مهاتفةٌ من أحد الأقرباء الأساتذة حملتني ما لا أطيق..
( عندنا حفل مسرحي ونريد مسرحية بسررررعة) هذا ما قاله..
اعتذرت وتأبيت - والمسرحية عالمٌ لم ألجه أو أكتبه - إلا أن الحاحه قطع علي كل طريق..
أخيراً أذعنت واستعنت بالله؛؛ سالكاً درب المسرح بقليل معرفتي به؛؛ لتكتمل المسرحية التي عكفت عليها ليلتي كاملة..
بعد أن وصلته؛؛ ومثلوها فنالت استحسان الجميع من جمهورٍ ومعلمين..
رأيت أن أدفع بها لهذا المنتدى الزاخر بالمعلمين؛؛ وخاصةً ونحن مع نهاية العام حيث تقام الاحتفالات..
و... حقوق الطبع ملطوشة للجميع..
* * * * * *
أمجادٌ على مذبح الخيانة
يبرز شخصٌ ( ولنسميه المتفرج) من أحد الجوانب ويعتلي على خشبة المسرح.. ينظر إلى الستارة المغلقة ثم ينظر إلى الورقة المعلقة بجانبها .. يقترب هاتفاً:
المتفرج: ماذا عندهم لهذا اليوم يا ترى؟؟.. لقد مللنا من الفضائحيات قصدي الفضائيات وما فيها
إن رائحة المنازل منتنة بعد ذلك البرنامج الذي اسمه؛؛ امممممم ( يأخذ في التذكر..ثم ملتفتاً للجمهور) آآه نعم نعم اسمه عــ عـا عار أكاديمي.. ان رائحته الكريهة قد تغلغلت في المجتمع حتى أعمت أكثرهم عن رؤية دماء الشهيد أحمد ياسين..
( بتحسر) ايييييييييييه .. وبمثل هؤلاء وأتباعهم ترجين النصر يا أمة المسلمين؟؟!!...
حسناً هنا مكتوب مسرحية بعنوان "أمجادٌ على مذبح الخيانة" دعونا نراها..
( ينزل تحت خشبة المسرح أو يجلس عليها)
( يفتح الستار على كرسيٍ وثير وحوله يميناً ويساراً كرسيان وأمامه طاولةٌ صغيرة بينما يقف أمامه حارسان بسلاحيهما)
الحارس 1: هل سمعت يا هذا بما يدور في دهاليز القصر؟!..
الحارس 2: وماذا هناك؟ أظنها كالمعتاد أخبار الجواري الحسان اللواتي يشتريهن الملك أبي عبدالله الصغير بأرفع الأثمان.. بينما يعاني الشعب المحاصر من الجوع..
الحارس 1: كلا يا هذا.. لقد سمعت أن أبي عبدالله الصغير يستشير جواريه في مسألة تسليم غرناطة!!
الحارس 2 بذهول: ماذا؟!.. أمتأكد أنت مما تقول؟؟..
الحارس 1: كل التأكد..
الحارس 2 بتألم: تسليم غرناطة للأعداء؟؟!..اللهم لطفك وعفوك.. لا أظنه يفعلها..
الحارس 1 بسخرية: ومنذ متى تورع ملوك الطوائف عن تسليم أراضي المسلمين للأعداء؟. لو كان في القلوب ذرة كرامة لما أكلت بلاد المسلمين قطعةً قطعة وهم لا يحركون ساكناً.. وانما يتناحرون بينهم..
الحارس 2: أرجوك أصمت يا هذا.. ان ما تقوله حق.. ولكن الجدران لها آذان ( ينظر حوله خائفا)
الحارس 1: أسمع صوت خطوات أظنه الملك قادماً ( يعود الحارسان لوضع الإنضباط)
( يدخل الملك أبي عبدالله الصغير وخلفه وزيراه يجلسون على الكراسي)
الملك: ان فرناندو ملك النصارى يشتد في حصاره وتهديداته لي؛؛ ولا أرى لنا حيلة أمام قوة جيشه وكثرته..
الوزير1: إن سوء الحظ قد جعلك سيدي ملكاً بهذا الزمن التعيس؛؛ أجدر بمثلك أن يكون ملكاً في عصور الرخاء السالفة..
الوزير2: وما المانع أن يعيش سيدي أيضاً في نعيمٍ في هذا العصر؟؟!.
الملك: نعيم وفرناندو يحاصر المدينة؟ والشعب يوشك أن يثور علي؟ تخيل أني سمعت بجاريةٍ حسناء جميلة الصوت في مراكش فلم أستطع نيلها بسبب الحصار؛ أين الرخاء من حياةٍ كهذه ؟( يضرب بيده المقعد غاضباً)..
