يفترض ألا تكون ثمة أسباب تدعو القاعدة -إن كان هناك بالفعل جماعة أو تنظيم اسمه القاعدة- إلى محاربة بلجيكا التي تقف من أمريكا وإسرائيل موقفاً معارضاً أقرب إلى العدائية، ولا فرنسا –بالطبع- التي فُجِّرت إحدى ناقلاتها للنفظ قبل شهور، والمتطرفون الإسلاميون يعلمون أن اليهود يقيمون في المغرب منذ ألف سنة على الأقل، ولم يكتشفوا في المغرب اليوم فقط، والسعودية تقف من أمريكا -والحرب الأمريكية على العراق وما تسميه بالإرهاب- موقفاً معارضاً يفترض أن يستدعي تأييد أعضاء القاعدة، أو على الأقل سكوتهم.
في كل العمليات التي نسبت إلى القاعدة في الشهور الأخيرة كان الهدف هو من يقف في وجه أمريكا ويتصدى لها أو لا يؤيدها، السعودية، فرنسا، بلجيكا، إندونيسيا، وكانت السعودية قد رفضت أي مشاركة أمريكية مقترحة في التحقيق في العمليات التي وقعت في الخبر والرياض عام 1996، وقد بدأت الولايات المتحدة تنقل قواعدها العسكرية من السعودية إلى قطر، ومرت العلاقات الأمريكية السعودية الأمريكية بمرحلة من الفتور والأزمة.
والعمليات التي وقعت في الشيشان تستهدف -على الأغلب- شيشانا يعملون في الإدارة المتعاونة مع روسيا، ويفترض ألا يكونوا هدفاً لحركات استقلال وتحرر وطنية، فالسلطة الوطنية الفلسطينية تقوم بما يعد أكبر بكثير من التعاون الشيشاني مع روسيا، بل إنها اعتقلت وقتلت عناصر من حماس وحركات المقاومة، ولكن ذلك لم يكن سبباً كافياً لدى حركات المقاومة لمقاتلة السلطة، أو قتل غير الإسرائيليين وفي فلسطين فقط، ولم تحاول حركات المقاومة الإسلامية والوطنية قتل أو إيذاء الأجانب في فلسطين حتى لو كانوا يؤيدون الاحتلال ويتعاونون معه، لعلمهم أنهم أكثر من يخسر بمثل هذه الأفعال، وفي المقابل فإن إسرائيل لا تفرق في القتل بين حماس والسلطة، فكلهم في نظرها فلسطينيون يجب أن يموتوا، وهو المنطق المتوقع لمدبري انفجارات الشيشان، فهي عمليات تبدو موجهة لكل من هو شيشاني سواء كان مع روسيا أو ضدها.
وكان توقيت عمليات الشيشان والرياض في الوقت الذي يزور فيه (باول) -وزير الخارجية الأمريكي- روسيا والسعودية فيما يرجح استخدام العمليات للضغط والابتزاز.
إن مقتل المقيمين في بلاد العرب والمسلمين يضر أولاً بالمسلمين أنفسهم، ويسيء إليهم أكثر مما هو مضر بالولايات المتحدة والأمريكيين والغربيين إن كان ذلك يضرهم فعلا، ولو أراد أعداء العرب والمسلمين إلحاق الأذى والضرر فلن يجدوا أفضل من اغتيال دبلوماسيين ومقيمين مستأمنين، أجمعت الشرائع -على مدى التاريخ والجغرافيا- على حمايتهم وعدم التعرض لهم بالأذى.
ولا يبدو من هدف تحقق لقتل الأجانب وغير المسلمين سوى استهداف المسلمين وبلادهم وخفر ذمتهم، وإظهارهم بمظهر مَن يفقد الأمن والاحترام وليس من نتيجة أخرى لهذه الأعمال، ولا يمكن أن تكون أكثر من ذلك حتى لو اعتقد الفاعلون أنهم يقاتلون أمريكا والكفار.
