السلام عليكم
التعميم في الذم:
فتجد من الناس من يغلب عليه جانب المبالغة في إطلاق الأحكام، فتراه يعمم الحكم في ذم طائفة، أو قبيلة، أو جماعة من الناس.
وهذا التعميم قد يوقعه في الحرج دون أن يشعر؛ فقد يكون من بين الحاضرين من يتناولهم ذلك الذم العام؛ فلا ينتبه المتكلم إلا بعد أن تقع الفأس بالرأس.
بل ربما عرََّض ذلك الذام نفسه للإساءة؛ فقد يسيء بكلامه إلى شخص غضوب لا يتحمل الإساءة، فيقود ذلك إلى الانتقام والتشفي، ورد الإساءة بمثالها أو أشد. قال ابن المقفع :" إذا كنت في جماعة قوم ابدأ فلا تعمَّنَّ جيلاً من الناس، أو أمة من الأمم بشتم ولا ذم ؛ فإنك لا تدري لعلك تتناول بعض أعراض جلسائك مخطئاً فلا تأمن مكافأتهم، أو متعمداً فتنسب إلى السفه. ولا تذمَّنَّ مع ذلك اسماً من أسماء الرجال أو النساء بأن تقول :إن هذا لقبيح من الأسماء؛ فإنك لا تدري لعل ذلك غير موافق لبعض جلسائك، ولعله يكون بعض أسماء الأهلين، ولا تستصغرنَّ من هذا شيئاً ؛ فكل ذلك يجرح في القلب، وجرح اللسان أشد من جرح اليد."
كثرة الأسئلة وتعمد الإحراج فيها :
قال صلى الله عليه وسلم :" ويكره لكم ثلاث : قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال" فكثرة الأسئلة، والتعنت فيها، وتعمد الإحراج للمسئول عنها، كل ذلك لا يصدر عن المتحدث اللبق دمث الخلق.
ثم إن هذا السائل قد يوقع نفسه فيما يسوؤه، فلربما عرَّض نفسه لرد موبخ مسكت..كان أبو حنيفة جالساً يلقي بعض دروس العلم وكان يمد إحدى رجليه لألم كان بها، فأتى أحد الرجال ممن تدل هيئتهم على عِظَم قدرهم، وجلس في مجلس أبي حنيفة ليستمع إليه، فما كان من أبي حنيفة إلا أن ثنى رجله احتراماً للرجل، ثم بعد برهة، سأل الرجل أبا حنيفة قائلاً:" متى يفطر الصائم" فرد أبو حنيفة : "عندما تغرب الشمس. " فسأل الرجل : " فإن لم تغرب الشمس" قال أبو حنيفة:" يمد أبو حنيفة رجله." ومد رجله أمام الرجل.
سرعة الجواب:
فمن العيوب التي تنافي أدب المحادثة ، أن يتعجل المرء الجواب، فيجيب دون أن ينهي السائل كلامه، أو يجيب عن سؤال لم يوجه إليه مباشرة، بل طرح في مكان عام دون أن يوجه إلى أحد بعينه. وأقبح ما هذا أن يجيب المرء عن سؤال وجِّه إلى غيره .
فهذا كله مناف لأدب المحادثة ، ودليل على الخفة والطيش، وهو من العجلة المذمومة التي تزري بصاحبها وتحط من شأنه ، وتورثه الزلل والندم.
قال عمر بن عبد العزيز : " خصلتان لا تعدمانك من الجاهل: كثرة الالتفات، وسرعة الجواب."
وقال ابن المقفع : " وإذا لم يقصد السائل في المسألة لرجل واحد، وعم بها جماعة من عنده، فلا تبادرنَّ بالجواب، ولا تسابق الجلساء، ولا تواثب بالكلام مواثبة؛ فإن ذلك يجمع مع شين التكلف والخفة أنك إن سبقت القوم إلى الكلام، صاروا لكلامك خصماء، فتعقبوه بالعيب والطعن. وإذا أنت لم تعجل بالجواب، وخليته للقوم،اعترضت أقاويلهم على عينك، ثم تدبرتها وفكرت في ما عندك، ثم هيأت من تفكيرك ومحاسن ما سمعت جوابا ًرضياً، ثم استدبرت به أقاويلهم حين تصيخ إليك الأسماع، ويهدأ عندك الخصوم."
الحرص على إبداء الرأي في كل صغيرة وكبيرة :
فمن الناس من يحرص على إبراز نفسه، وإظهار قدرته وخبرته، وإشعار الآخرين بحنكته وجودة رأيه، فتراه يحرص على إبداء رأيه في كل صغيرة وكبيرة، ويتعجل ذلك فيقول به بمناسبة وبغير مناسبة، وسواء سئل أم لم يسأل. كل ذلك دونما نظر في العواقب، أو مراعاة للمصلحة .
