Unconfigured Ad Widget

Collapse

دور الأسرة في التربية الإيمانية للطفل

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • اسدالقاهرة
    عضو مشارك
    • Jan 2005
    • 170

    دور الأسرة في التربية الإيمانية للطفل

    يولد الطفل في أسرة تتكون من أب ، وأم . وهما اللذان يقومان بتربيته وكفالته ، حتى يصل إلى مرحلة الرجولة ، وحينئذٍ يستطيع أن ينفصل عنهما . وقد تكون الأسرة مكونة من أكثر من الأب والأم ، كالأخوة والأخوات .
    والأسرة هي البيئة الطبيعية ، التي تتعهد الطفل بالتربية ، لأن غريزة الأبوة والأمومة ، هي التي تدفع بكل من الأب ،والأم ، إلى القيام برعاية الطفل وصيانته ، ولا سيما في السنوات الأولى من طفولته .وتعد مرحلة الطفولة المبكرة ، من أهم مراحل الحياة في تاريخ الناشئ ، إذ هي الأساس الذي يعتمد عليه نمو الطفل ، في المراحل التالية .


    وإن الأبوة والأمومة هما أعظم تبعة تقع على عاتق الإنسان ، قال تعالـى : ) وأنكِحُوا ا الأيامَى منكم والصالحينَ من عبادِكم وإمائكم ([ النور : 24 / 32 ] ، والرسول صلى الله عليه وسلم يطلب اختيار الزوج من النساء ، فيقول ( تخيروا لنُطفِكم وانكحوا الأكْفاءَ ) رواه ابن ماجة والدار قطني . وقد سئل سيدنا عمر رضي الله عنه عن حق الولد على أبيه ، فأجاب ( أن ينتقي أمه ، ويحسن اسمه ، ويعلمه القرآن ) (1) .
    إن نشأة الأجيال على الطهارة والعفة والاستقامة ، تعتمد على الصفات التي يتوارثها الأبناء خلقية ، أو جسمية ، أو عقلية . وقد حثت الأحاديث النبوية على تحسين النسل ، بتفضيل المرأة البعيدة ، أو التي لا صلة قربى تربطها بالرجل ،حرصاً على انتقاء العيوب الوراثية التي يحملها الزوجان إلى الأبناء .

