المعركة برهوة البر ، سُحِقت فيها أساطيل التُّرك وكتائِبهُم ، بل وكانت مِن دعائِم النصر في نجد ، ولدي ما يُثبِت ذلك عن طريق قصائد قديمة لأجدادي تعود لعشرات العُقُود 0
قبيلة زهران التي أصبحت مصدر تندُّر في هذا العصر البائِس كانت في الجاهلية تُسمى ( دوس ) هاجر مِنهُم جُزءٌ في الجاهلية إلى عُمَان – جنوب الجزيرة – وحكموها ، وهُم إلى الآن يحكُمُون فيها ، وهاجر مِن عُمَان مجموعة مِنهُم إلى بلاد فارِس واقاموا فيها مملكة عظيمة في حُكم كِسرى ، وكانت ذات شوكة عظيمة تهابُها جيوش كِسرى ، وكانت جميع هِجراتهُم لمشاكِل داخلية بينهُم فلم تجبرُهُم قوّةٌ خارجيِّة على الهِجرة ، وكانوا في إقليم كرمان في إيران ولا يزالون إلى الآن 0
بل أن من بقي مِنهُم في دوس – أي في المرابع في الباحة – حكموا الحِيرة وكان مِنهُم أميرها ( جُذيمة الأبرش ) بل وفرضوا الجِزية على قُريش قبيل الفتح ، وكانت هذه أسباب فتح مكّة بعد ضُعف قُريش – وانظر على أشعار / حسان بن ثابت – هذا كُلّه قبل الإسلام ، وعِندما جاء محمد – صلى الله عليه وسلّم – بِأبي هو أُمِّي ووالديهما .. دخلوا إلى الإسلام عام 7 هـ ، ولحِقوا بالرّسول – صلى الله عليه وسلّم – بعد قِصّة الطُّفيل المعروفة 0 فكان لهم مِن المجد في الإسلام أعظم مما كان لهم في الجاهلية ، وشاركوا النبي في غزواته 0 وكان مِنهُم أعلم الصحابة بالحديث أبو هريرة / عبدالرحمن بن صخر الدّوسي – رضي الله عنه – وفي عهد الخُلفاء الراشدين كانت مُشاركتهُم في الفُتوُحات حيث شاركوا فيها بل وفي أعظمها وهي معركة ( اليرموك ) ، وكان حامِل لِوائهُم أبو هريرة ، وشفرتهُم السِّرّيّة قول : ( يا مبرور ) 0 (( يقول أحد المؤرخين : ( قالها ابو هُريرة فاجتمع لهُ سوادٌ عظيمٌ مِن دوس ، أخذوا ميمنة الجيش ، فكُنت لا أرى على مدّ بصري إلاّ كفٌ طائِرة في السّماء ، ورأسٌ ساقِطٌ على الأرض ، وكُنت أنظُر إلى وسط الجيش وميسرتِهِ فلا أُشاهِد إلاّ قِتالاً خفيفاً ، وجاءنا مِن خلفِنا ( كتيبة رُوميِّة ) كأنها الجِبال فكانوا مِن فوقِنا ومِن أسفلِ مِنّا ، ولا أعلم كيف أخرجنا الله مِنهُم ! ) ... إنتهى )) 0
وتواصلت مُشاركاتِهِم في الفُتُوحات ، ففي عهد / مُعاوية كان قائد أسطوله زهراني ، وسُمِّي الميناء إلى هذا اليوم بإسمِهِ (( ميناء الزهراني )) في لُبنان – أُنظُر كِتاب ( الجغرافيا ) للصّف الثالث متوسط – وشاركوا في عهد / الوليد بن عبدالملك في فتح المغرِب ، والأندلُس 0 بل وإن قبائل زهران يُسمّون بِهذا الإسم الآن في أسبانيا والمغرِب 0 ولم أُصدِّق الشيخ / حمد الجاسر – رحمه الله – إلاّ بعد أن قالها لي رجلٌ مغربي الجنسية مستغرباً وجود زهران في الجزيرة 0 يقول لي : إنني لم أكُن أعلم بوجودهم إلاّ في أسبانيا والغرب ، فسُبحان الله 0
