بسم الله الرحمن الرحيم
قبل ثمانية عشر ربيعاً وأكثـر , كنا أطفالاَ في السادسة من العمر , كانت الدماء تجري في عروقنا , كنا أطفالاً نهدهد الأرض بأقدامنا الصغيرة , كانت الجبال الشاهقة والوديان السحيقة لا تغمض جفناً حتى تكتحل برؤيتنا , ونحن نلعب ونلهو , ونرعى الأغنام ونذود الطير عن محصول الصيف والخريف ,كنا نضحك للشقاء ,ونلتبس النقاء , كنّا أرواحاً نعانق الأرض , ونصادق الشمس .مازلت أتذكر بكثيرِ من الحسرة أيام رمضان البائد , كيف كنّا نستعد لليلة العيد ولمشعـــال العيـــد ..
كنا نجول الجبال بحثاً عن أشجار الطلح العتيقة , نحمل الفأس والحبل , ونبدأ العمل , وكثيراً ما كنا نخطئ الاختيار .. فنحن نريد أكابر الأشجار , ومجهود الصغار لايُكمل المشوار , فنترك الشجرة المسكينة ونصفها متمسكٌ بالتراب , ونصفها الآخر قد نعق عليها الغراب , ونتركها وهي ليست بالشجرة الحية ولا بالشجرة الميتة , ونقول أخطأنا الاختيار ولنبحث عن شجرةٍ نحيلة الجذع , طويلة الفرع , فهي أسرع للقرع .
ونمضي للبحث ونجول الجبال متعاونين في حمل الفأس والحبال , ونتصيد الفرص , ونتجاذب الأنظار في أرجاء الديار بحثاً عن شجرةٍ عتيقة قد جار عليها الزمان والصبية ..لتقع أنياب الفأس في جذعها الكهـل , ونطوف بها السهل , حتى نصل بها إلى أخواتها الواقفات المنتظرات شرارة العيد الأولى .
كنا في ليلة الثامن والعشرين من شهر رمضان المبارك نوجّـه كتائب الاستطلاع , إلى أصدقائنا الصغار في القرية الواحدة , أو القرى الأخرى , لنناظر ونقيس أي المجهودات أكبر وأي مشعال ستدوم نارهُ طويــلاً , وقد تعبث بنا نار الغيرة البريئة , فيكتنفنا ظلام الليل البهيم , ونواصل المسير إلى مشعال الفرقة المنافسة لنا , فنعاجل بإحراقه وإحراق آمال أؤلائك الصبية , لتنام أعيننا قريرة الكرى في عبثٍ طفولي , لنصبح على وقع مشكلةٍ كبيرة قد فعلها الصغار ووقع فيها الكبار .. فالاتهامات متبادلة بين كبار السن , ونحن إذا ما سؤلنا عن ذلك أنكرنا في حجة مقنعة لا أصدق منها إلا إدغام الطاء في الهاء .كانت ألسنة أجدادنا وآبائنا تدعوا الله وتلهج في الدعاء أن يتموا صوم رمضان ثلاثين يوماً, أما نحن فكنّا ندعوا الله سراً بأن تعاجلنا ليلة العيـــد , فلقد طال شوقنا وانتظارنا إلى رؤية مشعالنا الصغير , وألسنة النار تداعب أشجاره اليابسة .
كنا نعلن الصوت , ونلفت الأنظار , إلى مشعالنا وهو يودع ليالي رمضان الجميلة, كنّا نزداد فخراً عندما نجذب أنظار رجال القرية , ونساء القرية , وصغار القرية ,إلى مجهودنا المحترق , ونحس بلذة العمل ونستمع ونستمتع بكلمات المدح والثناء من كبار السن على محافظتنا لتلك العادة الجميلة ..
وااحسرتااااااه .. زمانٌ ولّى ومضى ..
نافذة : مالي أرى الهموم والأحزان في وجه صبيان هذا الزمان ..
أقسم بالله أنهم شاخوا في مهد الصبـــا ..
لمــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذا ؟!
