Unconfigured Ad Widget

Collapse

عذرا ... حذفت مشاركتك لمخالفتها لأدب الحوار

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • أبو أحمد
    عضو مميز
    • Sep 2002
    • 1770

    عذرا ... حذفت مشاركتك لمخالفتها لأدب الحوار

    الإخوة والأخوات :
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته‎ .
    تحية طيبة وبعد‎ .........
    ‎ لقد رئيت بعض المقالات كثر الجدل حولها مما ادا الى حذفها وان الحذف ليس بحل بل الحل الحوار الهادف والبناء وئليكم هذا البحث عسى ان تكون به الفايده المرجوه



    إن الفرقة بين المسلمين هي أكثر ما يسعى إليه أعداء الدين .. وقد‎ ‎فتحت لنا التكنولوجيا‎
    المتمثلة بالنت طريقاً للحوار والنقاش فيما بيننا وكثرت‎ ‎المنتديات الحوارية .. لكن مع الأسف الشديد لم تزدنا ‏إلا تشاحناً وفرقة بسبب جهل‎ ‎الكثيرين بأهمية الحوار وقواعده وأصوله وما له وما عليه في حين أننا نحتاج ‏للاجتماع‎ ‎قلباً وقالباً‎ .

    لهذا أقدم لكن هذا البحث المتواضع الذي يتكلم عن الحوار مع‎ ‎مقدمة بسيطة عن الاختلاف بين البشر‏‎ .
    ولقد آثرت أن يكون مختصراً وبأسلوب مبسّـط‎ ‎حتى يكون خفيفاً ومقبولاً لدى الجميع‎ .
    سائللا من الله العلي القدير أن ينفع به‏‎ .

    ‎**********************************

    إن الحمد‎ ‎لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات‎ ‎أعمالنا، من ‏يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله‎ ‎وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا ‏عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه،‎ ‎وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا‎.

    ‎(‎يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ‎ ‎مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ‎)

    ‎(‎يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ‎ ‎وَاحِدَة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا‎ ‎وَنِسَاءً ‏وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله‎ ‎كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا‎)

    ‎(‎يَا أَيُّهَا‎ ‎الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ‎ ‎أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ‎ ‎فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا‎)

    الخلاف واقع بين‎ ‎الناس في مختلف الأعصار والأمصار، وهو سنَّة الله في خلقه، فهم مختلفون في ألوانهم‎ ‎وألسنتهم وطباعهم ومُدركاتهم ومعارفهم وعقولهم، وكل ذلك آية من آيات الله، نبَّه‎ ‎عليه القرآن الكريم في ‏قوله تعالى‎: {‎
    وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ‎ ‎السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي‎ ‎ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ} ‏‏(الروم:22‏‎)

    وهذا الاختلاف الظاهريّ‎ ‎دالُّ على الاختلاف في الآراء والاتجاهات والأعراض. وكتاب الله العزيز يقرر هذا في‎ ‎غير ما آية؛ مثل قوله سبحانه‏‎:
    {‎وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ‎ ‎لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا‎ ‎مَنْ ‏رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (هود:119‏‎).

    ومن‎ ‎معنى الآية: لو شاء الله جعل الناس على دين واحد بمقتضى الغريزة والفطرة.. لا رأي‎ ‎لهم فيه ولا ‏اختيار.. وإِذَنْ لما كانوا هذا النوع من الخلق المُسمّى البشر؛ بل‎ ‎كانوا في حياتهم الاجتماعية كالنحل أو ‏كالنمل، ولكانوا في الرّوح كالملائكة؛‎ ‎مفطورين على اعتقاد الحقِّ والطاعة؛ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ‏ما يؤمرون، لا‎ ‎يقع بينهم اختلاف ولا تنازع. ولكنّ الله خلقهم بمقتضى حكمته كاسبين للعلم لا‎ ‎مُلْهَمين. ‏عاملين بالاختيار، وترجيح بعض المُمْكنات المتعارضات على بعض؛ لا‎ ‎مجبورين ولا مضطرين. وجعلهم ‏متفاوتين في الاستعداد وكسب العلم واختلاف الاختيار‎.

    وعلى الرغم من حقيقة وجود هذا التَّبايُن بين الناس؛ في‎ ‎عقولهم ومُدركاتهم وقابليتهم للاختلاف، ‏إلا أن الله وضع على الحقِّ معالمَ، وجعل‎ ‎على الصراط المستقيم منائرَ.. وعليه حُمِلَ الاستثناء في ‏الآية في قوله‎: {‎إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‎} (‎هود:119‏‎).

