Tweet
أيها الإخوة الأعزاء سلمهم الله
لقد دار بيني وبين الصحفية منى مخلص عدة حوارات ، وكان من بينها حوار حول قلة الوعي الفكري ، وضعف الخطاب الأدبي ، وكذلك انتفاض البعض على من يخالفهم في أي رأي يتم طرحه من قبلهم ، كما أنهم يجيزون لأنفسهم حق الاعتراض على الآخرين ، وغالباً مايكون ذلك حول الموروثات ، ومن بينها اللهجات المحلية التي أفسدت الذوق على جميع الأصعدة ، وكان من بين ردودي عليها هذا الذي أضعه بين أيديكم ، وقمت بطرحه هنا لإطلاع من قبلكم فقط ، ويؤسفني أنني لم أحتفظ بنسخة من طرح الأخت الفاضلة " فالمعذرة " والله الموفق .
أختي الفاضلة منى مخلص سلمها الله
أشكر لك اسهامك بأسلوبك الأدبي الراقي ، والذي لاتنقصه الشفافية ولا المصداقية ولا عمق النظرة ، كما يطال الشكر دقة استخلاصك للنقاط التي تعتبر بؤر العطب ، وأشكر لك مرورك على كل المواضيع التي اطرحها ، والتعليق عليها بمنطق لايخلو من الإهتمام ويزواج معه بالإسهاب الممتع ، وما ذلك إلا تلطفاً منك وتفضلاً بدعم الأعضاء وبث روح الحماس فيهم .
كما وأنك بدأت كتابتك بتجرد جرئ ، وهذا شيء مطمئن ومشجع بوجود الفئة التي لاتعترف بمنطقة الظل من حملة الأقلام أمثالك ، كما وأنك تطرقت إلى المشاركات ، أو المداخلات الحوارية التي لاتحمل في مضامينها إلا القدح بأقسى الألفاظ ، والحقيقة التي لانستطيع انكارها .. هو أن الكثير ممن ينهجون ذلك الأسلوب ؛ إنما هم من بضاعتهم كبضاعة الدجال ، والتي إن أُرغِم على إيضاح مفعولها تحت ضغط أمني ، اعترف بأنها لاتعدو كونها تعاويذ وهمية لايدعمها شرع ولا منطق ، وإن هاجمه شخص مستبضع لما يسوقه من الأوهام بحجة عدم فاعليتها ؛ انبرى له بتمتمات لاتباعد ماتحويه أوراقه وطلاسمه ، إذ لايفهما المتلقي ولايستطيع الكاهن تقديم غيرهاعن تعمدٍ وإصرار .. أو من باب ( خذوهم بالصوت لايغلبوكم ) .
وكما ذهبت أختي العزيزة بأن صمودنا ، ليس إلا نتاج قناعة ضمنية بالتعصب للرأي مهما جانب الصواب ، وأفقد المتلقي الفائدة إن كان ممن يطلبونها ، وإما أن يضعنا في موقفٍ لاتخطئنا فيه أصابع الإتهام .. في إشارة منها على تخلفنا وضيق أفقنا ومداركنا ، وهذه مسلمة لانقاش فيها .
والأدهى في ذلك أن أولئك الذين يدعون المعرفة .. إما جهلاً وإما غروراً فإنهم أحد عيناً من المثقفين في حين المقارعة ، ويؤمنون بأن مايقدمونه حجراً على الإبداع ، وأنه ينسجم في جوهره مع ماتتطلبه الأمة في المرحلة القادمة ، وقد أُقحِموا بهذا الهاجس في مستنقع آسن ، لايستنكفون من الإنغماس فيه لتعميق سوء الفهم وسوء التقدير لديهم ، ومع هذا الشعور النشاز .. فهم إذا عجز الكلام المستوحى من وحل أفكارهم عن تقديم مايعزز مواقفهم ، فلابد لهم من فعل مؤثر يلجمون به من يقارعهم ، والأغرب أن هؤلاء : انما ( يغردون خارج السرب ) ، ومن يحاول إقناعهم فهو ( كمن يحرث في البحر ) ، إذ لايمكن زحزحة معتقد موروث .. يعتبره البعض جزءً من شرفه لايمكن التفريط فيه ، وقد يستشهد وبقناعة بقول شوقي :
قف عند رأيك في الحياة مجاهداً ** إن الحياة عقيدة وجهاد
ورغم أنه ليس بمقدورهم تخطئة ماكان صواباً ؛ إلا أنهم يستطيعون اضطهاد وجهة النظر السليمة لبعض الوقت ، وهذا يجعل المدافع عنها يجافي التقيد بالعقلانية ورباطة الجأش ، وهذا يقع فيه أكثر الناس حلماً … لأن الإصرار على التمترس خلف قناعات زائفة ؛ يستحث النوازع الهجومية مما يجعل ردة الفعل قد تكون أكبر من اللازم .
