المقنع الكندي
تلك هي الأخلاق العربية الكريمة حيث تذوب شمعة الأنا في ليل الجماعة، ويحمل شاعرنا مفرداً على كاهله أعباء قومه الكثيرة في سبيل أن تبقى راية قبيلته خفاقة وأن لا تلوك سيرتها بالسوء الألسن، يفعل الشاعر الخير ولا ينتظر جوازيه من أحد بل يصبر على كل من لا يتفهم حقيقة مواقفه ويلومه على طيب أفعاله، وإنه ليعلم أنه مختلف عن السواد الأعظم من قبيلته كاختلاف الليل عن النهار، ولكنه الوفاء للوطن والعشيرة جعله مخلصاً يسير في الدرب التي اختارها رغم وعورتها وأشواكها الجمة، ولا ينظر إلى الخلف مهما تلقى ظهره من سهام، ولا يحمل الحقد على أحد لأنه يتنافى مع حسن الخلق والخصال الحميدة، وهو أيضاً مترفع إلا أمام ضيوفه فيصبح خادماً مطيعاً ويجود بما ملكت وما لم تملك يداه في سبيل تأمين كل ما يحتاجه قاصدوه.
شاعرنا محمد بن صفر بن عمير شاعر مقل من شعراء الدولة الأموية، وكان له شرف وسؤدد في كندة، وكان من أجمل الناس وجهاً وكان إذا أسفر اللثام عن وجهه أصابته العين فمرض، لذلك لا يمشي إلا مقنعاً فلذا سمي المقنع.
والقصيدة من البحر الطويل.
يُعاتِبُي في الدَّيْنِ قومي وإنَّما
تَدَيَّنْتُ في أشياءَ تُكْسِبُهُمْ حَمْدا
أَسُدُّ بهِ ما قد أَخَلُّوا وضَيَّعوا
ثُغورَ حُقوقٍ ما أطاقوا لها سَدَّا
وفي جَفْنَةٍ ما يُغْلَقُ البابُ دونها
مُكَلَّلَةٍ لَحْماً مُدَفَّقَةٍ ثَرْدا
وفي فَرَسٍ نَهْدٍ عَتيقٍ جَعَلْتُهُ
حِجاباً لِبَيْتي ثُمَّ أخْدَمْتُهُ عَبْدا
وإنَّ الذي بَيْني وبينَ بَني أبي
وبينَ بَني عَمِّي لمُخْتَلِفٌ جِدّا
فإن أَكَلوا لَحْمي وَفَرْتُ لُحومَهُمْ
وإن هَدَموا مَجْدي بَنَيْتُ لهمْ مَجْدا
وإن ضَيّعوا غَيْبي حَفِظْتُ غُيوبَهُم
وإن همْ هَوُوا غَيّي هَوِيتُ لهمْ رُشْدا
وإنْ زَجَروا طَيراً بِنَحْسٍ تَمُرُّ بي
زَجَرْتُ لهم طَيراً تَمُرُّ بهمْ سَعْدا
ولا أَحْمِلُ الحِقْدَ القَديمَ عليهِمُ
وليس رَئيسُ القَوْمِ مَن يَحْمِلُ الحِقْدا
لهمْ جُلُّ مالي إنْ تَتابَعَ لي غِنىً
وإن قَلَّ مالي لم أُكَلِّفْهُمُ رِفْدا
وليسوا إلى نَصْري سِراعاً وإنْ هُمُ
دَعَوْني إلى نَصْرٍ أَتَيْتُهُمْ شَدّا
وإنّي لَعَبْدُ الضَّيفِ مادامَ نازِلاً
وما شِيمَةٌ لي غيرَها تُشْبِهُ العَبدا
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
منقول من موقع (باب)
تلك هي الأخلاق العربية الكريمة حيث تذوب شمعة الأنا في ليل الجماعة، ويحمل شاعرنا مفرداً على كاهله أعباء قومه الكثيرة في سبيل أن تبقى راية قبيلته خفاقة وأن لا تلوك سيرتها بالسوء الألسن، يفعل الشاعر الخير ولا ينتظر جوازيه من أحد بل يصبر على كل من لا يتفهم حقيقة مواقفه ويلومه على طيب أفعاله، وإنه ليعلم أنه مختلف عن السواد الأعظم من قبيلته كاختلاف الليل عن النهار، ولكنه الوفاء للوطن والعشيرة جعله مخلصاً يسير في الدرب التي اختارها رغم وعورتها وأشواكها الجمة، ولا ينظر إلى الخلف مهما تلقى ظهره من سهام، ولا يحمل الحقد على أحد لأنه يتنافى مع حسن الخلق والخصال الحميدة، وهو أيضاً مترفع إلا أمام ضيوفه فيصبح خادماً مطيعاً ويجود بما ملكت وما لم تملك يداه في سبيل تأمين كل ما يحتاجه قاصدوه.
شاعرنا محمد بن صفر بن عمير شاعر مقل من شعراء الدولة الأموية، وكان له شرف وسؤدد في كندة، وكان من أجمل الناس وجهاً وكان إذا أسفر اللثام عن وجهه أصابته العين فمرض، لذلك لا يمشي إلا مقنعاً فلذا سمي المقنع.
والقصيدة من البحر الطويل.
يُعاتِبُي في الدَّيْنِ قومي وإنَّما
تَدَيَّنْتُ في أشياءَ تُكْسِبُهُمْ حَمْدا
أَسُدُّ بهِ ما قد أَخَلُّوا وضَيَّعوا
ثُغورَ حُقوقٍ ما أطاقوا لها سَدَّا
وفي جَفْنَةٍ ما يُغْلَقُ البابُ دونها
مُكَلَّلَةٍ لَحْماً مُدَفَّقَةٍ ثَرْدا
وفي فَرَسٍ نَهْدٍ عَتيقٍ جَعَلْتُهُ
حِجاباً لِبَيْتي ثُمَّ أخْدَمْتُهُ عَبْدا
وإنَّ الذي بَيْني وبينَ بَني أبي
وبينَ بَني عَمِّي لمُخْتَلِفٌ جِدّا
فإن أَكَلوا لَحْمي وَفَرْتُ لُحومَهُمْ
وإن هَدَموا مَجْدي بَنَيْتُ لهمْ مَجْدا
وإن ضَيّعوا غَيْبي حَفِظْتُ غُيوبَهُم
وإن همْ هَوُوا غَيّي هَوِيتُ لهمْ رُشْدا
وإنْ زَجَروا طَيراً بِنَحْسٍ تَمُرُّ بي
زَجَرْتُ لهم طَيراً تَمُرُّ بهمْ سَعْدا
ولا أَحْمِلُ الحِقْدَ القَديمَ عليهِمُ
وليس رَئيسُ القَوْمِ مَن يَحْمِلُ الحِقْدا
لهمْ جُلُّ مالي إنْ تَتابَعَ لي غِنىً
وإن قَلَّ مالي لم أُكَلِّفْهُمُ رِفْدا
وليسوا إلى نَصْري سِراعاً وإنْ هُمُ
دَعَوْني إلى نَصْرٍ أَتَيْتُهُمْ شَدّا
وإنّي لَعَبْدُ الضَّيفِ مادامَ نازِلاً
وما شِيمَةٌ لي غيرَها تُشْبِهُ العَبدا
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
منقول من موقع (باب)
تعليق