أيام الطفولة تعتبر أجمل أيام حياة الإنسان ..
مهما كبر الواحد منا تظل ذاكرته (متروسةً ) ببعضٍ من ذكريات الطفولة ..
بصدفة قابلت اليوم (أبا سعدون) الذي حل - قبل ثلاثين سنة - ضيفًا على عمي - رحمه الله - وهو رجلٌ في الأربعين آنذاك..
قابلته وقد طمست السنون بعضـًا من ملامحه ..
ما إن لمحته حتى بدأت الذاكرة العودة إلى الوراء فتوقفت عند ربع قرن فوقه خمس ..
لا تزال تفاصيل زيارة أبي سعدون لعمي حاضرة ولم تغب مع الكثير مما غاب وأندثر، لا لشيء إلاّ لغرابة ما صاحبها من أمرٍ تجاوز إطار العقل والمنطق..
من بعيد شاهدنا أبا سعدون على حماره الذي يسابق الريح ..
اختلفت التخمينات على شخصية القادم ..
لم نمكث طويلاً حتى اتضحت هوية القادم ، هو أبو سعدون..
إذًا: على عمي أن يستعد لاستقباله لأنه لن يتعداه إلى غيره .. صديقٌ حميمٌ..
ربط حماره في الشجرة التي في ساحة المنزل ، ثم أخذ طريقه إلى حيث المكان المعد له وسط عاصفة من الترحيب ..
لم يبدأ أبو سعدون ( علومه ) - نشرة الأخبار سابقًا - إلاّ وغراب يقع على ظهر الحمار ثم بدأ بـ (نعقة) ما كاد يتمها حتى بدأ الحمار بــ (نهقة)..
قطع أبو سعدون علومه قائلاً : لهذا الغراب قصة ..ثم واصل..
من الطبيعي أن الأطفال تستهويهم كلمة ( قصة ) كنت على أحر من الجمر في انتظار قصة الغراب..
أتم أبو سعدون علومه ، ورد عليه عمي .. والسوادي لا يزال يحدوه الأمل في سردٍ قصصي من أبي سعدون..!!
نعق الغراب ، ولمَّا ينتهي بعدُ حتى نهق الحمار..
تبسم عمي وأشاح بوجهه عن الضيف حتى لا يلحظه أما أنا فضحكت ضحكة كان جزاؤها محفوظًا إلى ما بعد ذهاب أبي سعدون ، لأن الضحك في وجه الضيوف محظور ..
لم يكن أبو سعدون غبيًا ، فقد لاحظ بسمة عمي ناهيك عن ضحكتي ..
قال أبو سعدون : قلت لكم إن لهذا الغراب قصةً ، هنا نسيت ما ينتظرني من عقاب واعتدلت لسماع ما سيقصه علينا أبو سعدون..
فبدأ قائلاً : اشتريت هذا الحمار بثمنٍ بخس لا لعيب فيه إلاّ لأن صاحبه كرهه من أجل هذا الغراب ، أينما أذهب بحماري لا بد أن يقتفي أثرنا وإذا ما ابتعدت عن الحمار وقع على ظهره فأجلس مهمومًا بين نهيق ونعيق..
استغربتُ ذلك التوافق وذلك التآزر بين مخلوقين من فصيلتين مختلفتين ،كم كنت أتمنى في حينها أن أسأل أبا سعدون عن سر العلاقة بين الحمار والغراب لكنني لا أستطيع فلو سألت الضيف وأنا في تلك السن فسيكون الجواب ( شونـًا) يقصم ظهر الجمل فما بالكم بجسم طفل ..
لايزال السؤال ماثلاً منذ ذلك اليوم وإجابته ما زالت غائبة ..لكنني لا أنسى كلما تذكرت تلك القصة أن أقول :سبحان من ألـّـف..سبحان من ألـّف..
السوادي
مهما كبر الواحد منا تظل ذاكرته (متروسةً ) ببعضٍ من ذكريات الطفولة ..
بصدفة قابلت اليوم (أبا سعدون) الذي حل - قبل ثلاثين سنة - ضيفًا على عمي - رحمه الله - وهو رجلٌ في الأربعين آنذاك..
قابلته وقد طمست السنون بعضـًا من ملامحه ..
ما إن لمحته حتى بدأت الذاكرة العودة إلى الوراء فتوقفت عند ربع قرن فوقه خمس ..
لا تزال تفاصيل زيارة أبي سعدون لعمي حاضرة ولم تغب مع الكثير مما غاب وأندثر، لا لشيء إلاّ لغرابة ما صاحبها من أمرٍ تجاوز إطار العقل والمنطق..
من بعيد شاهدنا أبا سعدون على حماره الذي يسابق الريح ..
اختلفت التخمينات على شخصية القادم ..
لم نمكث طويلاً حتى اتضحت هوية القادم ، هو أبو سعدون..
إذًا: على عمي أن يستعد لاستقباله لأنه لن يتعداه إلى غيره .. صديقٌ حميمٌ..
ربط حماره في الشجرة التي في ساحة المنزل ، ثم أخذ طريقه إلى حيث المكان المعد له وسط عاصفة من الترحيب ..
لم يبدأ أبو سعدون ( علومه ) - نشرة الأخبار سابقًا - إلاّ وغراب يقع على ظهر الحمار ثم بدأ بـ (نعقة) ما كاد يتمها حتى بدأ الحمار بــ (نهقة)..
قطع أبو سعدون علومه قائلاً : لهذا الغراب قصة ..ثم واصل..
من الطبيعي أن الأطفال تستهويهم كلمة ( قصة ) كنت على أحر من الجمر في انتظار قصة الغراب..
أتم أبو سعدون علومه ، ورد عليه عمي .. والسوادي لا يزال يحدوه الأمل في سردٍ قصصي من أبي سعدون..!!
نعق الغراب ، ولمَّا ينتهي بعدُ حتى نهق الحمار..
تبسم عمي وأشاح بوجهه عن الضيف حتى لا يلحظه أما أنا فضحكت ضحكة كان جزاؤها محفوظًا إلى ما بعد ذهاب أبي سعدون ، لأن الضحك في وجه الضيوف محظور ..
لم يكن أبو سعدون غبيًا ، فقد لاحظ بسمة عمي ناهيك عن ضحكتي ..
قال أبو سعدون : قلت لكم إن لهذا الغراب قصةً ، هنا نسيت ما ينتظرني من عقاب واعتدلت لسماع ما سيقصه علينا أبو سعدون..
فبدأ قائلاً : اشتريت هذا الحمار بثمنٍ بخس لا لعيب فيه إلاّ لأن صاحبه كرهه من أجل هذا الغراب ، أينما أذهب بحماري لا بد أن يقتفي أثرنا وإذا ما ابتعدت عن الحمار وقع على ظهره فأجلس مهمومًا بين نهيق ونعيق..
استغربتُ ذلك التوافق وذلك التآزر بين مخلوقين من فصيلتين مختلفتين ،كم كنت أتمنى في حينها أن أسأل أبا سعدون عن سر العلاقة بين الحمار والغراب لكنني لا أستطيع فلو سألت الضيف وأنا في تلك السن فسيكون الجواب ( شونـًا) يقصم ظهر الجمل فما بالكم بجسم طفل ..
لايزال السؤال ماثلاً منذ ذلك اليوم وإجابته ما زالت غائبة ..لكنني لا أنسى كلما تذكرت تلك القصة أن أقول :سبحان من ألـّـف..سبحان من ألـّف..
السوادي
تعليق