الوزير2: وما يمنع يا سيدي أن نخرج من حصارنا.. ونخرج الشعب من جوعهم ورعبهم.. وننال الجوائز العظيمة.. ونظفر بما نريد؟؟
الملك: أتعني أن نـ نـسـ تـ سـلم؟!..
الوزير2: ليس استسلاماً سيدي وإنما نحن نرضى بأهون الشرين..
الملك: لقد حدثت نفسي بذلك من قبل.. ما رأيك أنت يا صاح (ملتفتاً للوزيرالأول الذي يبدو نائماً)
الوزير1 يستيقظ: آآه نعم ياسيدي ان كل ما تقوله صحيح..
هنا يدخل الحاجب معلناً: مولاي... القائد موسى بن أبي غسان يستأذن بالدخول..
الملك يبدو مرتبكاً ينظر لوزيريه ويأخذ بترتيب هيئته ثم يقول: إإذن له بالدخول..
( يدخل القائد حاملاً سيفه يلقي السلام فيردون عليه.. يدعوه الملك للجلوس)
موسى: كلا سيدي ما جئت لأجلس والقتال على أشده خارج أسور المدينة وحصونها ..
الوزير2: إذن ما جاء بك أيها البطل الهمام؟!
موسى ينظر اليه مستحقراً ثم يخاطب الملك: إننا يا سيدي في مرحلةٍ حرجةٍ من القتال؛ ونريد بعض المال لنشتري المزيد من السلاح، فطلاب الجهاد والشهادة كثير ولكن السلاح لا يكفي..
ســـــــــــــــــــــــــــــــــتــار
يقف المتفرج: الله أكبر.. رغم الخور والضعف يبقى للإسلام رجالاً يتشوقون للشهادة،،، من قبل في الأندلس، واليوم على لوائح الإستشهاديين المنتظرين بفلسطين،، وكم من متلهفٍ لميادين الجهاد في العراق والشيشان وأفغانستان وغيرها....
(يعود المتفرج للجلوس ويرفع الستار: نفس المنظر السابق)
يميل الملك ناحية وزيره الأول هامساً فيأخذ هذا بهز رأسه إيجاباً ثم يميل ناحية الوزير الثاني الذي يتهامس معه قليلاً ثم يرفع رأسه ناحية القائد)
الملك: يا ابن أبي غسان إن قوة العدو هائلةً وإمداده لا ينقطع...
موسى: أعلم ذلك سيدي ولكنك تعلم شجاعة جنودنا وشدة بأسهم وقد دحرنا العدو مراتٍ عديدة..
الملك: إلى متى سنظل نقاتلهم فيعودون؟؟! أحتى ينتهي رجالنا وتسفك دماؤنا؟؟..
موسى: وما ضرنا.. قتلانا شهداء ان شاء الله وقتلاهم الى النار وقد يكتب الله لنا بعد الصبرنصرا..
الوزير2 بسخرية: تنتصرون والسلاح قليلٌ كما ذكرت؟؟!!.
موسى للوزير باحتقار: ألأن جاريتك المحبوبة نصرانية؛؛ أنت لا تريدنا أن ننتصر؟؟..
الملك: كفا عن الشجار أمامي.. فأنا أنظر لمصلحة المدينة التي ستموت جوعاً ثم يدخلها العدو بالقوة فيدمرها.
موسى: انني أشتم من كلامكم رائحة الخور والضعف؛ بينما الشعب الذي تدّعون مصلحته يتحرق شوقاً للشهادة وتغلي فيه مراجل العزة والإباء..
ســـــــــــــــــــــتـــار
يقف المتفرج: وآحر قلباه لك أيتها الشعوب المسلمة. كم ترتكب باسمك من خيانات.. وكم تصاغ من عهودٍ كاذبات.. يا شعوب الإسلام لك الله.. مادام يحكمك أرباب الضلال. ويتكلم باسمك الرويبضة الجهال.. وتملأ صحفك وإعلامك أقوال المفسدين الأنذال.. لك الله يا شعوب الإسلام .. لك الله.. لك الله..
( يجلس المتفرج ويفتح الستار: كرسيٌ فخم يجلس عليه فرناندو ملك مملكة أراغون ويقف على رأسه جندي وبجواره يجلس شخصٌ على كرسيٍ صغير )
الملك: ماذا عندك من أخبار يا ابن ابي الفتوح..
