بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ..
السلام عليكم ورحمة االله وبركاته ..
الشَّعر ... فوائد وأحكام
من نعمة الله على عباده نعمة ( الشعر ) فهي نعمة جمال وكمال للبشر . زيّن به الرجال وجمّل به النساء .
وجعل له أحكاما تخصّه ليتم بها الجمال جمالا ، وتزداد بالعبد رونقا وبهاء .
ولأننا اليوم صرنا نرى في زمننا هذا من يجهل من أحكامه شيئا لابد من العلم به ، فصرت ترى من يجعل شكران هذه النعمة كفرا وجحودا
أو عمل بها عملا غير صالح .
قصّات وصيحات . . وتقليعة العصر . . قص ونمص .. وحفٌّ وصفّ . .
من أجل هذا وذاك كانت هذه الأسطر جمعا لما تفرق ونصحاً قبل أن نتفرّق والله الموفّق .
أولاً : - أقسام الشعر باعتبار الإبقاء والإزالة .
ينقسم الشعر بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام :
1 - شعر جاء الأمر بإزالته أو تقصيره .
ويدخل تحت هذا :
قص الشارب ، وحلق العانة ، ونتف الإبط ، وشعر الرأس من نسك .
والدليل على ذلك ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عشر من الفطرة : قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء .
قال زكريا : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة " رواه مسلم ( 261 ) .
2 - شعر جاء الأمر بإبقاءه وحرمة إزالته .
نحو : شعر اللحية ، شعر الحاجبين .
والدليل على ذلك ما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ". رواه البخاري ( 5931 ) ومسلم ( 2125 ) .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خالفوا المشركين وفِّروا اللحى وأحفوا الشوارب " . رواه البخاري ( 5892 ) ومسلم ( 259 ) .
قال النووي رحمه الله :
النامصة : هي التي تزيل الشعر من الوجه ، والمتنمصة : التى تطلب فعل ذلك بها .
وذهب آخرون إلى أن النمص هو إزالة شعر الحاجبين خاصة ، وهذا القول اختارته اللجنة الدائمة .
3 - شعر سكت عنه الشارع .
وهو سائر شعور الإنسان غير ما ذكر ، كشعر الساقين واليدين والذي ينبت على الخدين .
وهذاالقسم اختلف أهل العلم في إبقاءه أو إزالته على قولين :
قال قوم : لا يجوز إزالتها ؛ لأن إزالتها يستوجب تغيير خلق الله كما قال تعالى – حاكياً قول الشيطان - : { ولآمرنَّهم فليغيرنَّ خلق الله } النساء / 119 .
وقال قوم : هذه من المسكوت عنها وحُكمها الإباحة ، وهو جواز إبقائها أو إزالتها ؛ لأن ما سكت عنه الكتاب والسنة فهو معفو عنه .
وهذا القول اختاره علماء اللجنة الدائمة كما اختاره أيضاً الشيخ ابن عثيمين انظر فتاوى المرأة المسلمة 3 / 879
ثانياً : - أقسام الشعر باعتبار حكم حلقه وإزالته .
وبهذا الاعتبار يتنوع حكم الإزالة للشعر إلى ستة أنواع :
الأول : ما يكون الحلق أو التقصير فيه طاعة وقربة إلى الله .
وهذا لا يكون إلا في سبعة مواضع :
1 - حلق رأس الصبي في السابع .
للحديث الذي اخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمّى فيه ويحلق رأسه "
2 - حلق الرأس من نسك العمرة .
3 - حلق الراس من نسك الحج .
قال الله تعالى : " وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ . . "
4 - حلق راس الكافر إذا أسلم .
لحديث : " اذهب فاغتسل بماء وسدر وألق عنك شعر الكفر "
5 - حلق العانة .
6 - نتف الإبط .
لما ثبت فيهما أن إزالتهما من سنن الفطرة .
7- قص الشارب .
قال صلى الله عليه وسلم : " خالفوا المشركين ، أحفوا الشوارب ، وأوفوا اللحى . رواه مسلم .
وقال أيضا : جزوا الشوارب ، وأرخوا اللحى . خالفوا المجوس . رواه مسلم .
الثاني : ما يكون الحلق فيه شركاً بالله .
كمن يحلق شعر رأسه على سبيل التذلل والخضوع لغير الله ، كما هو مشهور عند المريدين من الصوفية الذين يحلقون رؤوسهم تذللا وخضوعاً لأشياخهم .
فهذا النوع يكون فيه حلق الشعر شركاً بالله لما اقترن به من الخضوع والتذلل لغير الله تعالى .
الثالث : ما يكون الحلق فيه بدعة مكروهة .
كحلق شعر الرأس على سبيل التدين والتعبد في غير المواضع الأربعة المذكورة .
كما يفعل ذلك أهل الخروج على السلطان فقد ثبت في صفتهم قوله صلى الله عليه وسلم : " سيماهم التحليق " !
