حتى لا ينقرض الرجال!
مرام عبدالرحمن مكاوي*
عندما كنا صغارا كان أسوأ شيء يمكن أن تقوله لفتى ما إنه يشبه البنات، وكان الأولاد الصغار آنذاك يمتنعون وبشدة عن لبس أي ملابس يمكن أن تدخل فيها ألوان أو رسوم توحي بالشبه بينها وبين ملابس الفتيات. هذه كانت الصورة التي أتذكرها جيدا قبل حوالي خمس عشرة سنة تقريبا. أما اليوم، فأظن أن الصورة انقلبت 180 درجة! ولا نحتاج إلى كثير من الذكاء لنعرف المتغيرات التي طرأت على مجتمعنا. فمن الفضائيات، مرورا بثورة الاتصالات والإنترنت، وصولا حتى إلى النظام العالمي الجديد الذي يبشر بالعولمة وإذابة الفروق.
لست ضد الانفتاح، ولكن ضد أن نسمح للأشياء الدخيلة أو الجديدة أن تستعبدنا، وتتحكم فينا. وهذا ما حصل مع فئة غير قليلة من شبابنا. واسمحوا لي أن أخص بالذكر الشباب من الذكور بحديثي لأن موضوع المرأة أشبع نقاشا وحديثا، لكن كم من الناس كتبوا أو تحدثوا، عن ظاهرة ميوعة الشباب التي تنتشر بشكل مخيف؟.
في البداية لا أريد أن أعمم، فليس كل شبابنا على هذه الصورة، ولكن هناك شريحة واسعة منهم، وهي شريحة ستلمحها بسهولة إن زرت أي مركز تجاري أو مطعم، أو شاليه، في جدة وغيرها من المدن الكبرى.
شباب طلقوا الثوب الجميل بالثلاثة، وكل مستلزماته بالطبع، وبالرغم من أن من حق الإنسان أن يرتدي ما يشاء، ولكن لا أستطيع أن أمنع نفسي من أن أشعر بالحزن، لأن لباسنا الوطني المميز، والمناسب لبيئتنا، في طريقه للاندثار. فبعد أن فقدت مدننا الكثير من طابعها التاريخي المميز، فإننا اليوم نبدل حتى ثيابنا، وهذا مؤشر له وزنه واعتباره ودلالاته. أقول إنهم تخلوا عن الثوب لكنهم لم يستطيعوا أن يجدوا بديلا مناسبا لهم، فأصبحت ملابسهم أقرب إلى ملابس مغني الروك أو عصابات العنف والسرقة في أمريكا، أو المتسكعين والهيبز في أوروبا! وليست ملابس تليق بطلاب في المدرسة أو الجامعة، كما توحي بذلك أعمارهم. فالشعر إما مزيت أو مسبسب (بالجل)، أو طويل ومشدود إلى الخلف، حتى ليبدو أطول من شعور بعض النساء، أو مصبغ بألوان عجيبة، أو مقصوص بطريقة أعجب، بطريقة تجعل نصفه يتدلى على العين والجبهة، فيعطي منظراً أنثويا لا يليق. ثم الملابس نفسها، من سراويل نازلة إلى الخصر، في منظر مخجل لا يليق بالفتاة ناهيك عن الشاب، وقمصان بلا أكمام، عليها عبارات وصور غير مناسبة. هذا عدا السلاسل والأساور والخواتم، حتى أصبحوا ينافسون البنات بل ويتفوقون عليهن!.
والمضحك أن معظم الملابس التي يرتدونها والتي صنعت لمجتمعات بعينها، لا تناسبهم، فمثلا هي مصممة لأجسام رياضية، وليس لأجسام أهلكتها السمنة، من الكسل والخمول، والبعد عن أي نشاط رياضي مفيد. ومصممة كذلك لشباب بقامات طويلة، وفي ظروف بيئية مختلفة. أما لو أتينا إلى طريقة المشي، فتلك مأساة أخرى! وحتى طريقة الكلام، مضحكة جدا. حتى أصبحت الفتيات يتندرن فيما بينهن، قائلات، نعتقد أننا صرنا نحن الرجال!.