بُعد عن المنهج
وإذا كان هؤلاء يظنون أنفسهم يعملون بدوافع دينية أو وطنية أو قومية، فإنها لا يمكن أن تجيز لهم -حتى في أسوأ حالات العداء والحرب- قتل المقيمين وغير المسلمين الذين أمنهم المسلمون، وجاءوا إلى بلادهم بتأشيرة وإذن منهم، وحتى لو كان ثمة مبرر -وليس ثمة مبرر- فهل فكر القاتلون أنفسهم وغيرهم بالعرب والمسلمين الذين يعيشون في بلاد غير إسلامية وهم أكثر ممن يعيش في الدول الإسلامية، والمسافرين إلى دول الغرب للدراسة والعمل والتجارة؟!.
هؤلاء الغلاة لا يدركون كرامة الإنسان وقيمة حياته، مهما كان انتماؤه وبلده التي أكدها الإسلام وأجمعت عليها الأمم والشرائع، ولا يفقهون معنى الجهاد وقتال الأعداء وشروطه وكيفيته!، ولا يدركون حدود التزامهم مع أمتهم ودولها حتى لو اختلفوا معها في الفهم والمواقف، ومهما كانت سعة الاختلاف وحجمه، ولا يعرفون أن مسؤولية عملهم وتبعته ستدفعها بلادهم وشعوبهم، وكل بلاد العرب والمسلمين وشعوبهم في كل مكان.
لا يمكن النظر إلى هذه الأعمال إلا أنها بشعة، وتضر بنا جميعاً، وندفع ثمنها أكثر من غيرنا، وإذا كنا جميعاً نحفظ قصة مقتل سفير مسلم قبل ألف وأربعمائة عام، وكيف أوجب ذلك على المسلمين معركة مع القتلة، فهل سيظل التاريخ يذكر عنا -العرب والمسلمين- أننا قتلنا من أخذ الأمان منا وجاء إلينا بموافقتنا؟ هل يفهم القاتلون أننا سنظل ندفع الثمن مئات وربما آلاف السنين من كرامتنا وأمننا وسمعتنا!؟.
إن أي عمل يحكم عليه بجدواه ومشروعيته، فإن لم يكن مشروعا فلا يحق ارتكابه مهما كانت جدواه، وإن لم يكن مجدياً أو كانت عواقبه وأضراره أكثر من جدواه، فلا يجوز فعله مهما كانت مشروعيته وأخلاقيته، وجريمة قتل الناس تفتقد أي مبرر أخلاقي أو شرعي، ولا يملك فاعلها من ذلك شيئاً، ولا تخدم قضية أي قضية كانت عربية أو إسلامية، وأما ضررها فهو كبير وممتد في الزمان والمكان.
المستفيد الأول
أعلم بالطبع أنني لا أملك معلومات وأدلة كافية تربط الولايات المتحدة بهذه العمليات وغيرها، ولكني أعتقد أن الأسئلة والأفكار التي قدمتها تحوي معلومات وتساؤلات أكثر منطقية وقوة من الأدلة الأمريكية التي استخدمتها في حربها على أفغانستان والعراق.
ويبدو المستفيد وصاحب المصلحة في هذه العمليات هو الولايات المتحدة، فهي التي تريد إرهاب دول العالم وابتزازها وإجبارها على الخضوع لها، وهي التي لها مصلحة في معاقبة السعودية وفرنسا وبلجيكا، وهي القادرة أيضا على اختراق خلايا التطرف والإرهاب، ولعلها هي التي أنشأتها، وظهرت أدلة كثيرة ومعلومات رسمية مصدرها الولايات المتحدة حول دور عملاء الولايات المتحدة في تجنيد وتنظيم كثير من هذه الخلايا.
فكرة اختراق الجماعات والمنظمات بالتطرف ليست جديدة، وهي مجربة وصارت أمراً منتشراً تتحدث عنه الصحف والمذكرات السياسية والاعترافات الرسمية، وليس غريبا -بل هو المرجح- أن تكون المخابرات الأمريكية قد اخترقت تنظيمات ومجموعات ودفعتها إلى عمليات إرهابية، وهذا لا يعفي الجماعات المتطرفة بالطبع، وقد تكون على قدر من الغباء والتعصب يدفعها إلى عدم التمييز، ولكن توقيت العمليات يثير الريبة، فلماذا لم تقم على سبيل المثال عمليات واسعة في أفغانستان، في الوقت الذي كانت عمليات غزو العراق قائمة؟ وهل يمكن أن يصل الغباء والتعصُّب إلى درجة عدم التمييز بين الموقف السعودي والفرنسي والبلجيكي، وبين الموقف الأمريكي؟.