    وهو‎ ‎المنصوص عليه في الآية الأخرى في قوله‎: {‎فَهَدَى اللَّهُ‎ ‎الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ‎} ‎ويُوضح ذلك، أن أصول الدين، وأمَّهات الفضائل، وأمَّهات الرذائل، مما يتفق‎ ‎العالم الرشيد العاقل على حُسْن ‏محموده وحمده، والاعتراف بعظيم نفعه، وتقبيح سيِّئه‎ ‎وذمِّه. كل ذلك في عبارات جليَّة واضحة، ونصوصِ ‏بينِّة لا تقبل صرفاً ولا تأويلاً‎ ‎ولا جدلاً ولا مراءاً . وجعلها أمّ الكتاب التي يدور عليها وحولها كل ما جاء فيه ‏من‎ ‎أحكام، ولم يُعذَرْ أحد في الخروج عليها، وحَذَّر من التلاعب بها، وتطويعها للأهواء‎ ‎والشهوات والشبهات ‏بتعسف التأويلات والمُسوِّغات، ورفع الحرج عنهم، بل جعل للمخطيء‎ ‎أجراً وللمصيب أجرين تشجيعاً للنظر ‏والتأمل، وتَلَمُّس الحقّ واستجلاء المصالح‎ ‎الراجحة للأفراد والجماعات. ولربك في ذلك الحكمة البالغة ‏والمشيئة النافذة‎.



    فالخلاف بين‎ ‎الناس أمر طبيعي مشهور، وللخلاف في أمور الدين والشرع أسباب كثيرة،‎ ‎منها‎:

    ‎- ‎أن دلالة بعض النصـوص الشرعية ظنية، وليست قطعية‎ ‎فتحمل أكثر من اجتهاد في تحديد معناها‎.

    ‎- ‎اختلاف العقول والأفهام، وتفاوت‎ ‎المدارك‎.

    ‎- ‎تفاوت العلم؛ فهذا عالم، وهذا أعلم، وهذا أقل.. قال تعالى‎: (‎وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ‎) [‎يوسف:76‏‎].

    ‎- ‎عدم بلوغ الدليل فيقول العالم القول ولو بلغة الدليل في المسألة لما قال به‎ .

    ‎- ‎الهوى والتعصب لقول، أو مذهب، أو رأي، أو شيخ‎ .



    وحينما يختلف الناس سواء كانت اختلافاتهم كلية أو جزئية‎ ‎فإنهم يسلكون في معالجة هذا الخلاف مسالك ‏شتى أهمها‎ :



    الحــــــــــوار‎ .‎

    تعريف‎ ‎الحوار‎:
    من المُحاورة؛ وهي المُراجعة في الكلام‎.

    الجدال‎:
    من جَدَلَ الحبل إذا فَتَلَه؛ وهو مستعمل في الأصل‎ ‎لمن خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب، ثم ‏استعمل في مُقابَلَة الأدلة لظهور‎ ‎أرجحها‎.

    والحوار والجدال‎ ‎ذو دلالة واحدة، وقد‎ ‎اجتمع اللفظان في قوله تعالى‎: {‎قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ‎ ‎الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي ‏زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ‎ ‎تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ‎} (‎المجادلة:1‏‎)

    ويراد بالحوار والجدال في مصطلح الناس‎:

    مناقشة بين‎ ‎طرفين أو أطراف، يُقصد بها تصحيح كلامٍ، وإظهار حجَّةٍ، وإثبات حقٍ، ودفع شبهةٍ،‎ ‎وردُّ الفاسد ‏من القول والرأي‎.

    الحوار والجدال والمناظرة كلها ألفاظ‎ ‎متقاربة لمعنى واحد، وإن كان أكثر ما جاء من لفظ الجدال في القرآن ‏الكريم يطلق على‎ ‎الجدال المذموم، كما في قوله تعالى‎: ( ‎وَيُجَادِلًُ الَّذِينَ‎ ‎كَفَرُواْ بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ اْلْحَقَّ‎ )( ‎‎[‎الكهف:56‏‎].

    ولكن جاء لفظ الجدل في القرآن أيضًا في مواضع محمودة، وهي‎:
    ‎- ‎قوله‎ ‎تعالى‎: (‎وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلا بِالَّتِي هِيَ‎ ‎أَحْسَنُ‎) [‎العنكبوت:46]، فهذا جدل بالتي هي أحسن ‏لدعوة اليهود والنصارى إلى‎ ‎الإسلام‎.
    ‎- ‎قوله تعالى‎: (‎ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ‎ ‎بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ‎) [‎النحل:125‏‎].


    مثال على جدل الانبياء‎ :
    ‎- ‎قوله تعالى‎: (‎فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى‎ ‎يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ‎) [‎هود:74‏‎]‎،‎
    فكيف جادلهم؟ لما سألهم‎: ‎أبُعثتم إليهم لإهلاكهم؟ قالوا: نعم. قال: أفيهم مائة مسلم؟ قالوا: لا. قال: أفيهم‎ ‎خمسون مسلمًا؟ قالوا: لا. قال: عشرة مسلمين. قالوا: لا. قال: خمسة مسلمين؟ قالوا‎: ‎لا. قال: فقوم ليس ‏فيهم هؤلاء جديرون بالإهلاك، فهذا -كما ذكر بعض المفسرين- الجدل‏‎ ‎الذي حصل من إبراهيم عليه‎ ‎السلام(7‏‎).

