الزفر هذا يطلعه قلبي له أسباب
أكثر الشعراء من استخدام كلمة [[ الــــزفر ]] في أشعارهم حتى أننا لانكاد نجد شـــاعراً منهم لم يزفر ولم يقل قصيدة أو أكثر تصور لنا مدى ألمه ومعاناته التي تخرج زفراته كالنار الملتهبة من جوفه ولكل منهم اسبابه كما وضحها [ علي دغسان ] ــ رحمه الله ــ حين هتف قائلاً :
الزفر هذا يطلعه قلبي له أسباب
وقبل أن تكوينا زفرات شعراءنا وتصطلي مشاعرنا بأنفاسهم المتقدة فلا نحتمل مثلهم ولا نصبر صبرهم دعونا نرحل عبر قواميس اللغة وعبر قصائدهم وأشعارهم لنقف على معنى الزفـر وأبعاده نستجلي كنهه ونقتفي أثره لعلنا نعرف بعض أسبابه
في المنجد والوسيط والمحيط والعين
زفر الزفر الزفير والفعل يزفر وهو أن يملأ صدره غما ثم يزفر
زَفَرَ زفراً وزفيراً : صــوت توقد النــار ، والرجــل أخرج نَفَسه الممــدود ، وجــور الحِـمل
الزفرة : التنفس مع مـدّ النفس الحــار تشبيهاً له بزفير النــار
الزافرة :القوس لزفيرها
زافرة الرجل : عشيرته وأنصــاره لأنهم يزفرون عنه
وجمع الزافرة زوافر وتعني : الكــاهل ، السيد الكبير ، خشب توضع عليه الأسقف وكروم العنب ، الضــلوع ، وزوافر المجــد أعمدته
ويقال للجمل الضخم زفر والأسد زفر والرجل الشجاع زفر والرجل الجواد زفر
وهناك فروق بين الزفر والأنين والآه
فالأنين
أنّ أن الرجل يئن أنينا أنن أنن أن الرجل من الوجع يئن أنينا وقيل الأننة الكثير الكلام والبث والشكوى
أمــــا الآه
أه كلمة تقال عند التوجع وقد تقال عند الإشفاق وكل كلام يدل على حزن تأوه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولقد سبق [ الشـنفرى ] شعراءنا إذ قال وهو يصف أحد أصحابه :
ثلاثــة أصحـــاب فـؤاد مشـــيع *** وأبيض إصليت وصفراء عيطل
هتوف من الملس المتون يزينها *** رصائع قد نيطت إليها ومحــمل
إذا زلّ عنهــا السهم حنـّت كأنها *** مرزأة ثكـلـى تــرن وتعـــــــول
فهــو يشـبِّـه زفير القوس إذا خرج عنها السهم بالثكلى التي فقدت وليدها
أمَّــا أحمد بن جبران فقد كان زفره لأن روحه كانت كـأن السيوف والجنابى تقطعهاإربـــا وكانت حالته أشبه بحال عنترة والرماح تتهاوى عليه والسيوف تقطر من دمه حين قال
ولقد ذكرتك والرماح نواهل *** مني وبيض الهند تقطر من دمي
ازفر وكنّ الروح بسيوف تـّلهما
وإلا مصـــقـول الجـــــــنابــــــا
والدمع من بين الرماش اخفى كحالي
يا محـــمد ليـتـنـي امــــــــــــــــــوت
لكـنّ مالي بالقــدر حتى ابصر اخــي
إنه العشـق القاتل بسيوفه أو جنابيه وقد تمنى الموت ولكن بعــد لقاء مودة ومحبة يكون ثمناً مجزياً لوقع تلك السيوف التي قطعت روحه إلى أجزاء ولكنه وجد من يشاركه رغبة الموت بمرارته ونتيجته الحتميه وشريك المشاعرهو علي بن أحمد الزهراني فهناك روح تلهما ، وهنا نفس تقتل، موت هناك وقتل هنا ، والزفر واحد ومع ذلك لم ينسى أحمـد وهو تحت رحمة الموت من الدعاء على من يؤذي صاحبه أن يذوق طعم الطعن حتى يمتنع عن الأذية