وحلق شعر الرأس عند التوبة قياساً على حالة الكافر إذا اسلم .
الرابع : ما يكون الحلق فيه محرماً .
وهذا له صور منها :
- حلق شعر الرأس عند المصيبة .
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لعن الحالقة . وهي التي تحلق رأسها عند المصيبة .
- حلق الشعر على سبيل التشبه بالفساق أو الكفار أو تشبه الرجال بالنساء أو تشبه النساء بالرجال.
والرسول صلى الله عليه وسلم قد لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال .
وقال : " من تشبه بقوم فهو منهم " فالمؤمن مأمور بمخالفة أصحاب الجحيم .
- النمص .
فقد ثبت بالحديث الصحيح لعن النامصة والمتنمّصة .
- حلق شعر اللحية . لما ثبت من الأمر بإعفائها في قوله : " اعفوا اللحى " و " وفروا اللحى "
ولأن في إعفائها مخالفة للمجوس .
الخامس : ما يكون الحلق فيه مباحاً .
كحلق شعر الرأس لحاجة من مرض أو لدفع أذى القمل .
وكحلق سائر شعر الجسد سوى ما جاء الشرع بالأمر بإعفائه والإبقاء عليه .
وكقص المرأة شعرها للتجمل والزينة من غير تشبه ممنوع .
لما ثبت عند مسلم ثبت عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ...قَالَ : ( وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ ) .
السادس : ما اختلف في حكم حلقه . فمن ذلك :
-حلق شعر الرأس لغير حاجة .
فمن أهل العلم من كره حلق شعر الراس لغير حاجة كالإمام مالك رحمه الله ، ومنهم من أباح ذلك .
والخلاف إنما هو بين الإباحة والكراهية .
أما من جهة الأفضلية فإن الأولى والأفضل عدم حلق شعر الرأس لغير سبب شرعي أو ضروري .
-حلق راس المولودة .
فمن أهل العلم من كره ذلك كون أن الحلق خاص بالذكور دون الإناث .
ومنهم من استحب ذلك لحديث فاطمة في الموطأ فعن جعفر بن محمد عن أبيه قال : " وزنت فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم وتصدّقت بزنة ذلك فضة " الموطأ 11657
ثالثاً : - المحظور والمنهي في باب الشعر .
المنهيات في هذا الباب تتلخص في أمور :
- النهي عن حلق شعر اللحية ، لما ثبت من الأمر بإعفائها .
- النهي عن إدامة شعر الإبط والعانة أكثر من أربعين ليلة ، لما ثبت عند مسلم من قول أنس رضي الله عنه : وُقِّت لنا في قص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط ،
وحلق العانة ، أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة .
- النهي عن النمص .
- النهي عن وصل الشعر .
يدخل في هذا لبس ( الباروكة ) ، وهذا الوصل لا يجوز ولو كان بقصد التجمّل للزوج للحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألته ، فقالت :
يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة فتمعّط ، وفي رواية ( فتمزّق ) شعرها ، وإني زوّجتها
أفأصل فيه ؟ فقال : لعن الله الواصلة والموصولة . رواه البخاري ومسلم .
- النهي عن تجميع شعر الراس إلى أعلى بالنسبة للمرأة .
لحديث " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة "
أمّا إذا كان الشعر مجموعا من الخلف من جهة الرقبة فلا بأس به ، إلا في حالة الخروج فإنه ينبغي على المرأة أن تحرص على أن لا تجعل فيها علامة تجسّد ما خفي من زينتها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا .
- النهي عن التشبه في حلق الشعر أو قصه .
- النهي عن القزع .
والقزع هو : حلق بعض الشعر وترك بعضه ، فقد ورد النهي عن ذلك وجاء الأمر النبوي : " احلقوه كله أو اتركوه كله "
والذي يلاحظ عند بعض المسلمين أنهم يعوّدون أطفالهم الصغار على مثل هذا طلبا للتجمّل والزينة .
والأولى بالمؤمن والمؤمنة تربية أبناءهم على معالي الأمور والبعد عن سفسافها .
- النهي عن إدامة ترجيل الشعر للرجال ، فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الترجّل إلا غبّاً .
رابعاً : - أحوال يُحظر فيها إزالة الشعر المباح إزالته في الأصل .
وهذا لا يكون إلا في حالين :
- حال الإحرام بعمرة أو حج .
لقوله : " وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ "
- حال دخول عشر ذي الحجة لمن أراد الأضحية .
لحديث : " إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره "
خامساً : - آداب وسنن متعلقة بالشعر .
- الترجيل باليمين .
فقد كان صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في كل شيء في نعله وطهوره وترجّله .
فيبدا في تمشيطه بالجهة اليمنى .
- الإدهان والتسريح .
فقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته ويكثر القناع حتى كأن ثوبه ثوب زيّات .
- الفرق أفضل من الإسدال بالنسبة للرجل .
