بسم الله الرحمن الرحيم








كانت تهذوا بتفاهات لا أحد يلتفت إليها !!

في تلك الحقبة كان هناك رجال أقوياء ..

لا يلقون للتفاهات بالا ..

يستمرون في عملهم بكل جد واجتهاد ..

ولكنها خبيثة ماكرة !!

فتركت هؤلاء يرحلون .. فذهبت واستجمعت نفسها ..

وتعطرت وتزينت حتى ظهرت في أفضل حلة ..

فعادت إليهم مرة أخرى .. ولكنها استمرت في تفاهاتها فلم يلقوا لها بالا ..

فاستشاطت غضبا وأخذت تولول .. ولكنها سرعان ما عادت أدراجها ..

وأخذت تقوم بعمليات التجميل .. ولبست أغلى وأجمل الفساتين والحلي والمجوهرات ..

ثم عادت إليهم .. هذه المرة كانت أجمل من كل المرات !!

فلفتت انتباه البعض .. ولكن سرعان ما عرفوها ..

فعادوا أدراجهم وكأن شيئا لم يحدث !!

ذهبت هناك بعيدا وأخذت تبكي وتولول ..

فرآها شخص قبيح فاقترب منها سائلا :

ما بال الحلوة تبكي ؟

لم تتوقع أن الكلام موجه لها ..

فما رفعت رأسها واستمرت تبكي ..

فكرر عليها ثانية .. ما بال الحلوة الجميلة تبكي ؟

فتوقفت عن البكاء ورفعت رأسها ..

فإذا بهذا الواقف أمامها في أبشع صورة ممكنة .. فاستعاذت بالله منه ..

فأخذ يطمأنها بأنه لن يضرها .. بل يرغب في المساعدة !!

فشرحت له ما يعتريها ..

فأخذ يضحك وهي تتعجب منه .. فصرخت بوجهه قائلتا هل تستهزئ بي يا عدوا الله !!

لا بالعكس أنا فقط أضحك من جراء ما حدث .. وسأساعدك بما استطيع !!

حقا !!

هل ستساعدني !!

بلى ولكن أصغي إلي جيدا .. ما كان ينقصك هنا هو بعض تغنج ودلال تسرقين به الألباب ..

إن المرأة دونه لا تساوي شيئا ..

فتمايلي في مشيتك .. وتغني بضحكتك .. واجعلي كلامك أنغاما .. وتبسمك سحرا فتانا .. ولا تلتفتي لهم بل استمري في دلالك واجعليهم يلهثون خلفك .. وتدللي وتغنجي وتعطري وتطيبي واظهري لهم في أحسن حله .. اتركي عقلك يخطط دون مشاعر .. فهم سيأتون بمشاعر دون عقول .. استلهمي عظمتك من ضعفك .. اجعلي قبحك جمالا بكل هذه الأمور وأكثر .. تبسمي حتى يضن أحدهم أنك تتبسمين له ثم أديري وجهك وكأنه غير موجود .. استخدمي مفاتنك خير استخدام .. ثم اتركي لدلالك وغنجك أن يعبران لهم مدى نعومة عودك وحيوية روحك وعنفوان مفاتنك !!


إن الأمر باختصار هو بعض عوامل معنوية لا دخل لها بالعقل والمنطق !!

فهل وعيت الدرس جيدا ..

قالت ولكن من يساعدني ، ومن يعلمني ، ومن .. وكيف ... أظن أن الأمر صعبٌ علي !!

قال أنا أعلمك وأساعدك بكل ما استطيع .. وسأعطيك كل وقتي وجهدي ..

فعادت كفتاة غناء .. تعلمت كيف تمشي وتتمايل .. كيف تضحك وتتحايل .. كيف تظهر بوجه ماكر مخادع .. تعلمت كل ما هيأها له بل وأكثر من ذلك ..

فرجعت إليهم بكامل زينتها وبكل تغنج ودلال ..

فعرفوها .. ولكنهم رأوا بها شيئا مختلفا هذه المرة .. فلفتت انتباههم وبقي منهم قلة لم يلقوا لها بالا !!

إلا أنها استمرت بخطاها الواثقة وبتمايلها الفاتن وكلامها المعسول .. حتى سرقت قلوب أكثرهم وهفت بألبابهم ..

فبدأوا يراقبونها ويبدون الإعجاب بحركاتها وتمايلها .. ثم ما فتئوا يذكرونها .. وهي تتبسم وتضحك لهم وكأنها تقصدهم .. فلما عادت أدراجها أخذ الكل يتبعها بنظراته ويتمنى أن تلتفت له قبل أن ترحل ولكنها استمرت دون أن تلتفت لهم .. فأخذوا يمشون ورائها دون شعور وكأنما سحرتهم بمفاتنها !!

بقي منهم قلة لم تجرهم مفاتنها فأخذوا يصيحون بأصحابهم .. ارجعوا إلى عملكم لا تغركم تلك الغانية .. عودوا إلى رشدكم .. لا تنسوا من هي .. لا تخدعكم مفاتنها .. لا تتركوا قوت يومكم .. لا تنسوا ... لا ... ولا ...

ولكن لا حياة لمن تنادي !!

استمروا يتبعونها وهي لا تلقي لهم بالا حتى خرجت من المدينة وهم خلفها سائرون .. وكأنهم مسحورون .. هائمون .. لا يعلمون أين هم سائرون .. ولا ما هم بالغون .. كان ذلك الشخص القبيح قد اندس بينهم متغنيا بجمالها متأوه في حبها .. وهم يسمعون ويولولون .. وهو يمنيهم ويُحسنها في أعينهم .. ويعدهم .. و ...

حتى بلغت بهم الصحراء .. فمنهم من وعى حقيقة الأمر فعاد أدراجه ونجا بنفسه .. ومنهم من استمر في هيامه وغرامه وغيه وضلاله حتى بلغت بهم قلب الصحراء فمنهم من سقط من التعب والعطش .. ومنهم من استمر بتثاقل وهي تبتعد كالسراب وهم يتبعونها بنظرهم وقلوبهم المفتونة بها .. حتى سقطوا جميعهم من شدة الإعياء ..

عندها أخذوا يبحثون عن ذلك الشخص القبيح الذي كان يمنيهم ويتغنى بها فهو قوي البنية لا يتأوه .. أخذوا يلتفتون عن منقذ حتى أقبل عليهم ذاك القبيح وهو يضحك .. وهم يستنجدون به ..


ساعدنا أرجوك ..

شربة ماء ..

فجاءت الإجابة :



{ إن الله حرمهما على الكافرين }

قالوا أرجوك أنقذنا وأحملنا إلى المدينة فنحن من صدقك ووثق بك فأجابهم :

{ قال إني بريئ منك إني أخاف الله رب العالمين }

النهاية ؛؛

أبطال القصة :

المرأة : الدنيا

الرجال : الناس

الشخص القبيح : الشيطان

الصحراء : النار

المدينة : الجنة
..............

تحملونا ..

وتقبلوا خالص التحايا ؛؛