زفرت زفره قلت منها تالمر باقتل
وتلا زفـــري قلــــــو تـــــــــــم
يالجـادل اللي مامعي فيه الحَيالي
وان تعــذقنــا بـه اعـــــــــــذاق
عسى الذي يعضاك منا ذاق طعنا
ومازالوا جميعا تحت جور ووطأت ومخاطر الموت فهذا
عبد الله بن سعيد الزبير يشتكي لوعته التي جعلته يزفر كأنه المنيمس التي يخرج من فمها الحمم والموت الزؤام المحتوم فينبجس الدم من ضربها ويصاب الجميع بالرهبة والسكون
ازفر زفير منيمس تحتمّ ريض
والـــــدم من ضربه مشــاغيل
في مدة الاخوان يوم الحرب عالساس
كل عاصي يلمعونه
كل سكن من هيبته ومجارب له
أما محمد بن حسن المالحي
فكانت زفرته أقوى وأكبر وأعم وأشمل كان زفره ثورة ممزوجة بالدموع والعويل والغضب الذي تشاركه فيه الطبيعة بالرياح والرعد والضباب والمطر والسيول والسرى والظلام
ازفر زفير الرعد في منصد رياح
وزفــــا ســـيل ورى ســــــــــــيل
من نـاويــــاً ناضت بروقه والدّيانا
يوم ســــرّى الله بغِيــــــــــــــــرِي
ولا مضى من كل وادي هيل مثله
تنوعت الأسباب والزفر واحد ولكن كيف يشـابه الزفر صوت الرعد عند المالحي وصوت المنيمس عند الزبير مع أن الزفر عبارة عن خروج الهواء الشديد من الصدر فيما يشبه الهمس ..؟؟ كيف تحول هذا النفس الهامس إلى أصوات قوية هادرة عنيفة ..؟؟ يسمع بها الكثير وتسمعها الجبال فتردد صداها وتتلقفها الوديان فيغدو الألم أغنية للحزن .
وكيف يصــبح للموت صوت عند الزهرانِـيـَيـَنْ جبـــران وعلي ..؟؟ الموت له حشرجة وله انتزاع وله رهبة وأي رهبه إنها رهبة ورعب الفراق الأخير إنه الحقيقة التي يرفضها الجميع بدون استثناء وعلى رأسهم أهل الحجــا
غير أن [ طويش ] كانت زفرته تهز الجبال العالية وتهدم الأرض وقبل ذلك قد عاث هذا الزفر فساداً في أعماقه حـرّقَ الصدر والقلب والرئتين والكبد حتى أنّ من قال :
ولي كبد مقروحة من يبيعني بهــ***ــا كبداً ليست بذات قروح
قد كان في حال أحسن من حال طويش فالكبد المقروحة ربما يفيد فيها العلاج أما الكبد التي تعرضت لنيران الزفر إلى درجة القلي فلا اعتقد أنه تبقى امل في عودتها إلى حالتها الطبيعية
زفرت زفره زاع منها كل قله
واغدت ارض الله تهديم
زفرا غليظا حرق انعاشي وقلبي
وقلى اكبادي قلاها
واصيح من جور الغشيشه واقل :أوه اوه
وهل لي في هذه الحالة أن انوه بجمال خاتمة القصيدة وصوت الألم مازال يطرق مسمعي وطويش يصرخ من شدة الألم
{ أوه اوه ]
أي أه وأي زفــر أخرجته الغشيشــه وقد فعلت فعائلها ..؟؟
وقد مزجت الصراخ بالزفير وحرّقت الجوف بما يحويه والصدر وما فيه ومع ذلك تلطفت وأبقت للألم مخرجاً فاختلط فيه حابل الصوت بنابل الزفر بالأهات
ولنترك أهات وصرخات وزفرات طويشلا لأننا قساة قلوب ولكن لأنه ليس باليد حيله فالعين بصيرة واليد قصيرة ولنرى حالة أخرى إنها حالة ...........