فقد كان صلى الله عليه وسلم يسدل شعره ، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم ، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم ، وكان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم راسه "
وسدل الشعر إرساله ، ومعنى ( فرق رأسه ) أي القى الشعر إلى جانبي رأسه .
- جعل الشعر على غدائر إذا طال .
فقد جاء في صفة شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن له أربع غدائر وفي رواية ضفائر "
والغديرة والظفيرة بمعنى الذؤابة ، وهي الخصلة من الشعر إذا كانت مرسلة .
فإن كانت ملويّة فعقيصة .
- السنة في الإبط ( النتف ) :
لأنه أقل في إنبات الشَّعر ، ولأن النتف يُضعف إفراز الغدد العرقية والدهنية ، كما ذكره أهل الاختصاص .
- السنة في العانة ( الحلق ) .
لكونه هو الأغلب والأسهل في الإزالة للموضع بعكس النتف .
ويقوم التنوُّر ( استعمال النورة ) مكان الحلق وكذلك النتف والقص وقد سئل أحمد عن أخذ العانة بالمقراض فقال أرجو أن يجزي ، قيل : فالنتف ؟ قال : وهل يقوى على هذا أحد ؟
ويقوم مقام الموس والتنور بعض المستحضرات التي تزيل الشعر مالم يثبت ضررها على الجسم .
- السنة في قصّ الشوارب :
قصّها مع حفّها لا حلقها .
لأن تعبيرات الشارع جاءت بـ ( القصّ والإنهاك ، والحفّ ، والجزّ ) ولم يرد في نص صحيح الأمر بـ ( حلق الشوارب )
قال المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – : ضفت رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم . قال : وكان شاربي قد وفّـى ، فقصّه لي على سواك ، أو قال أقصه لك على سواك . رواه أحمد وأبو داود وغيره ، وصححه الألباني . وفي رواية قال : فوضع السواك تحت الشارب فقصّ عليه .
وكان الإمام مالك – رحمه الله – يقول : يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة وهو الإطار ، وذكر ابن عبد الحكم عنه قال : وتحفى الشوارب ، وتعفى اللحى ، وليس إحفاء الشارب حلقه ، وأرى أن يؤدَّب من حلق شاربه .
سادساً : - نكات وفوائد .
- حدود العانة
قال الحافظ في الفتح 10/343 : قال النووي : المراد بالعانة الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه وكذا الشعر الذي حوالي فرج المرأة ، ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر فتحصل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما.
وقال أبو شامة : العانة الشعر النابت على الرَكَب بفتح الراء والكاف وهو ما انحدر من البطن فكان تحت الثنية وفوق الفرج وقيل لكل فخد ركب ، وقيل ظاهر الفرج وقيل الفرج بنفسه سواء كان من رجل أو امرأة قال : ويستحب إماطة الشعر عن القبل والدبر بل هو من الدبر أولى خوفاً من أن يعلق شيء من الغائط فلا يزيله المستنجي إلا بالماء ولا يتمكن من إزالته بالاستجمار .
وقال ابن دقيق العيد قال أهل اللغة : العانة الشعر النابت على الفرج وقيل هو منبت الشعر . . . . ، وقال : كأن الذي ذهب إلى استحباب حلق ما حول الدبر ذكره بطريق القياس . أهـ والله أعلم
والمقصود أنه ينبغي على المرء أن يزيل الشعر الذي يحصل به مقصد النظافة والتطيب من غير حصول مشقة أو عنت .
- صبغ الشعر .
لا يجوز الصبغ بالسواد ويجوز بالكتم والحناء ، وما عداه ما لم تثبت مضرته أو يكون حائلا يمنع وصول الماء في الوضوء . أو يكون فيه تشبه .
أو يكون فيه مخادعة وغش فهو من هذا الباب لا يجوز .
- استخدام الأقنعة المستحدثة المكونة من بعض الأطعمة والمواد الغذائية كاللبن والبيض ونحو ذلك لتنعيم الشعر والعناية به ، يجوز ذلك مالم يجاوز الحد إلى السرف .
- يجب على المرأة ستر شعرها في حال وجود الأجانب عنها . أما مع محارمها والنساء مثلها فيجوز لها كشف الشعر لما ثبت في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه في قصة زواجه من الثيب وجوابه للنبي صلى الله عليه وسلم عن سؤاله وأنه أراد أن تقوم على أخواته وتمشطهن فلا بد حال التمشيط من رؤية الشعر والأذان والرقبة ، كما ثبت في صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما دخل على أخته حفصة رضي الله عنها ونسواتها تنطف ، والنسوات : الضفائر ، وتنطف : تقطر ماء .
و ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سلمة قال دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة رضي الله عنها فسألها أخوها عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب . ففيه رؤية رأسها من قبل أخيها وابن أختها أبي سلمة لأن أم كلثوم أختها أرضعته .
* ضوابط التشبه .
كثيراً ما نسمع عن النهي عن التشبه سواء بأصحاب الجحيم أو تشبه أحد الجنسين بالآخر . .
