Unconfigured Ad Widget

Collapse

رغم الظلام.. (قصة)

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • الفنار
    عضو مميز
    • Sep 2003
    • 653

    رغم الظلام.. (قصة)



    بسم الله الرحمن الرحيم
    رغم الظلام

    على السكون الغريب الذي ساد فجأة أفاقت هدى من نومها، وعبر الضوء المتسلل من خصاص النافذة بدت الساعة تشير إلى التاسعة، استغربت هدوء الحركة حولها في مثل هذه الساعة من النهار.. استرابت في الأمر، فنهضت إلى النافذة لتزيح الستارة المسدلة وتتطلع إلى الشارع من تحتها. لثوان تخيلت أنها لازالت في أحلامها.. كررت النظر مرةً أخرى إلى الشارع الذي اكتسى بحمرة الورد؛ وقد وقف الناس على جانبيه وكأنهم التماثيل لا تند من أحدهم حركة.ساورها خوف مبهم لم يفارقها منذ زمن.. جالت بناظريها في أرجاء غرفتها لتتوقف عند التاريخ لذلك اليوم، وقد حلت الأحجية واستبان لها ما كان غامضاً، فقد أشار إلى ( الحادي عشر من سبتمبر لعام 2002 للميلاد) همست وهي تعيد النظر إلى مراسم الحداد:
    "لتجري دموعكم جداول؛ أما أنا فدموعي أنهر تغذي بحورا"
    "حزنكم المصطنع واساكم فيه كل قلم ولسان؛ أما أنا فتواسيني آهاتي وتعزيني وحدتي وآلامي"
    "لكم ذنب جنيتموه أما أنا وهو فذنبنا أننا مسلمون"
    جرت دموعها على وجنتيها لتبلل حجرها. تواردت الذكريات إلى ذهنها وما كانت لتبرحه قط؛ فقبل عشرة أشهر وبعد الأحداث الهائلة بشهرين أفاقت وزوجها من نومهما على طرقٍ شديدٍ للباب، وقبل أن يصل زوجها ليفتحه اقتحمته فرقة من المباحث الفيدرالية لينقضوا على زوجها فيقيدوه ثم يبعثروا شقتهما الصغيرة وسط ذهولها وزوجها، ثم يخرجوا دون أن يقدموا أي تفسير، وقد أحاطوا بأحمد زوجها المسالم الذي لا يعرف سوى كليته وبيته والمسجد..
    تزوجها قبل عامين ثم قدما على هنا ؛ ليكمل دراسته ولتكون له عوناً وسنداً ومثبتاً على دين الله، ومنذ قدومهما لم يشاهد في غير هذه الأماكن الثلاثة، أما الآن فلا يعلم أحد أين ذهبوا به إلا الله... تذكرت كلماته قبل أن يخرجوا به:
    "إن لم يكتب لنا اللقاء في الدنيا فعاهديني على العمل الصالح لنلتقي في جنةٍ عرضها السماء والأرض"
    ومنذ ذلك اليوم وهي تعيش بذكراه، وتمني طرفها برؤياه، وتنتظر فرجاً يأتي به الله..
    ألقت بنفسها على فراشها وصورة أحمد مقيداً تتمثل لعينيها وتهيج أحزانها فتبلل وسادتها بدموعها، أخذتها سنة من نومٍ لا تدري أطالت أم قصرت؟! لكنها أفاقت منها على صوت قرعٍ للباب تذكره جيداً... حاولت النهوض من فراشها فلم تستطع، شعرت بوهن يكبل أعضاءها، وخوف وهلع يلفانها، وتعالى طنين حادٌ بأذنيها ثم هوت في غيبوبةٍ عميقة...
    بدأ إحساسها بالحياة يعود غليها رويداً رويدا، لم تستطع مع الظلام أن تتبين ما حولها، لكن صلابة الأرض وبرودتها أنبأتها أنها ليست على فراشها، فجأة قفزت إلى ذهنها أحداث ذلك الصباح المريع، استوت جالسةً تحاول جاهدةً أن تخرق حجب الظلام حولها؛ وقد استولى عليها رعب طاغ، مدت يديها يميناً ويساراً فاصطدمت بالقضبان، وكقطرة غيثٍ في صحراءٍ مجدبةٍ تناهت إلى سمعها همسةٌ ميزتها أذناها: "هدى!!" هتفت بقلبها قبل لسانها: " أحمد!!" .. وبرغم الظلام استطاعت أن تلمح ابتسامةً تضيء وجهه.... مدت يديها من خلال القضبان لتلتقيان بيديه، وقد عبرت الدموع عن المشاعر...
    عندها فقط تجلى البدر من نافذة الزنزانة؛ ليكشف أستار الظلام، ويضيء لهما الطريق نحو النصر والعزة بإذن الله...


    ملاحظة: القصة نشرت في العدد الأخير من مجلة البيان بإسمي..
    " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"
  • فارس الأصيل
    عضو مميز
    • Feb 2002
    • 3319

    #2
    عزيزي ..
    لك كل الشكر والتقدير على هذه القصة المحبوكة .. واتمنى بطرح كافة القصص في هذا المكان حتى لا تذهب الاعمال سدى او يضيع الهدف وسط الضجيج والزحام ..

    اتمنى ان نستمر كلنا في عرض القصص الهادف ..

    تحياتي
    مالك
    هـذا أنا قـدر تـقـاذفـنــــــــي
    كالبحر عمقاً والفضاء مدى
    مدونتي
    أحمد الهدية

    تعليق

    • أبو ماجد
      المشرف العام
      • Sep 2001
      • 6289

      #3
      أخي عبدالله

      كل يوم نزداد إعجابًا بقلمك ومواهبك ، سر على بركة الله ، فنحن لك من المتابعين وبك من المعجبين .

      تعليق

      • ابو عبدالمحسن
        عضو مميز
        • May 2002
        • 1041

        #4
        الأخ عبد الله الغمّدي :

        رائع ما كتبت وما تكتب أخي .. فبارك الله فيك

        للجميع تحياتي ،،،
        لا تتجاهلن أحداً :
        لقد استمع نبي الله سليمان لحديث نملة .. فلست أنت بنبيٍ لله ولست أنا بنملة

        تعليق

        • الفنار
          عضو مميز
          • Sep 2003
          • 653

          #5
          مالك الحزين
          ابو ماجد
          ابو عبدالمحسن

          اشكر لكم مروركم وتشجيعكم..

          وعلى دروب الحق نلتقي.............ز
          " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

          تعليق

          Working...