قد يظن البعض أنني أتحامل على الشباب، وأن هذه مرحلتهم العمرية التي ينبغي أن يتركوا فيها على حالهم، حتى يتصرفوا بحرية، ويعطوا الفرصة حتى يكبروا وينضجوا بأنفسهم، وهذا هو حال الشباب في كل أنحاء العالم. والحقيقة التي جعلتني أستفز وأكتب عن الموضوع هو أنني لاحظت بعد عودتي للسعودية أن هذا الأمر زاد عن حده فعلا! وأن المناظر التي رأيتها هنا لشبابنا، تفوق وبمراحل المناظر التي رأيتها لشباب بريطانيا. فأقليات فقط في الجامعة التي كنت أدرس بها، كانت تسرف في اللباس، أو تتشبه بالنساء بإطالة الشعر ولبس السلاسل وغيرها، لكن أغلب طلبة الجامعة المحترمين كانوا يرتدون ملابس عادية بسيطة، وطول شعرهم مناسب، وبشكل عام لا يلفتون النظر. وحدها فئات الشواذ، أو بقايا الهيبز، وبعض أعداء الرأسمالية هي من تظهر فعلا بمناظر عجيبة ومنفرة.
ثم لماذا يفعل شبابنا هذا؟ هل يظنون أنهم سيلفتون أنظار الفتيات؟ وأن هذا من لوازم عدة (صيد البنات)، ومن ضروريات المعاكسة؟ حسنا... ليعرفوا إذن أن المرأة لا تحتقر شيئا أكثر مما تحتقر الرجل الناعم، الذي لا يختلف عنها كثيرا! فالمرأة تحب أن ترى في الرجل عكسها، ليكملها، تماما كما ينفر الرجل من المرأة المسترجلة.
أم إن السبب هو وسائل الإعلام التي تبارك هذه القيم؟ فمما يؤسف له ويستوجب الانتباه، هو تشجيع وسائل الإعلام العربية النعومة في الشباب، والتفسخ في البنات! ومن هنا كانت برامج بيج براذر وما شابهه! وأصبح هم كل شاب أن يكون فقط من أهل المغنى. إنها مؤامرة ولاشك، ممن يريدون إلهاء شباب الأمة عن واقعهم المزري. وهذا الكلام ليس من عندي، بل يعرفه الغيورون من كل الأمم. واسمعوا هنا ماذا يقول أدولف هتلر في كتابه (كفاحي): (ومن أعراض التفكك والانحلال التي ظهرت على الإمبراطورية قبل الحرب انزلاق الثقافة نحو منزلق خفيض وذلك بفعل المؤثرات الخارجية خاصة ما كان منها خاضعا لتوجهات اليهود) ويقول: (لقد أرادوا بهذا أن يقطعوا كل صلة بالماضي والحاضر، وفي الوقت نفسه جعلوا من الأدب الرخيص، والفن الإباحي بضاعة سهلة التناول، وما لبثت هذه البضاعة أن طردت من السوق الأصناف الجيدة وغصت واجهات المكاتب، وجدران المتاحف بمنتجات لا أثر فيها للفكر أو الفن). ويضيف : (فقد أدرك البلاشفة وأسيادهم اليهود أن أمة متدينة عن إدراك أو عن إيمان هي أمنع من أن تسلم قيادها للمغامرين الدوليين، فشنوا على الدين ورجاله حملة مركزة تحت الدعوة إلى ستار حرية المعتقد... إن سواد الشعب لا يتألف من الفلاسفة، وإن إيمانه هو الرابط الوحيد الذي يشده إلى الكنيسة التي ترعى شؤونه الروحية. وقد أدرك أعداء الأمة هذه الحقيقة، ولغموا إيمان السواد بما نثروه حول دينه من شكوك، أما غايتهم فقد كانت القضاء على الوازع الديني، والمناعة الخلقية، اللذين يقيان المرء مواطن الزلل، ويبقيانه بعيدا عن متناول المبادئ الهدامة والتيارات الإباحية).
قال هتلر هذا الكلام قبل أن يصبح رئيسا، وهو يبحث في أسباب الهزيمة المذلة التي تعرضت لها ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، أفلا تستحق التدبر فعلا؟.
نداء للمربين وأولياء الأمور والمسؤولين أن ينتبهوا لهذه الظاهرة، ويحاولوا التصدي لها كما يتصدون للإرهاب وفكره، فهذا أيضا فكر وسلوك ضار بالوطن. وأظن أن الشباب يحتاجون في مدارس وزارات التربية والتعليم للائحة مشابهة للائحة الفتيات الشهيرة. كذلك من المفيد تفعيل دور الدعاة والهيئة، وتوفير نشاطات تحث على بناء الجسم وعلى تقوية الرجولة في نفوس الشباب، ولماذا لا يكون هناك التجنيد الإلزامي أو التطوعي مثلا؟ المهم أن نتدارك الوضع قبل أن يأتي جيل بعد هذا ينقرض فيه الرجال وتندثر فيه الرجولة.
( منقول من جريدة الوطن ليوم أمس ) .
