نعم، ثمة فارق بين سرقات النحل وسرقات النمل! فالنحل يسرق دون أن يلحق أضراراً بغيره، شأن الفنان الذي يتأثر تأثراً عميقاً بأفكار غيره ثم يجد نفسه وقد أخذ منها ما يلزمه، أو ما يفيده، أو ما يعجبه. أما النمل فقد يسرق مخزناً للقمح بأكمله، شأن من يسطو على أفكار الغير دون ذوق أو تمييز أو استيعاب حقيقي، بغية الاستفادة المادية من هذا السطو. ومن أبرز أمثلة سرقات النحل التي عادت بالخير على البشرية سرقات شكسبير وموليير ولافونتين. فثمة مسرحيتان اثنتان فحسب من بين سبع وثلاثين مسرحية لم يسرق شكسبير فكرتيهما من مؤلفات من سبقوه. ومعظم خرافات لافونتين مأخوذة من إيسوب وغير إيسوب. أما موليير فكان يسطو على ما يحتاج إليه من أفكار من كل من هب ودب، دون استئذان، ودون اعتذار، ودون إقرار بالفضل، سواء كان أصحاب الفضل من القدماء أو المحدثين، من الإسبان أو الإيطاليين أو حتى الفرنسيين، دون أن يلومه أحد على ما فعل.
والواقع أنه مهما سطا كاتب اليوم على أفكار غيره فلن يكون قد سرق أكثر مما سرقه شكسبير أو موليير أو لافونتين في زمانهم. والخلاصة أنه لا قيمة للتناول الأدبي لأي موضوع إلا ان صدر عن عبقري. ولا يهمنك أن يكون غيرك قد تناول الموضوع نفسه.
من مقالة للكاتب حسين أحمد أمين ، الشرق الأوسط ، العدد 9637 وتريخ 17/4/2005م.
والواقع أنه مهما سطا كاتب اليوم على أفكار غيره فلن يكون قد سرق أكثر مما سرقه شكسبير أو موليير أو لافونتين في زمانهم. والخلاصة أنه لا قيمة للتناول الأدبي لأي موضوع إلا ان صدر عن عبقري. ولا يهمنك أن يكون غيرك قد تناول الموضوع نفسه.
من مقالة للكاتب حسين أحمد أمين ، الشرق الأوسط ، العدد 9637 وتريخ 17/4/2005م.
تعليق