كثيرًا ما كان والدي - متعه الله بالصحة والعافية - يحذرني من ذي الوجهين..
و لازلت أذكر ذلك اليوم الذي أمطرني فيه بجملة من النصائح .. لا.. بل بجملة من الدرر التي اكتسبها على مدى أكثر من نصف قرن فأهدانيها على طبق من ذهب..

ومما قاله لي في ذلك اليوم يا بني إن جاءك ذو الوجهين فاعمل المستحيل على أن تسلبه أحد وجهيه وألا تجعله يغادر من عندك إلاّ بوجه واحد...).

ومرت السنون.. وقابلت كثيرًا مما حذرني منهم والدي وما كنت عاقاً حتى أدعهم ينصرفون من عندي دونما أبذل وسعي لأسلبهم ولو الحد الأدنى مما أوصاني به ..

لكن سامح الله والدي فقد حذرني من ذي الوجهين ونسي أن يحذرني من أصحاب الوجوه المتعددة.. ومع ذلك فلعلي ألتمس له العذر فربما لم يكن في زمانه غير هذا الصنف الذي حذرني منه .. أما الصنف الثاني فلربما أنه لم يظهر إلاّ في زمني ومَنْ في عمري..

أواه يا أبي لو تعلم مقدار ما يعانيه ابنك من متعددي الوجوه .. لو علمت يا أبي - فداك نفسي وولدي- لنسيت ما فعلت بك السنوات ولانتفضت كعهدي بك لتمنحني طوق النجاة..ولتهديني العلاج الناجع الذي أستطيع به مداواة هؤلاء ..

الســـــــــــــــــــــوادي