    ‎**********************************

    غاية الحوار‎:

    الغاية من الحوار إقامةُ الحجة،‎ ‎ودفعُ الشبهة والفاسد من القول والرأي. فهو تعاون من المُتناظرين على ‏معرفة الحقيقة‎ ‎والتَّوصُّل إليها، ليكشف كل طرف ما خفي على صاحبه منها، والسير بطرق الاستدلال‎ ‎الصحيح ‏للوصول إلى الحق‎. ‎يقول الحافظ الذهبي: "إنما وضعت‎ ‎المناظرة لكشف الحقِّ، وإفادةِ العالِم الأذكى العلمَ لمن ‏دونه، وتنبيهِ الأغفلَ‎ ‎الأضعفَ‎".
    هذه هي الغاية الأصلية، وهي جليَّة بيِّنة،‎

    وثَمَّت غايات وأهداف فرعية أو مُمهِّدة لهذا الغاية منها‎:

    ‎- ‎إيجاد حلٍّ وسط يُرضي الأطراف‎.

    ‎- ‎التعرُّف على وجهات نظر الطرف أو الأطراف الأخرى، وهو هدف تمهيدي هام‎.

    ‎-‎البحث والتنقيب، من أجل الاستقصاء والاستقراء في تنويع الرُّؤى والتصورات‎ ‎المتاحة، من أجل الوصول ‏إلى نتائج أفضل وأمْكَنَ، ولو في حوارات تالية‎.

    ويقال عن غايات الحوار "للحوار غايتان‎ ‎إحداهما قريبة والأخرى بعيدة‎.

    أما غاية الحوار القريبة والتي تطلب‎ ‎لذاتها دون اعتبار آخر فهي محاولة فهم الآخرين‎ .

    وأما الغاية البعيدة فهي‎ ‎إقناع الآخرين بوجهة نظر معينة‎ " .

    وإذا كان الإسلام يطلب‎ ‎الحق والعدل ويدعو إليه فإن الوسيلة لإقرارهما تبتدئ بالحوار الذي أقامه ‏الإسلام‎ ‎على ثلاث مستويات‎:

    المستوى الأول‎ : ‎الحوار مع النفس ومحاسبتها وحملها على الجادة وطلب الحق ويكون هذا في شكل حوار‎ ‎داخلي مستمر بين النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة حتى يصل الإنسان إلى‎ ‎الاطمئنان‎ .

    المستوى الثاني‎ : ‎الحوار بين‎ ‎أفراد المجتمع الإسلامي وفق اجتهاداته المختلفة عملا بمبدأ "التعاون في ‏الاتفاق‎ ‎والاعتذار في الاختلاف " حفاظا على وحدة الصف الإسلامي‎ .

    المستوى الثالث‎ : ‎الحوار بين المسلمين وغير المسلمين الذين‎ ‎يشتركون معاً في إعمار الكون ، وهو حوار ‏يجرى وفق مبدأ المدافعة الذي يمنع الفساد‎ ‎وينمى عوامل الخير‎.‎

    رغم ما يتهددنا من أخطار .....ورغم ما نحن فيه من تشرذم وتفكك وضعف‎
    لازلنا لم‎ ‎نصل إلى الحد الأدنى من التفهم لواقعنا الذي نعيشه لكي نعالج هذا الواقع الأليم‎ ‎والمتدهور‎ ..

    ولا زلنا كشعوب لم نقدر حجم المخاطر العظيمة التي تحدق بنا‎ ‎وبمستقبلنا . والشواهد على هذا كثيرة من ‏واقعنا ... أكثر من أن تحصر‎ .

    ولكن‎ ‎هناك شاهد نعيشه في هذا المنتدى المبارك بإذن الله يجسد لنا واقع الأمة في هذا‎ ‎الجانب‎
    وهو فقدان أبسط أساليب ( الحوار ) فيما بيننا ، وعدم معرفة ( في كثير من‎ ‎الأحيان ) لأبسط آلياته ، مع أننا ‏أمة الحوار والجدال بالتي هي أحسن‎ !

    وهذا‎ ‎وللأسف على جميع الأصعدة السياسية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها ( في العموم إلا‎ ‎ما ندر‎ ) !!

    فما هو أسباب هذا التدني في الحوار بين طبقات المجتمع العربي‎ ‎بتياراته الفكرية ؟ رغم أنهم يتفقون في ‏أشياء كثيرة وكثيرة جدا‎ !



    تم طرح هذا الموضوع للنقاش فيه وإبداء الرأي في أحد المواقع .. وكان‎ ‎حواراً جميلاً يحوي ‏العديد من الآراء المنطقية سأنقل بعضاً منها باختصار‎ :

    ‎* ‎الحوار الصادق يتأصل في‎ ‎النفس من خلال التربية السليمة التي تمنح المرء ثقة بنفسه، وتجعل الحق ‏هدفه. واذا‎ ‎اجتمعت هاتان الخصلتان في أي مجتمع فإن الحوار السليم الايجابي يصبح سيد الساحة‎.

    ‎* ‎في الاصل لايقوم الحوار‎ ‎إلا مع من يخالفك فكريا أو يختلف معك في راي معين، ومن هنا نعرف أن أصل ‏الحوار قائم‎ ‎على فكرة الخلاف. ولكن الموروث الثقافي والديني يحول هذا المخالف إلى عدو, وبالتالي‎ ‎يجيز ‏جزره وطبخه وشويه بأعنف الأدوات والاساليب‎!