ابن ابي الفتوح: سيدي جلالة الملك فرناندو ملك مملكة أراغون العظيم.. لقد جئت إليك بأسعد الأخبار..
الملك: ماذا تنتظر.. إلي بها يا هذا سريعاً...
يشير ابن ابي الفتوح بيده علامة النقود ويقول: كما اتفقنا يا سيدي.
الملك يلقي اليه النقود باحتقار: خذ يا هذا وهات ماعندك..
ابن ابي الفتوح: إن الملك أبي عبدالله الصغير قد بدا يفكر جدياً بالإستسلام.. وقد استدعا وزيريه ليشاورهما..
الملك مبتهجاً: هل صحيحٌ ما تقول؟؟ ومن أين لك العلم بذلك؟؟.
ابن ابي الفتوح: لا تنسى يا جلالة الملك أني قائد شرطة المدينة وأعلم أكثر ما يدور بها..
الملك: لكني أخاف أن يثنيه الوزيران عن رأيه...
ابن ابي الفتوح ضاحكاً: لا تخف ياجلالة الملك،، فالوزير الأول يسكر الليل كله ثم يقضي نهاره شبه نائم، وكل عمله أن يهز رأسه موافقاً على كل ما يقول الملك.. أما الوزير الثاني فهو صهركم وورقتكم الرابحة في مجلس الحكم...
الملك: رائع.. أخبارٌ رائعة تستحق ثمنها يا صاح.. لنسرع ببعث رسولنا بوثيقة التسليم... سوف تستسلم غرناطة بعد حصار سنتين؛؛ ولكن ( يبدو مهموماً) هذا المتهور لن يرضى بالتسليم وسيقاتلنا.. ماذا سنفعل معه؟؟. ( يأخذ في التفكير)
ابن ابي الفتوح: من هو يا سيدي هذا الذي أصابك بالهم
الملك: ومن سواه إنه القائد موسى بن أبي غسان..
ابن أبي الفتوح: لا عليك يا مولاي.. ابعث رسولك بشروط التسليم وأنا سأتعامل مع موسى.. (ثم يبتسم بخبث مضيفاً): وكل شيءٍ بثمنه يا سيدي...
ســــــــــــــــــــــــــــــتـــار
يقف المتفرج: كم دُهيتِ أمتي بالخيانات.. وكم رَفعتِ من الرجال على الأكتاف ونراهم عند العدو يقبلون الأقدام.. هذا زمانهم الأكبر تكاثروا فيه وانتشروا انتشار النار في الهشيم..
أيها الخائنون: لا يقع اللوم عليكم كله.. وإنما علينا منه جله؛؛ إذ نضفي عليكم المهابة والقداسة؛ ونمنحكم المناصب والزعامة..
(يعود للجلوس ويفتح الستار: أبي عبدالله الصغير بنفس مجلسه يتشاور مع الوزيرين هامساً وموسى يقطع المسرح جيئةً وذهاباً مهتاجاً)
يدخل الحاجب: مولاي... إن رسول الملك فرناندو بالباب..
الملك باستعجال وخوف: هــه.. اســ اسمحوا له بالدخول بسرعه..
( يدخل الرسول يحمل رسالةً في يده بينما يقف الوزيران ويكف موسى عن حركته)
الملك: مرحباً بك أيها الرسول.. ماذا لديك؟..
الرسول: أيها الملك لقد جئت من عند مولاي الملك فرناندو العظيم بوثيقة التسليم لتنظروا فيها وتروا رأيكم.
موسى غاضباً: ماذا؟؟ تسليم؟؟ ماذا تقول أيها العلج؟ ( يهجم عليه ويدفعه بيده ليسقط أرضا وهو يرتجف؛؛ يسل موسى سيفه ويقول: لولا أني أعلم حرمة قتل الرسل لقتلتك يا هذا..)
الملك: كف عن ذلك أيها القائد ودعنا نرى ما عنده..
موسى: إنه يتكلم عن التسليم يا سيدي كيف تسمح له بالبقاء على بلاطك؟..
الملك: دعنا نرى ما عنده أولاً.. فربما كانت شروط التسليم هينة وسنفرض نحن شروطنا للحفاظ على المدينة..
موسى بانذهال: إذن هي الخيانة سيدي تطل برأسها.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. آخر معقلٍ للإسلام بالأندلس تُسلم للأعداء بلا قتال وفيها مليوني مسلم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
الوزير2: إن جلالة الملك أعلم بمصلحة البلد وأهله.
موسى: لم يعد جلالة الملك وإنما هو من رعايا فرناندو منذ الآن.. وأما المصالح فأنتم أعلم بمصالحكم لا مصالح المسلمين...
