بسم الله الرحمن الرحيم
نشأ وترعرع في بيئة تستحل السلب والنهب والقتل تقطع الطرق وتروع الآمنين فحين بلغ الفتى عشرين سنة من عمره أصبح من قطاع الطرق النشيطين حتى صار رئيسا لعصابة من قطاع الطرق الوالغين في الحرام وسفك الدماء وعلم أن أحد كبار تجار الأغنام والمواشي قد وصل إلى مدينته ومعه عدد من القطعان سيعرضها للبيع فأوكل أمر مراقبة التاجر إلى أحد أفراد العصابة يؤدي إليه أخبار التاجر ساعة بساعة وما إن أسفر الصبح حتى خرج التاجر يسوق قطعانه إلى سوق الماشية فيسر الله له بيعها وقبض أثمانها نقدا ثم قفل راجعا ومعه الرعاة إلى حيث يقيمون وعلى طريق العودة نصبت العصابة كمين للهجوم والإستلاء على مال التاجر وما إن اقترب الرجل ومعه رعاته من مكان الكمين حتى صاحت العصابة وبدأت الهجوم فجفلت بغلة التاجر وسقط أرضا من هول المفاجأة ثم قام رئيس العصابة بانتزاع المال من فوق البغلة الهاربة واستل خنجره معتليا صدر التاجر المسكين واستغاث الرجل ولا مغيث فالرعاة قد هربوا في كل مكان بعد أن جرح عدد منهم وقتل آخرون . وتوسل الرجل برئيس العصابة أن يأخذ ماله مقابل الإبقاء على حياته ولكن هيهات فقد كان الخنجر أسبق من العروض والتوسلات وفي لحظات أصبح الرجل جثة هامدة .. إلى هذا الحد والأمر قد يبدوا متكررا في حوادث مشابهه . ولكن الملفت للنظر هو أن التاجر المسكين وهو يتوسل للمجرم أن يتركه كان ينظر يمينا ويسارا عله يجد من الناس مغيثا وحينما نظر إلى السماء رأى حمامتين ترفرفان فوق الشجرة التي ذبح تحتها فقال وهو يلفظ الرمق الأخير ( أيتها الحمامتان اشهدا ) وقهقه المجرم وهو ينهض عن فريسته التي فارقت الحياة قائلا : أيتها الحمامتان اشهدا ، ولم يدري ذلك المأفون أن انتقام الله بالمرصاد ، كان وهو يقهقه يستهزئ بقدر الله وما علم ما جرى به القلم ( أيتها الحمامتان اشهدا ) بذل أولاد التاجر جهودا مظنية للكشف عن سر مقتل أبيهم ومعرفة الجاني فكان الجواب ( القاتل مجهول الهوية ) فراحوا يتقبلون فيه العزاء وأوكلوا قضيته إلى الله ، وتعاقبت السنون والأيام ونسي الناس قصة الاغتيال والسلب ونسو المقتول المسلوب ولكن رجلا واحدا لم ينسى تلك القصة هو القاتل ، ظل يذكرها كلما رأى الحمام مرفرفا فوق الشجر ، وحان الموعد .. حان سداد الدين ، حان انتقام الله عز وجل – لبى القاتل دعوة من دعوات العشاء على مائدة أحد أقربائه بمناسبة زفاف ابنه ، ومُدّة الموائد العامرة بأصناف الأطعمة الشهية الفاخرة فتحلق حولها المدعوون وجلس القاتل ولكن أمام طبق به حمامتان لا أكثر ولا أقل وعلى الفور استعاد شريط الأحداث وما فعله بالتاجر القتيل ثم قهقه بصورة لا إرادية وبصوت عال وانتبه الحاضرون لهذا التصرف الشاذ فليس هناك ما يثير الضحك قولا أو عملا ولاحقته الأنظار المستغربة والأسئلة المبهمة وبشكل لا إرادي تنهد طويلا ثم راح يحدث من حوله بقصة التاجر القتيل ، لم يترك شاردة ولا واردة إلا وأفشاها للحاضرين وأصبحت القصة بعد ساعات من إذاعتها حديث المدينة وسمعها الوالي فأمر باستجواب المتهم واستقدام الشهود فانهار واعترف بجريمته النكراء وحكم عليه بالإعدام وفي ليلة التنفيذ سألته زوجته وأولاده كيف أبحت بسرك المكنون بعد أن طال حرصك على كتمانه سنينا؟ قال: إن إرادة قاهرة شلت إرادتي وأجبرتني على الكلام فلم أتكلم بلساني بل بلسان الحمامتين التين كانتا في الطبق أمامي، وبعد تنفيذ الحكم كانت هناك أسراب من الطيور تحوم فوق رأس المصلوب وفجأة انقلب هزيج الحشود الضخمة إلى تهليل وتكبير فقد استقرت حمامتان فوق رأس المصلوب لا تتحركان وهدرت الحشود في صوت واحد( لقد شهدتا) .. عجزت عدالة الأرض عن اكتشاف سر القتيل السليب فبقي القاتل طليقا حرا سنين مديدة يحمل معه السرالدفين وشهدتا الحمامتان وسيق إلى مصيره المحتوم ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون).......