    ‎* ‎لكى يكون الحوار فعال يجب أن يسبقة‎ ‎احتراما متبادلا للأشخاص و الأفكار‎.

    ‎* ‎من اهم الاسباب في نظري لتدني مستوى الحوار يرجع الى امور‎:

    ‎- ‎ضعف الرقابة لله فيما يلفظه الانسان من الاقوال‎ .
    ‎- ‎الضعف العلمي والمعرفي‎ ‎الناتج عن ضعف او انعدام القراءة والاطلاع‎ .
    ‎-‎العصبية المقيتة للافراد او‎ ‎المجموعات 0‏‎

    ‎* ‎الحوار‎ ‎بانواعه المتآلف منه والمختلف شيء طبيعي وموجود في كلّ المجتمعات ..ولا يشترط في‎ ‎المتحاورين تطابق الرؤى والأفكار بقدر ما يكون الاختلاف هو العنصر الايجابي في‎ ‎الحوار ..ولكن تبقى ‏الحساسيّات الزائده في بعض الأحيان هي سبب من الأسباب التي تجعل‎ ‎من الحوار مادّة دسمه للسبّ والشتم ‏عند كثير من ضعاف النّفوس‎ ..

    ‎* ‎نحـن نخـاف الحـوار‎ ‎أحيانـاً , وربمـا بسبب ضعـف الحجـة والبرهـان , وربمـا أيضـاً بسبب التعصـب في‎ ‎الرأي , فنحن متعصبـون لدرجـة تشبـه ( النعامـة ) التي تدفـن رأسهـا , حتى لا ترى‎ ‎الحقيقـة‎ !!!!

    ‎* ‎إن‎ ‎الإنغماس في وسائل الترف والبحث عن المسليات والملهيات خلقت جيلاً مهزوزاً لايفكر‎ ‎بالجديات وكل ‏شيء يعتبره هزل وغير مجدي مناقشته ولعل ذلك فرضه الواقع فالشاب في‎ ‎بلداننا العربية منذ طفولته إلى ‏حين شبابه يسمع عن القيم والتعاليم ويقراْ عنها‎ ‎ولكنه لايراها مطبقة على أرض الواقع فأصبح غير مبالي ‏بشيء‎.


    ‎* ‎كل الامم تشترك معنا في هذه المشكلة ان‎ ‎صحت تسميتها مشكلة والا فهي طبيعة انسانية في الحوار فهناك ‏الخلاف المتزن القائم‎ ‎على الاحترام وهناك التشنج والانفعال وهناك الافكار الشاذة التي ليس من المنطق ان‎ ‎تقدم على انها افكار تستحق الحوار يقابلها افكار نيرة واعية. وهناك المحاور الصادق‎ ‎المتجرد يقابله المتحيز ‏المتشدد هناك المحاور العالم المطلع المتمكن وهناك المتعالم‎ ‎الجاهل‎
    وهناك انا .... احب المحاور الذي ينصف الناس من نفسه‎ .

    ‎* ‎إننا وللاسف لا نفقه معنى‎ ‎وهدف الحوار, فبعض الناس يريدون من الاخرين ان يوافقوهم في كل ما ‏يطرحون, وعندما‎ ‎تختلف معهم في اي مسألة تصبح عدوا لهم , بل ربما يصل الامر في بعض الاحيان ان‎ ‎يتهموك بالفسوق وربما بالكفر‎.



    كانت هذه آراء‎ ‎لبعض المشاركين .... وحتى نتجنب كل ما ذُكر أعلاه من أسباب تدني الحوار ‏وعدم جدواه‎ ‎كان من الضرورة بمكان تعلم فن الحوار والذي يشمل آداب الحوار وأصوله وقواعده‎ ‎

    للحوار قواعد وأصول كثيرة، نعرض بعضها فيما‎ ‎يلي‎:

    أولاً‎ :

    تحديد موضوع‎ ‎الحوار‎:

    ينبغي أن يدور الحوار حول مسألة محددة، فإن كثيرًا من‎ ‎الحوارات تكون جدلاً عقيمًا، ليس له نقطة محددة ‏ينتهي إليها، فينبغي أن يكون الحوار‎ ‎حول نقطة معينة، بحيث يتم التركيز عليها، ولا يتعداها الحوار حتى ‏يُنْـتَهى منها‎.. ‎والمقصود أن نتفق على حصر مادة الخلاف ونحدد موضوع الخلاف حتى لا نتوسع في ‏المواضيع‎ ‎المطروحة‎.

    ثانياً‎ :

    ‎-‎سلوك الطرق العلمية‎ ‎والتزامها، ومن هذه الطرق‎:

    ‎1- ‎تقديم الأدلة المُثبِتة أو‎ ‎المرجِّحة للدعوى‎.
    ‎2- ‎صحة تقديم النقل في الأمور المنقولة‎.

    وفي هذين‎ ‎الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة‎: "‎إن كنت ناقلاً‎ ‎فالصحة، وإن كنت مدَّعيّاً فالدليل‎". ‎وفي التنزيل جاء قوله سبحانه‏‎:
    ‎{‎قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ‎ ‎صَادِقِينَ‎}

    ويكون ذلك باتباع التالي‎ :

    ‎- ‎الاستدلال بالأدلة‎ ‎الشرعية ثم العقلية , لأن الأدلة الشرعية هي الأصل , وأما الأدلة العقلية فهي تبع‎ , ‎ولأنها ‏معرضة للصواب والخطأ أما الأدلة الشرعية في معصومة‎.