الملك بتأفف: كفا كلاماً يا موسى.. أيها الرسول هات ما عندك..
الرسول يفتح الرسالة ويبدأ القراءة: (من فرناندو ملك مملكة أراغون إلى الملك أبي عبدالله الصغير اما بعد.. فإنه حقناً لدماء أهل بلدك وحفاظاً على المدينة من الخراب والدمار الذي سيلحق بها لو فتحت عنوة أعرض عليك أن تسلم مفاتيح المدينة على أن أحافظ على أرواح المسلمين وممتلكاتهم ومساجدهم وجميع شؤون حياتهم الدينية والدنيوية.. وكل هذا يصب في مصالح قومك ومصلحتك بمقابل أن يتم التسليم صباح الغد بلا تأخير.. وستجد وحاشيتك في ملكي ما يسركم من النعيم والمال والراحة بعد العناء.. والسلام..)
الوزير2: يالها من شروطٍ عادلة..
الملك يتناول الرسالة: نعم لا يمكن أن ننال أفضل منها..( يختم الرسالة ثم يردها إلى الرسول الذي ينصرف)
موسى هاتفاً بغضب: ومنذ متى أوفى أعداؤنا بشروطهم لنا.. إنما هي وعودٌ رنانة. ووالله ما بعد التسليم إلا الذل والهوان... ثم ماذا عن أسرانا الأبطال هناك لا أرى لهم في معاهداتكم ذكرا؟؟ّ..
الملك: هون عليك يا ابن أبي غسان.. ولا تنظر للأمور متشائماً.. غداً يعم الأمن ويعود إلينا الأسرى سالمين..
موسى: كلا والله.. اشهد يا تاريخ؛؛ واشهد يا زمان؛؛ إن أبي عبدالله الصغير قد باع دينه ودنياه للعدو.. والأيام أيها الملك الخائن بيننا ترينا من منا على حق؟ أما أنا فلن أتخلى عن سيفي وسأحارب حتى آخر قطرةٍ من دمي.. ( يسل سيفه ويخرج غاضباً)
ســـــــــــــــــــــتـــــار
يقف المتفرج: رحمك الله يا موسى.. كم كنت صادقاً.. منذ متى كان للأعداء وعود؟؟.. من قديم الزمان نراها تتبخر هباءً،، واليوم نبصرها في اوسلو وكامب ديفيد وخارطة الطريق وعلى أرض الفلوجة؛؛ هدنات ووعود سلام سرعان ما ينقضونها... أما الأسرى.. فلنا في كوبا ستمائة أسير.. والمسلمون اليوم ألف ومائتي مليون.. وما فيهم واحدٌ كموسى.. ينتصر لهؤلاء حين تكالبت عليهم المحن..
( يعود المتفرج للجلوس ويفتح الستار: المسرح مظلم.. يسير فيه موسى ابن أبي غسان متفكراً بينما يسمع صوت أذانٍ من بعيد)
موسى متحسراً: أهكذا يا أندلس العلم والدين والحضارة؟؟ أهكذا يسلمك الخائنون بين عشيةٍ وضحاها؟؟ أهكذا يهيمن فيك الصليب بعد أن رفرف الهلال بفضائك قروناً؟؟ أحقاً إن نداء الفجر هذا الذي أسمعه هو آخر نداء للحق يجلجل بسمائك؟؟..( يغطي وجهه بيديه ويجلس باكياً)
فجأة يبرز من خلفه ثلاثة يدفعونه على الأرض ثم يحاصره أثنان بسيفيهما بينما يقوم الرابع بتقييده .. ينظر موسى ناحية رئيسهم الذي يقبل بعدهم..
موسى: اييييه يا ابن أبي الفتوح،، لم تعد الخائن الوحيد؛؛ وعزائي أن لكم جميعاً يوماً تندمون فيه ولا ينفع الندم..
(يدفع الجنود بموسى لخارج المسرح ثم تضاء الأنوار ليقف المتفرج ويدخل المسرح هاتفاً:
المتفرج: وهكذا أسدل الستار على أندلس الأمجاد.. وروى لنا التاريخ فيما روى أن النصارى ما رعوا عهداً ولا وعداً مع المسلمين.. لقد حملوهم تحت القهر والتعذيب على التنصر أو الهجرة..
يقف بوسط المسرح مخاطباً الجمهور: أمة الإسلام.. هذه تجربة الأندلس القديمة.. وما أشبه الليلة بالبارحة..
فاقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر **** ظل قومٌ ليس يدرون الخبر
ســــــــــتار
انتهت
( عندنا حفل مسرحي ونريد مسرحية بسررررعة) هذا ما قاله..
اعتذرت وتأبيت - والمسرحية عالمٌ لم ألجه أو أكتبه - إلا أن الحاحه قطع علي كل طريق..
أخيراً أذعنت واستعنت بالله؛؛ سالكاً درب المسرح بقليل معرفتي به؛؛ لتكتمل المسرحية التي عكفت عليها ليلتي كاملة..
بعد أن وصلته؛؛ ومثلوها فنالت استحسان الجميع من جمهورٍ ومعلمين..
رأيت أن أدفع بها لهذا المنتدى الزاخر بالمعلمين؛؛ وخاصةً ونحن مع نهاية العام حيث تقام الاحتفالات..
و... حقوق الطبع ملطوشة للجميع..
* * * * * *
أمجادٌ على مذبح الخيانة
يبرز شخصٌ ( ولنسميه المتفرج) من أحد الجوانب ويعتلي على خشبة المسرح.. ينظر إلى الستارة المغلقة ثم ينظر إلى الورقة المعلقة بجانبها .. يقترب هاتفاً:
المتفرج: ماذا عندهم لهذا اليوم يا ترى؟؟.. لقد مللنا من الفضائحيات قصدي الفضائيات وما فيها
إن رائحة المنازل منتنة بعد ذلك البرنامج الذي اسمه؛؛ امممممم ( يأخذ في التذكر..ثم ملتفتاً للجمهور) آآه نعم نعم اسمه عــ عـا عار أكاديمي.. ان رائحته الكريهة قد تغلغلت في المجتمع حتى أعمت أكثرهم عن رؤية دماء الشهيد أحمد ياسين..
( بتحسر) ايييييييييييه .. وبمثل هؤلاء وأتباعهم ترجين النصر يا أمة المسلمين؟؟!!...
حسناً هنا مكتوب مسرحية بعنوان "أمجادٌ على مذبح الخيانة" دعونا نراها..
( ينزل تحت خشبة المسرح أو يجلس عليها)
( يفتح الستار على كرسيٍ وثير وحوله يميناً ويساراً كرسيان وأمامه طاولةٌ صغيرة بينما يقف أمامه حارسان بسلاحيهما)
الحارس 1: هل سمعت يا هذا بما يدور في دهاليز القصر؟!..
الحارس 2: وماذا هناك؟ أظنها كالمعتاد أخبار الجواري الحسان اللواتي يشتريهن الملك أبي عبدالله الصغير بأرفع الأثمان.. بينما يعاني الشعب المحاصر من الجوع..
الحارس 1: كلا يا هذا.. لقد سمعت أن أبي عبدالله الصغير يستشير جواريه في مسألة تسليم غرناطة!!
الحارس 2 بذهول: ماذا؟!.. أمتأكد أنت مما تقول؟؟..
الحارس 1: كل التأكد..
الحارس 2 بتألم: تسليم غرناطة للأعداء؟؟!..اللهم لطفك وعفوك.. لا أظنه يفعلها..
الحارس 1 بسخرية: ومنذ متى تورع ملوك الطوائف عن تسليم أراضي المسلمين للأعداء؟. لو كان في القلوب ذرة كرامة لما أكلت بلاد المسلمين قطعةً قطعة وهم لا يحركون ساكناً.. وانما يتناحرون بينهم..
الحارس 2: أرجوك أصمت يا هذا.. ان ما تقوله حق.. ولكن الجدران لها آذان ( ينظر حوله خائفا)
الحارس 1: أسمع صوت خطوات أظنه الملك قادماً ( يعود الحارسان لوضع الإنضباط)
( يدخل الملك أبي عبدالله الصغير وخلفه وزيراه يجلسون على الكراسي)
الملك: ان فرناندو ملك النصارى يشتد في حصاره وتهديداته لي؛؛ ولا أرى لنا حيلة أمام قوة جيشه وكثرته..
الوزير1: إن سوء الحظ قد جعلك سيدي ملكاً بهذا الزمن التعيس؛؛ أجدر بمثلك أن يكون ملكاً في عصور الرخاء السالفة..
الوزير2: وما المانع أن يعيش سيدي أيضاً في نعيمٍ في هذا العصر؟؟!.
الملك: نعيم وفرناندو يحاصر المدينة؟ والشعب يوشك أن يثور علي؟ تخيل أني سمعت بجاريةٍ حسناء جميلة الصوت في مراكش فلم أستطع نيلها بسبب الحصار؛ أين الرخاء من حياةٍ كهذه ؟( يضرب بيده المقعد غاضباً)..