ولكن هذه السيرة العظيمة كان فيها بعض الشّذوذ ، ففي عهد / عبدالملك بن مروان .. نشب خِلاف بين قبائل زهران في الباحة وإبنه / عبدالله في مكة فقاموا بِمُهاجمة مكّة واحتلّوها وهرب إبن عبدالملك على الجموم ، ثًم عسفان ، ثم خُليص ، ثُم قُديد ، ثُم المدينة ، ثُم الشّام .. فهاجمت قبائِلهُم الجموم واحتلّتها ، وكذلك في عسفان ، وخليص .. إلاّ قُديد فقد قاوم رِجالُها مُقاومةٌ شديدةٌ أجبرت زهران على عقد صُلح معهم نتج عنهُ تحالُف تمّت به مُهاجمة ( المدينة المنوّرة ) إنطلاقاً مِن قُديد فأحتلّوا المدينة ، وعاثوا فيها فساداً ودماراً .. وهرب إبن عبدالملك على الشّام 0 تقول عجوز تصِف تِلك المعركة :
مال الزمان وماليه = أفنت قُديدُ رِجاليه
فلا بكين سريرةً = ولا بكين علانيه
ولا عوين إذا خلو = ت مع الكِلاب العاويه
لم افُل هذا أو اكتُب هذه ( القصيدة ) لشيءٍ وإنّما لأُبرِز ولو القليل من تُراث هذه القبيلة التاريخي ، وأنت أعلم اليوم فيمن تُصاغُ ( النُكات ) والطرائِف 0حسبي الله ونِعم الوكيل 0
أُنظُر كِتاب العلاّمة المعروف الشيخ / حمد الجاسِر (( سراة غامد وزهران )) وكلّ ما قُلتهُ موثّقٌ فيه بالتفصيل 0
أخوك / ماجد بن علي السعدي الزهراني 0
قصيدة (( زهران ))
حيث الورود تُعانِقُ الأزهارا = والطيرُ يشدو في عبيرٍ طارا
ومناهِل الينبوع تسلك جدولاً = شقّ الرُّبا الخضراء والأشجارا
والشمس تبدو للعيان كأنها = تبرٌ تعلّى في الذّرا وأنارا
وأشعّ نوراً باسِماً مُتغلغِلاً = بين الدُّرُوب وعضفر النهارا
وأزاح سِتر الليل معسول الكرى = نشر الضّياءُ وأرسل الأنوارا
ذكرت أرضاً لست أنسى حُسنها = ارضُ المُروجِ ومُلتقى الزُّوّارا
أرضٌ يطُلُّ الغيم مِن سرواتِها = للوهد ، والوديان .. في الأغوارا
أرضُ الجمالِ وما تنفّستِ الصّبا = إلاّ لها في دوحِها مِضمارا
ولا ترنّم بالطّبيعة شاعِرٌ = إلاّ لهُ مِن سِحرِها مِزمارا
ولا تفرّد في العُلُومِ مُجرِّبٌ = إلاّ لهُ مِن دُرِّها مِنظارا
مِنها تقدّم للنّبيّ محمدٍ = ( أبو هُريرة ) صاحِبُ الأثارا
مِنها ( الطُّفيلُ ) وإبنهُ والمُلتقى = في الجنّة العليا مع الأخيارا
مِنها تجلّى للنُّحاةِ إمامُهُم = شيخٌ على آرائِهِم يتبارا
أرضٌ بِها جدّي ترعرع وأنتشى = نشأُ الكِرامِ وفي رُباها سارا
في معشرٍ مِن القرونِ تجمعُهُمُ = عُكفُ الجنابا* فِرقةِ الأحرارا
شُمٌّ أُباةٌ لا يُدانوا ذلّة = ساروا على نهج الأُلى الأبرارا
قوم بنى جدهم للمجد ملحمة = طوت صحار وسراً وقِفارا