    ‎- ‎الاستدلال‎ ‎بالأقوى ثم الذي يليه‎ .

    ‎-‎توثيق المعلومات , فلا ينفع مجرد الاستدلال بل لابد‎ ‎من توثيق المعلومات والتأكد من صحتها سواء كانت ‏أحاديث أو أقوال أو غير‎ ‎ذلك‎.


    ثالثاً‎ :

    سلامة كلامِ المحاور ودليله‎ ‎من التناقض‎:

    فالمتناقض يعرض نفسه للسقوط لا محالة ومن أمثلة‎ ‎ذلك ما ذكره بعض أهل التفسير من‎:
    ‎1- ‎وصف فرعون لموسى عليه السلام بقوله‎: {‎سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ‎} (‎الذريات:39‏‎).
    وهو وصف قاله‎ ‎الكفار ـ لكثير من الأنبياء بما فيهم كفار الجاهلية ـ لنبينا محمد صلى الله عليه‎ ‎وسلم. وهذان ‏الوصفان السحر والجنون لا يجتمعان؛ لأن الشأن في الساحر العقل والفطنة‎ ‎والذكاء، أما المجنون فلا عقل ‏معه البتة، وهذا منهم تهافت وتناقض بيّن‎.

    رابعا‎:

    الاتفاق على أصل يُرجع إليه‎:

    يجب‎ ‎الاتفاق على أصل يرجع إليه المتحاورون إذا وُجد الخلاف، واحتدم النقاش، وذلك‎ ‎كالاتفاق على الرجوع ‏عند الاختلاف إلى القرآن الكريم، وإلى صحيح السنة، وإلى‎ ‎القواعد الثابتة المستقرة، أو إلى ما كان عليه ‏السلف الصالح -رضي الله عنهم-، المهم‎ ‎أن نتفق على أمور تكون مرجعًا عند الخلاف‎.

    خامساً‎ :

    مناقشة الأصل قبل الفرع‎:

    ينبغي ألا يتم التناقش‎ ‎في الفرع قبل الاتفاق على الأصل؛ إذ إن مناقشة الفرع مع كون الأصل غير متفق عليه،‎ ‎تعتبر نوعًا من الجدل العقيم إلا في حالات معينة.. وقد يختص بهذه النقطة محاورة غير‎ ‎المسلمين‎ .

    ففي الإسلام الإيمان بربوبية الله‎ ‎وعبوديَّته، واتَّصافه بصفات الكمال، وتنزيهه عن صفات النقص، ونبوة ‏محمد صلى الله‎ ‎عليه وسلم، والقرآن الكريم كلام الله، والحكم بما أنزل الله، وحجاب المرأة، وتعدد‎ ‎الزوجات، ‏وحرمة الربا، والخمر، والزنا؛ كل هذه قضايا مقطوع بها لدى المسلمين،‎ ‎وإثباتها شرعاً أمر مفروغ منه‎.
    إذا كان الأمر كذلك؛ فلا يجوز أن تكون هذه محل‎ ‎حوار أو نقاش مع مؤمن بالإسلام لأنها محسومة‎.

    مثلاً‎ :
    حجاب‎ ‎المرأة محسوم بجملة نصوص‎:

    ‎{‎يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ‎ ‎قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ‎ ‎مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} (الأحزاب:59‏‎).
    وقد يسوغ النقاش في فرعيات من‎ ‎الحجاب؛ كمسألة كشف الوجه، فهي محل اجتهاد؛ أما أصل الحجاب فليس ‏كذلك‎.
    ولهذا‎ ‎فإننا نقول إن من الخطأ ـ غير المقصود ـ عند بعض المثقفين والكاتبين إثارة هذه‎ ‎القضايا، مثل : ‏تطبيق الشريعة ـ الحجاب ـ تعدد الزوجات ـ وأمثالها في وسائل‎ ‎الإعلام، من صحافة وإذاعة على شكل مقالات ‏أو ندوات بقصد إثباتها أو صلاحيتها. أما‎ ‎إذا كان المقصود: النظر في حِكَمِها وأسرارها وليس في صلاحيتها ‏وملاءمتها فهذا لا‎ ‎حرج فيه، إذْ‎: {‎وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ‎ ‎إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ‏مِنْ‎ ‎أَمْرِهِمْ} (الأحزاب:36‏‎)

    سادساً‎:

    أهلية‎ ‎المحاور‎:

    إذا كان من الحق ألا يمنع صاحب الحق عن حقه، فمن‎ ‎الحق ألا يعطى هذا الحق لمن لايستحقه،‎
    من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من كان‎ ‎على الباطل‎.
    من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يعرف الحق‎.
    من الخطأ‎ ‎أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يجيد الدفاع عن الحق‏‎.
    من الخطأ أن يتصدى للدفاع‎ ‎عن الحق من لا يدرك مسالك الباطل‎.