ولن هذا الأمر صار في أحيان عند بعض الناس ليس له ضابطا معينا ، وعند بعضهم فيه تشديد وتضييق .
لذلك كان من المهم الإشارات بإلمحات مهمّة في ضابط التشبّه .
الضابط الأول : قصد التشبّه .
فإن عمل أي شيء بقصد التشبّه بالكفار أو غيرهم مما ورد النهي عن التشبه بهم ، فهنا يكون حكم هذا العمل حرام لهذا القصد ولو كان الأمر في أصله مباحاً ومما يستعمله الجميع لكنه بهذا القصد صار حراماً .
كمن تقصّ شعرها مثلاً قصّا مباحاً لكنها بهذا أرادة مشابهة فاسقة أو كافرة فهي بهذا القصد وقعت في المحظور .
الضابط الثاني : ما ورد به النهي تخصيصاً في هيئة أو صورة معينة .
كالنهي عن النمص والوصل أو نهي عن التشبه في حالة أو هيئة على وجه مخصوص . فما وافقت هيئته وحاله هيئة المنصوص عليه بالنهي حرم .
الضابط الثالث : ما كان معلوماً بالضرورة أنه علامة على من نهينا عن التشبه بهم و هو من اختصاصهم .
فما علم وتحقق اختصاصه بالكفار أو بعضهم ، فعمله حرام ؛ بخلاف ما ليس اختصاصاً لهم فهذا لا يدخل في التشبه ، وإن كانوا يستعملونه كغيرهم .وما عُلم وتحقق أنه من اختصاص الرجال فيحرم على المرأة عمله ، وما عُلم وتحقق أنه من اختصاص النساء حرم على الرجال فعله . وما خرج عن هذا فالأمر فيه واسع . والله أعلم .
- حكم إطالة شعر الرأس للرجل وهل هو سنة ؟!
من الناس من قال أن إطالة الشعر وتربيته للرجال سنة عبادية.
ومنهم من قال أن ذلك من باب السنن الاعتيادية التي لا يؤجر على فعلها ولا يأثم بتركها .
إذ السنن إما عادية وهي : التي هي الجبلية والفطرة .
وسنة عبادية وهي التي ثبت فيها ندب وفضل خاص .
والتحقيق :
أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم بانظر إلى الجبلة والتشريع ثلاثة أقسام :
الأول : هو الفعل الجبلي المحض كالقيام والقعود والأكل والشرب ، فهذا الظاهر أنه لم يفعله للتشريع ولكن فعله يدل على الجواز .
الثاني : هو الفعل التشريعي المحض كأفعال الصلاة والحج ..
الثالث : الفعل المحتمل للجبلي والتشريعي .
وضابطه أن تكون الجبلة البشرية تقتضيه بطبيعتها ولكنه وقع متعلقا بعبادة بأن وقع فيها أو في وسيلتها ، كالركوب في الحج وجلسة الاستراحة في الصلاة ، والرجوع من صلاة العيد في طريق أخرى غير التي ذهب فيها ، والضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر ..
ذكر هذا التقسيم الشيخ الإمام محمد الأمين الشنقيطي في كتابه السفر العظيم أضواء البيان .
والذي يظهر أن إطالة الشعر في الأصل ليس سنة عبادية ، إنما هو من باب العادات .
لكن وجه السنة العبادية في إطالة الشعر هو من جهة أن ذلك وسيلة لمأمور به من التزام أدب الإسلام وسنته في الاعتناء بالشعر من الترجيل والإدهان - والله أعلم - .
- مشابهة أهل الكتاب فيما لم نؤمر فيه بشيء .
سبق ذكر طرف هذا عند حديث : كان صلى الله عليه وسلم يسدل شعره ، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم ، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم ، وكان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه "
فقد حقق هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في سفره العظيم ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم )
ملخص التحقيق :
أن هذا لا يخلو من أحوال :
1- أن هذا الأمر كان متقدماً ثم نسخ الله ذلك وشرع له مخالفة أهل الكتاب وأمره بذلك .
2- لو فرض أنه لم ينسخ ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان له أن يوافقهم لأنه يعلم حقهم من باطلهم بما يعلمّه الله إياه ونحن نتبعه .
3 - أن نقول بموجبه ، كان يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ، ثم أمر بمخالفتهم وأمرنا نحن أن نتبع هديه وهدي صحابته من بعده .
فنحن منهيون عن التشبه بهم فيما لم يكن سلف الأمة عليه ، أما ما كان عليه سلف الأمة فلا ريب فيه سواء فعلوه أو تركوه ، فإنّا لا نترك ما أمر الله به لأجل أن الكفار تفعله ... أ.هـ باختصار 1 / 423
اللهم بارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقوّاتنا واجعله الوارث منّا برحمتك يا أرحم الراحمين .
والحمد لله رب العالمين .
وكتبه :
أخوكم : مهذب أبو أحمد
والسلام ختام
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ..