أما فيما يتعلق بالموروثات ، فالذي لاسبيل لريب فيه هو إنها لاتمثل الفكر المنطقي لاادعاءً ولا دفاعاً ، وماهي إلا ردود فعلٍ يحددها الموقف ، وتنطلق أسسها من نظام العنتريات الرجعية ، التي لم تقدم لذلك الجيل الذي زرعها فينا ، لتكون إحدى وسائل إثبات الوجود … وليس مهماً معها قناعة المعتنق ، فهو يدرك شذوذها عن الصواب ، ولكنه يؤمن بصواب تعاطي ذلك الشذوذ كمتطلب يفرضه الوضع .
إذا لم يكن الخطاب الأدبي أيها الأخت الفاضلة … مصدره من شخص يجيد التعامل مع خصوصية الكلمة ، ويسخرها بحنكته لتصل سليمة تثمر في المتلقي ، وتنبئ بنشوء ثورة ثقافية تجتث سلوكيات الماضي ، وتكون مفزع القراء ومهوى أفئدتهم ؛ فلاشك بأن هناك خللاً اكتنفها عن جهل ، ممن لم يكن مؤهلاً لإيصالها ، وكأنها ( جوهرة في يد فحام ) ، مما ينعكس أثره سلباً على جيل قادم .. بل على أمة كاملة ابتليت بأنها تحمل بذور فنائها في داخلها.. ولا بديل إلا أن نعود نجتر ثقافة الماضي .. في وقت تتسابق فيه الأمم على تجاوز الزمن والله الموفق .
لقد دار بيني وبين الصحفية منى مخلص عدة حوارات ، وكان من بينها حوار حول قلة الوعي الفكري ، وضعف الخطاب الأدبي ، وكذلك انتفاض البعض على من يخالفهم في أي رأي يتم طرحه من قبلهم ، كما أنهم يجيزون لأنفسهم حق الاعتراض على الآخرين ، وغالباً مايكون ذلك حول الموروثات ، ومن بينها اللهجات المحلية التي أفسدت الذوق على جميع الأصعدة ، وكان من بين ردودي عليها هذا الذي أضعه بين أيديكم ، وقمت بطرحه هنا لإطلاع من قبلكم فقط ، ويؤسفني أنني لم أحتفظ بنسخة من طرح الأخت الفاضلة " فالمعذرة " والله الموفق .
أختي الفاضلة منى مخلص سلمها الله
أشكر لك اسهامك بأسلوبك الأدبي الراقي ، والذي لاتنقصه الشفافية ولا المصداقية ولا عمق النظرة ، كما يطال الشكر دقة استخلاصك للنقاط التي تعتبر بؤر العطب ، وأشكر لك مرورك على كل المواضيع التي اطرحها ، والتعليق عليها بمنطق لايخلو من الإهتمام ويزواج معه بالإسهاب الممتع ، وما ذلك إلا تلطفاً منك وتفضلاً بدعم الأعضاء وبث روح الحماس فيهم .
كما وأنك بدأت كتابتك بتجرد جرئ ، وهذا شيء مطمئن ومشجع بوجود الفئة التي لاتعترف بمنطقة الظل من حملة الأقلام أمثالك ، كما وأنك تطرقت إلى المشاركات ، أو المداخلات الحوارية التي لاتحمل في مضامينها إلا القدح بأقسى الألفاظ ، والحقيقة التي لانستطيع انكارها .. هو أن الكثير ممن ينهجون ذلك الأسلوب ؛ إنما هم من بضاعتهم كبضاعة الدجال ، والتي إن أُرغِم على إيضاح مفعولها تحت ضغط أمني ، اعترف بأنها لاتعدو كونها تعاويذ وهمية لايدعمها شرع ولا منطق ، وإن هاجمه شخص مستبضع لما يسوقه من الأوهام بحجة عدم فاعليتها ؛ انبرى له بتمتمات لاتباعد ماتحويه أوراقه وطلاسمه ، إذ لايفهما المتلقي ولايستطيع الكاهن تقديم غيرهاعن تعمدٍ وإصرار .. أو من باب ( خذوهم بالصوت لايغلبوكم ) .
