بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله و أصلي و أسلم على خاتم النبيين
محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه و التابعين ,,
أما بعــــــد ,.,.,.,
خلق الله سبحانه العباد لحكمة ما خفيت على ذي عقل و فطرة ..
لامتحانهم بأنواع الإبتلاءات و الفتن .. ليميز الخبيث من الطيب
( أحَسِبَ الناسُ أن يُتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يُفتنون )
لذلك خاف الصادقون الصالحون على أنفسهم الوقوع في المزلات .
و الضياع في دهاليز الضلالات .. فتزودوا من صالح الأعمال ..
و اجتنبوا أضدادها ..
لكن بقي هنالك صنف اجتهدوا و صدقوا في المجاهدة ,, لكنهم أهملوا (ثغرة )
طالما تسببت في وقوعهم في المعاصي و فتحت لهم أبواباً مؤصدة
وتركتهم في بحر مضطرب يصارعون أمواجه ..
هذه الثغرة هي .. ( الخواطر) .......... نعم أحبتي في الله
كم من صالح عزم على التوبة من أمر منكر ثم عاد له .. !
وكم من فتاة عاهدت ربها أن لا تعود لعمل آثم .. فساقت نفسها بنفسها كالسبي لتلك المعصية
لو فتشنا عن السبب لو جدنا أن السبب الأول لهذا الداء فينا هو التساهل في الخواطر
و الاسترسال فيها و إمرارها على القلب ,, تناسينا بأن الله سبحانه ينظر لقلوبنا
قال النبي-صلى الله عليه وسلم- :" إن الله لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أجسـامكم ولكن ينظر إلى قـلـوبـكم ". ".
تناسينا بأن قلب المؤمن و المؤمنة أرقى و أعلى من أن يحوي بين راحتيه مثل هذه الأفكار و الخطرات .. ..
ولابن القيم الجوزية كلاماً ناجعاً في هذا المقام
أسأل الله أن ننفع به أنفسنا و غيرنا من المسلمين .. فاقرأ بتدبر يا رعاك الله
قال ابن القيم الجوزية-رحمه الله- في كتابه طريق الهجرتين وباب السعـــادتين :
قاعدة في ذكر طريق قريب يُوصل إلى الأستقامة في الأحوال و الأقوال و الأعمال وهي شيئين :
أحـــدهمــا : حراسة الخواطر و حفظها و الحذر من إهمالها و الاسترسال معها , فإن أصل
الفساد كله من قِبلها يجئ , لأنها هي بذر الشيطان و النَفَس في أرض القلب فإذا تمكن بذرها
تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إيرادات , ثم يسقيها حتى تكون عزائم ,
ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال.
ولا ريب أن دفع الخواطر ايسر من دفع الإيرادات و العزائم , فيجد العبد نفسه عاجزاً أو كالعاجز عن
دفعها بعد أن صارت إرادة جازمة , وهو المفرط إذا لم يدفعها وهي خاطر ضعيف , كمن تهاون بشرارة
من نار وقعت في حطب يابس , فلما تمكنت منه عجز عن إطفائها.
فإن قلت : فما الطريق إلى حفظ الخواطر ؟
قلت: أسباب عدة:
1/ العلم الجازم بإطلاع الرب سبحانه و نظره إلى قلبك وعلمه بتفصيل خواطرك.
2/ حيــاؤك منـه.
3/ إجلالك له أن يرى مثل تلك الخواطر في بيته الذي خُلق لمعرفته و محبته.
4/ خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر.
5/ إيثارك له أن تساكن قلبك غير محبته.
6/ خشيتك أن تتولد تلك الخواطر ويستعر شرارها فتأكل مافي القلب
من الإيمان ومحبة الله فتذهب به جمله و أنت لاتشعر.
7/ أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحَب الذي يُلقى للطائر ليُصاد به , فاعلم أن كل خاطر منها
فهو حَبة في فخ منصوب لصيدك و أنت لاتشعر.
8/ أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي وخواطر الإيمان ودواعي المحبة و الإنابة أصلاً
بل هي ضدها من كل وجه , وما اجتمعا في قلب إلا وغلب احدهما صاحبه و أخرجه و استوطن مكانه , فما الظن بقلب غلبت خواطر النفس و الشيطان فيه خواطر الإيمان و المعرفه و المحبة فأخرجتها و استوطنت مكانها ,
لكن لو كان للقلب حياة لشعر بألم ذلك و أحسَ بمصابه.
9/ أن يعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له , فإذا دخل القلب في غمراته غَرِق فيه وتاه في ظلماته فيطلب الخلاص منه فلا يجد إليه سبيلا , فقلب تملكه الخواطر بعيد من الفلاح , معذب مشغول بما لا يفيد.
10/ أن تلك الخواطر هي وادي الحمقى وأماني الجاهلين, فلا تثمر لصاحبها إلا الندامة و الخزي ,
و إذا غلبت على القلب أورثته الوساوس و عزلته عن سلطانها و أفسدت عليه رعيته و ألقته في الأسر الطويل.
وكما أن هذا معلوم في الخواطر النفسانية فهكذا الخواطر الإيمانية الرحمانية هي أصل الخير كله.
فإن أرض القلب إذا بُذر فيها خواطر الإيمان و الخشية و المحبة و الإنابة و التصديق بالوعد ورجاء الثواب و سُقيت مرة بعد مرة , وتعاهدها صاحبها بحفظها ومراعاتها و القيام عليها , أثمرت له كل فعل جميل و ملأت قلبه من الخيرات و استعملت جوارحه في الطاعات و استقر بها المَلِكُ في سلطانه و استقامت له رعيته . انتهى كلامه رحمه الله وغفر له.
اسأل الله لي ولكم الفائدة والمثوبة
و الحفظ من مزالق الشيطان و النفس
و أن يوفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات
و الله اعلم
نقلا عن الأخ عبد العزيز من منتديات بلا ميعاد
الحمدلله و أصلي و أسلم على خاتم النبيين
محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه و التابعين ,,
أما بعــــــد ,.,.,.,
خلق الله سبحانه العباد لحكمة ما خفيت على ذي عقل و فطرة ..
لامتحانهم بأنواع الإبتلاءات و الفتن .. ليميز الخبيث من الطيب
( أحَسِبَ الناسُ أن يُتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يُفتنون )
لذلك خاف الصادقون الصالحون على أنفسهم الوقوع في المزلات .
و الضياع في دهاليز الضلالات .. فتزودوا من صالح الأعمال ..
و اجتنبوا أضدادها ..
لكن بقي هنالك صنف اجتهدوا و صدقوا في المجاهدة ,, لكنهم أهملوا (ثغرة )
طالما تسببت في وقوعهم في المعاصي و فتحت لهم أبواباً مؤصدة
وتركتهم في بحر مضطرب يصارعون أمواجه ..
هذه الثغرة هي .. ( الخواطر) .......... نعم أحبتي في الله
كم من صالح عزم على التوبة من أمر منكر ثم عاد له .. !
وكم من فتاة عاهدت ربها أن لا تعود لعمل آثم .. فساقت نفسها بنفسها كالسبي لتلك المعصية
لو فتشنا عن السبب لو جدنا أن السبب الأول لهذا الداء فينا هو التساهل في الخواطر
و الاسترسال فيها و إمرارها على القلب ,, تناسينا بأن الله سبحانه ينظر لقلوبنا
قال النبي-صلى الله عليه وسلم- :" إن الله لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أجسـامكم ولكن ينظر إلى قـلـوبـكم ". ".
تناسينا بأن قلب المؤمن و المؤمنة أرقى و أعلى من أن يحوي بين راحتيه مثل هذه الأفكار و الخطرات .. ..
ولابن القيم الجوزية كلاماً ناجعاً في هذا المقام
أسأل الله أن ننفع به أنفسنا و غيرنا من المسلمين .. فاقرأ بتدبر يا رعاك الله
قال ابن القيم الجوزية-رحمه الله- في كتابه طريق الهجرتين وباب السعـــادتين :
قاعدة في ذكر طريق قريب يُوصل إلى الأستقامة في الأحوال و الأقوال و الأعمال وهي شيئين :
أحـــدهمــا : حراسة الخواطر و حفظها و الحذر من إهمالها و الاسترسال معها , فإن أصل
الفساد كله من قِبلها يجئ , لأنها هي بذر الشيطان و النَفَس في أرض القلب فإذا تمكن بذرها
تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إيرادات , ثم يسقيها حتى تكون عزائم ,
ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال.
ولا ريب أن دفع الخواطر ايسر من دفع الإيرادات و العزائم , فيجد العبد نفسه عاجزاً أو كالعاجز عن
دفعها بعد أن صارت إرادة جازمة , وهو المفرط إذا لم يدفعها وهي خاطر ضعيف , كمن تهاون بشرارة
من نار وقعت في حطب يابس , فلما تمكنت منه عجز عن إطفائها.
فإن قلت : فما الطريق إلى حفظ الخواطر ؟
قلت: أسباب عدة:
1/ العلم الجازم بإطلاع الرب سبحانه و نظره إلى قلبك وعلمه بتفصيل خواطرك.
2/ حيــاؤك منـه.
3/ إجلالك له أن يرى مثل تلك الخواطر في بيته الذي خُلق لمعرفته و محبته.
4/ خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر.
5/ إيثارك له أن تساكن قلبك غير محبته.
6/ خشيتك أن تتولد تلك الخواطر ويستعر شرارها فتأكل مافي القلب
من الإيمان ومحبة الله فتذهب به جمله و أنت لاتشعر.
7/ أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحَب الذي يُلقى للطائر ليُصاد به , فاعلم أن كل خاطر منها
فهو حَبة في فخ منصوب لصيدك و أنت لاتشعر.
8/ أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي وخواطر الإيمان ودواعي المحبة و الإنابة أصلاً
بل هي ضدها من كل وجه , وما اجتمعا في قلب إلا وغلب احدهما صاحبه و أخرجه و استوطن مكانه , فما الظن بقلب غلبت خواطر النفس و الشيطان فيه خواطر الإيمان و المعرفه و المحبة فأخرجتها و استوطنت مكانها ,
لكن لو كان للقلب حياة لشعر بألم ذلك و أحسَ بمصابه.
9/ أن يعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له , فإذا دخل القلب في غمراته غَرِق فيه وتاه في ظلماته فيطلب الخلاص منه فلا يجد إليه سبيلا , فقلب تملكه الخواطر بعيد من الفلاح , معذب مشغول بما لا يفيد.
10/ أن تلك الخواطر هي وادي الحمقى وأماني الجاهلين, فلا تثمر لصاحبها إلا الندامة و الخزي ,
و إذا غلبت على القلب أورثته الوساوس و عزلته عن سلطانها و أفسدت عليه رعيته و ألقته في الأسر الطويل.
وكما أن هذا معلوم في الخواطر النفسانية فهكذا الخواطر الإيمانية الرحمانية هي أصل الخير كله.
فإن أرض القلب إذا بُذر فيها خواطر الإيمان و الخشية و المحبة و الإنابة و التصديق بالوعد ورجاء الثواب و سُقيت مرة بعد مرة , وتعاهدها صاحبها بحفظها ومراعاتها و القيام عليها , أثمرت له كل فعل جميل و ملأت قلبه من الخيرات و استعملت جوارحه في الطاعات و استقر بها المَلِكُ في سلطانه و استقامت له رعيته . انتهى كلامه رحمه الله وغفر له.
اسأل الله لي ولكم الفائدة والمثوبة
و الحفظ من مزالق الشيطان و النفس
و أن يوفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات
و الله اعلم
نقلا عن الأخ عبد العزيز من منتديات بلا ميعاد
تعليق