هُم عِندما هتف الصّريخُ لِجمعِهِم = أنّ العدوّ يُدبِّرُ الأخطارا
ثاروا فما مِن قاعدٍ في بيتِهِ = حتّى العذارى لم يعُدن صِبارا
ثاروا وكُلاً قد أقام لِحربِهِ = دارٌ يُناخُ جِوارها الأبكارا
بدءوا مسيراً للِحُروُبِ وايقنوا = أنّ الرّكون يُورِّثُ الأتبارا
ضاقت بِهُم ساحاتُهُم فتبطّنوا = سُمر الجِبالِ ومُظلِم الأصدارا
وقفوا على حدِّ الدِّيارِ وأشرعوا = سيُوفَهُم في وجهِ من قد جارى
مِن قومِ عبشان* وباشا* جُندُهُم = جاؤوا لِفرضِ الذُّلِ والإصغارا
مكروا ومكرُهُمُ تعدّا أرضُهُم = وصدّروا الأقذار والأضرار
خُوّان عهدٍ لا يُسالم جنبُهُم = درجوا على نقضِ العُهُودِ صِغارا
تنكّبوا بالعُهرِ دين محمدٍ = زادوا على عُهرِ الرّدى إصرارا
جاؤوا لِنشرِ رذيلةٍ ومذاهِبٍ = عفا عليها الدّهرُ والتِّكرارا
وأتوا وقبلهُمُ الرّدى بِسُراتِهِ = وتَهامة الملئى مِن الأسرارا
خطّوا بِخُطّتِهِم مقابِرَ جُندِهِم = لم يعلموا ما حضَّر الجبّارا
جاؤوا على صُبحِ الخيول أداهِمٌ = ومراكِبٌ شُعثٌ تشُقّ بِحارا
بِبنادِقِ ترمي اللظى ومدافعٍ = تحشُر بِبارُدٍ يصُبُّ دمارا
فجُوبِهوا بِحواسِمٍ وصوارِمٍ = وقواطِعٍ وقوامعٍ وكبارا
وصواعِقٍ وروادعٍ وغطارفٍ = غطّى صدُورهُمُ الدّمِ القطّارا
كالأُرجُوانِ إذا توشّحهُ الفتى = في كَرّةٍ مِنها الجبانُ توارى
ومراجِمٍ تُدمِي اللظى وصفيرها = قد أرّق الجُبناءُ في الأخدارا
وبنادِقٍ أذكى الزِّنادُ بُطُونها = فتسعّر الزِّنديقُ مِنها نارا
وعقيدةٍ بيضا على خفّاقِها = قد سُطِّرَ القُرآنُ والأذكارا
وحُصُون كانت كالقِلاعِ على ذّرا = رؤوسُها قد شَمَّرَ العُمّارا
لِيُدافِعُوا عمّا بنوهُ وقد وعوا = أنّ الحياة تُعافُ بعد العارا
وتهافت الشُّجعانُ للموتِ الذي = راموا بِها كسر العُدى الأشرارا
كانوا يرون الموت عن عرصاتِهِم = شرفٌ يُرامُ وهُم عليهِ سُكارى
فاستبسلوا وحَمى الوطيسُ وقد تَرى = ضربُ القنا مِنهُم يفِلُّ حِجارا
فأهلكوا من قد تمنّى وابتغى = نيل اللئالئ مِن فكِّ المحارا
رصدوا الكمائِنَ خِدعةً في حِكمةٍ = وأوقعوا فيها العدوّ جِهَارا
وخيّبوا ظنّ العدوِّ المُفتري = قال : السّلاهِب* تألف القِهقَارا
قطروا الهزائِم علقماً في حلقِهِ = وأورثُوُهُ ندامةً وخسارا
وتجرّع الأتراك في ديمومةٍ = كانت لهُم في دورِها أوطارا
ذلَّ الأيامى المزجياتِ على ثرى = سُوقٌ تُداولُ فيهِ بالدِّينارا
سُحِقوا ومامِن قائِدٍ إلاّ ترى = على جثاهُ تحلّقت أطيارا
هُم في الحضيِضِ ونحنُ في علياءِنا = لا ننتزي في صفحةِ الفُجّارا
ويوم ( يرموكٍ ) تَمَحَّصَ بأسُهُم = بين الصِّحابِ وجُملة الأنصارا
دارت رحى حربٍ ضروسٍ لم تزل = فيها المتُون تُورِّد الأخبارا