السلام عليكم ورحمة االله وبركاته ..
الشَّعر ... فوائد وأحكام
من نعمة الله على عباده نعمة ( الشعر ) فهي نعمة جمال وكمال للبشر . زيّن به الرجال وجمّل به النساء .
وجعل له أحكاما تخصّه ليتم بها الجمال جمالا ، وتزداد بالعبد رونقا وبهاء .
ولأننا اليوم صرنا نرى في زمننا هذا من يجهل من أحكامه شيئا لابد من العلم به ، فصرت ترى من يجعل شكران هذه النعمة كفرا وجحودا
أو عمل بها عملا غير صالح .
قصّات وصيحات . . وتقليعة العصر . . قص ونمص .. وحفٌّ وصفّ . .
من أجل هذا وذاك كانت هذه الأسطر جمعا لما تفرق ونصحاً قبل أن نتفرّق والله الموفّق .
أولاً : - أقسام الشعر باعتبار الإبقاء والإزالة .
ينقسم الشعر بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام :
1 - شعر جاء الأمر بإزالته أو تقصيره .
ويدخل تحت هذا :
قص الشارب ، وحلق العانة ، ونتف الإبط ، وشعر الرأس من نسك .
والدليل على ذلك ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عشر من الفطرة : قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء .
قال زكريا : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة " رواه مسلم ( 261 ) .
2 - شعر جاء الأمر بإبقاءه وحرمة إزالته .
نحو : شعر اللحية ، شعر الحاجبين .
والدليل على ذلك ما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ". رواه البخاري ( 5931 ) ومسلم ( 2125 ) .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خالفوا المشركين وفِّروا اللحى وأحفوا الشوارب " . رواه البخاري ( 5892 ) ومسلم ( 259 ) .
قال النووي رحمه الله :
النامصة : هي التي تزيل الشعر من الوجه ، والمتنمصة : التى تطلب فعل ذلك بها .
وذهب آخرون إلى أن النمص هو إزالة شعر الحاجبين خاصة ، وهذا القول اختارته اللجنة الدائمة .
3 - شعر سكت عنه الشارع .
وهو سائر شعور الإنسان غير ما ذكر ، كشعر الساقين واليدين والذي ينبت على الخدين .
وهذاالقسم اختلف أهل العلم في إبقاءه أو إزالته على قولين :
قال قوم : لا يجوز إزالتها ؛ لأن إزالتها يستوجب تغيير خلق الله كما قال تعالى – حاكياً قول الشيطان - : { ولآمرنَّهم فليغيرنَّ خلق الله } النساء / 119 .
وقال قوم : هذه من المسكوت عنها وحُكمها الإباحة ، وهو جواز إبقائها أو إزالتها ؛ لأن ما سكت عنه الكتاب والسنة فهو معفو عنه .
وهذا القول اختاره علماء اللجنة الدائمة كما اختاره أيضاً الشيخ ابن عثيمين انظر فتاوى المرأة المسلمة 3 / 879
ثانياً : - أقسام الشعر باعتبار حكم حلقه وإزالته .
وبهذا الاعتبار يتنوع حكم الإزالة للشعر إلى ستة أنواع :
الأول : ما يكون الحلق أو التقصير فيه طاعة وقربة إلى الله .
وهذا لا يكون إلا في سبعة مواضع :
1 - حلق رأس الصبي في السابع .
للحديث الذي اخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمّى فيه ويحلق رأسه "
2 - حلق الرأس من نسك العمرة .
3 - حلق الراس من نسك الحج .
قال الله تعالى : " وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ . . "
4 - حلق راس الكافر إذا أسلم .
لحديث : " اذهب فاغتسل بماء وسدر وألق عنك شعر الكفر "
5 - حلق العانة .
6 - نتف الإبط .
لما ثبت فيهما أن إزالتهما من سنن الفطرة .
7- قص الشارب .
قال صلى الله عليه وسلم : " خالفوا المشركين ، أحفوا الشوارب ، وأوفوا اللحى . رواه مسلم .
وقال أيضا : جزوا الشوارب ، وأرخوا اللحى . خالفوا المجوس . رواه مسلم .
الثاني : ما يكون الحلق فيه شركاً بالله .
كمن يحلق شعر رأسه على سبيل التذلل والخضوع لغير الله ، كما هو مشهور عند المريدين من الصوفية الذين يحلقون رؤوسهم تذللا وخضوعاً لأشياخهم .
فهذا النوع يكون فيه حلق الشعر شركاً بالله لما اقترن به من الخضوع والتذلل لغير الله تعالى .
الثالث : ما يكون الحلق فيه بدعة مكروهة .
كحلق شعر الرأس على سبيل التدين والتعبد في غير المواضع الأربعة المذكورة .
كما يفعل ذلك أهل الخروج على السلطان فقد ثبت في صفتهم قوله صلى الله عليه وسلم : " سيماهم التحليق " !