مرام عبدالرحمن مكاوي*
عندما كنا صغارا كان أسوأ شيء يمكن أن تقوله لفتى ما إنه يشبه البنات، وكان الأولاد الصغار آنذاك يمتنعون وبشدة عن لبس أي ملابس يمكن أن تدخل فيها ألوان أو رسوم توحي بالشبه بينها وبين ملابس الفتيات. هذه كانت الصورة التي أتذكرها جيدا قبل حوالي خمس عشرة سنة تقريبا. أما اليوم، فأظن أن الصورة انقلبت 180 درجة! ولا نحتاج إلى كثير من الذكاء لنعرف المتغيرات التي طرأت على مجتمعنا. فمن الفضائيات، مرورا بثورة الاتصالات والإنترنت، وصولا حتى إلى النظام العالمي الجديد الذي يبشر بالعولمة وإذابة الفروق.
لست ضد الانفتاح، ولكن ضد أن نسمح للأشياء الدخيلة أو الجديدة أن تستعبدنا، وتتحكم فينا. وهذا ما حصل مع فئة غير قليلة من شبابنا. واسمحوا لي أن أخص بالذكر الشباب من الذكور بحديثي لأن موضوع المرأة أشبع نقاشا وحديثا، لكن كم من الناس كتبوا أو تحدثوا، عن ظاهرة ميوعة الشباب التي تنتشر بشكل مخيف؟.
في البداية لا أريد أن أعمم، فليس كل شبابنا على هذه الصورة، ولكن هناك شريحة واسعة منهم، وهي شريحة ستلمحها بسهولة إن زرت أي مركز تجاري أو مطعم، أو شاليه، في جدة وغيرها من المدن الكبرى.
شباب طلقوا الثوب الجميل بالثلاثة، وكل مستلزماته بالطبع، وبالرغم من أن من حق الإنسان أن يرتدي ما يشاء، ولكن لا أستطيع أن أمنع نفسي من أن أشعر بالحزن، لأن لباسنا الوطني المميز، والمناسب لبيئتنا، في طريقه للاندثار. فبعد أن فقدت مدننا الكثير من طابعها التاريخي المميز، فإننا اليوم نبدل حتى ثيابنا، وهذا مؤشر له وزنه واعتباره ودلالاته. أقول إنهم تخلوا عن الثوب لكنهم لم يستطيعوا أن يجدوا بديلا مناسبا لهم، فأصبحت ملابسهم أقرب إلى ملابس مغني الروك أو عصابات العنف والسرقة في أمريكا، أو المتسكعين والهيبز في أوروبا! وليست ملابس تليق بطلاب في المدرسة أو الجامعة، كما توحي بذلك أعمارهم. فالشعر إما مزيت أو مسبسب (بالجل)، أو طويل ومشدود إلى الخلف، حتى ليبدو أطول من شعور بعض النساء، أو مصبغ بألوان عجيبة، أو مقصوص بطريقة أعجب، بطريقة تجعل نصفه يتدلى على العين والجبهة، فيعطي منظراً أنثويا لا يليق. ثم الملابس نفسها، من سراويل نازلة إلى الخصر، في منظر مخجل لا يليق بالفتاة ناهيك عن الشاب، وقمصان بلا أكمام، عليها عبارات وصور غير مناسبة. هذا عدا السلاسل والأساور والخواتم، حتى أصبحوا ينافسون البنات بل ويتفوقون عليهن!.
والمضحك أن معظم الملابس التي يرتدونها والتي صنعت لمجتمعات بعينها، لا تناسبهم، فمثلا هي مصممة لأجسام رياضية، وليس لأجسام أهلكتها السمنة، من الكسل والخمول، والبعد عن أي نشاط رياضي مفيد. ومصممة كذلك لشباب بقامات طويلة، وفي ظروف بيئية مختلفة. أما لو أتينا إلى طريقة المشي، فتلك مأساة أخرى! وحتى طريقة الكلام، مضحكة جدا. حتى أصبحت الفتيات يتندرن فيما بينهن، قائلات، نعتقد أننا صرنا نحن الرجال!.