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشأ وترعرع في بيئة تستحل السلب والنهب والقتل تقطع الطرق وتروع الآمنين فحين بلغ الفتى عشرين سنة من عمره أصبح من قطاع الطرق النشيطين حتى صار رئيسا لعصابة من قطاع الطرق الوالغين في الحرام وسفك الدماء وعلم أن أحد كبار تجار الأغنام والمواشي قد وصل إلى مدينته ومعه عدد من القطعان سيعرضها للبيع فأوكل أمر مراقبة التاجر إلى أحد أفراد العصابة يؤدي إليه أخبار التاجر ساعة بساعة وما إن أسفر الصبح حتى خرج التاجر يسوق قطعانه إلى سوق الماشية فيسر الله له بيعها وقبض أثمانها نقدا ثم قفل راجعا ومعه الرعاة إلى حيث يقيمون وعلى طريق العودة نصبت العصابة كمين للهجوم والإستلاء على مال التاجر وما إن اقترب الرجل ومعه رعاته من مكان الكمين حتى صاحت العصابة وبدأت الهجوم فجفلت بغلة التاجر وسقط أرضا من هول المفاجأة ثم قام رئيس العصابة بانتزاع المال من فوق البغلة الهاربة واستل خنجره معتليا صدر التاجر المسكين واستغاث الرجل ولا مغيث فالرعاة قد هربوا في كل مكان بعد أن جرح عدد منهم وقتل آخرون . وتوسل الرجل برئيس العصابة أن يأخذ ماله مقابل الإبقاء على حياته ولكن هيهات فقد كان الخنجر أسبق من العروض والتوسلات وفي لحظات أصبح الرجل جثة هامدة .. إلى هذا الحد والأمر قد يبدوا متكررا في حوادث مشابهه . ولكن الملفت للنظر هو أن التاجر المسكين وهو يتوسل للمجرم أن يتركه كان ينظر يمينا ويسارا عله يجد من الناس مغيثا وحينما نظر إلى السماء رأى حمامتين ترفرفان فوق الشجرة التي ذبح تحتها فقال وهو يلفظ الرمق الأخير ( أيتها الحمامتان اشهدا ) وقهقه المجرم وهو ينهض عن فريسته التي فارقت الحياة قائلا : أيتها الحمامتان اشهدا ، ولم يدري ذلك المأفون أن انتقام الله بالمرصاد ، كان وهو يقهقه يستهزئ بقدر الله وما علم ما جرى به القلم ( أيتها الحمامتان اشهدا ) بذل أولاد التاجر جهودا مظنية للكشف عن سر مقتل أبيهم ومعرفة الجاني فكان الجواب ( القاتل مجهول الهوية ) فراحوا يتقبلون فيه العزاء وأوكلوا قضيته إلى الله ، وتعاقبت السنون والأيام ونسي الناس قصة الاغتيال والسلب ونسو المقتول المسلوب ولكن رجلا واحدا لم ينسى تلك القصة هو القاتل ، ظل يذكرها كلما رأى الحمام مرفرفا فوق الشجر ، وحان الموعد .. حان سداد الدين ، حان انتقام الله عز وجل – لبى القاتل دعوة من دعوات العشاء على مائدة أحد أقربائه بمناسبة زفاف ابنه ، ومُدّة الموائد العامرة بأصناف الأطعمة الشهية الفاخرة فتحلق حولها المدعوون وجلس القاتل ولكن أمام طبق به حمامتان لا أكثر ولا أقل وعلى الفور استعاد شريط الأحداث وما فعله بالتاجر القتيل ثم قهقه بصورة لا إرادية وبصوت عال وانتبه الحاضرون لهذا التصرف الشاذ فليس هناك ما يثير الضحك قولا أو عملا ولاحقته الأنظار المستغربة والأسئلة المبهمة وبشكل لا إرادي تنهد طويلا ثم راح يحدث من حوله بقصة التاجر القتيل ، لم يترك شاردة ولا واردة إلا وأفشاها للحاضرين وأصبحت القصة بعد ساعات من إذاعتها حديث المدينة وسمعها الوالي فأمر باستجواب المتهم واستقدام الشهود فانهار واعترف بجريمته النكراء وحكم عليه بالإعدام وفي ليلة التنفيذ سألته زوجته وأولاده كيف أبحت بسرك المكنون بعد أن طال حرصك على كتمانه سنينا؟ قال: إن إرادة قاهرة شلت إرادتي وأجبرتني على الكلام فلم أتكلم بلساني بل بلسان الحمامتين التين كانتا في الطبق أمامي، وبعد تنفيذ الحكم كانت هناك أسراب من الطيور تحوم فوق رأس المصلوب وفجأة انقلب هزيج الحشود الضخمة إلى تهليل وتكبير فقد استقرت حمامتان فوق رأس المصلوب لا تتحركان وهدرت الحشود في صوت واحد( لقد شهدتا) .. عجزت عدالة الأرض عن اكتشاف سر القتيل السليب فبقي القاتل طليقا حرا سنين مديدة يحمل معه السرالدفين وشهدتا الحمامتان وسيق إلى مصيره المحتوم ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون).......
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق