بسم الله الرحمن الرحيم









الحمد لله وكفا وصلاة وسلام على نبيه المصطفى وبعد :

استهلال :

كتبت هذه المقالة عندما رأيت السهام تنهال علينا من كل جانب وصدق فينا قوله تعالى { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } البقرة ، وقول رسوله الكريم صلوات ربي وسلامه عليه (‏ ‏تكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ‏ ‏ويمسي كافرا ‏ ‏ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أقوام دينهم ‏ ‏بعرض ‏ ‏من الدنيا ) رواه الترمذي ، نعم والله يا رسول الله لقد صدق الله ورسوله وها نحن الآن نذود عن ديننا وأنفسنا وأهلينا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ونسأل الله أن يجزل لنا الثواب وأن يثبتنا على الحق إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وبعد ،

ذكر الله تعالى في قصة موسى عليه السلام عندما خرج من مصر خائفا يترقب فقال تعالى { ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهما امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير } القصص ، وهنا يصف تعالى هاتين المرأتين وكيف أنهن لا يسقين حتى ينفض القوم من حول الماء ثم يذهبن لسقاية غنمهن وما ذلك إلا لضعفهن ، ويذكر بعد ذلك قوله { وأبونا شيخ كبير } ودلالته أي أن أبانا لو كان قادرا لما قدمنا لنسقي ولكان هو الأولى أن يسقي غنمه ، يقول الطبري في تفسيره " لَا يَسْتَطِيع مِنْ الْكِبْر وَالضَّعْف أَنْ يَسْقِيَ مَاشِيَته " ، لأن الأولى لمثل هذه الأعمال الرجال لأن النساء بطبيعتهن خلقن لبيوتهن وبعولتهن وتربية أبنائهن .

لم تكن المرأة يوما للأعمال الشاقة والأعمال الرجولية الخشنة القوية بل هيأ الله لها جسما وعقلا ونفسية خاصة لكي تؤدي أعمالا خاصة يقول تعالى { وليس الذكر كالأنثى } آل عمران ، وهذا خلق الله سبحانه فتبارك الله أحسن الخالقين ، لذا جعل لكل منهما أعماله التي تتناسب مع كيانه وفطرته التي فطره عليها فجعل للرجل الأعمال الشاقة التي خارج البيت وجعل للمرأة أعمال المنزل والتربية فكل يتناسب مع ما خلق له ، فجعل الرجل قويا صبورا جلدا وجعلت المرأة لينة ذات حياء ورقة وحنان فسبحان الله جل في علاه { فارجع البصر هل ترى من فطور (3) ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير } الملك .

وهاهم الآن دعاة على أبواب جهنم يخرجون من بيننا ويتكلمون بألسنتنا ويتلبسون الإسلام والإسلام منهم براء ، فينادون إلى مخالفة الفطرة وإلى عكس الواقع وإلى حجب شمس الحقيقة بدعاوى كاذبة ومطالبات واهية وما ذاك إلا لإرضاء أسيادهم من أبناء القردة والخنازير ممن يغيضهم عظمة هذا الدين وعدله ومساواته وشرائعه ، وفيهم يقول تعالى { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون } النور ، فالله أكبر ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ، فحالهم والله يرثى إليه ، مساكين هم مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ملعونين أين ما ثقفوا ، فالله أسأل أن يرد كيدهم في نحورهم .

يقول صلى الله عليه وسلم (ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء) رواه الترمذي ، و‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏(‏خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ) ابن ماجه ، وكان صلى الله عليه وسلم يأمر النساء في الطرقات أن لا يزاحمن الرجال وأن يمشين مع حافة الطريق ولا يمشين في منتصفها وامتثل ذلك صحابته رضوان الله عليهم فأصبحن النساء يمشين مع حافة الطريق ، حتى أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه هيأ من بيت مال المسلمين أناس ينصحون النساء لأن يمشين مع حافة الطريق ، وكان صلى الله عليه وسلم يعطيهن درسا منفصلا كما لرجال درسا منفصلا ، وكذا حال المؤمنين بأن يفصلون مجتمعات الرجال عن مجتمعات النساء لأن لكل خصوصيته أما تلك الدعاوى الكاذبه فليست من الإسلام في شيء وهو منها براء براءة دم القميص من دم يوسف عليه السلام ، وكان الأمر صريحا للنساء بأن يخفضن أصواتهن كما قال تعالى { يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا } الأحزاب ، فإذا كان هذا لأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن فلما سواهن كان أولى وأحق بذلك ، وقال { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يبدين من زينتهن .. الآية } النور ، فهذا للخلخال فما سيكون للأمور الأخرى ، ويقول صلى الله عليه وسلم ( الحمو الموت ) فإذا كان هذا حال أخو الزواج فما سواه كان أولى .

كان هذا حال الرسول صلوات ربي وسلامه عليه وأصحابه رضوان الله عليهم وهم أفضل الخلق وأخشاهم وأتقاهم وأعلمهم ومع هذا تجده صلى الله عليه وسلم يحذرهم ويعضهم ويناصحهم لما يعرف من الحق ولما يعرف من فتنة النساء على الرجال ، واليوم يأتي من يقول الأمة بلغت من الثقافة والحضارة والتمدن ما يجعل نساءها ورجالها يعيشون سويا مختلطين دون أن يحدث شيئا ، ونسوا قوله صلى الله عليه وسلم ( ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) ، فإليكم أيه القوم المتحضرون والمتطورون هل نحن أفضل من جيل محمد صلى الله عليه وسلم هل نحن أحرص منهم هل نحن بلغنا مثل ما بلغوا هل إيماننا أقوى من إيمانهم حتى نستطيع أن نصبر على مثل هذا الإختلاط هل وهل وهل ولن يقووا على الرد لأن الحق لا يمكن تكذيبه ولأن الشمس لا يمكن أن تحجب بغربال .

نحن لا ندعوا إلى كبت المرأة وسلبها حقوقها بل نحن ندعوا إلى إعطائها حقوقها التي شرعها الله لها ، فنناشد إلى إعطائها حق العلم والعمل المناسب لكيانها وفطرتها وندعوا إلى إعطائها حقوقها الشرعية كحق النفقة وحق الميراث وغيرها ، ولكننا في نفس الوقت نحافظ عليها فلا ندعوها للإختلاط والتفصخ والعري والخروج من بيت زوجها كما يحلوا لها دون إذنه ، فهذه هي الوسطية التي جعلنا الله عليها لا غلوا ولا تفريط قال تعالى { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } البقرة ، والله تعالى أعلم .

وإليكم هذه الصدمة لمن نادى وتشدق بحقوق المرأة التي جعلها في مقود وكشف وجه وسفر وحرية وإمامة ورجولة والعياذ بالله لندق به آخر مسمار في نعشهم ، ونثبت لهم بأنا بإذن الله أقوياء ما دمنا متمسكين بديننا .


إن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان ، والله من وراء القصد ..

ولا تنسونا من خالص دعائكم ..