تقول العرب : "الخطأ زاد العجول"، فليس من الحكمة أن يتعجل الإنسان إبداء الرأي، لأنه ربما جانب الصواب،وخالف الحقيقة، بل ربما قاده ذلك إلى أن يتعصب لرأيه ولو كان غير مصيب، كيلا يوصم بالعجلة والزلل. بخلاف إذا ما تريث وتأنى، فإن ذلك أدعى لصفاء القريحة، وأحرى لأن يختمر الرأي في الذهن ، وأخلق بالسلامة من الخطأ.
بل ليس من الحكمة أن يبدي الإنسان رأيه في كل ما يعلم حتى لو كان متأنياً في حكمه، مصيباً في رأيه، فما كل رأي يجهر به، ولا كل ما يعلم يقال.
قال ابن حيان :" والعجل يقول قبل أن يعلم، ويجيب قبل أن يفهم، ويحمد قبل أن يجرب، ويذم بعدما حمد. يعزم قبل أن يفكر، ويمضي قبل أن يعزم. والعجل تصحبه الندامة، وتعتزله السلامة، وكانت العرب تسمي العجلة أم الندامات."
التعرض للسفلة والسفهاء:
من الناس من لا يأنف من مجاراة السفهاء، والتعرض للسفلة؛ فإذا ما جمعه بهم مجلس، توسع في الحديث معهم وتمادى في مضاحكتهم وممازحتهم، مما يجعله عرضة لسماع ما لا يرضيه من ساقط القول و قبيحه . وليس من الحكمة ولا المروءة أن يتعرض المرء لهؤلاء، وإنما عليه أن يعرض عنهم، ويدع مجاراتهم والحديث معهم إلا بقدر الحاجة؛ من سلام أو رده أو جواب لسؤال أو نحو ذلك:
لا ترجعنَّ إلى السفيه خطابه .. .. إلا جــوا ب تحية حيَّاكــــها
فمتى تحركه، تُحرك جيفة .. .. تزداد نتناً إن أردت حِراكها
وإذا أراد السفيه أن يبدأ بالسفه، فما أجمل الإعراض عنه، وتجاهله؛ كي يقصر عن غيه وسفهه، فبالإعراض عن هؤلاء، يحفظ الرجل على نفسه عزتها؛ إذ يرفعها عن الطائفة التي تتلذذ بالمهاترة وسوء الأدب. يقول الله عز وجل:" خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين".
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
والسلام عليكم
التعميم في الذم:
فتجد من الناس من يغلب عليه جانب المبالغة في إطلاق الأحكام، فتراه يعمم الحكم في ذم طائفة، أو قبيلة، أو جماعة من الناس.
وهذا التعميم قد يوقعه في الحرج دون أن يشعر؛ فقد يكون من بين الحاضرين من يتناولهم ذلك الذم العام؛ فلا ينتبه المتكلم إلا بعد أن تقع الفأس بالرأس.
بل ربما عرََّض ذلك الذام نفسه للإساءة؛ فقد يسيء بكلامه إلى شخص غضوب لا يتحمل الإساءة، فيقود ذلك إلى الانتقام والتشفي، ورد الإساءة بمثالها أو أشد. قال ابن المقفع :" إذا كنت في جماعة قوم ابدأ فلا تعمَّنَّ جيلاً من الناس، أو أمة من الأمم بشتم ولا ذم ؛ فإنك لا تدري لعلك تتناول بعض أعراض جلسائك مخطئاً فلا تأمن مكافأتهم، أو متعمداً فتنسب إلى السفه. ولا تذمَّنَّ مع ذلك اسماً من أسماء الرجال أو النساء بأن تقول :إن هذا لقبيح من الأسماء؛ فإنك لا تدري لعل ذلك غير موافق لبعض جلسائك، ولعله يكون بعض أسماء الأهلين، ولا تستصغرنَّ من هذا شيئاً ؛ فكل ذلك يجرح في القلب، وجرح اللسان أشد من جرح اليد."
كثرة الأسئلة وتعمد الإحراج فيها :
قال صلى الله عليه وسلم :" ويكره لكم ثلاث : قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال" فكثرة الأسئلة، والتعنت فيها، وتعمد الإحراج للمسئول عنها، كل ذلك لا يصدر عن المتحدث اللبق دمث الخلق.
ثم إن هذا السائل قد يوقع نفسه فيما يسوؤه، فلربما عرَّض نفسه لرد موبخ مسكت..كان أبو حنيفة جالساً يلقي بعض دروس العلم وكان يمد إحدى رجليه لألم كان بها، فأتى أحد الرجال ممن تدل هيئتهم على عِظَم قدرهم، وجلس في مجلس أبي حنيفة ليستمع إليه، فما كان من أبي حنيفة إلا أن ثنى رجله احتراماً للرجل، ثم بعد برهة، سأل الرجل أبا حنيفة قائلاً:" متى يفطر الصائم" فرد أبو حنيفة : "عندما تغرب الشمس. " فسأل الرجل : " فإن لم تغرب الشمس" قال أبو حنيفة:" يمد أبو حنيفة رجله." ومد رجله أمام الرجل.