    وقد أثبتت التجارب العلمية في اختبارات الذكاء صحة هذه النظرية ،التي تنادي بالتغرب في الزواج ، حتى لا يأتي نسل ذوي القربى ضعفاء الجسم والخلق ، أو بغير ذلك من العيوب الوراثية .
    - أهداف تكوين الأسرة في الإسلام :
    إن الأسرة المسلمة هي المعقل الأول ، الذي ينشأ فيه الطفل ، في جو التربية الإسلامية .وقد اهتم الإسلام بالطفل من حيث تربيته على أسس معينة منذ ولادته . ولو تأملنا بعض آيات القرآن ، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم . في موضوع تكوين الأسرة المسلمة ، لوجدنا أن أهداف تكوين الأسرة في الإسلام ، هي (2):
    1-إقامة حدود الله :
    ويعني أن يحقق الزوجان شَرْعَ الله ومرضاته ، في كل شؤونها وعلاقتهما الزوجية ، وهذا معناه إقامة البيت المسلم الذي يبني حياته على تحقيق عبادة الله ، أي على تحقيق الهدف الأسمى للمنهج التربوي الإسلامي للطفل .
    وقد ورد تعليل إباحة الطلاق حين تطلبه المرأة ، خوفاً من عدم إقامة حدود الله . قال تعالى : ) فَإِنْ خُفْتُمْ ألاَّ يُقيما حدود الله ، فلا جُناحَ عَلَيْهِما فيما افْتَدَتْ بِهِ ( [ البقرة : 2/ 229 ]. كما أنه سبحانه وتعالى علل إباحة الرجوع إلى الزوج بعد أن تتزوج المرأة زوجاً غيره ، بتوقع إقامة حدود الله ، أي إقامة الحياة الزوجية على تقوى من الله ، كالتعفف وحسن المعشر وغض البصر ، قال تعالى : ) فإن طَلَّقَها فَلا جُنَاحَ عَلَيْهما أن يَتَرَاجَعا إنْ ظَنَّا أنْ يُقَيما حُدودَ الله ( [ البقرة : 2 / 230 ] .
    وبذلك ينشأ الطفل ويترعرع في بيت أقيم على التقوى من الله ورغبة في إقامة حدود الله ، وتحكيم شريعته ، فيتعلم ويقتدي بذلك من غير كبير جَهد أو عناء ، إذ يمتص عادات أبدية بالتقليد ، ويقتنع بعقيدتهما الإسلامية حين يصبح واعياً .
    2-تحقيق السكون النفسي والطمأنينة :
    قال تعالى : )هُوَ الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ نفسٍ واحدةٍ وجَعَلَ منها زَوْجَهَا ليسكن إليها ( [ الأعراف : 7 /189 ] . وقال أيضاً : )ومِنْ آياته أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسِكمْ أَزْواجاً لِتَسكُنوا إليها وَجَعَل بَيْنَكُمْ مودةً وَرَحْمَةً ( [ الروم : 30 / 21 ] .
    فإذا اجتمع الزوجان على أساس من الرحمة والاطمئنان النفسي والعطف والمودة ، بعيداً عن القلق وعن العقد والأمراض النفسية ، التي تضعف شخصيته .
    3-تحقيق أمر الرسول الكريم بإنجاب النسل المؤمن الصالح :
    جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد ، أفأتزوجها ؟ قال : لا ، ثم أتاه الثانية فنهاه ، ثم أتاه الثالثة ، فقال تزوجوا الودود الولود ، فإني مكاثر بكم الأمم ) رواه أبو داود ، والنسائي ، والحاكم .
    وقال أيضاً تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة ) (3) .وقد تنوع حديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وهذا دليل واضح ، على أن البيت المسلم يجب عليه أن يربي أبناءه تربية تحقق هدف الإسلام ، وأركان الإيمان في نفوسهم وسلوكهم ، لأن المباهاة إنما تكون بكثرة النسل الصالح .
    فعلى الأبوين تقع مسؤولية تربية الأبناء ، ووقايتهم من النار ،التي تنتظر كل إنسان لا يؤمن بالله ، أو يتبع غير سبيل المؤمنين ، قال تعالى : } يا أيُّهَا الذين آمنوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْليكُمْ ناراً وَقُودُها الناسُ والحجارة { [ التحريم : 66 / 6 ] وجاء لفظ ( أهليكم ) بالجمع ليشمل الزوجة والولد .
    وهذه المسؤولية تزداد في أيامنا ، لأن بعض عناصر الحياة الاجتماعية ، خارج الأسرة ، ليست في كل الأحيان موافقة لهدف التربية الإسلامية ، كالمجلات والقصص الماجنة ، وغيرها من وسائل الإعلام السمعية والمرئية ، التي تتسرب إلى الأطفال ، فإذا لم يبق الأبوان يقظين حذرين، لن يستطيعا إنقاذ أبنائهما من الضياع والانحراف .
    4-إرواء الحاجة إلى المحبة عند الأطفال :
    الرحمة بالأولاد من أهم الغرائز التي فطر عليها الإنسان والحيوان ، وجعلها الله
    أساساً من أسس الحياة النفسية والاجتماعية والطبيعة لكثير من الكائنات الحية .
    وتتحمل الأسرة مسؤولية رحمة الأولاد ، ومحنتهم ، والعطف عليهم ،لأن هذا من أهم أسس نشأتهم ومقومات نموهم النفسي والاجتماعي ، نمواً قوياً سوياً ، فإذا لم تتحق المحبة للأولاد بالشكل الكافي المتزن ، نشأ الطفل منحرفاً في مجتمعه ، لايحسن التآلف مع الآخرين ، ولا يستطيع التعاون أو تقديم الخدمات والتضحيات ، وقد يكبر فلا يستطيع أن يكون أباً رحيماً ، أو زوجاً متزناً حسن المعشر ، ولا جاراً مستقيماً لا يؤذي جيرانه ، وغير ذلك من أنماط السلوك .
