أفضل العبادة
ذكر شيخ الإسلام ابن القيم الجوزية في مدارج السالكين فصل: أهل مقام" إياك نعبد وإياك نستعين" لهم في أفضل العبادة وأنفعها وأحقها بالإيثار والتخصيص أربع طرق. فهم في ذلك أربعة أصناف: ومنهم الصنف الرابع :
قالوا : إن أفضل العبادة ؛ العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته .
فأفضل العبادة في وقت الجهاد : الجهاد ، وإن آل إلى ترك الأوراد ، من صلاة الليل وصيام النهار . بل ومن ترك صلاة الفرض ، كما في حالة الأمن .
والأفضل في وقت حضور الضيف مثلاً : القيام بحقه ، والاشتغال به عن الورد المستحب . وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل .
والأفضل في أوقات السحر : الاشتغال بالصلاة والقرآن ، والدعاء والذكر والاستغفار .
والأفضل في وقت استرشاد الطالب ، وتعليم الجاهل : الإقبال على تعليمه والاشتغال به .
والأفضل في أوقات الأذان : ترك ما هو فيه من ورده ، والاشتغال بإجابة المؤذن .
والأفضل في أوقات الصلوات الخمس : الجد والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه ، والمبادرة إليها في أول الوقت ، والخروج إلى الجامع . وإن بعد كان أفضل .
والأفضل في وقت قراءة القرآن : جمعية القلب والهمة على تدبره وتفهمه ، حتى كأن الله تعالى يخاطبك به . فتجمع قلبك على فهمه وتدبره ، والعزم على تنفيذ أوامره أعظم من جمعية قلب من جاءه كتاب من السلطان على ذلك .
والأفضل في العشر الأخيرة من رمضان : لزوم المسجد فيه والخلوة والاعتكاف دون التصدي لمخالطة الناس والاشتغال بهم ، حتى إنه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم ، وإقرائهم القرآن ، عند كثير من العلماء .
والأفضل في وقت نزول النوازل وأذاة الناس لك : أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم ، دون الهرب منهم .لأن المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه .
والأفضل خلطتهم في الخير . فهي خير من اعتزالهم فيه ، واعتزالهم في الشر ، فهو أفضل من خلطتهم فيه . فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله أو قلله فخلطتهم حينئذ أفضل من اعتزالهم .
فالأفضل في كل وقت وحال : إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال . والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه .
وهؤلاء هم أهل التعبد المطلق ... وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في التعبد بعينه يؤثره على غيره ، بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أين كانت . فمدار تعبده عليها . فهو لا يزال متنقلاً في منازل العبودية ، كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها ، واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى . فهذا هو العبد المطلق ، الذي لم تملكه الرسوم ، ولم تقيده القيود ، ولم يكن عمله على مراد نفسه ، وما فيه لذتها وراحتها من العبادات . بل هو على مراده ربه ، ولو كانت راحة نفسه ولذتها في سواه . فهذا المتحقق بـ"إياك نعبد و إياك نستعين " حقاً ، القائم بهما صدقاً . ملبسه ما تهيأ . ومأكله ما تيسر . واشتغاله بما أمر الله به في كل وقت بوقته . ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خالياً . لا تملكه إشارة ، ولا يتعبده قيد . ولا يستولي عليه رسم حر مجرد . دائر مع الأمر حيث دار ، يدين بدين الآمر أنى توجهت ركائبه . ويدور معه حيث استقلت مضاربه . يأنس به كل محق . ويستوحش منه كل مبطل ، كالغيث حيث وقع نفع .كالنخلة لا يسقط ورقها . وكلها منفعة حتى شوكها . وهو موضع الغلظة منه على المخالفين لأمر الله ، والغضب إذا انتهكت محارم الله . فهو لله وبالله ومع الله . قد صحب الله بلا خلق وصحب الناس بلا نفس . بل إذا كان مع الله عزل الخلائق عن البين ، وتخلي عنهم . وإذا كان مع خلقه عزل نفسه من الوسط وتخلى عنها . فواهاً له ! ما أغربه بين الناس ! وما أشد وحشته منهم ! وما أعظم أنسه بالله وفرحه به ، وطمأنينته وسكونه إليه !! والله المستعان . وعليه التكلان .
