< على مائدة اللئام >
تعالى صراخ الصغار فجأة
أسرعت شريفة تستطلع الخبر، إلى حيث يلعب أبناءها
كان خالد ممداً على الأرض بلا حراك
وإخوانه الثلاثة حوله لا يدرون ماذا أصاب أخيهم
أسرعت تضم ابنها ذي السنوات الست؛؛ وقد غرق في غيبوبةٍ عميقة
بلهفة الأم.. أخذت تهدهده وتمسح وجهه بالماء البارد
إلا أن الطفل غائبٌ عن الوجود
عجزت أساليبها البدائية أن تنتشله من إغمائه
عندها انطلقت لمنزل جارهم؛
تحمل ابنها على كتفها؛؛ راجيةً منهم توصيلها بسيارتهم المتهالكة إلى مستشفى البلدة
وسرعان ما درجت السيارة على الطرق الترابية
تحمل في جوفها جارهم الطيب وزوجته
بينما تضم شريفة ابنها إلى صدرها، ودموعها تبدي مقدار خوفها
زوجها التاجر البسيط قتل أثناء حرب الخليج الثانية
كانت الطائرات تلقي حممها العشوائية.. تصلى بنارها المدنيين الأبرياء
ويشاء الله أن يسافر لبغداد في بعض شؤون تجارته
يومها تبدأ الحرب المسعورة.. فتقصف السيارة التي كان يستقلها راجعاً إلى أهله
مودعاً زوجه وليس بيدها إلا النزر اليسير من المال
تعيل به نفسها وأولادها الأربعة
انتهت الحرب البشعة
مخلفةً وراءها الدمار والخراب ورائحة الموت والدماء
وبدأت سنون الحصار الظالم الجائر
أعوامٌ مرةٌ جائعة.. يهوي في غياهبها شعب العراق المسلم
بما توفر لديها من مال جمعها لها جيرانها الفقراء بعد وفاة زوجها
اشترت ماكينة خياطة صغيرة
لتحرك بها ماكينة حياتهم الزهيدة؛ باذلةً وقتها وجهدها وأيام شبابها
مع وقوف السيارة عند المستشفى؛ عادت لواقعها الكريه
نظرت إلى صغيرها السابح في ظلامٍ عميق
أصغر أبنائها وأحبهم إلى قلبها
سالت دمعةٌ من خدها لتقع على وجهه
مسحتها بطرف جلبابها.. وهي تسأل الله أن ينجيه من كل مكروه
وفي المستشفى
تلقفته الأيدي وأسلمته للأجهزة والفحوصات والإنعاشات
ومع نقص الإمكانيات بسبب الحصار؛؛ كان الوضع يزداد سوءاً
بعد ساعات؛؛ أفاق الصغير من إغمائه
نظر حوله بخوف؛ أوشك على البكاء
وعندما وقع طرفه على أمه؛ رفت على فمه الصغير ابتسامةً بريئة
جاوبتها الأم بابتسامةٍ يخالطها دموع
وهي تحمد الله على سلامة صغيرها
لا تدري ما تخبئه لها وله الأيام من آلام
رأت الطبيب يهمس لجارهم بكلمات
لم تخطي عيناها ملامح الذهول والألم في وجه جارهم الطيب
أرادت السؤال عن مرض ابنها
أرادت معرفة ما تطوي لصغيرها الأيام
إلا أن الخوف والوجل أخرساها فلم تستطع الكلام
وفي طريق العودة
قال جارهم العجوز مدارياً ألمه وتألمه لحال هذه الأم البائسة والصغير المسكين:
- ابنتي.. إن الصبر على قضاء الله وما يقدره لهو من واجبات ديننا الحنيف،
والله إذا أحب عبداً ابتلاه لينظر هل يصبر أم...
قاطعته وقد تبدت عليها اللهفة
- أخبرني بما عندك يا عم فما نحن عن المصائب غرباء؛؛ إنما هي تعيش وتحل بديارنا..