وفدت جيُوشُ الرُّومِ في غمراتِها = لعِباً ولهواً للخُمورِ مدارا
قِطعٌ كظُلماتِ الغمامِ شِعارُها = صُلُبٌ تُعربِدُ في مدى الأنظارا
فتحضّروا الأبطالُ ثُمّ تقدّموا = على ميامِنِ* جيشِنا المِغوارا
لم تستطِع إيقافُهُم أو ردُّهم = هوج الجيوش وعسكر الإعصارا
فتزمجروا حنَقاً وصبّوا جامُهُم = غضباً فزمجرت النّجُومُ شرارا
بدأ اللحام وقد تلاطم موجُهُم = ناراً فأزبد لابةً كالقارا
ساغوا بِها روماً فلّما أُهْلِكُوا = نكَصَ البقيّة مِنهُمُ فُرّارا
بذلوا نُفوساً لِلشّهادة وراتموا = في ساحة الهيجا نحا الكُفّارا
خاضوا غِماراً لِلفناءِ فكُوفئِوا = حياة عِزٍّ خيرُها مِهمَارا
وتذوّق الرّومان ذُلّ هزيمةٍ = عصفت بِهِم وبِمُلكِهِم أطوارا
ما بين قتلى أو أُسارا فُرِّقوا = مِن غيرٍ بهمٍ في الفَلاةِ حيارى
سِيقوا على جِسرِ الخُنُوعِ ومِثلُهُم = نوقاً تُساقُ لِشفرةِ النَّحّارا
وتساقطت لعناتُ ربِّي فوقهُم = مكروا ومكرُ إلاهنا كُبَّارا
مِن وقعةِ اليرموكِ سار كُماتَنَا = دقّوا بِنعشِ ( هِرَقْلَة )* المِسمَارا
نحنُ العُلا محضُ العُلا جهادنا = تعزْ عن إستداركهُ الأسفارا
هذا ومِن عادى دياراً حلّها = زهرانُ أو أغنى بِها الإيثارا
هيهات أن تصِلُ الثُّريّا يا ثرى = وأحذر مُلامسة الشِّهابَ الحارا
( من يسمع الأخبار ليس كمن رأى ) = سُود المعارِك ساعة الزِّمجارا
أرضُ الشَّهامة والبُطولات التي = قد سُطِّرت بِعزيمةِ الثُّوّارا
لم أنأعنك وعن ثراك لذلَّةٍ = بل حُكمُ ربِّي حاكِمُ الأمصارا
ربُّ ( العُميصا ، والعبور ) كواكِب = أُختا سهيلٍ زِينة الأقمارا
أنت الأنيس وفي ذراك ( مُشَوَّطٌ ) = و ( شُعَيْرُ ) ذو الأشجار فيك سُمَارا
فيك اللقا يزدادُ رونقهُ زهاً = تحت السّحاب وهَيْنُهُ المِدرارا
وعلى السّحاب سناً وكاد شبا السّنا = مِن وضحهِ يطفي سنا الأبصارا
يا أرضنا من قال أنّكِ بهجتي ؟ = بل مُهجتي ولجرحيَ المِسبارا
بل موطِني ولِغُربتي أنتِ التي = تُطفين ناراً في الحشا تُتوارى
لا تعذليني إن كُنتُ ناءٍ إنّنِي = لم أقتدِر صرقاً مِن الأقدارا
ياليتني لم أبتعِد لكنّنِي = أُقدِّمُ القُرباتِ بالأشعارا
--
الشاعر /
ماجد الشافق الزهراني
25/2/1425هـ
*الجنابا : جمع جنبية ، سلاح أبيض أصغر من السيف وأكبر من الخنجر
* عبشان : علي عبشان هو قائد من قادات التُّرك الذين غزوا المنطقة 0
* أحمد باشا : قائد أيضاً من قادات التُّرك الذين غزوا المنطقة 0
* السلاهِب : هم زهران - كما دعاهم الرسول - صلى الله عليه وسلّم 0
* على ميامين : كان قبائل زهران على ميمنة الجيش الإسلامي في معركة اليرموك 0
* هرقلة : مملكة الرّوم 0
تعليق