بعد طول عناء ... وبعد طرق الباب مراراً... نقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
وأضع هذه القصة بين أيديكم :
ذهب دون أن تلقي عليه نظرة الوداع ، تركها وحيدة بعد أن كان كل شيء في حياتها
إنه الوحيد الذي كانت تحب الحياة لأجله واليوم لأجله كرهتها منذ أن فارقها
أتاها خبره فتحطمت النفس واحترق القلب ،
لقد مــــــــات
نعم مـــــــات !
هرعت كالمجنونة لتلقي عليه النظرة الأخيرة ولكنهم دفعوها بعنف
وأحكموا إغلاق الباب عليها
ظلت تصرخ وتصرخ ولكن دون فائدة
فصراخها لا يلامس إلا أسماعاً يمتاز أصحابها بالقسوة .
ألقت بنفسها المتهالكة على سريرها
تذكرت الأيام التي قضتها بجانبه والساعات التي تقاسما فيها رحيق السعادة .
أخذت تبكي بدموع تلهبها نار الحسرة .
نظرت حولها فإذا أطفالها الخمسة يحيطون بها دون أن تشعر بوجودهم
فمصابها أكبر من كل شيء ،
احتضنتهم جميعاً وهي تقول بصوتٍ لا يكاد يبين :
الآن ليس لكم سواي وليس لي سواكم .
مرت الأيام على أم أحمد وبدأت حاجتها هي وأطفالها تزداد شيئاً
فشيئاً فلا قريب يحنو ولا صديق يجود
الطعام يكاد لا يسد رمقهم
والماء بدأ في النضوب
قامت أم أحمد بخطا متثاقلة وفتحت خزانتها وأمسكت بصندوقها
الحبيب الذي يحوي بداخله شيئاً من الذهب
أهداه لها زوجها في بداية زواجهم
كانت محافظة عليه وطالما عادت إليه لتتذكر تلك الأيام الجميلة
ولكنها اليوم لم تأت للذكرى !!
إنها أتت لتخرجه من مكمنه بيدين ترتجفان وقلب يبكي من الداخل
أتت وهي عازمة على بيعه !!!
أمسكته ثم نظرت إلى صورة أبي أحمد القابعة في ركن من أركان المنزل
أخذت تخاطبه بقولها : عذراً أيها الحبيب فلولا الحاجة ما تجرأت على ذلك
ولكن أبنائي أحق بثمنه ولن أتركهم يموتون جوعا
باعته بثمن بخس !
ومرت الأيام ونفذ المال وبدأ الأطفال يطلبون ما لا تطيق
فهذا أحمد يرغب في حقيبة كتلك التي مع زميله
وهذه أمل تريد فستاناً كالذي تمتلكه جارتها وهذا وذاك ...
والأم في حيرة من أمرها لا تعلم ماذا تفعل ؟
الطلبات تزداد والجوع زائر ثقيل عليهم
يذهب أطفالها كل صباح إلى المدرسة دون وجبة إفطار
وبثياب رثة ،
تنظر إليهم فيزداد ألمها ويتجدد حزنها
لا تملك إلا الدموع التي تسبلها ليل نهار
ومرت الأيام والحياة أضحت في منزل أم أحمد شبه مستحيلة
الأطفال هزلت أجسادهم وشحبت ألوانهم .
وبينما كانت وحيدة تفكر في أبنائها وما آل إليه حالهم
عزمت أن تذهب إلى أخي زوجها الذي يقطن في نفس مدينتهم
ولكن سرعان ما انثنت عن عزمها عندما تذكرت القسوة التي
يحملها فمنذ موت أخيه لم يزرهم ولو لمرة واحدة
ولو ذهبت إليه لن تنال إلا الإهانة .
كذلك هي لا تريد أن تظهر فاقتها لمن لا يسأل عنها وعن أطفالها .
إذن ليس أمامها إلا بيع منزلها الذي يحتمون فيه ،
ولكن أين يذهبون بعد ذلك ؟!
وأي مكان سيحتويهم ؟!
وهم لا يملكون من دنياهم إلا منزلهم هذا !!!
عادت أم أحمد تفكر في حل آخر بعيداً عن المنزل ،
فكرت وفكرت فإذا بجميع الأبواب مقفلة في وجهها .
لم يبق لي إلا التسول !!
يا إلـــــــهـــي ....
التسول ؟؟!!
كيف لي أن أقوم بذلك ؟؟ أين عفة نفسي ؟؟
وماذا لو رآني أحد ؟؟
الألسن ستلوك بذكري والجميع سيحتقرني ،
وأطفالي كيف سيرفعون رؤوسهم بيين أترابهم وأمهم تمد
يدها للقريب وللبعيد ؟
يا لها من فكرة سخيفة !!
كلمات تمتمت بها أم أحمد لنفسها .
ثم قامت إلى مصلاها ،
صلت ما شاء الله لها أن تصلي ثم رفعت يديها وابتهلت بالدعاء
إلى مفرج الكرب ، دعت بقلبٍ صادق وتوسلت إلى ربها أن يزيح
الغمة التي احتوتهم .