سرعة الجواب:
فمن العيوب التي تنافي أدب المحادثة ، أن يتعجل المرء الجواب، فيجيب دون أن ينهي السائل كلامه، أو يجيب عن سؤال لم يوجه إليه مباشرة، بل طرح في مكان عام دون أن يوجه إلى أحد بعينه. وأقبح ما هذا أن يجيب المرء عن سؤال وجِّه إلى غيره .
فهذا كله مناف لأدب المحادثة ، ودليل على الخفة والطيش، وهو من العجلة المذمومة التي تزري بصاحبها وتحط من شأنه ، وتورثه الزلل والندم.
قال عمر بن عبد العزيز : " خصلتان لا تعدمانك من الجاهل: كثرة الالتفات، وسرعة الجواب."
وقال ابن المقفع : " وإذا لم يقصد السائل في المسألة لرجل واحد، وعم بها جماعة من عنده، فلا تبادرنَّ بالجواب، ولا تسابق الجلساء، ولا تواثب بالكلام مواثبة؛ فإن ذلك يجمع مع شين التكلف والخفة أنك إن سبقت القوم إلى الكلام، صاروا لكلامك خصماء، فتعقبوه بالعيب والطعن. وإذا أنت لم تعجل بالجواب، وخليته للقوم،اعترضت أقاويلهم على عينك، ثم تدبرتها وفكرت في ما عندك، ثم هيأت من تفكيرك ومحاسن ما سمعت جوابا ًرضياً، ثم استدبرت به أقاويلهم حين تصيخ إليك الأسماع، ويهدأ عندك الخصوم."
الحرص على إبداء الرأي في كل صغيرة وكبيرة :
فمن الناس من يحرص على إبراز نفسه، وإظهار قدرته وخبرته، وإشعار الآخرين بحنكته وجودة رأيه، فتراه يحرص على إبداء رأيه في كل صغيرة وكبيرة، ويتعجل ذلك فيقول به بمناسبة وبغير مناسبة، وسواء سئل أم لم يسأل. كل ذلك دونما نظر في العواقب، أو مراعاة للمصلحة .
تقول العرب : "الخطأ زاد العجول"، فليس من الحكمة أن يتعجل الإنسان إبداء الرأي، لأنه ربما جانب الصواب،وخالف الحقيقة، بل ربما قاده ذلك إلى أن يتعصب لرأيه ولو كان غير مصيب، كيلا يوصم بالعجلة والزلل. بخلاف إذا ما تريث وتأنى، فإن ذلك أدعى لصفاء القريحة، وأحرى لأن يختمر الرأي في الذهن ، وأخلق بالسلامة من الخطأ.
بل ليس من الحكمة أن يبدي الإنسان رأيه في كل ما يعلم حتى لو كان متأنياً في حكمه، مصيباً في رأيه، فما كل رأي يجهر به، ولا كل ما يعلم يقال.
قال ابن حيان :" والعجل يقول قبل أن يعلم، ويجيب قبل أن يفهم، ويحمد قبل أن يجرب، ويذم بعدما حمد. يعزم قبل أن يفكر، ويمضي قبل أن يعزم. والعجل تصحبه الندامة، وتعتزله السلامة، وكانت العرب تسمي العجلة أم الندامات."
التعرض للسفلة والسفهاء:
من الناس من لا يأنف من مجاراة السفهاء، والتعرض للسفلة؛ فإذا ما جمعه بهم مجلس، توسع في الحديث معهم وتمادى في مضاحكتهم وممازحتهم، مما يجعله عرضة لسماع ما لا يرضيه من ساقط القول و قبيحه . وليس من الحكمة ولا المروءة أن يتعرض المرء لهؤلاء، وإنما عليه أن يعرض عنهم، ويدع مجاراتهم والحديث معهم إلا بقدر الحاجة؛ من سلام أو رده أو جواب لسؤال أو نحو ذلك:
لا ترجعنَّ إلى السفيه خطابه .. .. إلا جــوا ب تحية حيَّاكــــها
فمتى تحركه، تُحرك جيفة .. .. تزداد نتناً إن أردت حِراكها
وإذا أراد السفيه أن يبدأ بالسفه، فما أجمل الإعراض عنه، وتجاهله؛ كي يقصر عن غيه وسفهه، فبالإعراض عن هؤلاء، يحفظ الرجل على نفسه عزتها؛ إذ يرفعها عن الطائفة التي تتلذذ بالمهاترة وسوء الأدب. يقول الله عز وجل:" خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين".
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
والسلام عليكم
تعليق