مسفر بن حامد الدوسي
صاحب الزفر المدمر ولننتظر أحد من دوس بعد أن يقرأ الخبر فلربما طمأننا
لأنّ زفر[ مسفر ] قد أقتلع جبل دوس اليماني ولعله يقصد الجبل المسمى [ ظهر الغدا ] وزاع أراضي الكناني والعامري والسلمي وكل التهم وهذه الزفرة [ الزلزال ] كان سببها هو من [ جلى الثـمان ]
ويالها من ثمانٍ ناصعة البياض شديدة الوقع ليس لها مثيل في قوة التأثير جعلت الدوسي يعيد ويكرر بالتأكيد اللفظي كلمة [ زاعــت ] ليبين ما وصل إليه حاله من كرب وعناء وشقاء
يازفرتي زاعت جبل دوس اليماني
عالذي جلى الثماني
وزاعت ارض العامري وارض الكناني
حب مالصاحب دوا لي
وزاعت ارض السلمي والتهم كله
والشجر عشر وهله
وزاعت ارض السلمي وجبال السراحين
من سبه قراحين
وزاعت ارض المالكي والحارثيه
ماغربت شمس وفيه
للي رعت حالي وراح القلب بيحان
أما علي دغسان
فهو لا يريد لزفره أن يتوقف بل ويحــث قلبه على الاستمرار في الزفر حتى يحس بلهيب زفره ويسمعه كل العرب ، ليس ذلك فقط وإنما ليصل أثره إلى الشام واليمن فيزوعهما وينقلهما من مكانيهما بقوته وغلظته وشراسته ويبقى مفعوله مستمراً حتى ولو مزق الصدروربما تهدا الأمور عند اللقاء
ياقلبي ازفر ومت الزفر متـانا
حتى ويوحونك العربان وحي اتي
ليته يزوع اهل شاما واليمن ليته
زفرا غليظا يفض الصدر نتواجه
ولأني كنت أظن أن أسبابهم كانت حالة مرضية عامه فقد مررت ببعض شعراء الفصحى فكان لكل منهم زفره وخبره وأسبابه
فهذاابن الخياط:
يلـوّح من بعيد وهو يردد عندي من الزفرات مايكفيني
أمُعذِبي بالنارِ سَلْ بجوانِحِي ... عنِدِي من الزَّفَراتِ ما يكفيني
لا تَبْغِ إحراقِي فإنَّ مدامِعِي ... تُغْرِي بنارِكَ ماءَها فيَقَيني
أما بشار بن برد:
فقد اقتربت منه وهو يقطع إحدى الطرقات وهو يهتدي بعصاة في يمينه ويحدث نفسه قائلاًَ
تقطع قلبي زفرةً بعد زفرةٍ ... عليها وما صبري على الزفرات؟
وأحجب زواري اغتباطاً بخلوةٍ ... وما كنت أهوى قبلها خلواتي
وسألت كجاشم محمود بن ياسين عن خبر أهل الزفر فقال :
أَذَابَتْ قلبَهُ الزّفرهْ ... وأَدْمَتْ خدّه العَبرَهْ
وهَلْ يطمعُ في الصّبرِ ... عميدٌ باعَهُ صبرَهْ
وكنت أظن الشريف الرضي سيغالط وتأخذه عزة علية القوم بالإثم لكنه ابتدرني:
خضعت لك الاعداءَ يوم لقيتها ... جلداً تجرد للمصاب عزاءَ
وتمطت الزفرات حتى قوَّمت ... ضلعاً على اضغانها عوجاءَ
ثــــم ســألني :
هل يبلغهم نضوب مدامعي ... و فناء قلبي بعدهم حسرات ..؟؟
ريح من الزفرات تعصف في الحشا ... و ورائها مطر من العبرات
فلما ترددت في إجابته إذ بمحمد بن عبدالله بن سالم المعولي يشير إلي بالإنصــات:
أبيتُ أردّدُ الزفراتِ شوقاً ... و قلبي من نواهم في التهابِ
إليهم منهمُ و لهم عليهم ... فمالي من سواهم من طلابِ
غير أن أبو الطيب أحمــد المتنبي وقد هــدّه الترحال والعيس والبيداء وزجر الحدات وتعاقب الأحداث
لا يلبث أن يمزج الكبرياء بزفرة غالبت وقع خطوات الزمن ووقع طموح قاده إلى ثمار الموت
