لا أدري كم مضى على آخر زيارة، ولكن الذي اتذكره جيداً أنها كانت صدمة لي بعد ان كنت أتردد عليها كثيراً أنا وأخي وصديقي صالح محمد الشيخي.
رأينا الأرفف والغبار يعلوها، والكتب في غير مواضعها. وعرفنا من بعض العمال - الذين عرفناهم من كثرة الزيارات - أن كل شيء تغير ولم يعد هناك اهتمام. ومنذ ذلك الوقت وأنا لا أعرف الا مكانها الذي أمر به من حين لآخر.

ولعلك أخي أبو عابد قد منحتني فرصة لزيارتها مجدداً واستعادة ذكريات قديمة.
لك الشكر على هذا الخبر.

عكاظ
ا

لتاريخ : 22/6/1426 هــ
الموافق : 28/7/2005 م

العـدد : 1502
آفاق ثقافية

مكتبة جدة العامة..الواقع و المأمول

طاشكندي: عدة أسباب أبعدت الزائرين عن المكتبة
الثقفي: الموقع غير مناسب وساهم في إقصاء دورها



معتوق الشريف (جدة)
3 زائرين فقط يرتادون المكتبة العامة بجدة كل يوم واحياناً بلا زائرين.. هذا ما لاحظته (عكاظ) اثناء زيارتها للمكتبة التي بدأت تتآكل جدرانها واسقفها وغدت مسكنا للعناكب والقوارض.

المكتبة العامة بجدة يستحيل لغير العارف بها التعرف على مكانها فهي تفتقر الى لوحة يكتب عليها اسمها وعندما تريد زيارتها فانه يجدر بك ان تكون نحيل الوزن للمرور من بابها الضيق الى داخلها لتجد عن يمينك قسم الاطفال مغلقاً وعلى يسارك طاولة المطالعة خاوية الا من بعض الموظفين الجالسين يتبادلون اطراف الحديث ولا يتعدى عددهم الثلاثة في الفترة المسائية.

جدة, وان كانت محط انظار الناس صيفاً لما تتمتع به من مظاهر سياحية ونهضة عمرانية فانني لا اعتقد بانها كذلك بالنسبة لمحبي القراءة والمطالعة. وهذا ربما يعود لامور كثيرة اولها مكان المكتبة وثانيها الاهمال الذي تعانيه والذي تراه جلياً بمجرد ان تصعد الى الطابق العلوي فانك تحتاج الى مساعد ليس فقط ليؤنس وحشتك بل ايضاً ليساعدك على اغلاق باب المصعد العتيق الذي ينبغي عليك ان تتشهد عندما تنوي ان تصعد به للدور المهجور في الاعلى. ولكن عندما تصعد وتجد على يسارك قسم الكتب الاجنبية وعلى يمينك قسم الكتب العربية تجد نفسك مجبراً على البكاء على الاطلال وعلى عصارة جهد الكتاب والمؤلفين الذين سطروا هذه المراجع والمصادر المتبعثرة بدون تصنيف التي تختنق بالغبار وانت تتلمسها في ظل ظلام شبه تام فالاضاءة وان بدأت ترى بها طريقك الى الرفوف فانك لا تستطيع ان ترى بها الكتب على تلك الرفوف واذا ما ارت ان تنظر الى السقف فانك تخشى ان تسقط عليك احدى القطع المتعلقة من الديكور الذي تساقط جله.

رواد المكتبة محمد (65 عاما) احمد المنمص (37), حسن (30) ذكروا بانهم يرتادون المكتبة لقراءة الصحف وقت الفراغ.

احد موظفي المكتبة (لايرغب ذكر اسمه) قال ان الموظفين غير متخصصين في المكتبات واضاف ان بعضهم مازال ينتظر مصيره اين يكون بعد ان حولت المكتبات العامة الى وزارة الثقافة والاعلام. واستطرد قائلاً: اننا لم نستلم راتب شهر صفر الا متأخراً مع شهر ربيع الاول نظراً لوضعية الاندماج ناهيك أننا تقدمنا بأوراقنا كبقية الزملاء لاعتمادنا كموظفين في الوزارة الجديدة ولكن لم يأتنا قرار يحدد اين نحن ونتبع لمن!! رغم ان هناك اسماء صدرت قراراتهم بالانضمام الى وزارة الثقافة والاعلام ولا يعملون اصلاً بالمكتبة ونحن العاملين لم تصدر قرارتنا حتى الآن.

استاذ المكتبات بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور انس طاشكندي قال معلقا: تعتبر المكتبات العامة من اهم انواع المكتبات ويرجع اهميتها الى انها تتلقى مجموعة كبيرة من المواطنين طلبا للمعرفة وسعيا للثقافة والترويح ايضا عن النفس لذلك لا بد ان تحظى المكتبات العامة باهتمام ورعاية باعتبارها تمثل خدمة عامة تقدم لكل فرد في المجتمع لذلك عليها من ان تقدم خدماتها على اعلى مستوى من حيث الشكل الخارجي البنائي وتجهيزاتها واثاثها وتنظيم ادارتها والعاملين بها والتشريعات واللوائح الخاصة بها التي تساير نظام المكتبة المعاصر الحضاري ومن حيث الناحية الداخلية ايضاً لها من خلال تناولها للعمليات الفنية التي تتم في داخلها وتنمية مجموعاتها وخدماتها التي تقدمها وكيفية استخدامها لتكنولوجيا المعلومات وتطبيقها من خلال الانظمة الآلية المتكاملة.

لكن الملاحظة ان ما تجده في هذه المكتبات تجده في غيرها اضافة الى ان معظم المجموعات بها عبارة عن مجموعات دينية وتاريخية ولغوية وهذه المجموعات بالنسبة للمختصين والمهتمين بالعلم لا تعتبر شيئاً جديداً بحكم توفرها في مكتباتهم الخاصة ولذلك فلا يوجد داع للذهاب الى المكتبة العامة من وجهة نظرهم فهذا ليس عزوفاً من القراء ولكنه نقص في المكتبات ذاتها فلو وفرت المكتبات العامة نوعية من المواد غير المتوفرة لدى الجمهور لاضطر ذلك القارئ الى الذهاب الى المكتبة العامة لارواء شبقه الثقافي منها, ايضاً نوعية الخدمات التي تقدمها المكتبات فهي جداً ضعيفة بمعنى اقتصارها على المواد التقليدية وهي الكتب فقط, اضافة الى العامل النفسي الذي يصطدم به الزائر عندما يقدم الى المكتبة ولايشعر بالراحة لعدم اتباعها للوسائل المريحة للقراءة.

بعد الجولة اتجهنا لوضع الحقائق امام نائب مدير المكتبة احمد الثقفي حيث قال: بالنسبة للوحة فقد سقطت على الارض من جراء الهواء والغبار الذي شهدته المحافظة قبل 4 اشهر والان جار العمل على استبدالها بلوحة اخرى اما فيما يخص المصعد فان عمره الافتراضي قد انتهى فهو يعمل منذ ما يقرب 30 سنة.

ولفت الثقفي الى قلة الرواد للمكتبة فهناك عدة اسباب من اهمها موقع المكتبة الذي لايتلاءم مع التطور العمراني والنهضة الحضارية والثقافية التي تشهدها المحافظة بالاضافة الى ان الشوارع المؤدية الى المكتبة اصبحت شبه مقفلة, زيادة الى اجواء الصيف وما يشهده من ركود ثقافي عام.



--------------------------------------------------------------------------------
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشر