من الاعلام (6)
نشرت في مجلة تجارة الباحة العدد(97)
بن عايد
أرجو أن تنال رضاكم هذه السلسله و أنا أعتز وأفتخر باراكم وتعليقاتكم
هذه السلسلة من الأبحاث والتقصي عن بعض الشخصيات في زهران لم تكون خاصة بقبيلة بني كنانة ولكنها مختارة من عدة قبائل وإن كان البعض لازال متحفظا على إيراد المعلومات عن قريبة ولا أعلم متى تنتهي هذه الحساسية الشديدة ولكنني سوف أبذل جهدي مادام في عرق ينبض وقلب واع وأذن تسمع ويدا تكتب أطلب الأجر والمثوبة من الله تعالى كما أرجو من يقرءا هذه السلسلة أن يترحم عليهم فقدموا إلى ما قدموا ونرجو لهم من الله تعالى الرحمة والغفران .
لقد جدت حتى جدت في كلّ ملة
وحتى أتاك الحمد من كلّ منطق
أسمه (سالم بن عايد الزهراني ) رحمة الله عليه من قرية آل جحا ف بسراة دوس من قبيلة بني فهم على حدود زهرا ن الشمالية المتاخمة لبني مالك. هذا الرجل لو أنصفه المؤرخون والكتاب والمتذوقين للشعر لا أفرد له صفحات في التاريخ ناصعة البياض حكمة وبلاغة وسرعة بديهة ولكننا سنأتي على شيء يسير مما وصل إلينا ولعل غيري تكون ليه اليد الطولى في هذا المجال .
يقول الأستاذ على صالح السلوك شافاه الله في كتابه المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران في ص 166 إنه قام بزيارة له عام 1392هـ وقد وجدة قوي الذاكرة صافي الذهن رغم إنه يبلغ من العمر آنذاك ( 135 ) عاما ورغم عدم ذكر تاريخ وفاته إلا أنني أتوقع إنه تجاوز (140 عاما) ثم إنه احد الذين رافقوا الأمير عبد العزيز بن إبراهيم عام 1343هـ عندما كان أميرا على الطائف وزار المنطقة وهدم بقايا عرفت أنها لصنم ذو الخلصة.
عادة بي الذاكرة بعد إن قرأت كتاب السلوك عادت بي الذاكرة إلى كتاب الازرقي في أخبار مكة تحقيق رشد ملحس في ص 382 حيث ذكر إن احد أحد شيوخ زهران الذي رافق الحملة عام 1344هـ (وشهد هدم ما تبقى من جدران ذي الخلصة قال إن بعض الحجارة لا تزاح إلا بمجموعة رجال يقدرون بأربعين رجلا. وقد تم الربط بين الكتابين فهذا تحدث إليه مباشرة والازرقى نقل. عنه وإن كان لم يسمّه بعينه .
وعندما يأتي الحديث عن بن عايد وأمثاله لا يسع المرء إلا إن يقف احتراما وتقديرا له فلقد منّ الله عليه بخصال كثيرة قلّ إن تجتمع في غيرة فقد منحه الله سمة الخلق والأخلاق والكرم والرزق الوفير ومحبة الناس والحكم والشعر إلا إنه مقل وكثير من أشعارة تنم عن الحكمة والاتزان . ولقد سمعت بكرمه وحكمته قبل إن أنوى الكتابة عنه ومن هذا المنطلق سوف أتحدث عن جانبين أحدهما كرمة والآخر شاعريته وسرعة بديهته أما الجوانب الأخرى فلها مجال قادم إن شاء الله.