- لقد قال لي الطبيب أن ابنك مصاب بـ..بــ ..سـ..رطان الـدم..
ضمت الأم الصغير لصدرها في حنان،، تاركةً الدموع تنهمر بصمت
كان وقع الخبر عليها كالصاعقة.. فما تمخض عنه فاق أعنف كوابيسها..
ألقت نظرةً على هذا الحبيب النائم في هدوء..
فأحست بحبها له يربو ويزداد..
بينما أكمل العجوز:
- إن السرطان الآن في مرحلةٍ مبكرة والأمل في شفاء ابنك كبير إن شاء الله..
- سأبذل كل ما أملك وأضاعف عملي ليل نهار من اجل توفير مصروفات علاجه..
نظر إليها العجوز مشفقاً؛ وهو يلقي عليها الخبر الأشد ألما..
- إن ابنك يحتاج إلى تغيير للدم كل ستة أشهر،، بالإضافه إلى الفحوصات المستمرة والعلاج الدائم؛
وهذه يا ابنتي تكاليفها مرتفعةً جداً لا نستطيعها نحن الفقراء.. وخاصةً مع هذا الحصار المستمر..
مع النشيج ارتفعت تساؤلاتها يقطعها النحيب:
- من أين لي إذن بالمال؟!.. هل اتركه يموت بين يدي دون أن أفعل شيئا؟!..
أليس يوجد طريقةً نؤمن له فيها العلاج؟!..
أرجوك يا عم أخبرني ماذا أفعل لصغيري؟!؛؛ أنت لا تعلم كم أحبه!...
أطلق العجوز زفرةً حارةً والدموع تراود مقلتيه
كانت الحيرة تعصف به فهو مثلها لا يعرف لمصابها مخرجا..
سرح بفكره يبحث عن حلٍ لينقذ هذه المسكينة وابنها
فغرقت السيارة في صمتٍ مريع
يقطعه شهقات الأم الملتاعة.. وأنفاس الصغير النائم بحضنها..
تعالى صراخ الصغار فجأة
أسرعت شريفة تستطلع الخبر، إلى حيث يلعب أبناءها
كان خالد ممداً على الأرض بلا حراك
وإخوانه الثلاثة حوله لا يدرون ماذا أصاب أخيهم
أسرعت تضم ابنها ذي السنوات الست؛؛ وقد غرق في غيبوبةٍ عميقة
بلهفة الأم.. أخذت تهدهده وتمسح وجهه بالماء البارد
إلا أن الطفل غائبٌ عن الوجود
عجزت أساليبها البدائية أن تنتشله من إغمائه
عندها انطلقت لمنزل جارهم؛
تحمل ابنها على كتفها؛؛ راجيةً منهم توصيلها بسيارتهم المتهالكة إلى مستشفى البلدة
وسرعان ما درجت السيارة على الطرق الترابية
تحمل في جوفها جارهم الطيب وزوجته
بينما تضم شريفة ابنها إلى صدرها، ودموعها تبدي مقدار خوفها
زوجها التاجر البسيط قتل أثناء حرب الخليج الثانية
كانت الطائرات تلقي حممها العشوائية.. تصلى بنارها المدنيين الأبرياء
ويشاء الله أن يسافر لبغداد في بعض شؤون تجارته
يومها تبدأ الحرب المسعورة.. فتقصف السيارة التي كان يستقلها راجعاً إلى أهله
مودعاً زوجه وليس بيدها إلا النزر اليسير من المال
تعيل به نفسها وأولادها الأربعة
انتهت الحرب البشعة
مخلفةً وراءها الدمار والخراب ورائحة الموت والدماء
وبدأت سنون الحصار الظالم الجائر
أعوامٌ مرةٌ جائعة.. يهوي في غياهبها شعب العراق المسلم
بما توفر لديها من مال جمعها لها جيرانها الفقراء بعد وفاة زوجها
اشترت ماكينة خياطة صغيرة