وحلق شعر الرأس عند التوبة قياساً على حالة الكافر إذا اسلم .
الرابع : ما يكون الحلق فيه محرماً .
وهذا له صور منها :
- حلق شعر الرأس عند المصيبة .
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لعن الحالقة . وهي التي تحلق رأسها عند المصيبة .
- حلق الشعر على سبيل التشبه بالفساق أو الكفار أو تشبه الرجال بالنساء أو تشبه النساء بالرجال.
والرسول صلى الله عليه وسلم قد لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال .
وقال : " من تشبه بقوم فهو منهم " فالمؤمن مأمور بمخالفة أصحاب الجحيم .
- النمص .
فقد ثبت بالحديث الصحيح لعن النامصة والمتنمّصة .
- حلق شعر اللحية . لما ثبت من الأمر بإعفائها في قوله : " اعفوا اللحى " و " وفروا اللحى "
ولأن في إعفائها مخالفة للمجوس .
الخامس : ما يكون الحلق فيه مباحاً .
كحلق شعر الرأس لحاجة من مرض أو لدفع أذى القمل .
وكحلق سائر شعر الجسد سوى ما جاء الشرع بالأمر بإعفائه والإبقاء عليه .
وكقص المرأة شعرها للتجمل والزينة من غير تشبه ممنوع .
لما ثبت عند مسلم ثبت عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ...قَالَ : ( وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ ) .
السادس : ما اختلف في حكم حلقه . فمن ذلك :
-حلق شعر الرأس لغير حاجة .
فمن أهل العلم من كره حلق شعر الراس لغير حاجة كالإمام مالك رحمه الله ، ومنهم من أباح ذلك .
والخلاف إنما هو بين الإباحة والكراهية .
أما من جهة الأفضلية فإن الأولى والأفضل عدم حلق شعر الرأس لغير سبب شرعي أو ضروري .
-حلق راس المولودة .
فمن أهل العلم من كره ذلك كون أن الحلق خاص بالذكور دون الإناث .
ومنهم من استحب ذلك لحديث فاطمة في الموطأ فعن جعفر بن محمد عن أبيه قال : " وزنت فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم وتصدّقت بزنة ذلك فضة " الموطأ 11657
ثالثاً : - المحظور والمنهي في باب الشعر .
المنهيات في هذا الباب تتلخص في أمور :
- النهي عن حلق شعر اللحية ، لما ثبت من الأمر بإعفائها .
- النهي عن إدامة شعر الإبط والعانة أكثر من أربعين ليلة ، لما ثبت عند مسلم من قول أنس رضي الله عنه : وُقِّت لنا في قص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط ،
وحلق العانة ، أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة .
- النهي عن النمص .
- النهي عن وصل الشعر .
يدخل في هذا لبس ( الباروكة ) ، وهذا الوصل لا يجوز ولو كان بقصد التجمّل للزوج للحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألته ، فقالت :
يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة فتمعّط ، وفي رواية ( فتمزّق ) شعرها ، وإني زوّجتها
أفأصل فيه ؟ فقال : لعن الله الواصلة والموصولة . رواه البخاري ومسلم .
- النهي عن تجميع شعر الراس إلى أعلى بالنسبة للمرأة .
لحديث " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة "
أمّا إذا كان الشعر مجموعا من الخلف من جهة الرقبة فلا بأس به ، إلا في حالة الخروج فإنه ينبغي على المرأة أن تحرص على أن لا تجعل فيها علامة تجسّد ما خفي من زينتها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا .
- النهي عن التشبه في حلق الشعر أو قصه .
- النهي عن القزع .
والقزع هو : حلق بعض الشعر وترك بعضه ، فقد ورد النهي عن ذلك وجاء الأمر النبوي : " احلقوه كله أو اتركوه كله "
والذي يلاحظ عند بعض المسلمين أنهم يعوّدون أطفالهم الصغار على مثل هذا طلبا للتجمّل والزينة .
والأولى بالمؤمن والمؤمنة تربية أبناءهم على معالي الأمور والبعد عن سفسافها .
- النهي عن إدامة ترجيل الشعر للرجال ، فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الترجّل إلا غبّاً .
رابعاً : - أحوال يُحظر فيها إزالة الشعر المباح إزالته في الأصل .
وهذا لا يكون إلا في حالين :
- حال الإحرام بعمرة أو حج .
لقوله : " وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ "
- حال دخول عشر ذي الحجة لمن أراد الأضحية .
لحديث : " إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره "
خامساً : - آداب وسنن متعلقة بالشعر .
- الترجيل باليمين .
فقد كان صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في كل شيء في نعله وطهوره وترجّله .
فيبدا في تمشيطه بالجهة اليمنى .
- الإدهان والتسريح .
فقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته ويكثر القناع حتى كأن ثوبه ثوب زيّات .
- الفرق أفضل من الإسدال بالنسبة للرجل .
