Unconfigured Ad Widget

Collapse

طلقها

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • أبو جمل
    عضو مشارك
    • May 2002
    • 198

    طلقها

    - طلقها !

    - لكم أكره هذه الكلمة ، لكم أمقتها و أنفر من ذكرها ، لكم حطمت بشرا و و شتت أسرا .

    أذكر جيدا يا أبي أنك اخترتها لي و أنك آثرتها من بين كثيرات بل و قد انتزعتها لي بمؤامرة من أحد خطابها ، فكبف تدعوني الى طلاقها يا أبي ؟

    أطلق من ملأت حياتي بهجة ؟ بأي ذنب ؟ بأي منطق ؟ و ما شأني ببقاء السلالة طالما أنا سعيد ببقائي ؟!

    " على أي حال له قضيته ، لعله يراها عادلة فيتشبث برأيه و يلح بطلبها و يلحف بالرجاء ليحققها ، عدالته هي عدالة المصلحة العليا ، مصلحة السلالة - مع أني لا أظنها سلالة فريدة من نوعها- هي لا شك غريزة عمياء يسمونها غريزة بقاء النوع ؛ أما عدالتي و للغرابة هو غارسها ؛ فهي مقابلة الود بالود ، و الاحسان بالاحسان ، و الوداعة بالرقة ، و الاخلاص بالرعاية ، و العطاء بالسخاء . "

    طلقها ، يكررها كلما طلب الخلوة بي و ما أكثر ما يطلب الخلوة بي ليقول لي طلقها !

    - طلقها .. طلقها .. طلقها .. لقد أعطاك الشرع هذا الحق فاستثمره .

    فطوم ابنة خالك تبين أنها مصابة بالعجز الكلوي ، أفتى شيخ لزوجها بالطلاق فطلقها و هي لا زالت عروسا ؛ سليمة حفيدة ابن عمي سليمان ، أصيبت بحالة اكتئاب اثر حمل لم يستقر ، فأفتى شيخ بجواز طلاقها فطلقها ,

    كل الناس يطلقون الا أنت ؟!

    - " أهي سلعة ، يمكن اعادتها لبائعها أنى نشاء ؟ يا أبي؟! "

    - طلقها .. طلقها .. طلقها ..

    ضجيج هذه الكلمة الكريهة يصم أذنيّ .

    زوجة أبي مستعدة للبحث عن غيرها في الحال !

    " حذاء يمكن استبداله أنّى نشاء ؟!.".

    و لكنك لم تنجبي بدورك يا زوجة أبي ، لم لم يطلقك أبي يا زوجة أبي ؟

    عمتي تقترح أن أتزوج من أخرى على أن أبقيها بذمتي فلا أكون ظلمتها !

    و لكنك اكتويت بمرارة الضرّ يا عمتي ...

    أعمامي لاذوا بالصمت ، لقد أنجبوا بناتا فلا يحق لهم و الحال كذلك الحديث عن بقاء السلالة !





    مضت عشر سنوات أو تزيد ، مائة و عشرون شهرا أو تزيد ، أربعة آلاف يوم بلياليها و لم أفرحك بطفل يا زهير

    اني أشعر بمعاناتك يا زهير

    أشعر بقلبك الرقيق يكتوي بمرارة الصراع

    أشعر بضرباته القوية في مجابهة الضغوط

    أشعر بحبك الكبير لأبيك و ببرك بأبيك و رغبتك الصادقة بطاعة أبيك

    و كذا أشعر بحزنك لانتقاصك من برّه و طاعته من أجلي .

    كم بودي دعوتك اليها تلكم الكلمة البغيضة فأعفيك من ألم النفس و عذاب الضمير ، و أريح والدك و كل أؤلئك الذين التفوا من حوله يتحسرون على سلالة أصبحت وشيكة الانقراض .

    كم بودي دعوتك اليها و لكن الموت أهون علي منها يا زهير

    فأنا لا أشعر بالحياة الا بين ذراعيك و لا بالطمأنينة الا في محيط أنفاسك و لا أستطيب الحركة الا اذا كانت من أجل خدمتك .. أنا .. أنا لا أفهم العالم الا من خلال عينيك .

    فلنحاول ثانية و ثالثة ، فلنحاول للمرة الألف بل للمرة المليون ... قدرتي على الاحتمال لا حدود لها ..

    لقد اعتدت أسرة المشافي و ألفت طعوم الأدواء و روائح العقاقير

    لم تضجرني أحاجي الأطباء السمر منهم أو الشقر ,

    و لم و لن أسأم قط اذ حولوني الى فأر تجارب ..

    ولم و لن أتذمر أبدا من أنابيب تغرس في عروقي و حقن تمتص دمائي و شعاعات تنقب في أحشائي و عّينات تنتزع من نسجي ,

    المهم أن أقدمه لك ذات يوم

    له نفس عينيك الحانيتين

    له نفس قلبك الكبير و نفس صبرك الجميل

    حاملا نفس نبلك ..نفس أخلاقك

    لأجل عينيك يا زهير أحتمل كل الشقاء و كل الألم

    وليس من أجل سلالتك المجيدة


    *********

    - زهير

    لقد احتضنتك أبا و أما حين فقدت الأم ، و رعيتك منذ الثالثة من عمرك ثانية بعد ثانية و تابعت نموك رقما بعد رقم و أنشأتك فكرة اثر فكرة و دفعتك في درب الحياة خطوة بعد خطوة ، حتى جعلتك طبيبا ينحني له الأطباء ، و مع ذلك ترى في حلقي غصة فلا تحاول خلاصي منها.

