بَاحَ النَّسِيمُ فَجَاشَ فَيْضُ مَشَاعِرِي = فَنَظَمْتُهُ شِعْرَاً وَلَسْتُ بِشَاعِرِ
في ليلةٍ يسري عبير ربيعها = وكأنما رقت لحال مسافر
نشرت شذا أزهارها في روضةٍ = سقيت أوان الوسم ديمة ماطر
في ( روضة الصمان ) كنت وإنما = فكري هناك جوار ( وادي الشاعر )
حيث الأريج يفوح من أرجائه = وادٍ وليس كمثله من عاطر
وخرير ماء صاغ من أنغامه = ضحكات حسناوات لين خواصر
حلقت في الأفق البعيد وطاف بي = طيف الأحبة لا كطيفٍ عابر
في أرض ( زهران ) الحبيبة مهجتي = أهلي هناك وصحبتي وأواصري
وأقمت فـي( الجوفاء ) قريتي التي = ألفيتها تزهو باخضر ناضر
تتوشح الزيتون في جنباتها = وجبالها حيطت بها كاساور
واللوز والرمان والتين التقت = أغصان عشقٍ في عناقٍ نادر
ثم انثنيت لشدو بلبل دوحةٍ = طرباً وشوقاً ياله من طائر
يستنهض الوسنان حسن غنائه = ويريح ذا أرقٍ بمقلة حائر
هذا يذكره الهوى فيهيجه = إذ ذاك يسلبه عناء الساهر
ومررت ( باللحيان ) ذي السفح الذي = أرعى به غنمي بصبحٍ باكر
والطل ينثر دره متلأ لئـاً= عند انبثاق النور راق لناظر
وهناك ألقى من يسرّ لقاؤه = ويطيب لي معه حديث تحاور
حتى إذا حمي النهار هجيره = فمقيلنا في ( الحيط ) غير مهاجر
فهناك أشجارٌ يطيب هواؤها = أفياؤها مهوى فؤاد الزائر
( والطفّة ) الأطياف سرّ بهائها = وترى ( تِهامة ) من شفاها الآسر
وظمئت فاستعذبت نبعاً سلسلاً = بمرابع ( القصباء ) طاب لشاكر
من بعد ما يممت سيراً أبتغي = ( المضحاة ) ( فالشنان ) سير الكاسر
تلك العقاب هبطت منها مسرعاً = فطويتها طي الجواد الغائر
وأغظت أعدائي بإقدامي فما = أسلمت أمري للخذول الغادر
وحفظت نصح أبي الحكيم يقول لي = سر ياعلي إلى العلو وحاذر
والسر إن أودعت غيرك حفظه = فاعلم بأن السر ذيع لآخر
ودع اللئم فلا تصاحب غير من = يسمو بفضل مناقبٍ ومآثر
وطفقت أقطف من ثمارٍ أينعت = مامسها غير الطهور الطاهر
من كل سارية تألق برقها = في ودقها لمعان صدق بشائر
تلك الرؤى أرنو لها كمتيمٍ = يرنو إلى طرف الجميل الساحر
تعليق