بعدها شعرت بطمأنينة تملأ نفسها وبراحة عذبة يسري نسيمها
في جسدها المتعب .
قالت لنفسها : أجيد حياكة الملابس فلماذا لا أبيع بعض أثاث
منزلي وأقوم بشراء ماكينة خياطة فلعلها تكون باب رزقٍ لنا ؟
فعلت ما فكرت فيه وأخذت تحيك الملابس وتقوم ببيعها .
أخذت الحياة تفتح أبوابها لأولئك المساكين ،
تبدل حالهم ودبت الصحة في أجساد الصغار ،
وأصبح الواحد منهم ينال الذي يشتهي ،
تنظر الأم إلى الفرحة التي ألقت بظلالها على منزلهم الصغير
وإلى الخير الذي بدأ ينهال عليهم
تنظر ولسانها لا يفتر عن الشكر لمن وهبها هذه النعمة .
ومرت الأيام والأسرة تنعم في خيرٍ وأمان
عندها فكرت أم أحمد في إكمال مشوارها التعليمي
فقد تزوجت وهي صغيرة السن ولا تحمل إلا الكفاءة ،
تقدمت بكل عزم وإصرار وطلبت الالتحاق بدارٍ من دور العلم
كطالبة منتسبة فمشاغلها لا تسمح لها بالانتظام ،
قُبل طلبها ففرحت لذلك فرحاً عظيماً
وانخرطت في الدراسة فأكملت المرحلة الثانوية ثم التحقت بالجامعة
يحدوها العزم والإصرار ،
كانت متفوقة في دراستها بالرغم من ضيق الوقت لديها فمنزلها ومشغلها يأخذ جل وقتها
إلا أنها استطاعت أن تمسك بيدٍ من كفاح بشهادتها الجامعية التي نالتها بكل اقتدار .
ودارت الأيام وأصبحت أم أحمد معلمة لها مع التعليم صولات وجولات ،
أحبها الجميع فدماثة أخلاقها تجبرهم على ذلك .
وبعد سنوات من الكفاح قامت أم أحمد ببيع منزلها الصغير
وشراء منزل أكبر منه فذلك المنزل لم يعد يليق بهم بعد أن كبر أطفالها ..
عاشت الأسرة أيامها في خيرٍ ورفاهية كل ذلك لأن اليأس
لم يدخل إلى قلب الأم المكافحة فقد جعلت العزيمة والإصرار
سلاحها لمواجهة قسوة الحياة ..
فلا يأس مع الحياة
وأضع هذه القصة بين أيديكم :
ذهب دون أن تلقي عليه نظرة الوداع ، تركها وحيدة بعد أن كان كل شيء في حياتها
إنه الوحيد الذي كانت تحب الحياة لأجله واليوم لأجله كرهتها منذ أن فارقها
أتاها خبره فتحطمت النفس واحترق القلب ،
لقد مــــــــات
نعم مـــــــات !
هرعت كالمجنونة لتلقي عليه النظرة الأخيرة ولكنهم دفعوها بعنف
وأحكموا إغلاق الباب عليها
ظلت تصرخ وتصرخ ولكن دون فائدة
فصراخها لا يلامس إلا أسماعاً يمتاز أصحابها بالقسوة .
ألقت بنفسها المتهالكة على سريرها
تذكرت الأيام التي قضتها بجانبه والساعات التي تقاسما فيها رحيق السعادة .
أخذت تبكي بدموع تلهبها نار الحسرة .
نظرت حولها فإذا أطفالها الخمسة يحيطون بها دون أن تشعر بوجودهم
فمصابها أكبر من كل شيء ،
احتضنتهم جميعاً وهي تقول بصوتٍ لا يكاد يبين :
الآن ليس لكم سواي وليس لي سواكم .
مرت الأيام على أم أحمد وبدأت حاجتها هي وأطفالها تزداد شيئاً
فشيئاً فلا قريب يحنو ولا صديق يجود
الطعام يكاد لا يسد رمقهم
والماء بدأ في النضوب
قامت أم أحمد بخطا متثاقلة وفتحت خزانتها وأمسكت بصندوقها
الحبيب الذي يحوي بداخله شيئاً من الذهب
أهداه لها زوجها في بداية زواجهم
كانت محافظة عليه وطالما عادت إليه لتتذكر تلك الأيام الجميلة
ولكنها اليوم لم تأت للذكرى !!
إنها أتت لتخرجه من مكمنه بيدين ترتجفان وقلب يبكي من الداخل
أتت وهي عازمة على بيعه !!!
أمسكته ثم نظرت إلى صورة أبي أحمد القابعة في ركن من أركان المنزل
أخذت تخاطبه بقولها : عذراً أيها الحبيب فلولا الحاجة ما تجرأت على ذلك
ولكن أبنائي أحق بثمنه ولن أتركهم يموتون جوعا
باعته بثمن بخس !