فقد كان صلى الله عليه وسلم يسدل شعره ، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم ، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم ، وكان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم راسه "
وسدل الشعر إرساله ، ومعنى ( فرق رأسه ) أي القى الشعر إلى جانبي رأسه .
- جعل الشعر على غدائر إذا طال .
فقد جاء في صفة شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن له أربع غدائر وفي رواية ضفائر "
والغديرة والظفيرة بمعنى الذؤابة ، وهي الخصلة من الشعر إذا كانت مرسلة .
فإن كانت ملويّة فعقيصة .
- السنة في الإبط ( النتف ) :
لأنه أقل في إنبات الشَّعر ، ولأن النتف يُضعف إفراز الغدد العرقية والدهنية ، كما ذكره أهل الاختصاص .
- السنة في العانة ( الحلق ) .
لكونه هو الأغلب والأسهل في الإزالة للموضع بعكس النتف .
ويقوم التنوُّر ( استعمال النورة ) مكان الحلق وكذلك النتف والقص وقد سئل أحمد عن أخذ العانة بالمقراض فقال أرجو أن يجزي ، قيل : فالنتف ؟ قال : وهل يقوى على هذا أحد ؟
ويقوم مقام الموس والتنور بعض المستحضرات التي تزيل الشعر مالم يثبت ضررها على الجسم .
- السنة في قصّ الشوارب :
قصّها مع حفّها لا حلقها .
لأن تعبيرات الشارع جاءت بـ ( القصّ والإنهاك ، والحفّ ، والجزّ ) ولم يرد في نص صحيح الأمر بـ ( حلق الشوارب )
قال المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – : ضفت رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم . قال : وكان شاربي قد وفّـى ، فقصّه لي على سواك ، أو قال أقصه لك على سواك . رواه أحمد وأبو داود وغيره ، وصححه الألباني . وفي رواية قال : فوضع السواك تحت الشارب فقصّ عليه .
وكان الإمام مالك – رحمه الله – يقول : يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة وهو الإطار ، وذكر ابن عبد الحكم عنه قال : وتحفى الشوارب ، وتعفى اللحى ، وليس إحفاء الشارب حلقه ، وأرى أن يؤدَّب من حلق شاربه .
سادساً : - نكات وفوائد .
- حدود العانة
قال الحافظ في الفتح 10/343 : قال النووي : المراد بالعانة الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه وكذا الشعر الذي حوالي فرج المرأة ، ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر فتحصل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما.
وقال أبو شامة : العانة الشعر النابت على الرَكَب بفتح الراء والكاف وهو ما انحدر من البطن فكان تحت الثنية وفوق الفرج وقيل لكل فخد ركب ، وقيل ظاهر الفرج وقيل الفرج بنفسه سواء كان من رجل أو امرأة قال : ويستحب إماطة الشعر عن القبل والدبر بل هو من الدبر أولى خوفاً من أن يعلق شيء من الغائط فلا يزيله المستنجي إلا بالماء ولا يتمكن من إزالته بالاستجمار .
وقال ابن دقيق العيد قال أهل اللغة : العانة الشعر النابت على الفرج وقيل هو منبت الشعر . . . . ، وقال : كأن الذي ذهب إلى استحباب حلق ما حول الدبر ذكره بطريق القياس . أهـ والله أعلم
والمقصود أنه ينبغي على المرء أن يزيل الشعر الذي يحصل به مقصد النظافة والتطيب من غير حصول مشقة أو عنت .
- صبغ الشعر .
لا يجوز الصبغ بالسواد ويجوز بالكتم والحناء ، وما عداه ما لم تثبت مضرته أو يكون حائلا يمنع وصول الماء في الوضوء . أو يكون فيه تشبه .
أو يكون فيه مخادعة وغش فهو من هذا الباب لا يجوز .
- استخدام الأقنعة المستحدثة المكونة من بعض الأطعمة والمواد الغذائية كاللبن والبيض ونحو ذلك لتنعيم الشعر والعناية به ، يجوز ذلك مالم يجاوز الحد إلى السرف .
- يجب على المرأة ستر شعرها في حال وجود الأجانب عنها . أما مع محارمها والنساء مثلها فيجوز لها كشف الشعر لما ثبت في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه في قصة زواجه من الثيب وجوابه للنبي صلى الله عليه وسلم عن سؤاله وأنه أراد أن تقوم على أخواته وتمشطهن فلا بد حال التمشيط من رؤية الشعر والأذان والرقبة ، كما ثبت في صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما دخل على أخته حفصة رضي الله عنها ونسواتها تنطف ، والنسوات : الضفائر ، وتنطف : تقطر ماء .
و ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سلمة قال دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة رضي الله عنها فسألها أخوها عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب . ففيه رؤية رأسها من قبل أخيها وابن أختها أبي سلمة لأن أم كلثوم أختها أرضعته .
* ضوابط التشبه .
كثيراً ما نسمع عن النهي عن التشبه سواء بأصحاب الجحيم أو تشبه أحد الجنسين بالآخر . .
ولن هذا الأمر صار في أحيان عند بعض الناس ليس له ضابطا معينا ، وعند بعضهم فيه تشديد وتضييق .
لذلك كان من المهم الإشارات بإلمحات مهمّة في ضابط التشبّه .
الضابط الأول : قصد التشبّه .
فإن عمل أي شيء بقصد التشبّه بالكفار أو غيرهم مما ورد النهي عن التشبه بهم ، فهنا يكون حكم هذا العمل حرام لهذا القصد ولو كان الأمر في أصله مباحاً ومما يستعمله الجميع لكنه بهذا القصد صار حراماً .
كمن تقصّ شعرها مثلاً قصّا مباحاً لكنها بهذا أرادة مشابهة فاسقة أو كافرة فهي بهذا القصد وقعت في المحظور .
الضابط الثاني : ما ورد به النهي تخصيصاً في هيئة أو صورة معينة .
كالنهي عن النمص والوصل أو نهي عن التشبه في حالة أو هيئة على وجه مخصوص . فما وافقت هيئته وحاله هيئة المنصوص عليه بالنهي حرم .
الضابط الثالث : ما كان معلوماً بالضرورة أنه علامة على من نهينا عن التشبه بهم و هو من اختصاصهم .
فما علم وتحقق اختصاصه بالكفار أو بعضهم ، فعمله حرام ؛ بخلاف ما ليس اختصاصاً لهم فهذا لا يدخل في التشبه ، وإن كانوا يستعملونه كغيرهم .وما عُلم وتحقق أنه من اختصاص الرجال فيحرم على المرأة عمله ، وما عُلم وتحقق أنه من اختصاص النساء حرم على الرجال فعله . وما خرج عن هذا فالأمر فيه واسع . والله أعلم .
- حكم إطالة شعر الرأس للرجل وهل هو سنة ؟!
من الناس من قال أن إطالة الشعر وتربيته للرجال سنة عبادية.
ومنهم من قال أن ذلك من باب السنن الاعتيادية التي لا يؤجر على فعلها ولا يأثم بتركها .
إذ السنن إما عادية وهي : التي هي الجبلية والفطرة .
وسنة عبادية وهي التي ثبت فيها ندب وفضل خاص .
والتحقيق :
أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم بانظر إلى الجبلة والتشريع ثلاثة أقسام :
الأول : هو الفعل الجبلي المحض كالقيام والقعود والأكل والشرب ، فهذا الظاهر أنه لم يفعله للتشريع ولكن فعله يدل على الجواز .
الثاني : هو الفعل التشريعي المحض كأفعال الصلاة والحج ..
الثالث : الفعل المحتمل للجبلي والتشريعي .
وضابطه أن تكون الجبلة البشرية تقتضيه بطبيعتها ولكنه وقع متعلقا بعبادة بأن وقع فيها أو في وسيلتها ، كالركوب في الحج وجلسة الاستراحة في الصلاة ، والرجوع من صلاة العيد في طريق أخرى غير التي ذهب فيها ، والضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر ..
ذكر هذا التقسيم الشيخ الإمام محمد الأمين الشنقيطي في كتابه السفر العظيم أضواء البيان .
والذي يظهر أن إطالة الشعر في الأصل ليس سنة عبادية ، إنما هو من باب العادات .
لكن وجه السنة العبادية في إطالة الشعر هو من جهة أن ذلك وسيلة لمأمور به من التزام أدب الإسلام وسنته في الاعتناء بالشعر من الترجيل والإدهان - والله أعلم - .
- مشابهة أهل الكتاب فيما لم نؤمر فيه بشيء .
سبق ذكر طرف هذا عند حديث : كان صلى الله عليه وسلم يسدل شعره ، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم ، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم ، وكان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه "
فقد حقق هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في سفره العظيم ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم )
ملخص التحقيق :
أن هذا لا يخلو من أحوال :
1- أن هذا الأمر كان متقدماً ثم نسخ الله ذلك وشرع له مخالفة أهل الكتاب وأمره بذلك .
2- لو فرض أنه لم ينسخ ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان له أن يوافقهم لأنه يعلم حقهم من باطلهم بما يعلمّه الله إياه ونحن نتبعه .
3 - أن نقول بموجبه ، كان يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ، ثم أمر بمخالفتهم وأمرنا نحن أن نتبع هديه وهدي صحابته من بعده .
فنحن منهيون عن التشبه بهم فيما لم يكن سلف الأمة عليه ، أما ما كان عليه سلف الأمة فلا ريب فيه سواء فعلوه أو تركوه ، فإنّا لا نترك ما أمر الله به لأجل أن الكفار تفعله ... أ.هـ باختصار 1 / 423
اللهم بارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقوّاتنا واجعله الوارث منّا برحمتك يا أرحم الراحمين .
والحمد لله رب العالمين .
وكتبه :
أخوكم : مهذب أبو أحمد
والسلام ختام
تعليق