    إذن، فليس كل أحد مؤهلاً‎ ‎للدخول في حوار صحي صحيح يؤتي ثماراً يانعة ونتائج طيبة‎.
    والذي يجمع لك‎ ‎كل ذلك‎: (‎العلم)؛‎ ‎فلا بد من التأهيل العلمي‎ ‎للمُحاور،إن الجاهل بالشيء ليس كفؤاً للعالم به، ‏ومن لا يعلم لا يجوز أن يجادل من‏‎ ‎يعلم، وقد قرر هذه الحقيقة إبراهيم عليه السلام في محاجَّته لأبيه حين ‏قال‎: {‎يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ‎ ‎يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً}(مريم:43‏‎).

    سابعا‎:

    الرضا‎ ‎والقبول بالنتائج التي يتوصل إليها المتحاورون، والالتزام الجادّ بها، وبما يترتب‎ ‎عليها‎.

    وإذا لم يتحقق هذا الأصل كانت المناظرة ضرباً من‎ ‎العبث الذي يتنزه عنه العقلاء‎.
    يقول ابن عقيل‎: "‎وليقبل‎ ‎كل واحد منهما من صاحبه الحجة؛ فإنه أنبل لقدره، وأعون على إدراك الحق ‏وسلوك سبيل‎ ‎الصدق‎.
    قال الشافعي‎: ‎ما ناظرت أحداً فقبل مني الحجَّة‎ ‎إلا عظم في عيني، ولا ردَّها إلا سقط من عيني‎".‎

    آداب الحــــــــــــــــوار‎ ‎الصحيح‎

    إن آداب الحوار الصحيح، هي‎ ‎بإيجاز‎:

    أولاً: حسن المقصد والإخلاص لله‎ :

    فليس المقصود من الحوار العلو في الأرض، ولا الفساد، ولا‎ ‎الانتصار للنفس، ولكن المقصود الوصول إلى ‏الحق‎ .
    والله تعالى يعلم من قلب‎ ‎المحاور ما إن كان يهدف إلى ذلك أم يهدف إلى الانتصار، والتحدث في المجالس أنه ‏أفحم‎ ‎خصمه بالحجة. ضع في اعتبارك أنه يحتمل أن يكون الخطأ عندك والصواب عند غيرك. فعلى‎ ‎المُحاور ‏ان يوطِّن نفسه، ويُروِّضها على الإخلاص لله في كل ما يأتي وما يذر في‎ ‎ميدان الحوار‎ .

    ثانيًا: التواضع بالقول‎ ‎والفعل‎:

    من آداب الحوار: التواضع، وتجنُّب ما يدل على العجب‎ ‎والغرور والكبرياء و التزام القول الحسن، وتجنب ‏منهج التحدي والإفحام‎:
    إن من‎ ‎أهم ما يتوجه إليه المُحاور في حوار ، التزام الحُسنى في القول والمجادلة، ففي محكم‏‎ ‎التنزيل‎: . ‎‎{‎وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن‎} (‎النحل‎: 125).
    ‎{‎وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً‎} (‎البقرة: 83‏‎).
    فحق العاقل اللبيب طالب الحق، أن ينأى بنفسه عن أسلوب الطعن والتجريح والهزء‎ ‎والسخرية، وألوان ‏الاحتقار والإثارة والاستفزاز‎.

    ويلحق‎ ‎بهذا الأدب: تجنب أسلوب التحدي والتعسف في الحديث، ويعتمد إيقاع الخصم في الإحراج،‎ ‎ولو كانت ‏الحجة بينه والدليل دامغاً.. فإن كسب القلوب مقدم على كسب المواقف. وقد‎ ‎تُفْحِم الخصم ولكنك لا تقنعه،‎

    و لا بد من‎ ‎الاشارة إلى ما ينبغي من الشخص من استخدام ضمير المتكلم أفراداً أو جمعاً؛ فلا‏‎ ‎يقول: فعلتُ ‏وقلتُ، وفي رأيي، ودَرَسْنا، وفي تجربتنا؛ فهذا ثقيل في نفوس‎ ‎المتابعين، وهو عنوان على الإعجاب بالنفس، ‏وقد يؤثر على الإخلاص وحسن القصد، والناس‎ ‎تشمئز من المتعالم المتعالي، ومن اللائق أن يبدلها بضمير ‏الغيبة فيقول: يبدوا‎ ‎للدارس، وتدل تجارب العاملين، ويقول المختصون، وفي رأي أهل الشأن، ونحو‎ ‎ذلك‎.