قد يظن البعض أنني أتحامل على الشباب، وأن هذه مرحلتهم العمرية التي ينبغي أن يتركوا فيها على حالهم، حتى يتصرفوا بحرية، ويعطوا الفرصة حتى يكبروا وينضجوا بأنفسهم، وهذا هو حال الشباب في كل أنحاء العالم. والحقيقة التي جعلتني أستفز وأكتب عن الموضوع هو أنني لاحظت بعد عودتي للسعودية أن هذا الأمر زاد عن حده فعلا! وأن المناظر التي رأيتها هنا لشبابنا، تفوق وبمراحل المناظر التي رأيتها لشباب بريطانيا. فأقليات فقط في الجامعة التي كنت أدرس بها، كانت تسرف في اللباس، أو تتشبه بالنساء بإطالة الشعر ولبس السلاسل وغيرها، لكن أغلب طلبة الجامعة المحترمين كانوا يرتدون ملابس عادية بسيطة، وطول شعرهم مناسب، وبشكل عام لا يلفتون النظر. وحدها فئات الشواذ، أو بقايا الهيبز، وبعض أعداء الرأسمالية هي من تظهر فعلا بمناظر عجيبة ومنفرة.
ثم لماذا يفعل شبابنا هذا؟ هل يظنون أنهم سيلفتون أنظار الفتيات؟ وأن هذا من لوازم عدة (صيد البنات)، ومن ضروريات المعاكسة؟ حسنا... ليعرفوا إذن أن المرأة لا تحتقر شيئا أكثر مما تحتقر الرجل الناعم، الذي لا يختلف عنها كثيرا! فالمرأة تحب أن ترى في الرجل عكسها، ليكملها، تماما كما ينفر الرجل من المرأة المسترجلة.
أم إن السبب هو وسائل الإعلام التي تبارك هذه القيم؟ فمما يؤسف له ويستوجب الانتباه، هو تشجيع وسائل الإعلام العربية النعومة في الشباب، والتفسخ في البنات! ومن هنا كانت برامج بيج براذر وما شابهه! وأصبح هم كل شاب أن يكون فقط من أهل المغنى. إنها مؤامرة ولاشك، ممن يريدون إلهاء شباب الأمة عن واقعهم المزري. وهذا الكلام ليس من عندي، بل يعرفه الغيورون من كل الأمم. واسمعوا هنا ماذا يقول أدولف هتلر في كتابه (كفاحي): (ومن أعراض التفكك والانحلال التي ظهرت على الإمبراطورية قبل الحرب انزلاق الثقافة نحو منزلق خفيض وذلك بفعل المؤثرات الخارجية خاصة ما كان منها خاضعا لتوجهات اليهود) ويقول: (لقد أرادوا بهذا أن يقطعوا كل صلة بالماضي والحاضر، وفي الوقت نفسه جعلوا من الأدب الرخيص، والفن الإباحي بضاعة سهلة التناول، وما لبثت هذه البضاعة أن طردت من السوق الأصناف الجيدة وغصت واجهات المكاتب، وجدران المتاحف بمنتجات لا أثر فيها للفكر أو الفن). ويضيف : (فقد أدرك البلاشفة وأسيادهم اليهود أن أمة متدينة عن إدراك أو عن إيمان هي أمنع من أن تسلم قيادها للمغامرين الدوليين، فشنوا على الدين ورجاله حملة مركزة تحت الدعوة إلى ستار حرية المعتقد... إن سواد الشعب لا يتألف من الفلاسفة، وإن إيمانه هو الرابط الوحيد الذي يشده إلى الكنيسة التي ترعى شؤونه الروحية. وقد أدرك أعداء الأمة هذه الحقيقة، ولغموا إيمان السواد بما نثروه حول دينه من شكوك، أما غايتهم فقد كانت القضاء على الوازع الديني، والمناعة الخلقية، اللذين يقيان المرء مواطن الزلل، ويبقيانه بعيدا عن متناول المبادئ الهدامة والتيارات الإباحية).
قال هتلر هذا الكلام قبل أن يصبح رئيسا، وهو يبحث في أسباب الهزيمة المذلة التي تعرضت لها ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، أفلا تستحق التدبر فعلا؟.
نداء للمربين وأولياء الأمور والمسؤولين أن ينتبهوا لهذه الظاهرة، ويحاولوا التصدي لها كما يتصدون للإرهاب وفكره، فهذا أيضا فكر وسلوك ضار بالوطن. وأظن أن الشباب يحتاجون في مدارس وزارات التربية والتعليم للائحة مشابهة للائحة الفتيات الشهيرة. كذلك من المفيد تفعيل دور الدعاة والهيئة، وتوفير نشاطات تحث على بناء الجسم وعلى تقوية الرجولة في نفوس الشباب، ولماذا لا يكون هناك التجنيد الإلزامي أو التطوعي مثلا؟ المهم أن نتدارك الوضع قبل أن يأتي جيل بعد هذا ينقرض فيه الرجال وتندثر فيه الرجولة.
( منقول من جريدة الوطن ليوم أمس ) .
تعليق