في كل العمليات التي نسبت إلى القاعدة في الشهور الأخيرة كان الهدف هو من يقف في وجه أمريكا ويتصدى لها أو لا يؤيدها، السعودية، فرنسا، بلجيكا، إندونيسيا، وكانت السعودية قد رفضت أي مشاركة أمريكية مقترحة في التحقيق في العمليات التي وقعت في الخبر والرياض عام 1996، وقد بدأت الولايات المتحدة تنقل قواعدها العسكرية من السعودية إلى قطر، ومرت العلاقات الأمريكية السعودية الأمريكية بمرحلة من الفتور والأزمة.
والعمليات التي وقعت في الشيشان تستهدف -على الأغلب- شيشانا يعملون في الإدارة المتعاونة مع روسيا، ويفترض ألا يكونوا هدفاً لحركات استقلال وتحرر وطنية، فالسلطة الوطنية الفلسطينية تقوم بما يعد أكبر بكثير من التعاون الشيشاني مع روسيا، بل إنها اعتقلت وقتلت عناصر من حماس وحركات المقاومة، ولكن ذلك لم يكن سبباً كافياً لدى حركات المقاومة لمقاتلة السلطة، أو قتل غير الإسرائيليين وفي فلسطين فقط، ولم تحاول حركات المقاومة الإسلامية والوطنية قتل أو إيذاء الأجانب في فلسطين حتى لو كانوا يؤيدون الاحتلال ويتعاونون معه، لعلمهم أنهم أكثر من يخسر بمثل هذه الأفعال، وفي المقابل فإن إسرائيل لا تفرق في القتل بين حماس والسلطة، فكلهم في نظرها فلسطينيون يجب أن يموتوا، وهو المنطق المتوقع لمدبري انفجارات الشيشان، فهي عمليات تبدو موجهة لكل من هو شيشاني سواء كان مع روسيا أو ضدها.
وكان توقيت عمليات الشيشان والرياض في الوقت الذي يزور فيه (باول) -وزير الخارجية الأمريكي- روسيا والسعودية فيما يرجح استخدام العمليات للضغط والابتزاز.
إن مقتل المقيمين في بلاد العرب والمسلمين يضر أولاً بالمسلمين أنفسهم، ويسيء إليهم أكثر مما هو مضر بالولايات المتحدة والأمريكيين والغربيين إن كان ذلك يضرهم فعلا، ولو أراد أعداء العرب والمسلمين إلحاق الأذى والضرر فلن يجدوا أفضل من اغتيال دبلوماسيين ومقيمين مستأمنين، أجمعت الشرائع -على مدى التاريخ والجغرافيا- على حمايتهم وعدم التعرض لهم بالأذى.
ولا يبدو من هدف تحقق لقتل الأجانب وغير المسلمين سوى استهداف المسلمين وبلادهم وخفر ذمتهم، وإظهارهم بمظهر مَن يفقد الأمن والاحترام وليس من نتيجة أخرى لهذه الأعمال، ولا يمكن أن تكون أكثر من ذلك حتى لو اعتقد الفاعلون أنهم يقاتلون أمريكا والكفار.
بُعد عن المنهج
وإذا كان هؤلاء يظنون أنفسهم يعملون بدوافع دينية أو وطنية أو قومية، فإنها لا يمكن أن تجيز لهم -حتى في أسوأ حالات العداء والحرب- قتل المقيمين وغير المسلمين الذين أمنهم المسلمون، وجاءوا إلى بلادهم بتأشيرة وإذن منهم، وحتى لو كان ثمة مبرر -وليس ثمة مبرر- فهل فكر القاتلون أنفسهم وغيرهم بالعرب والمسلمين الذين يعيشون في بلاد غير إسلامية وهم أكثر ممن يعيش في الدول الإسلامية، والمسافرين إلى دول الغرب للدراسة والعمل والتجارة؟!.
