كان في آخر فصولها خروجاً فاضحاً عن النص ، أبطال المسرحية لم يكن لديهم الاستعداد الكافي لذلك الخروج عن نص المسرحية من ذلك النجم الصاعد ، ارتبك البطل ، تبعثرت أوراقه ، عقد لسانه ، لم يستطع من خلال دوره البطولي أن يساير ذلك الخروج فالتزم الصمت الذي أحرج المخرج ، والأبطال ، وأغضب الجمهور ..
أسدل الستار سريعاً قبل ان تنتهي المسرحية ، الجمهور في الخارج ينتظرون ................. ماذا حدث ؟!!
تم الإعلان عن إنتهاء المسرحية فلم يكن من الجمهور إلا أن ثارت ثائرتهم ، وبدلاً من التصفيق الحار لأبطال المسرحية رشقوهم بما تقع عليه أيدهم ..
المخرج يهرب والابطال خلفه ... والجمهور ثائر جداً ، ومن يقع في قبضتهم ي هـ ل ك
الصحف تثير النقد اللاذع لتلك المسرحية وكل يدلي برأيه ، فناقد يشتم ، وآخر يشمت ، وثالث قدمت له فرصة الانتقام على طبق من ذهب فلم يتأخر عن اقتناصها .
بعد أيام يصرح المؤلف :
قرأت نقدكم وكل ما سطرته أيدكم في جميع الصحف عني ...
أحبتي ...
لكم عذركم ولي عذري .. !!
كتبت المسرحية بيدي ، واخترت كل فصولها برغبتي ، وعرضتها عليكم بطريقتي .
كانت نهايتها مذهلة ، لم أتوقعها أبداً ، وإن ذهبت بخيالي إلى أبعد الحدود فلن أصل إليها أبداً ...
وقفت على صفحات المسرحية التي استهلكت كل وقتي وجهدي ، ووقت الجمهور الذين تابعوا بحرص شديد كل فصولها ، فكانت مسرحية تراجيدية بكل المقاييس .
عرضت لكم من خلال المسرحية حقيقة فهمي ، وصدق مشاعري ، ونتاج علمي وخبرتي .... فماذا وجدت .. ؟
وجدت أنني رغم تجربتي الطويلة لا أفهم في هذه الحياة شيئاً ..
لم أفهم أن دوام الحال من المحال ، وأن الحياة متى أعطت فإنها سرعان ما تنقلب وتتبدل ، فيصبح العطاء أخذاً وطلباً .
لم أفهم أن من تطلبه الدنيا ... يهلك ، لأنها عندما تطلب فإنها تقضي على كل شيء ، فلا الرخيص يقنعها ، ولا النفيس يكفيها .
لم أفهم أن قلوب البشر سوداء مليئة بالكراهية والحقد ، وعقولهم موصومة بقناعات رجعية لا تمحوها السنين ، والمحاولات الجادة ، والعبارات الحادة ، ولا حتى الكلمات الساخرة أو الساحرة .
لم أفهم أن الناس جماعات ومذاهب ، قلوبهم متنافرة ، ورغباتهم متناثرة ، وأن رضاهم غاية لا تدرك أبداً .
لم أفهم أن من يطلب حقه في عرف كثير من الناس يعتبر متعدياً ، ومشاكساً ، ومثيراً للفتن والمشاكل ، ومن يسكت يعد جباناً ، ومن يداهن يصبح بطلاً ممجداً .
لم أفهم أن للنجاح أعداء متربصين ، وحساد ناقمين ، اشتغلوا بعيوب الناس وتتبع عثراتهم ، فلن يهنأ لهم نوم ، ولن يقر لهم قرار حتى يحققوا هدفهم الرخيص .
لم أفهم أن الإدلاء بكلمة الحق له ثمن ، والسكوت عنه أيضاً بثمن ، وأن للحقيقة وجه آخر ، ومعنى آخر لم أفهمه بعد .
لم أفهم أن لكلمة الحق موازين مختلفة في عرف الناس ، فميزان للعامة ، وميزان للمشاهير ، وميزان للأعداء ، وميزان للأصدقاء .
كتبت المسرحية بيدي ، واخترت كل فصولها برغبتي ، وعرضتها عليكم بطريقتي ...
فخرج أبطالها عن نصي ، فكانت النهاية غير ما سطرته يدي .....
فشكراً لأبطال تلك المسرحية الذين سجلوا نهايتها على طريقتهم التي أغضبت جمهوري ، وانهكت حضوري ، ومزقت أفكاري ، وقتلت مشاعري وخيالي .... فكانت النهاية التي رأيتم .
أعني ... نهاية مسرحية النهاية ،،،
تعليق