    ثالثاً:البدء بمواضع الاتفاق‎ :

    إنّ بِدْءَ الحديث والحوار بمواطن الاتفاق طريق إلى كسب‎ ‎الثقة وفُشُوِّ روح التفاهم، ويصير به الحوار هادئاً ‏وهادفاً‎.
    الحديث عن نقاط‎ ‎الاتفاق وتقريرها يفتح آفاقاً من التلاقي والقبول والإقبال، مما يقلّل الجفوة ويردم‎ ‎الهُوَّة ‏ويجعل فرص الوفاق والنجاح أفضل وأقرب، كما يجعل احتمالات التنازع أقل‎ ‎وأبعد‎.
    والحال ينعكس لو استفتح المُتحاورون بنقاط الخلاف وموارد النزاع، فلذلك‎ ‎يجعل ميدان الحوار ضيقاً وأمده ‏قصيراً، ومن ثم يقود إلى تغير القلوب وتشويش‎ ‎الخواطر، ويحمل كل طرف على التحفُّز في الرد على صاحبه ‏مُتتبِّعاً لثغراته وزَلاته،‎ ‎ومن ثم ينبري لإبرازها وتضخيمها، ومن ثم يتنافسون في الغلبة أكثر مما يتنافسون ‏في‎ ‎تحقيق الهدف‎.
    ومما قاله بعض المُتمرّسين في هذا الشأن‎:
    دَعْ صاحبك في الطرف الآخر يوافق ويجيب بـ(نعم)، وحِلْ ما استطعت‎ ‎بينه وبين (لا)؛ لأن كلمة (لا) عقبة ‏كئود يصعب اقتحامها وتجاوزها، فمتى قال صاحبك‎: (‎لا)؛ أوجَبَتْ عليه كبرياؤه أن يظلّ مناصراً لنفسه‎.

    إن التلفظ‎ ‎بـ(لا) ليس تفوُّها مجرداً بهذين الحرفين، ولكنه تَحفُّز لكيان الإنسان بأعصابه‎ ‎وعضلاته وغدده، إنه ‏اندفاع بقوة نحو الرفض، أما حروف (نعم) فكلمة سهلة رقيقة رفيقة‎ ‎لا تكلف أي نشاط جسماني‎.
    ويُعين على هذا المسلك ويقود إليه؛ إشعارك مُحدثَّك‎ ‎بمشاركتك له في بعض قناعاته؛ والتصريح بالإعجاب ‏بأفكاره الصحيحة وأدلته الجيدة‎ ‎ومعلوماته المفيدة، وإعلان الرضا والتسليم بها، وهذا كما سبق يفتح القلوب ‏ويُقارب‎ ‎الآراء، وتسود معه روح الموضوعية والتجرد‎.
    وممَّا يذكر‎ ‎عن سقراط -وهو أحد حكماء اليونان-، أنه كان يبدأ مع خصمه بنقاط الاتفاق بينهما،‎ ‎ويسأله ‏أسئلة لا يملك الخصم أن يجيبه عليها إلا بنعم، ويظل ينقله إلى الجواب تلو‎ ‎الآخر، حتى يرى المناظر أنه ‏أصبح يُقر بفكرة كان يرفضها من‎ ‎قبل‎.

    رابعاً : احترام الطرف‎ ‎الآخر‎:

    ينبغي في مجلس الحوار التأكد على الاحترام المتبادل من‎ ‎الأطراف، وإعطاء كل ذي حق حقه، والاعتراف ‏بمنزلته ومقامه، فيخاطب بالعبارات‎ ‎اللائقة، والألقاب المستحقة، والأساليب المهذبة‎.
    إن تبادل الاحترام يقود إلى‎ ‎قبول الحق، والبعد عن الهوى، والانتصار للنفس‎.
    ومما يتعلق بهذه الخصلة الأدبية‎ ‎أن يتوجه النظر وينصرف الفكر إلى القضية المطروحة ليتم تناولها بالبحث ‏والتحليل‎ ‎والنقد والإثبات والنَّقص بعيداً عن صاحبها أو قائلها، كل ذلك حتى لا يتحول الحوار‎ ‎إلى مبارزة ‏كلامية؛ طابعها الطعن والتجريح والعدول عن مناقشة القضايا والأفكار إلى‎ ‎مناقشات التصرفات، والأشخاص، ‏والشهادات، والمؤهلات والسير الذاتية‎ .

    خامساً : ترك التعصب لغير‎ ‎الحق‎:

    يتعصب الإنسان -أحيانًا- لمذهب أو لوطن، أو قبيلة، أو‏‎ ‎لدعوة، أو لجماعة، فهذا ما يُسمى بالحزبية، بحيث ‏يحيط هذا الشيء بعقله، فلا يملك‎ ‎عقلاً متحررًا من القيود والأوهام؛ بل تجده يدور في فلك معين، ولا يستطيع ‏أن يتقبل‎ ‎الحق إلا في إطار محدود.. وإذا حدث ذلك فعليك بالتالي‎ :

    ‎-‎أولاً: دع زمام الحديث بيده حتى ينتهي‏‎

    ‎- ‎ثانيًا: اعترف‎ ‎بصوابه فيما أصاب فيه، والحق ضالة المؤمن‎ .

    ‎- ‎ثالثًا: إذا انتهى فانقد الخطأ‎ ‎بطريقة علمية، بعيدة عن العواطف‎.

    وما أعز وأصعب وأندر‎ ‎أن يتخلص الإنسان من التعصب -أي لون من ألوان التعصب-؛ فإن ‏الحزبيات قد أثَّرت في‎ ‎المسلمين تأثيرًا كبيرًا جدًّا‎.‎

    وقفــــــــــــــات‎ :

    ‎- ‎من غاية الأدب واللباقة في القول وإدارة الحوار ألا‎ ‎يَفْتَرِضَ في صاحبه الذكاء المفرط، فيكلمه بعبارات ‏مختزلة، وإشارات بعيدة، ومن ثم‎ ‎فلا يفهم. كما لا يفترض فيه الغباء والسذاجة، أو الجهل المطبق؛ فيبالغ في ‏شرح مالا‎ ‎يحتاج إلى شرح وتبسيط مالا يحتاج إلى بسط‎.
    ولا شك أن الناس بين ذلك درجات في‎ ‎عقولهم وفهومهم، فهذا عقله متسع بنفس رَحْبة، وهذا ضيق الأفق ، ‏وآخر يميل إلى‎ ‎الأحوط في جانب التضييق، وآخر يميل إلى التوسيع، وهذه العقليات والمدارك تؤثر في‎ ‎فهم ما ‏يقال. فذو العقل اللمّاح يستوعب ويفهم حرفية النص وفحواه ومراد المتكلم وما‎ ‎بين السطور، وآخر دون ذلك ‏بمسافات. ولله الحكمة البالغة في اختلاف الناس في‎ ‎مخاطباتهم وفهومهم‎.

    ‎-‎إن من الخطأ البيِّن في هذا‎ ‎الباب أن تظن أنّ الحق لا يغار عليه إلا أنت، ولا يحبه إلا أنت، ولا يدافع عنه إلا‎ ‎أنت، ولا يتبناه إلا أنت، ولا يخلص له إلا أنت‎.

    ‎- ‎ومن الجميل، وغاية النبل، والصدق الصادق مع النفس، وقوة الإرادة،‎ ‎وعمق الإخلاص؛ أن تُوقِفَ الحوار ‏إذا وجدْت نفسك قد تغير مسارها ودخلتْ في مسارب‎ ‎اللجج والخصام، ومدخولات النوايا‎.


    ‎-‎إن البعض‎ ‎يهوِّلون أقوال الآخرين، ويحمِّلون كلامهم من الضخامة ما لا يخطر إلا في نفوس مرضى‎ ‎القلوب، ‏لماذا؟ لئلا يتجرأ أحد على القول بمثل ما قالوا، أو نصرة ما ذهبوا إليه‎ .

    ‎- ‎إن الاعتراف بالحق وإعلانه لا ينقص من‎ ‎قيمة الإنسان، فكونك تقول في مناظرة أو محاورة أو محاضرة: ‏أنا أخطأت في كذا، هذا لا‏‎ ‎يعيبك؛ بل هذا يرفع منـزلتك عند الناس، ويدل على شجاعتك وقوتك، وثقتك بنفسك

    مثال من‎ ‎الحوارات‎ ...


    قصة طريفة جرت بحضرة الإمام أحمد، وذلك أن‎ ‎الشافعي وإسحاق تناظرا في جلود الميتة إذا دُبغت هل ‏تطهر، أو لا تطهر؟ فقال‎ ‎الشافعي: دباغ جلود الميتة طهورها، فإذا دُبغ جلد الميتة طهر، قال إسحاق: ما‎ ‎الدليل؟ قال: الدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد شاة ميتة، أُعطيَتها‎ ‎مولاة لميمونة من الصدقة، ‏فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‎: "‎هلا انتفعتم بجلدها؟"، قالوا: إنها ميتة، فقال: "إنما حَرُم أكلها‎"
    قال‎ ‎إسحاق: دليلي على أن جلود الميتة لا تطهر: حديث عبد الله بن عكيم أن النبي صلى الله‎ ‎عليه وسلم بعث ‏إليهم قبل أن يموت بشهر‎: "‎لا تنتفعوا من الميتة‎ ‎بإهاب ولا عصب‎"‎يعني لا بجلد، ولا بعظم، وهذا يمكن أن ‏يكون ناسخًا؛ لأنه قبل‎ ‎موت النبي صلى الله عليه وسلم بشهر، قال الشافعي: هذا كتاب الرسول عليه الصلاة‎ ‎والسلام، وذاك سماع، والسماع مقدَّم، فقال له إسحاق: إن النبي صلى الله عليه وسلم‎ ‎كتب إلى كسرى وقيصر ‏والنجاشي وغيرهم، وكان ذلك حجة عليهم عند الله تعالى، فسكت‎ ‎الشافعي‎.

    والغريب في الأمر أن أحمد بن حنبل ذهب بعد تلك المناظرة إلى حديث‎ ‎عبد الله بن عكيم وقال به، ثم رجع عنه ‏فيما بعد، وكذلك رجع إسحاق إلى حديث الشافعي‎ ‎وقال به‎ ‎وهذا دليل على تجردهم، وسعيهم للوصول إلى‎ ‎الحق‎. ‎


    مصادر البحث .. مقالات‎ ‎ودراسات لكل من‎ :
    الشيخ سلمان بن فهد العودة‎ .
    الشيخ صالح بن عبد الله بن‎ ‎حميد‎.
    مع مقتطفات من بعض المنتديات‎ .

    __________________


    رب توفنى وأنت راض عنى وألحقنى بالصالحين.
    هذا البحث للأخ: أحمد سعد الدين‎

    أحمد سعد الدين
    آخر تعديل تم من قبل أبو أحمد; 01-11-2004, 04:38 AM.
Working...