مدارج السالكين1/ 67
ذكر شيخ الإسلام ابن القيم الجوزية في مدارج السالكين فصل: أهل مقام" إياك نعبد وإياك نستعين" لهم في أفضل العبادة وأنفعها وأحقها بالإيثار والتخصيص أربع طرق. فهم في ذلك أربعة أصناف: ومنهم الصنف الرابع :
قالوا : إن أفضل العبادة ؛ العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته .
فأفضل العبادة في وقت الجهاد : الجهاد ، وإن آل إلى ترك الأوراد ، من صلاة الليل وصيام النهار . بل ومن ترك صلاة الفرض ، كما في حالة الأمن .
والأفضل في وقت حضور الضيف مثلاً : القيام بحقه ، والاشتغال به عن الورد المستحب . وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل .
والأفضل في أوقات السحر : الاشتغال بالصلاة والقرآن ، والدعاء والذكر والاستغفار .
والأفضل في وقت استرشاد الطالب ، وتعليم الجاهل : الإقبال على تعليمه والاشتغال به .
والأفضل في أوقات الأذان : ترك ما هو فيه من ورده ، والاشتغال بإجابة المؤذن .
والأفضل في أوقات الصلوات الخمس : الجد والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه ، والمبادرة إليها في أول الوقت ، والخروج إلى الجامع . وإن بعد كان أفضل .
والأفضل في وقت قراءة القرآن : جمعية القلب والهمة على تدبره وتفهمه ، حتى كأن الله تعالى يخاطبك به . فتجمع قلبك على فهمه وتدبره ، والعزم على تنفيذ أوامره أعظم من جمعية قلب من جاءه كتاب من السلطان على ذلك .
والأفضل في العشر الأخيرة من رمضان : لزوم المسجد فيه والخلوة والاعتكاف دون التصدي لمخالطة الناس والاشتغال بهم ، حتى إنه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم ، وإقرائهم القرآن ، عند كثير من العلماء .
والأفضل في وقت نزول النوازل وأذاة الناس لك : أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم ، دون الهرب منهم .لأن المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه .
والأفضل خلطتهم في الخير . فهي خير من اعتزالهم فيه ، واعتزالهم في الشر ، فهو أفضل من خلطتهم فيه . فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله أو قلله فخلطتهم حينئذ أفضل من اعتزالهم .
فالأفضل في كل وقت وحال : إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال . والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه .
وهؤلاء هم أهل التعبد المطلق ... وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في التعبد بعينه يؤثره على غيره ، بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أين كانت . فمدار تعبده عليها . فهو لا يزال متنقلاً في منازل العبودية ، كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها ، واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى . فهذا هو العبد المطلق ، الذي لم تملكه الرسوم ، ولم تقيده القيود ، ولم يكن عمله على مراد نفسه ، وما فيه لذتها وراحتها من العبادات . بل هو على مراده ربه ، ولو كانت راحة نفسه ولذتها في سواه . فهذا المتحقق بـ"إياك نعبد و إياك نستعين " حقاً ، القائم بهما صدقاً . ملبسه ما تهيأ . ومأكله ما تيسر . واشتغاله بما أمر الله به في كل وقت بوقته . ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خالياً . لا تملكه إشارة ، ولا يتعبده قيد . ولا يستولي عليه رسم حر مجرد . دائر مع الأمر حيث دار ، يدين بدين الآمر أنى توجهت ركائبه . ويدور معه حيث استقلت مضاربه . يأنس به كل محق . ويستوحش منه كل مبطل ، كالغيث حيث وقع نفع .كالنخلة لا يسقط ورقها . وكلها منفعة حتى شوكها . وهو موضع الغلظة منه على المخالفين لأمر الله ، والغضب إذا انتهكت محارم الله . فهو لله وبالله ومع الله . قد صحب الله بلا خلق وصحب الناس بلا نفس . بل إذا كان مع الله عزل الخلائق عن البين ، وتخلي عنهم . وإذا كان مع خلقه عزل نفسه من الوسط وتخلى عنها . فواهاً له ! ما أغربه بين الناس ! وما أشد وحشته منهم ! وما أعظم أنسه بالله وفرحه به ، وطمأنينته وسكونه إليه !! والله المستعان . وعليه التكلان .
مدارج السالكين1/ 67
تعليق