يستاق عيسهم أنيني خلفها ... تتوهم الزفراتِ زجرَ حداتها
وكأنها شجر بدت لكنها ... شجر حنيت الموت من ثمراتها
أكثر الشعراء من استخدام كلمة [[ الــــزفر ]] في أشعارهم حتى أننا لانكاد نجد شـــاعراً منهم لم يزفر ولم يقل قصيدة أو أكثر تصور لنا مدى ألمه ومعاناته التي تخرج زفراته كالنار الملتهبة من جوفه ولكل منهم اسبابه كما وضحها [ علي دغسان ] ــ رحمه الله ــ حين هتف قائلاً :
الزفر هذا يطلعه قلبي له أسباب
وقبل أن تكوينا زفرات شعراءنا وتصطلي مشاعرنا بأنفاسهم المتقدة فلا نحتمل مثلهم ولا نصبر صبرهم دعونا نرحل عبر قواميس اللغة وعبر قصائدهم وأشعارهم لنقف على معنى الزفـر وأبعاده نستجلي كنهه ونقتفي أثره لعلنا نعرف بعض أسبابه
في المنجد والوسيط والمحيط والعين
زفر الزفر الزفير والفعل يزفر وهو أن يملأ صدره غما ثم يزفر
زَفَرَ زفراً وزفيراً : صــوت توقد النــار ، والرجــل أخرج نَفَسه الممــدود ، وجــور الحِـمل
الزفرة : التنفس مع مـدّ النفس الحــار تشبيهاً له بزفير النــار
الزافرة :القوس لزفيرها
زافرة الرجل : عشيرته وأنصــاره لأنهم يزفرون عنه
وجمع الزافرة زوافر وتعني : الكــاهل ، السيد الكبير ، خشب توضع عليه الأسقف وكروم العنب ، الضــلوع ، وزوافر المجــد أعمدته
ويقال للجمل الضخم زفر والأسد زفر والرجل الشجاع زفر والرجل الجواد زفر
وهناك فروق بين الزفر والأنين والآه
فالأنين
أنّ أن الرجل يئن أنينا أنن أنن أن الرجل من الوجع يئن أنينا وقيل الأننة الكثير الكلام والبث والشكوى
أمــــا الآه
أه كلمة تقال عند التوجع وقد تقال عند الإشفاق وكل كلام يدل على حزن تأوه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولقد سبق [ الشـنفرى ] شعراءنا إذ قال وهو يصف أحد أصحابه :
ثلاثــة أصحـــاب فـؤاد مشـــيع *** وأبيض إصليت وصفراء عيطل
هتوف من الملس المتون يزينها *** رصائع قد نيطت إليها ومحــمل
إذا زلّ عنهــا السهم حنـّت كأنها *** مرزأة ثكـلـى تــرن وتعـــــــول
فهــو يشـبِّـه زفير القوس إذا خرج عنها السهم بالثكلى التي فقدت وليدها
أمَّــا أحمد بن جبران فقد كان زفره لأن روحه كانت كـأن السيوف والجنابى تقطعهاإربـــا وكانت حالته أشبه بحال عنترة والرماح تتهاوى عليه والسيوف تقطر من دمه حين قال
ولقد ذكرتك والرماح نواهل *** مني وبيض الهند تقطر من دمي
ازفر وكنّ الروح بسيوف تـّلهما
وإلا مصـــقـول الجـــــــنابــــــا
والدمع من بين الرماش اخفى كحالي
يا محـــمد ليـتـنـي امــــــــــــــــــوت
لكـنّ مالي بالقــدر حتى ابصر اخــي
إنه العشـق القاتل بسيوفه أو جنابيه وقد تمنى الموت ولكن بعــد لقاء مودة ومحبة يكون ثمناً مجزياً لوقع تلك السيوف التي قطعت روحه إلى أجزاء ولكنه وجد من يشاركه رغبة الموت بمرارته ونتيجته الحتميه وشريك المشاعرهو علي بن أحمد الزهراني فهناك روح تلهما ، وهنا نفس تقتل، موت هناك وقتل هنا ، والزفر واحد ومع ذلك لم ينسى أحمـد وهو تحت رحمة الموت من الدعاء على من يؤذي صاحبه أن يذوق طعم الطعن حتى يمتنع عن الأذية