الجانب الأول كرمه(1) لن أتحدث عن كرمه في البيت ولكن سوف أورد نموذجا وأحد فقط.لأنه أكرم شخصيتين في آن واحد ففي عام 1357هـ عندما كُلف الأمير بن إبراهيم رحمه الله في التحقيق حول ما اتهم به ابن ماضي أمير المنطقة السابق ووصوله إلى المندق لاستطلاع أراء الناس حول بن ماضي وصل وهو شديد الحنق على المرحوم(على بن قذان المعروف ب على البس )و سعى الواشون بما لم يكن فيه وقد كان ينوى البطش به ومن حسن حظ على البس عند وصول الأمير إنه كان طريح الفراش فلما استدعاه الأمير أخبرة مرافقوه إنه مريض .رد الأمير سنبقى حتى يشفى وسينال جزاءه ومن الصدف الطيبة إن الحبوب التي كانت تقدم للخيول انتهت وطلب الأمير شراء حبوب من المنطقة فدله أناس على بن عايد وكان الأمير فأرسل له مبلغا من المال نظير شراء الحبوب . ولقد أجاب بن عايد طلبهم إلا أنه لم يأخذ منهم المال وقال أنتم ضيوف علينا فلن نأخذ منكم شيئا. مكث الأمير ومرافقوه ا أكثر من الوقت المقرر. وربما إنه كان ينتظر شفاء علي البس فانتهى ذالك الحب وأرسل يطلب المزيد ولكن بشرط أن يأخذ مقابله. وصل المندوب إلى ابن عايد واخبروه برغبة الأمير. أعطاه ولكن قال سأتي لأخذ المبلغ من الأمير نفسه.بعدها ذهب إلى الأمير في المندق فأستقبله ورحب به ومن حسن الطالع أن الأمير ابن إبراهيم كريم ويحب الكرماء كما أنه يقدر مرافقيه . وكان ابن عايد يعرف ذلك وقبل أن يستلم المبلغ قال لي طلب عندك أيها الأمير وسوف أجْوده. فرد عليه بقوله أبشر مهما يكن الطلب فطلب منه العفو عن المدعو علي البس وقال: إن الذين وشو به مغرضين وإن على البس كريم وهو صحفه(2) لزهران وعابري السبيل. فعفا عنه وبعد أن من الله على علي بن قذان بالشفاء ذهب إلى الأمير. وقال لقد وصلتم وأنا مريض ولم أستطيع أن أكرمكم وان أقل ما أقدمه لكم هذه الثيران تذبحونها وتأكل أنت ومرافقوك منها فهذا من واجب الضيافة علينا.
شكره الأمير على حسن الضيافة وشكر ابن عايد لتبرعه بالحب أولا ثم طلبه العفو عن علي البس وهكذا تكون المروة والشهامة.
أما الجانب الثاني : شاعريته! فحدث ولأحرج وله مقطوعات قوية سنروى منها ما يناسب هذا المقال. ولنا عودة أخرى حول بعض القصائد المميزة وقد اخترنا منها قصيدتين فقط
القصيدة الأولى (3) لا تخلو عن التعجيز للشعراء. وكما فهمت فإن أغلب قصائده على هذا المنوال .
البدع الرد
ألا ياحنش تحت المدردب(4) تعديت للطائف بحمل مد أردب
تصيحين يالحنشان مالبرد بينا وبعت المد أردب ذاك بين أردبينا
عسى ساببه وإنه من البرد بحتى ومن كال لي بالمد له باردب حتى
فلا كان من ضيمك يصيح أمرد أبها وفي بندر الطائف أكيل أمرد أبها
القصيدة الثانية: هبط السوق السوق وسأله شخص يقوله كيف الشايب وكان سريع البديهة فرد علية فورا بهذين البيتين
البدع الرد
يا من نشد عني ترى إن ألشيبه شي لأتحسب إن ألشيبه لاش
وإلى هبطت السوق تبغا شئ بشي ولا بتلقي شي يلاش
أرجو أن أكون قد وفقت في عرض جزء من سيرة هذا الشيخ الجليل عليه رحمة من الله وأسكنه فسيح جناته ..
والله من وراء القصد
____________________________________________
المراجع!
1-الشيخ أحمد بن مرضي البرتاوى من قرية بني عمار والشيخ محمد بن قريط من قرية بالحكم
2_الصحفة : الصحن الذي يقدم فيه الأكل للضيوف بمعنى أن بيته مفتوح لزهران وعابري السبيل
3- حسن الدوسي
4-المدردب الحجر الذي يشبه الكورة وفي الشطر الثاني يقصد قدم بمد اردب من الحبوب
5- مالبرد بينا : أي نسمع صياح الحنش قريبا من أو كانه بيننا ولانخاف
أمر أبها بمعنى الشباب المرد
7- على بن أحمد بن هلال من المندق
نشرت في مجلة تجارة الباحة العدد(97)
بن عايد
أرجو أن تنال رضاكم هذه السلسله و أنا أعتز وأفتخر باراكم وتعليقاتكم
هذه السلسلة من الأبحاث والتقصي عن بعض الشخصيات في زهران لم تكون خاصة بقبيلة بني كنانة ولكنها مختارة من عدة قبائل وإن كان البعض لازال متحفظا على إيراد المعلومات عن قريبة ولا أعلم متى تنتهي هذه الحساسية الشديدة ولكنني سوف أبذل جهدي مادام في عرق ينبض وقلب واع وأذن تسمع ويدا تكتب أطلب الأجر والمثوبة من الله تعالى كما أرجو من يقرءا هذه السلسلة أن يترحم عليهم فقدموا إلى ما قدموا ونرجو لهم من الله تعالى الرحمة والغفران .
لقد جدت حتى جدت في كلّ ملة
وحتى أتاك الحمد من كلّ منطق
أسمه (سالم بن عايد الزهراني ) رحمة الله عليه من قرية آل جحا ف بسراة دوس من قبيلة بني فهم على حدود زهرا ن الشمالية المتاخمة لبني مالك. هذا الرجل لو أنصفه المؤرخون والكتاب والمتذوقين للشعر لا أفرد له صفحات في التاريخ ناصعة البياض حكمة وبلاغة وسرعة بديهة ولكننا سنأتي على شيء يسير مما وصل إلينا ولعل غيري تكون ليه اليد الطولى في هذا المجال .
يقول الأستاذ على صالح السلوك شافاه الله في كتابه المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران في ص 166 إنه قام بزيارة له عام 1392هـ وقد وجدة قوي الذاكرة صافي الذهن رغم إنه يبلغ من العمر آنذاك ( 135 ) عاما ورغم عدم ذكر تاريخ وفاته إلا أنني أتوقع إنه تجاوز (140 عاما) ثم إنه احد الذين رافقوا الأمير عبد العزيز بن إبراهيم عام 1343هـ عندما كان أميرا على الطائف وزار المنطقة وهدم بقايا عرفت أنها لصنم ذو الخلصة.
عادة بي الذاكرة بعد إن قرأت كتاب السلوك عادت بي الذاكرة إلى كتاب الازرقي في أخبار مكة تحقيق رشد ملحس في ص 382 حيث ذكر إن احد أحد شيوخ زهران الذي رافق الحملة عام 1344هـ (وشهد هدم ما تبقى من جدران ذي الخلصة قال إن بعض الحجارة لا تزاح إلا بمجموعة رجال يقدرون بأربعين رجلا. وقد تم الربط بين الكتابين فهذا تحدث إليه مباشرة والازرقى نقل. عنه وإن كان لم يسمّه بعينه .
وعندما يأتي الحديث عن بن عايد وأمثاله لا يسع المرء إلا إن يقف احتراما وتقديرا له فلقد منّ الله عليه بخصال كثيرة قلّ إن تجتمع في غيرة فقد منحه الله سمة الخلق والأخلاق والكرم والرزق الوفير ومحبة الناس والحكم والشعر إلا إنه مقل وكثير من أشعارة تنم عن الحكمة والاتزان . ولقد سمعت بكرمه وحكمته قبل إن أنوى الكتابة عنه ومن هذا المنطلق سوف أتحدث عن جانبين أحدهما كرمة والآخر شاعريته وسرعة بديهته أما الجوانب الأخرى فلها مجال قادم إن شاء الله.