لتحرك بها ماكينة حياتهم الزهيدة؛ باذلةً وقتها وجهدها وأيام شبابها
مع وقوف السيارة عند المستشفى؛ عادت لواقعها الكريه
نظرت إلى صغيرها السابح في ظلامٍ عميق
أصغر أبنائها وأحبهم إلى قلبها
سالت دمعةٌ من خدها لتقع على وجهه
مسحتها بطرف جلبابها.. وهي تسأل الله أن ينجيه من كل مكروه
وفي المستشفى
تلقفته الأيدي وأسلمته للأجهزة والفحوصات والإنعاشات
ومع نقص الإمكانيات بسبب الحصار؛؛ كان الوضع يزداد سوءاً
بعد ساعات؛؛ أفاق الصغير من إغمائه
نظر حوله بخوف؛ أوشك على البكاء
وعندما وقع طرفه على أمه؛ رفت على فمه الصغير ابتسامةً بريئة
جاوبتها الأم بابتسامةٍ يخالطها دموع
وهي تحمد الله على سلامة صغيرها
لا تدري ما تخبئه لها وله الأيام من آلام
رأت الطبيب يهمس لجارهم بكلمات
لم تخطي عيناها ملامح الذهول والألم في وجه جارهم الطيب
أرادت السؤال عن مرض ابنها
أرادت معرفة ما تطوي لصغيرها الأيام
إلا أن الخوف والوجل أخرساها فلم تستطع الكلام
وفي طريق العودة
قال جارهم العجوز مدارياً ألمه وتألمه لحال هذه الأم البائسة والصغير المسكين:
- ابنتي.. إن الصبر على قضاء الله وما يقدره لهو من واجبات ديننا الحنيف،
والله إذا أحب عبداً ابتلاه لينظر هل يصبر أم...
قاطعته وقد تبدت عليها اللهفة
- أخبرني بما عندك يا عم فما نحن عن المصائب غرباء؛؛ إنما هي تعيش وتحل بديارنا..
- لقد قال لي الطبيب أن ابنك مصاب بـ..بــ ..سـ..رطان الـدم..
ضمت الأم الصغير لصدرها في حنان،، تاركةً الدموع تنهمر بصمت
كان وقع الخبر عليها كالصاعقة.. فما تمخض عنه فاق أعنف كوابيسها..
ألقت نظرةً على هذا الحبيب النائم في هدوء..
فأحست بحبها له يربو ويزداد..
بينما أكمل العجوز:
- إن السرطان الآن في مرحلةٍ مبكرة والأمل في شفاء ابنك كبير إن شاء الله..
- سأبذل كل ما أملك وأضاعف عملي ليل نهار من اجل توفير مصروفات علاجه..
نظر إليها العجوز مشفقاً؛ وهو يلقي عليها الخبر الأشد ألما..
- إن ابنك يحتاج إلى تغيير للدم كل ستة أشهر،، بالإضافه إلى الفحوصات المستمرة والعلاج الدائم؛
وهذه يا ابنتي تكاليفها مرتفعةً جداً لا نستطيعها نحن الفقراء.. وخاصةً مع هذا الحصار المستمر..
مع النشيج ارتفعت تساؤلاتها يقطعها النحيب:
- من أين لي إذن بالمال؟!.. هل اتركه يموت بين يدي دون أن أفعل شيئا؟!..
أليس يوجد طريقةً نؤمن له فيها العلاج؟!..
أرجوك يا عم أخبرني ماذا أفعل لصغيري؟!؛؛ أنت لا تعلم كم أحبه!...
أطلق العجوز زفرةً حارةً والدموع تراود مقلتيه
كانت الحيرة تعصف به فهو مثلها لا يعرف لمصابها مخرجا..
سرح بفكره يبحث عن حلٍ لينقذ هذه المسكينة وابنها
فغرقت السيارة في صمتٍ مريع
يقطعه شهقات الأم الملتاعة.. وأنفاس الصغير النائم بحضنها..
يتبع
تعليق