    أنا أطلب منك حفيدا و حسب يا زهير ، هل كثير عليّ أن يكون لي حفيد يا بني ؟

    طلقها أو تزوج من أخرى فالشرع أحل لك أربعا يا زهير !

    - أبتي

    العلم يتقدم و الطب كذلك يتقدم

    كل يوم كشف جديد

    كل يوم فتح جديد

    كل يوم أمل جديد

    أطفال الأنابيب هل سمعت بهم ؟

    الأرحام المستعارة هل قرأت عنها ؟

    و مع ذلك أنا لا أفكر باستعارة رحم أو استخدام أنبوب ,

    زوجتي ليست عاقرا يا أبي الا أنها كثيرة الاجهاض .

    زوجتي التعيسة يا أبي تعاني من عدو كامن في أحشائها مرصود لاجهاض فرحتها ...

    زوجتي ضحية الآلية الحمقاء و شذوذ الطبيعة ,...

    هل سمعت بمقاومة الجسم الذاتية للمواد الغريبة حتى لو كانت لمنفعته ؟

    هل سمعت بموت من زرعت لهم قلوب أو رئات أو كلى ؟

    جهاز زوجتي المقاوم يخال أجنتها أجساما عدوّة فيفرز حولها سمومه ليقضي عليها قبل اكتمالها ؛ تلك هي المعضلة ؛ فما ذنب زوجتي يا أبي ؟

    اني طوع بنانك في كل أمر يا أبي الا في هذا الأمر فاعذرني أرجوك .


    ********

    بقايا ( أمل ) على سرير أبيض التصق ظهرها به منذ شهور سبعة ...

    شاحبة الوجه ، ذابلة العينين ؛ غرسوا في رقبتها أنبوبا وصل بين وريد رقبتها الأيسر و جهاز تنقية الدماء ، و هي على هذا الحال منذ شهور سبعة ...

    ( زهير ) الى جانبها جامد التعبير ، عودته الشهور السبعة على كآبة المنظر .

    يدخل كبير الأطباء و ثلة ضمت أطباء و ممرضات ؛ يفحصها بدقة ، يبتسم ، يخاطبهما بثقة : " لقد أكمل شهره السابع و هو بصحة جيدة ، قلبه ينبض بقوة ، وضعه في الرحم سليم ، حركته تشير الى نشاط و حيوية ؛ لقد زالت معظم الأخطار . " ثم أكمل موضحا : " الخطر الوحيد المتبقي هو أن يلتهب هذا المكان - و أشار الى نقطة التقاء الانبوب بالرقبة – عندها سنضطر الى سحبه قبل موعده ؛ الا أنه خطر بعيد الاحتمال . " و أضاف و قد ملأت ثغره ابتسامة عريضة : " اني أقول هذا لأؤكد لك بأنك ستصبحين أما و سوف تنعمين بنعمة الأمومة "

    لم تستطع ( أمل ) ضبط نفسها فأجهشت بالبكاء .. بكاء الفرج .. بكاء الفرح .. بكاء الأمل ...

    أما ( زهير ) فقد تهاوى على الأرض فسجد سجدة طويلة ، و اذ احس بابتعاد ملائكة الرحمة زحف نحو السرير فألقى برأسه على صدر زوجته ثم راحا معا في نشيج متناغم .

    كان زهير يسر الى ذاته :- " ستحصدين قمح الصبر يا ( أمل ).... وتذوقين ثمار النصر .. و تنسين ليالي القهر . "

    و كانت ( أمل ) تسر الى ذاتها : " ستحصد قمح الصبر .يا زهير. و تذوق ثمار النصر .. و تنسى ليالي القهر "

    و استمرت تهمس الى ذاتها : " اليوم عادت الي آدميتي .. أنت أعدت الي آدميتي يا زهير .. أنت و كل هؤلاء الأطباء والعلماء و الباحثون .. تضافرتم جميعا لتعيدوا الي آدميتي بعد أن كدت أفقدها .. و سأظل مدينة لكم جميعا الى الأبد ."

    و فجأة رفعت رأسها ، مسحت دموعها ، و بصوت نابض بالحرارة قالت: "زهير قم حالا و اهتف لأبيك و بشّره بالخبر السعيد."



    منقول
    الله أكبر رغم كيد المعتدي
  • الحسام
    عضو نشيط
    • Mar 2002
    • 1555

    #2
    قصه جميله , فيها موعظه ,في التا نى السلا مة

    ان ابغض الحرام عند الله الطلا ق

    سلمت يا ابو الجمل
    لا اله الا الله ....محمد رسول الله

    تعليق

    • الملكي
      عضو مؤسس ومميز
      • May 2001
      • 2947

      #3
      أبو جمل


      مشكور على نقل هذه القصه


      تحياتي لك


      أخوك الملكي
      لسني أحب اللسلسة

      تعليق

      Working...