الوزير2: وما يمنع يا سيدي أن نخرج من حصارنا.. ونخرج الشعب من جوعهم ورعبهم.. وننال الجوائز العظيمة.. ونظفر بما نريد؟؟
الملك: أتعني أن نـ نـسـ تـ سـلم؟!..
الوزير2: ليس استسلاماً سيدي وإنما نحن نرضى بأهون الشرين..
الملك: لقد حدثت نفسي بذلك من قبل.. ما رأيك أنت يا صاح (ملتفتاً للوزيرالأول الذي يبدو نائماً)
الوزير1 يستيقظ: آآه نعم ياسيدي ان كل ما تقوله صحيح..
هنا يدخل الحاجب معلناً: مولاي... القائد موسى بن أبي غسان يستأذن بالدخول..
الملك يبدو مرتبكاً ينظر لوزيريه ويأخذ بترتيب هيئته ثم يقول: إإذن له بالدخول..
( يدخل القائد حاملاً سيفه يلقي السلام فيردون عليه.. يدعوه الملك للجلوس)
موسى: كلا سيدي ما جئت لأجلس والقتال على أشده خارج أسور المدينة وحصونها ..
الوزير2: إذن ما جاء بك أيها البطل الهمام؟!
موسى ينظر اليه مستحقراً ثم يخاطب الملك: إننا يا سيدي في مرحلةٍ حرجةٍ من القتال؛ ونريد بعض المال لنشتري المزيد من السلاح، فطلاب الجهاد والشهادة كثير ولكن السلاح لا يكفي..
ســـــــــــــــــــــــــــــــــتــار
يقف المتفرج: الله أكبر.. رغم الخور والضعف يبقى للإسلام رجالاً يتشوقون للشهادة،،، من قبل في الأندلس، واليوم على لوائح الإستشهاديين المنتظرين بفلسطين،، وكم من متلهفٍ لميادين الجهاد في العراق والشيشان وأفغانستان وغيرها....
(يعود المتفرج للجلوس ويرفع الستار: نفس المنظر السابق)
يميل الملك ناحية وزيره الأول هامساً فيأخذ هذا بهز رأسه إيجاباً ثم يميل ناحية الوزير الثاني الذي يتهامس معه قليلاً ثم يرفع رأسه ناحية القائد)
الملك: يا ابن أبي غسان إن قوة العدو هائلةً وإمداده لا ينقطع...
موسى: أعلم ذلك سيدي ولكنك تعلم شجاعة جنودنا وشدة بأسهم وقد دحرنا العدو مراتٍ عديدة..
الملك: إلى متى سنظل نقاتلهم فيعودون؟؟! أحتى ينتهي رجالنا وتسفك دماؤنا؟؟..
موسى: وما ضرنا.. قتلانا شهداء ان شاء الله وقتلاهم الى النار وقد يكتب الله لنا بعد الصبرنصرا..
الوزير2 بسخرية: تنتصرون والسلاح قليلٌ كما ذكرت؟؟!!.
موسى للوزير باحتقار: ألأن جاريتك المحبوبة نصرانية؛؛ أنت لا تريدنا أن ننتصر؟؟..
الملك: كفا عن الشجار أمامي.. فأنا أنظر لمصلحة المدينة التي ستموت جوعاً ثم يدخلها العدو بالقوة فيدمرها.
موسى: انني أشتم من كلامكم رائحة الخور والضعف؛ بينما الشعب الذي تدّعون مصلحته يتحرق شوقاً للشهادة وتغلي فيه مراجل العزة والإباء..
ســـــــــــــــــــــتـــار
يقف المتفرج: وآحر قلباه لك أيتها الشعوب المسلمة. كم ترتكب باسمك من خيانات.. وكم تصاغ من عهودٍ كاذبات.. يا شعوب الإسلام لك الله.. مادام يحكمك أرباب الضلال. ويتكلم باسمك الرويبضة الجهال.. وتملأ صحفك وإعلامك أقوال المفسدين الأنذال.. لك الله يا شعوب الإسلام .. لك الله.. لك الله..
( يجلس المتفرج ويفتح الستار: كرسيٌ فخم يجلس عليه فرناندو ملك مملكة أراغون ويقف على رأسه جندي وبجواره يجلس شخصٌ على كرسيٍ صغير )
الملك: ماذا عندك من أخبار يا ابن ابي الفتوح..
ابن ابي الفتوح: سيدي جلالة الملك فرناندو ملك مملكة أراغون العظيم.. لقد جئت إليك بأسعد الأخبار..