    لذلك ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثلاً أعلى في محبة الأطفال ، ورحمتهم ، والصبر على مداعبتهم . روي أن أبا هريرة رضي الله عنه ، قال : قَبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبلت فيهم أحداً ، فنظر إليه رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ( مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ ) رواه البخاري .وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يأخذ أسامة بن زيد فيقعده على فخذه ، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ، ثم يضمهما ، ثم يقول : ( اللهم ارحمهما فإني أرحمهما ) رواه البخاري .
    5-صون فطرة الطفل عن الزلل والانحراف :
    اعتبر الإسلام الأسرة مسؤولة عن فطرة الطفل،واعتبر كل انحراف يصيبها مصدره الأول الأبوان ، أو من يقوم مقامهما من المربين . ذلك أن الطفل يولد صافي السريرة ، سليم الفطرة، وفي هذا المعنى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه : ( ما من مولود يولد إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يُهَوِّدَانهِِ ، أو يُنَصِّرانِهِ ، أو يُمَجِّسَانِهِ، كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جمعاء (4) ، هل يُحَسُّونَ فيها مِنْ جَدْعاء(5) رواه البخاري . ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه : )فِطْرَةَ اللهِ التي فَطَرَ الناسَ عَلَيْهَا لا تَبْديلَ لِخَلقِ اللهِ ،
    ذَلِكَ الدِّين القَيِّمُ([ الروم : 30 / 3 ] .وقد فهم الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه ، أن الفطرة هي استعداد المولود للدين القيم ، دين التوحيد ، وأن سنة الله لا تتغير في جميع المواليد البشرية ،فساق الآية لإيضاح معنى الحديث .
    وأهم واجبات التربية الأسرية : التربية الإيمانية للطفل ، وذلك بتوجيه عواطف الطفل نحو حب الله ، وحب رسوله . وإخباره بأن الله يجب أن يكون أحب إليه من أمه وأبيه ونفسه التي بين جنبيه ، وإلى جانب عاطفة الحب ، تكوِّن عاطفة الخوف من الله ، لأن العاطفة الأولى تؤدي إلى طاعة الله والعمل بما أمر ، والثانية تؤدي إلى البعد من المعاصي قولاً أو فعلاً ، ظاهرة أو باطنة . والأطفال يستهويهم الحديث عن الله وحبه ، والجنة والنار ، ووسائل الوصول إليها.وعلى الآباء إشعار أبنائهم بأن حبهم لله ، ينشأ من حاجتهم الدائمة إليه هم وأباؤهم، لأن كل شيء بيد الله ، الإحياء والإماتة والشقاء والسعادة ، والرزق والنعمة والهداية والضلال ، وهذه الحاجة هي التي تجعلنا نحبه أولاً ، ونقوم بواجب الشكر ثانياً ، من اتباع لما أمر واجتناب لما نهى .
    ( إن غرس الإيمان الحقيقي في نفوس الناشئة ، والإيمان المطلق بالله بصفاته الثابتة له ،وحبه والخضوع له ، والخوف منه ، والالتجاء إليه في كل أمر هو السعادة للأبناء والأسرة، خاصة إذا أثبتت العقيدة بالطرق التربوية السليمة ، التي تقوم على العاطفة والعقل والعلم والحكمة حتى يكون الإيمان هو مصدر السلوك وموجه الإنسان في الحياة ، والرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا التدرج في تربية الأولاد ، فيقول فيما رواه ابن عباس : افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله . ثم أمرهم بالصلاة في السابعة ، ثم تأديبهم على حب النبي وآل بيته وتلاوة القرآن ، وتعريفهم بالحلال والحرام ممارسة أمامهم ، تلقيناً وتوجيهاً لهم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي ، ووعظاً بتوصيلهم إلى بعض الأمور كما كان يفعل الرسول مع ابن عباس )(6).
    إن الأسرة هي البيئة الأولى ، التي يتعلم فيها الطفل ، فإذا الطفل ، وجد الأبوان
    الصالحان اللذان يرعيان ويوجهان ويحسنان التربية ، نشأ الأطفال نافعين لأنفسهم ، ولأمتهم ، ومطيعين لربهم ، منجين لأنفسهم وأهليهم من عقاب الله وسخطه .


    ____________________________
    - المراجع:
    (1) د . عباس محجوب : أصول الفكر التربوي في الإسلام ، ص 224 دار ابن كثير ، دمشق ط (1) 1987م
    (2) عبد الرحمن النحلاوي : أصول التربية الإسلامية ، ص 135 - 140 دار الفكر ، دمشق ط (2) 1983م
    (3) المرجع السابق ، ص 136
    (4) الجمعاء من البهائم : التي لم يذهب من أجزاء بدنها شيء .
    (5) جدعاء : أي قطع طرف من أطرافها .
    (6) د . عباس محجوب : أصول الفكر التربوي في الإسلام ، ص 260
Working...