زفرت زفره قلت منها تالمر باقتل
وتلا زفـــري قلــــــو تـــــــــــم
يالجـادل اللي مامعي فيه الحَيالي
وان تعــذقنــا بـه اعـــــــــــذاق
عسى الذي يعضاك منا ذاق طعنا
ومازالوا جميعا تحت جور ووطأت ومخاطر الموت فهذا
عبد الله بن سعيد الزبير يشتكي لوعته التي جعلته يزفر كأنه المنيمس التي يخرج من فمها الحمم والموت الزؤام المحتوم فينبجس الدم من ضربها ويصاب الجميع بالرهبة والسكون
ازفر زفير منيمس تحتمّ ريض
والـــــدم من ضربه مشــاغيل
في مدة الاخوان يوم الحرب عالساس
كل عاصي يلمعونه
كل سكن من هيبته ومجارب له
أما محمد بن حسن المالحي
فكانت زفرته أقوى وأكبر وأعم وأشمل كان زفره ثورة ممزوجة بالدموع والعويل والغضب الذي تشاركه فيه الطبيعة بالرياح والرعد والضباب والمطر والسيول والسرى والظلام
ازفر زفير الرعد في منصد رياح
وزفــــا ســـيل ورى ســــــــــــيل
من نـاويــــاً ناضت بروقه والدّيانا
يوم ســــرّى الله بغِيــــــــــــــــرِي
ولا مضى من كل وادي هيل مثله
تنوعت الأسباب والزفر واحد ولكن كيف يشـابه الزفر صوت الرعد عند المالحي وصوت المنيمس عند الزبير مع أن الزفر عبارة عن خروج الهواء الشديد من الصدر فيما يشبه الهمس ..؟؟ كيف تحول هذا النفس الهامس إلى أصوات قوية هادرة عنيفة ..؟؟ يسمع بها الكثير وتسمعها الجبال فتردد صداها وتتلقفها الوديان فيغدو الألم أغنية للحزن .
وكيف يصــبح للموت صوت عند الزهرانِـيـَيـَنْ جبـــران وعلي ..؟؟ الموت له حشرجة وله انتزاع وله رهبة وأي رهبه إنها رهبة ورعب الفراق الأخير إنه الحقيقة التي يرفضها الجميع بدون استثناء وعلى رأسهم أهل الحجــا
غير أن [ طويش ] كانت زفرته تهز الجبال العالية وتهدم الأرض وقبل ذلك قد عاث هذا الزفر فساداً في أعماقه حـرّقَ الصدر والقلب والرئتين والكبد حتى أنّ من قال :
ولي كبد مقروحة من يبيعني بهــ***ــا كبداً ليست بذات قروح
قد كان في حال أحسن من حال طويش فالكبد المقروحة ربما يفيد فيها العلاج أما الكبد التي تعرضت لنيران الزفر إلى درجة القلي فلا اعتقد أنه تبقى امل في عودتها إلى حالتها الطبيعية
زفرت زفره زاع منها كل قله
واغدت ارض الله تهديم
زفرا غليظا حرق انعاشي وقلبي
وقلى اكبادي قلاها
واصيح من جور الغشيشه واقل :أوه اوه
وهل لي في هذه الحالة أن انوه بجمال خاتمة القصيدة وصوت الألم مازال يطرق مسمعي وطويش يصرخ من شدة الألم
{ أوه اوه ]
أي أه وأي زفــر أخرجته الغشيشــه وقد فعلت فعائلها ..؟؟
وقد مزجت الصراخ بالزفير وحرّقت الجوف بما يحويه والصدر وما فيه ومع ذلك تلطفت وأبقت للألم مخرجاً فاختلط فيه حابل الصوت بنابل الزفر بالأهات
ولنترك أهات وصرخات وزفرات طويشلا لأننا قساة قلوب ولكن لأنه ليس باليد حيله فالعين بصيرة واليد قصيرة ولنرى حالة أخرى إنها حالة ...........