ومرت الأيام ونفذ المال وبدأ الأطفال يطلبون ما لا تطيق
فهذا أحمد يرغب في حقيبة كتلك التي مع زميله
وهذه أمل تريد فستاناً كالذي تمتلكه جارتها وهذا وذاك ...
والأم في حيرة من أمرها لا تعلم ماذا تفعل ؟
الطلبات تزداد والجوع زائر ثقيل عليهم
يذهب أطفالها كل صباح إلى المدرسة دون وجبة إفطار
وبثياب رثة ،
تنظر إليهم فيزداد ألمها ويتجدد حزنها
لا تملك إلا الدموع التي تسبلها ليل نهار
ومرت الأيام والحياة أضحت في منزل أم أحمد شبه مستحيلة
الأطفال هزلت أجسادهم وشحبت ألوانهم .
وبينما كانت وحيدة تفكر في أبنائها وما آل إليه حالهم
عزمت أن تذهب إلى أخي زوجها الذي يقطن في نفس مدينتهم
ولكن سرعان ما انثنت عن عزمها عندما تذكرت القسوة التي
يحملها فمنذ موت أخيه لم يزرهم ولو لمرة واحدة
ولو ذهبت إليه لن تنال إلا الإهانة .
كذلك هي لا تريد أن تظهر فاقتها لمن لا يسأل عنها وعن أطفالها .
إذن ليس أمامها إلا بيع منزلها الذي يحتمون فيه ،
ولكن أين يذهبون بعد ذلك ؟!
وأي مكان سيحتويهم ؟!
وهم لا يملكون من دنياهم إلا منزلهم هذا !!!
عادت أم أحمد تفكر في حل آخر بعيداً عن المنزل ،
فكرت وفكرت فإذا بجميع الأبواب مقفلة في وجهها .
لم يبق لي إلا التسول !!
يا إلـــــــهـــي ....
التسول ؟؟!!
كيف لي أن أقوم بذلك ؟؟ أين عفة نفسي ؟؟
وماذا لو رآني أحد ؟؟
الألسن ستلوك بذكري والجميع سيحتقرني ،
وأطفالي كيف سيرفعون رؤوسهم بيين أترابهم وأمهم تمد
يدها للقريب وللبعيد ؟
يا لها من فكرة سخيفة !!
كلمات تمتمت بها أم أحمد لنفسها .
ثم قامت إلى مصلاها ،
صلت ما شاء الله لها أن تصلي ثم رفعت يديها وابتهلت بالدعاء
إلى مفرج الكرب ، دعت بقلبٍ صادق وتوسلت إلى ربها أن يزيح
الغمة التي احتوتهم .
بعدها شعرت بطمأنينة تملأ نفسها وبراحة عذبة يسري نسيمها
في جسدها المتعب .
قالت لنفسها : أجيد حياكة الملابس فلماذا لا أبيع بعض أثاث
منزلي وأقوم بشراء ماكينة خياطة فلعلها تكون باب رزقٍ لنا ؟
فعلت ما فكرت فيه وأخذت تحيك الملابس وتقوم ببيعها .
أخذت الحياة تفتح أبوابها لأولئك المساكين ،
تبدل حالهم ودبت الصحة في أجساد الصغار ،
وأصبح الواحد منهم ينال الذي يشتهي ،
تنظر الأم إلى الفرحة التي ألقت بظلالها على منزلهم الصغير
وإلى الخير الذي بدأ ينهال عليهم
تنظر ولسانها لا يفتر عن الشكر لمن وهبها هذه النعمة .
ومرت الأيام والأسرة تنعم في خيرٍ وأمان
عندها فكرت أم أحمد في إكمال مشوارها التعليمي
فقد تزوجت وهي صغيرة السن ولا تحمل إلا الكفاءة ،
تقدمت بكل عزم وإصرار وطلبت الالتحاق بدارٍ من دور العلم
كطالبة منتسبة فمشاغلها لا تسمح لها بالانتظام ،
قُبل طلبها ففرحت لذلك فرحاً عظيماً
وانخرطت في الدراسة فأكملت المرحلة الثانوية ثم التحقت بالجامعة
يحدوها العزم والإصرار ،
كانت متفوقة في دراستها بالرغم من ضيق الوقت لديها فمنزلها ومشغلها يأخذ جل وقتها
إلا أنها استطاعت أن تمسك بيدٍ من كفاح بشهادتها الجامعية التي نالتها بكل اقتدار .
ودارت الأيام وأصبحت أم أحمد معلمة لها مع التعليم صولات وجولات ،
أحبها الجميع فدماثة أخلاقها تجبرهم على ذلك .
وبعد سنوات من الكفاح قامت أم أحمد ببيع منزلها الصغير
وشراء منزل أكبر منه فذلك المنزل لم يعد يليق بهم بعد أن كبر أطفالها ..
عاشت الأسرة أيامها في خيرٍ ورفاهية كل ذلك لأن اليأس
لم يدخل إلى قلب الأم المكافحة فقد جعلت العزيمة والإصرار
سلاحها لمواجهة قسوة الحياة ..
فلا يأس مع الحياة
تعليق