حديقة :
بقدرة الله يارفيق الغلا عيّدنا
وكل مسلم مدّ كفك وعيّده
قبل ثمانية عشر ربيعاً وأكثـر , كنا أطفالاَ في السادسة من العمر , كانت الدماء تجري في عروقنا , كنا أطفالاً نهدهد الأرض بأقدامنا الصغيرة , كانت الجبال الشاهقة والوديان السحيقة لا تغمض جفناً حتى تكتحل برؤيتنا , ونحن نلعب ونلهو , ونرعى الأغنام ونذود الطير عن محصول الصيف والخريف ,كنا نضحك للشقاء ,ونلتبس النقاء , كنّا أرواحاً نعانق الأرض , ونصادق الشمس .مازلت أتذكر بكثيرِ من الحسرة أيام رمضان البائد , كيف كنّا نستعد لليلة العيد ولمشعـــال العيـــد ..
كنا نجول الجبال بحثاً عن أشجار الطلح العتيقة , نحمل الفأس والحبل , ونبدأ العمل , وكثيراً ما كنا نخطئ الاختيار .. فنحن نريد أكابر الأشجار , ومجهود الصغار لايُكمل المشوار , فنترك الشجرة المسكينة ونصفها متمسكٌ بالتراب , ونصفها الآخر قد نعق عليها الغراب , ونتركها وهي ليست بالشجرة الحية ولا بالشجرة الميتة , ونقول أخطأنا الاختيار ولنبحث عن شجرةٍ نحيلة الجذع , طويلة الفرع , فهي أسرع للقرع .
ونمضي للبحث ونجول الجبال متعاونين في حمل الفأس والحبال , ونتصيد الفرص , ونتجاذب الأنظار في أرجاء الديار بحثاً عن شجرةٍ عتيقة قد جار عليها الزمان والصبية ..لتقع أنياب الفأس في جذعها الكهـل , ونطوف بها السهل , حتى نصل بها إلى أخواتها الواقفات المنتظرات شرارة العيد الأولى .
كنا في ليلة الثامن والعشرين من شهر رمضان المبارك نوجّـه كتائب الاستطلاع , إلى أصدقائنا الصغار في القرية الواحدة , أو القرى الأخرى , لنناظر ونقيس أي المجهودات أكبر وأي مشعال ستدوم نارهُ طويــلاً , وقد تعبث بنا نار الغيرة البريئة , فيكتنفنا ظلام الليل البهيم , ونواصل المسير إلى مشعال الفرقة المنافسة لنا , فنعاجل بإحراقه وإحراق آمال أؤلائك الصبية , لتنام أعيننا قريرة الكرى في عبثٍ طفولي , لنصبح على وقع مشكلةٍ كبيرة قد فعلها الصغار ووقع فيها الكبار .. فالاتهامات متبادلة بين كبار السن , ونحن إذا ما سؤلنا عن ذلك أنكرنا في حجة مقنعة لا أصدق منها إلا إدغام الطاء في الهاء .كانت ألسنة أجدادنا وآبائنا تدعوا الله وتلهج في الدعاء أن يتموا صوم رمضان ثلاثين يوماً, أما نحن فكنّا ندعوا الله سراً بأن تعاجلنا ليلة العيـــد , فلقد طال شوقنا وانتظارنا إلى رؤية مشعالنا الصغير , وألسنة النار تداعب أشجاره اليابسة .
كنا نعلن الصوت , ونلفت الأنظار , إلى مشعالنا وهو يودع ليالي رمضان الجميلة, كنّا نزداد فخراً عندما نجذب أنظار رجال القرية , ونساء القرية , وصغار القرية ,إلى مجهودنا المحترق , ونحس بلذة العمل ونستمع ونستمتع بكلمات المدح والثناء من كبار السن على محافظتنا لتلك العادة الجميلة ..
وااحسرتااااااه .. زمانٌ ولّى ومضى ..
نافذة : مالي أرى الهموم والأحزان في وجه صبيان هذا الزمان ..
أقسم بالله أنهم شاخوا في مهد الصبـــا ..
لمــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذا ؟!
حديقة :
بقدرة الله يارفيق الغلا عيّدنا
وكل مسلم مدّ كفك وعيّده
تعليق