الملك: ماذا تنتظر.. إلي بها يا هذا سريعاً...
يشير ابن ابي الفتوح بيده علامة النقود ويقول: كما اتفقنا يا سيدي.
الملك يلقي اليه النقود باحتقار: خذ يا هذا وهات ماعندك..
ابن ابي الفتوح: إن الملك أبي عبدالله الصغير قد بدا يفكر جدياً بالإستسلام.. وقد استدعا وزيريه ليشاورهما..
الملك مبتهجاً: هل صحيحٌ ما تقول؟؟ ومن أين لك العلم بذلك؟؟.
ابن ابي الفتوح: لا تنسى يا جلالة الملك أني قائد شرطة المدينة وأعلم أكثر ما يدور بها..
الملك: لكني أخاف أن يثنيه الوزيران عن رأيه...
ابن ابي الفتوح ضاحكاً: لا تخف ياجلالة الملك،، فالوزير الأول يسكر الليل كله ثم يقضي نهاره شبه نائم، وكل عمله أن يهز رأسه موافقاً على كل ما يقول الملك.. أما الوزير الثاني فهو صهركم وورقتكم الرابحة في مجلس الحكم...
الملك: رائع.. أخبارٌ رائعة تستحق ثمنها يا صاح.. لنسرع ببعث رسولنا بوثيقة التسليم... سوف تستسلم غرناطة بعد حصار سنتين؛؛ ولكن ( يبدو مهموماً) هذا المتهور لن يرضى بالتسليم وسيقاتلنا.. ماذا سنفعل معه؟؟. ( يأخذ في التفكير)
ابن ابي الفتوح: من هو يا سيدي هذا الذي أصابك بالهم
الملك: ومن سواه إنه القائد موسى بن أبي غسان..
ابن أبي الفتوح: لا عليك يا مولاي.. ابعث رسولك بشروط التسليم وأنا سأتعامل مع موسى.. (ثم يبتسم بخبث مضيفاً): وكل شيءٍ بثمنه يا سيدي...
ســــــــــــــــــــــــــــــتـــار
يقف المتفرج: كم دُهيتِ أمتي بالخيانات.. وكم رَفعتِ من الرجال على الأكتاف ونراهم عند العدو يقبلون الأقدام.. هذا زمانهم الأكبر تكاثروا فيه وانتشروا انتشار النار في الهشيم..
أيها الخائنون: لا يقع اللوم عليكم كله.. وإنما علينا منه جله؛؛ إذ نضفي عليكم المهابة والقداسة؛ ونمنحكم المناصب والزعامة..
(يعود للجلوس ويفتح الستار: أبي عبدالله الصغير بنفس مجلسه يتشاور مع الوزيرين هامساً وموسى يقطع المسرح جيئةً وذهاباً مهتاجاً)
يدخل الحاجب: مولاي... إن رسول الملك فرناندو بالباب..
الملك باستعجال وخوف: هــه.. اســ اسمحوا له بالدخول بسرعه..
( يدخل الرسول يحمل رسالةً في يده بينما يقف الوزيران ويكف موسى عن حركته)
الملك: مرحباً بك أيها الرسول.. ماذا لديك؟..
الرسول: أيها الملك لقد جئت من عند مولاي الملك فرناندو العظيم بوثيقة التسليم لتنظروا فيها وتروا رأيكم.
موسى غاضباً: ماذا؟؟ تسليم؟؟ ماذا تقول أيها العلج؟ ( يهجم عليه ويدفعه بيده ليسقط أرضا وهو يرتجف؛؛ يسل موسى سيفه ويقول: لولا أني أعلم حرمة قتل الرسل لقتلتك يا هذا..)
الملك: كف عن ذلك أيها القائد ودعنا نرى ما عنده..
موسى: إنه يتكلم عن التسليم يا سيدي كيف تسمح له بالبقاء على بلاطك؟..
الملك: دعنا نرى ما عنده أولاً.. فربما كانت شروط التسليم هينة وسنفرض نحن شروطنا للحفاظ على المدينة..
موسى بانذهال: إذن هي الخيانة سيدي تطل برأسها.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. آخر معقلٍ للإسلام بالأندلس تُسلم للأعداء بلا قتال وفيها مليوني مسلم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
الوزير2: إن جلالة الملك أعلم بمصلحة البلد وأهله.
موسى: لم يعد جلالة الملك وإنما هو من رعايا فرناندو منذ الآن.. وأما المصالح فأنتم أعلم بمصالحكم لا مصالح المسلمين...
الملك بتأفف: كفا كلاماً يا موسى.. أيها الرسول هات ما عندك..
الرسول يفتح الرسالة ويبدأ القراءة: (من فرناندو ملك مملكة أراغون إلى الملك أبي عبدالله الصغير اما بعد.. فإنه حقناً لدماء أهل بلدك وحفاظاً على المدينة من الخراب والدمار الذي سيلحق بها لو فتحت عنوة أعرض عليك أن تسلم مفاتيح المدينة على أن أحافظ على أرواح المسلمين وممتلكاتهم ومساجدهم وجميع شؤون حياتهم الدينية والدنيوية.. وكل هذا يصب في مصالح قومك ومصلحتك بمقابل أن يتم التسليم صباح الغد بلا تأخير.. وستجد وحاشيتك في ملكي ما يسركم من النعيم والمال والراحة بعد العناء.. والسلام..)
الوزير2: يالها من شروطٍ عادلة..
الملك يتناول الرسالة: نعم لا يمكن أن ننال أفضل منها..( يختم الرسالة ثم يردها إلى الرسول الذي ينصرف)
موسى هاتفاً بغضب: ومنذ متى أوفى أعداؤنا بشروطهم لنا.. إنما هي وعودٌ رنانة. ووالله ما بعد التسليم إلا الذل والهوان... ثم ماذا عن أسرانا الأبطال هناك لا أرى لهم في معاهداتكم ذكرا؟؟ّ..
الملك: هون عليك يا ابن أبي غسان.. ولا تنظر للأمور متشائماً.. غداً يعم الأمن ويعود إلينا الأسرى سالمين..
موسى: كلا والله.. اشهد يا تاريخ؛؛ واشهد يا زمان؛؛ إن أبي عبدالله الصغير قد باع دينه ودنياه للعدو.. والأيام أيها الملك الخائن بيننا ترينا من منا على حق؟ أما أنا فلن أتخلى عن سيفي وسأحارب حتى آخر قطرةٍ من دمي.. ( يسل سيفه ويخرج غاضباً)
ســـــــــــــــــــــتـــــار
يقف المتفرج: رحمك الله يا موسى.. كم كنت صادقاً.. منذ متى كان للأعداء وعود؟؟.. من قديم الزمان نراها تتبخر هباءً،، واليوم نبصرها في اوسلو وكامب ديفيد وخارطة الطريق وعلى أرض الفلوجة؛؛ هدنات ووعود سلام سرعان ما ينقضونها... أما الأسرى.. فلنا في كوبا ستمائة أسير.. والمسلمون اليوم ألف ومائتي مليون.. وما فيهم واحدٌ كموسى.. ينتصر لهؤلاء حين تكالبت عليهم المحن..
( يعود المتفرج للجلوس ويفتح الستار: المسرح مظلم.. يسير فيه موسى ابن أبي غسان متفكراً بينما يسمع صوت أذانٍ من بعيد)
موسى متحسراً: أهكذا يا أندلس العلم والدين والحضارة؟؟ أهكذا يسلمك الخائنون بين عشيةٍ وضحاها؟؟ أهكذا يهيمن فيك الصليب بعد أن رفرف الهلال بفضائك قروناً؟؟ أحقاً إن نداء الفجر هذا الذي أسمعه هو آخر نداء للحق يجلجل بسمائك؟؟..( يغطي وجهه بيديه ويجلس باكياً)
فجأة يبرز من خلفه ثلاثة يدفعونه على الأرض ثم يحاصره أثنان بسيفيهما بينما يقوم الرابع بتقييده .. ينظر موسى ناحية رئيسهم الذي يقبل بعدهم..
موسى: اييييه يا ابن أبي الفتوح،، لم تعد الخائن الوحيد؛؛ وعزائي أن لكم جميعاً يوماً تندمون فيه ولا ينفع الندم..
(يدفع الجنود بموسى لخارج المسرح ثم تضاء الأنوار ليقف المتفرج ويدخل المسرح هاتفاً:
المتفرج: وهكذا أسدل الستار على أندلس الأمجاد.. وروى لنا التاريخ فيما روى أن النصارى ما رعوا عهداً ولا وعداً مع المسلمين.. لقد حملوهم تحت القهر والتعذيب على التنصر أو الهجرة..
يقف بوسط المسرح مخاطباً الجمهور: أمة الإسلام.. هذه تجربة الأندلس القديمة.. وما أشبه الليلة بالبارحة..
فاقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر **** ظل قومٌ ليس يدرون الخبر
ســــــــــتار
انتهت
تعليق