مسفر بن حامد الدوسي
صاحب الزفر المدمر ولننتظر أحد من دوس بعد أن يقرأ الخبر فلربما طمأننا
لأنّ زفر[ مسفر ] قد أقتلع جبل دوس اليماني ولعله يقصد الجبل المسمى [ ظهر الغدا ] وزاع أراضي الكناني والعامري والسلمي وكل التهم وهذه الزفرة [ الزلزال ] كان سببها هو من [ جلى الثـمان ]
ويالها من ثمانٍ ناصعة البياض شديدة الوقع ليس لها مثيل في قوة التأثير جعلت الدوسي يعيد ويكرر بالتأكيد اللفظي كلمة [ زاعــت ] ليبين ما وصل إليه حاله من كرب وعناء وشقاء
يازفرتي زاعت جبل دوس اليماني
عالذي جلى الثماني
وزاعت ارض العامري وارض الكناني
حب مالصاحب دوا لي
وزاعت ارض السلمي والتهم كله
والشجر عشر وهله
وزاعت ارض السلمي وجبال السراحين
من سبه قراحين
وزاعت ارض المالكي والحارثيه
ماغربت شمس وفيه
للي رعت حالي وراح القلب بيحان
أما علي دغسان
فهو لا يريد لزفره أن يتوقف بل ويحــث قلبه على الاستمرار في الزفر حتى يحس بلهيب زفره ويسمعه كل العرب ، ليس ذلك فقط وإنما ليصل أثره إلى الشام واليمن فيزوعهما وينقلهما من مكانيهما بقوته وغلظته وشراسته ويبقى مفعوله مستمراً حتى ولو مزق الصدروربما تهدا الأمور عند اللقاء
ياقلبي ازفر ومت الزفر متـانا
حتى ويوحونك العربان وحي اتي
ليته يزوع اهل شاما واليمن ليته
زفرا غليظا يفض الصدر نتواجه
ولأني كنت أظن أن أسبابهم كانت حالة مرضية عامه فقد مررت ببعض شعراء الفصحى فكان لكل منهم زفره وخبره وأسبابه
فهذاابن الخياط:
يلـوّح من بعيد وهو يردد عندي من الزفرات مايكفيني
أمُعذِبي بالنارِ سَلْ بجوانِحِي ... عنِدِي من الزَّفَراتِ ما يكفيني
لا تَبْغِ إحراقِي فإنَّ مدامِعِي ... تُغْرِي بنارِكَ ماءَها فيَقَيني
أما بشار بن برد:
فقد اقتربت منه وهو يقطع إحدى الطرقات وهو يهتدي بعصاة في يمينه ويحدث نفسه قائلاًَ
تقطع قلبي زفرةً بعد زفرةٍ ... عليها وما صبري على الزفرات؟
وأحجب زواري اغتباطاً بخلوةٍ ... وما كنت أهوى قبلها خلواتي
وسألت كجاشم محمود بن ياسين عن خبر أهل الزفر فقال :
أَذَابَتْ قلبَهُ الزّفرهْ ... وأَدْمَتْ خدّه العَبرَهْ
وهَلْ يطمعُ في الصّبرِ ... عميدٌ باعَهُ صبرَهْ
وكنت أظن الشريف الرضي سيغالط وتأخذه عزة علية القوم بالإثم لكنه ابتدرني:
خضعت لك الاعداءَ يوم لقيتها ... جلداً تجرد للمصاب عزاءَ
وتمطت الزفرات حتى قوَّمت ... ضلعاً على اضغانها عوجاءَ
ثــــم ســألني :
هل يبلغهم نضوب مدامعي ... و فناء قلبي بعدهم حسرات ..؟؟
ريح من الزفرات تعصف في الحشا ... و ورائها مطر من العبرات
فلما ترددت في إجابته إذ بمحمد بن عبدالله بن سالم المعولي يشير إلي بالإنصــات:
أبيتُ أردّدُ الزفراتِ شوقاً ... و قلبي من نواهم في التهابِ
إليهم منهمُ و لهم عليهم ... فمالي من سواهم من طلابِ
غير أن أبو الطيب أحمــد المتنبي وقد هــدّه الترحال والعيس والبيداء وزجر الحدات وتعاقب الأحداث
لا يلبث أن يمزج الكبرياء بزفرة غالبت وقع خطوات الزمن ووقع طموح قاده إلى ثمار الموت
يستاق عيسهم أنيني خلفها ... تتوهم الزفراتِ زجرَ حداتها
وكأنها شجر بدت لكنها ... شجر حنيت الموت من ثمراتها
تعليق