وكما ذهبت أختي العزيزة بأن صمودنا ، ليس إلا نتاج قناعة ضمنية بالتعصب للرأي مهما جانب الصواب ، وأفقد المتلقي الفائدة إن كان ممن يطلبونها ، وإما أن يضعنا في موقفٍ لاتخطئنا فيه أصابع الإتهام .. في إشارة منها على تخلفنا وضيق أفقنا ومداركنا ، وهذه مسلمة لانقاش فيها .
والأدهى في ذلك أن أولئك الذين يدعون المعرفة .. إما جهلاً وإما غروراً فإنهم أحد عيناً من المثقفين في حين المقارعة ، ويؤمنون بأن مايقدمونه حجراً على الإبداع ، وأنه ينسجم في جوهره مع ماتتطلبه الأمة في المرحلة القادمة ، وقد أُقحِموا بهذا الهاجس في مستنقع آسن ، لايستنكفون من الإنغماس فيه لتعميق سوء الفهم وسوء التقدير لديهم ، ومع هذا الشعور النشاز .. فهم إذا عجز الكلام المستوحى من وحل أفكارهم عن تقديم مايعزز مواقفهم ، فلابد لهم من فعل مؤثر يلجمون به من يقارعهم ، والأغرب أن هؤلاء : انما ( يغردون خارج السرب ) ، ومن يحاول إقناعهم فهو ( كمن يحرث في البحر ) ، إذ لايمكن زحزحة معتقد موروث .. يعتبره البعض جزءً من شرفه لايمكن التفريط فيه ، وقد يستشهد وبقناعة بقول شوقي :
قف عند رأيك في الحياة مجاهداً ** إن الحياة عقيدة وجهاد
ورغم أنه ليس بمقدورهم تخطئة ماكان صواباً ؛ إلا أنهم يستطيعون اضطهاد وجهة النظر السليمة لبعض الوقت ، وهذا يجعل المدافع عنها يجافي التقيد بالعقلانية ورباطة الجأش ، وهذا يقع فيه أكثر الناس حلماً … لأن الإصرار على التمترس خلف قناعات زائفة ؛ يستحث النوازع الهجومية مما يجعل ردة الفعل قد تكون أكبر من اللازم .
أما فيما يتعلق بالموروثات ، فالذي لاسبيل لريب فيه هو إنها لاتمثل الفكر المنطقي لاادعاءً ولا دفاعاً ، وماهي إلا ردود فعلٍ يحددها الموقف ، وتنطلق أسسها من نظام العنتريات الرجعية ، التي لم تقدم لذلك الجيل الذي زرعها فينا ، لتكون إحدى وسائل إثبات الوجود … وليس مهماً معها قناعة المعتنق ، فهو يدرك شذوذها عن الصواب ، ولكنه يؤمن بصواب تعاطي ذلك الشذوذ كمتطلب يفرضه الوضع .
إذا لم يكن الخطاب الأدبي أيها الأخت الفاضلة … مصدره من شخص يجيد التعامل مع خصوصية الكلمة ، ويسخرها بحنكته لتصل سليمة تثمر في المتلقي ، وتنبئ بنشوء ثورة ثقافية تجتث سلوكيات الماضي ، وتكون مفزع القراء ومهوى أفئدتهم ؛ فلاشك بأن هناك خللاً اكتنفها عن جهل ، ممن لم يكن مؤهلاً لإيصالها ، وكأنها ( جوهرة في يد فحام ) ، مما ينعكس أثره سلباً على جيل قادم .. بل على أمة كاملة ابتليت بأنها تحمل بذور فنائها في داخلها.. ولا بديل إلا أن نعود نجتر ثقافة الماضي .. في وقت تتسابق فيه الأمم على تجاوز الزمن والله الموفق .
تعليق