الجانب الأول كرمه(1) لن أتحدث عن كرمه في البيت ولكن سوف أورد نموذجا وأحد فقط.لأنه أكرم شخصيتين في آن واحد ففي عام 1357هـ عندما كُلف الأمير بن إبراهيم رحمه الله في التحقيق حول ما اتهم به ابن ماضي أمير المنطقة السابق ووصوله إلى المندق لاستطلاع أراء الناس حول بن ماضي وصل وهو شديد الحنق على المرحوم(على بن قذان المعروف ب على البس )و سعى الواشون بما لم يكن فيه وقد كان ينوى البطش به ومن حسن حظ على البس عند وصول الأمير إنه كان طريح الفراش فلما استدعاه الأمير أخبرة مرافقوه إنه مريض .رد الأمير سنبقى حتى يشفى وسينال جزاءه ومن الصدف الطيبة إن الحبوب التي كانت تقدم للخيول انتهت وطلب الأمير شراء حبوب من المنطقة فدله أناس على بن عايد وكان الأمير فأرسل له مبلغا من المال نظير شراء الحبوب . ولقد أجاب بن عايد طلبهم إلا أنه لم يأخذ منهم المال وقال أنتم ضيوف علينا فلن نأخذ منكم شيئا. مكث الأمير ومرافقوه ا أكثر من الوقت المقرر. وربما إنه كان ينتظر شفاء علي البس فانتهى ذالك الحب وأرسل يطلب المزيد ولكن بشرط أن يأخذ مقابله. وصل المندوب إلى ابن عايد واخبروه برغبة الأمير. أعطاه ولكن قال سأتي لأخذ المبلغ من الأمير نفسه.بعدها ذهب إلى الأمير في المندق فأستقبله ورحب به ومن حسن الطالع أن الأمير ابن إبراهيم كريم ويحب الكرماء كما أنه يقدر مرافقيه . وكان ابن عايد يعرف ذلك وقبل أن يستلم المبلغ قال لي طلب عندك أيها الأمير وسوف أجْوده. فرد عليه بقوله أبشر مهما يكن الطلب فطلب منه العفو عن المدعو علي البس وقال: إن الذين وشو به مغرضين وإن على البس كريم وهو صحفه(2) لزهران وعابري السبيل. فعفا عنه وبعد أن من الله على علي بن قذان بالشفاء ذهب إلى الأمير. وقال لقد وصلتم وأنا مريض ولم أستطيع أن أكرمكم وان أقل ما أقدمه لكم هذه الثيران تذبحونها وتأكل أنت ومرافقوك منها فهذا من واجب الضيافة علينا.
شكره الأمير على حسن الضيافة وشكر ابن عايد لتبرعه بالحب أولا ثم طلبه العفو عن علي البس وهكذا تكون المروة والشهامة.
أما الجانب الثاني : شاعريته! فحدث ولأحرج وله مقطوعات قوية سنروى منها ما يناسب هذا المقال. ولنا عودة أخرى حول بعض القصائد المميزة وقد اخترنا منها قصيدتين فقط
القصيدة الأولى (3) لا تخلو عن التعجيز للشعراء. وكما فهمت فإن أغلب قصائده على هذا المنوال .
البدع الرد
ألا ياحنش تحت المدردب(4) تعديت للطائف بحمل مد أردب
تصيحين يالحنشان مالبرد بينا وبعت المد أردب ذاك بين أردبينا
عسى ساببه وإنه من البرد بحتى ومن كال لي بالمد له باردب حتى
فلا كان من ضيمك يصيح أمرد أبها وفي بندر الطائف أكيل أمرد أبها
القصيدة الثانية: هبط السوق السوق وسأله شخص يقوله كيف الشايب وكان سريع البديهة فرد علية فورا بهذين البيتين
البدع الرد
يا من نشد عني ترى إن ألشيبه شي لأتحسب إن ألشيبه لاش
وإلى هبطت السوق تبغا شئ بشي ولا بتلقي شي يلاش
أرجو أن أكون قد وفقت في عرض جزء من سيرة هذا الشيخ الجليل عليه رحمة من الله وأسكنه فسيح جناته ..
والله من وراء القصد
____________________________________________
المراجع!
1-الشيخ أحمد بن مرضي البرتاوى من قرية بني عمار والشيخ محمد بن قريط من قرية بالحكم
2_الصحفة : الصحن الذي يقدم فيه الأكل للضيوف بمعنى أن بيته مفتوح لزهران وعابري السبيل
3- حسن الدوسي
4-المدردب الحجر الذي يشبه الكورة وفي الشطر الثاني يقصد قدم بمد اردب من الحبوب
5- مالبرد بينا : أي نسمع صياح الحنش قريبا من أو كانه بيننا ولانخاف
أمر أبها بمعنى الشباب المرد
7- على بن أحمد بن هلال من المندق
تعليق