هؤلاء الغلاة لا يدركون كرامة الإنسان وقيمة حياته، مهما كان انتماؤه وبلده التي أكدها الإسلام وأجمعت عليها الأمم والشرائع، ولا يفقهون معنى الجهاد وقتال الأعداء وشروطه وكيفيته!، ولا يدركون حدود التزامهم مع أمتهم ودولها حتى لو اختلفوا معها في الفهم والمواقف، ومهما كانت سعة الاختلاف وحجمه، ولا يعرفون أن مسؤولية عملهم وتبعته ستدفعها بلادهم وشعوبهم، وكل بلاد العرب والمسلمين وشعوبهم في كل مكان.
لا يمكن النظر إلى هذه الأعمال إلا أنها بشعة، وتضر بنا جميعاً، وندفع ثمنها أكثر من غيرنا، وإذا كنا جميعاً نحفظ قصة مقتل سفير مسلم قبل ألف وأربعمائة عام، وكيف أوجب ذلك على المسلمين معركة مع القتلة، فهل سيظل التاريخ يذكر عنا -العرب والمسلمين- أننا قتلنا من أخذ الأمان منا وجاء إلينا بموافقتنا؟ هل يفهم القاتلون أننا سنظل ندفع الثمن مئات وربما آلاف السنين من كرامتنا وأمننا وسمعتنا!؟.
إن أي عمل يحكم عليه بجدواه ومشروعيته، فإن لم يكن مشروعا فلا يحق ارتكابه مهما كانت جدواه، وإن لم يكن مجدياً أو كانت عواقبه وأضراره أكثر من جدواه، فلا يجوز فعله مهما كانت مشروعيته وأخلاقيته، وجريمة قتل الناس تفتقد أي مبرر أخلاقي أو شرعي، ولا يملك فاعلها من ذلك شيئاً، ولا تخدم قضية أي قضية كانت عربية أو إسلامية، وأما ضررها فهو كبير وممتد في الزمان والمكان.
المستفيد الأول
أعلم بالطبع أنني لا أملك معلومات وأدلة كافية تربط الولايات المتحدة بهذه العمليات وغيرها، ولكني أعتقد أن الأسئلة والأفكار التي قدمتها تحوي معلومات وتساؤلات أكثر منطقية وقوة من الأدلة الأمريكية التي استخدمتها في حربها على أفغانستان والعراق.
ويبدو المستفيد وصاحب المصلحة في هذه العمليات هو الولايات المتحدة، فهي التي تريد إرهاب دول العالم وابتزازها وإجبارها على الخضوع لها، وهي التي لها مصلحة في معاقبة السعودية وفرنسا وبلجيكا، وهي القادرة أيضا على اختراق خلايا التطرف والإرهاب، ولعلها هي التي أنشأتها، وظهرت أدلة كثيرة ومعلومات رسمية مصدرها الولايات المتحدة حول دور عملاء الولايات المتحدة في تجنيد وتنظيم كثير من هذه الخلايا.
فكرة اختراق الجماعات والمنظمات بالتطرف ليست جديدة، وهي مجربة وصارت أمراً منتشراً تتحدث عنه الصحف والمذكرات السياسية والاعترافات الرسمية، وليس غريبا -بل هو المرجح- أن تكون المخابرات الأمريكية قد اخترقت تنظيمات ومجموعات ودفعتها إلى عمليات إرهابية، وهذا لا يعفي الجماعات المتطرفة بالطبع، وقد تكون على قدر من الغباء والتعصب يدفعها إلى عدم التمييز، ولكن توقيت العمليات يثير الريبة، فلماذا لم تقم على سبيل المثال عمليات واسعة في أفغانستان، في الوقت الذي كانت عمليات غزو العراق قائمة؟ وهل يمكن أن يصل الغباء والتعصُّب إلى درجة عدم التمييز بين الموقف السعودي والفرنسي والبلجيكي، وبين الموقف الأمريكي؟.
تعليق