المقاهي بين الفن والأدب واللهو واللعب
وبالله تصبوا هالقهوه وزيدوها هيل
والقهوه اللي ماتبهر من الهيل مثل العجوز اللي خبيث نسمها
من مقهى الصعاليك في القدس المحتله – فك الله أسرها- إلى مقهى الفيشاوي في حي الحسين بالقاهره إلى مقهى النوفرة في وسط دمشق مروراً بمقهى المرابط أو سيدي بوسعيد في تونس الخضراء ووقوفاً عند مقهى الزهاوي أو الرصافي في عاصمة الرشيد بغداد او إطلالةً على مقهى الهورس شو،أ ومودكا في بيروت فإنه من المؤكد أنه لم يخطر على بال الرئيس السوري الأسبق شكري القوتلي قط- ولا حتى على بال الجنرال "غورو" من قبله ولا حتى آخر ملوك مصر فاروق (1937-1952- أن تلك المقاهي التي جلسوا فيها مرارًا في وسط دمشق القديمة أو في حي الحسين بقاهرة المعتز سوف تكون مهوى إفئدة الحسان من البنات والسيدات الدمشقيات والمصريات أو حتى السائحات الأوروبيات .... يومًا ما...!! . واقتحامهن عالم المقهى العربي والجلوس فيه ليشربن فيها النرجيلة على قارعة الرصيف!!
أو لاحتساء القهوة أو تناول المشروبات
و تأخذ المقاهي جزءاً مهماً من حياة كثير من الناس فهي تبدو للوهلة الاولى فرصة للتلاقي والحوار مع الاخرين وقد اعتبرت المقاهي في فترة من الفترات الوسيلة الوحيدة لتنشيط آلية الفكر .
فقد ذكر الكاتب الفرنسي «لوميير» ان مقاهي الشرق كانت مركزاً تسود فيها حرية التعبير، والمقهى بعبارة بسيطة هو المكان الذي تقدم فيه القهوة او المشروبات الاخرى لكنه تحول مع مرور الوقت الى ما يشبه البرلمان كمكان لتلاقي الافكار.
كما ان فكرة اقامة بيت للقهوة بوصفها وكالة للصحافة واللقاءات الادبية وبرلماناً حراً للنكات قد ولدت في اليمن السعيد على الاغلب و شكلت المقاهي الادبية في الوطن العربي بعداً مهماً في مناقشة ابعاد المنابر الثقافية حيث كان المقهى ولاسيما في فترة الخمسينيات والستينيات منبراً مهماً حيث كان الادباء والمثقفون يتحاورون ويتناقشون ويؤكد د. الذوادي : ان العرب عرفوا المقاهي منذ عام 1750 حيث انتشر فيها شرب القهوة واصبحت فيما بعد ملتقى الاكابر وانتقل اليها الحكواتي.. والقاص والشاعر والمخرج والممثل والسياسي والأديب وكل مبدع فاصبح المقهى هو الوعاء الذي حافظ على ترابط الاجيال وكان منبراً لكل الافكار حيث رصد المقهى الاحداث والتحولات السياسية التي مر بها الوطن العربي.
والمقاهي العربية تختزن زواياها وأركانها ومقاعدها العتيقة عبق التاريخ وعبقرية الإنسان وذاكرة الزمان
تلك المقاهي الشهيرة المنتشرة في حواضر وعواصم الوطن العربي كانت دومًا مرتبطة بصورة أو بأخرى بمثقفيه ونخبه الفكرية العملاقة والتي تعطرت بأريج روادها أمثال العقاد والمازني والشناوي وزكي مبارك ويحيى شاهين والشيوخ طه الفشني وعبد الباسط عبد الصمد وعبد العظيم زاهر والشيخ ابو العينين شعيشع ونجيب محفوظ واحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي ويوسف ادريس ولطفي الخولي . واستمتعت بأحلى قصائد احمد رامي وبيرم التونسي وأحمد شوقي وحافظ ابراهيم و شهدت اعظم ألحان زكريا احمد وعبدالوهاب وفريد الاطرش ومحمد فوزي
تلك المقاهي التي كان لها في كل مدينة اسم يرتبط بأمزجة روادها وأحوالهم وطقوسهم الفكرية كالحرافيش المصريين حسب رواية نجيب محفوظ او الصعاليك في فلسطين كما وصفهم وسمى مقهاهم خليل السكاكيني المقدسي .
ولكن متى كان المثقفون هم الصعاليك؟ ولماذا أطلق المقدسيون على مقهاهم- الواقع في قلب مدينة القدس – مقهى الصعاليك ...؟؟؟
يجيب على تساؤلنا{ محمد سليمان } أحد كتاب فلسطين قائلا : "في القدس مقهى عريق في قدمه وفريد في نوعه ووجوه زواره، ويقع ملاصقاً لسور المدينة عند باب الخليل. ويخيم عليه دائماً جو خيالي شاعري" كان الندوة المفتوحة للصحافيين والشعراء والمثقفين، وقد تأسس في عام 1917، وكان ملتقى الأدباء والمثقفين وضيوفهم. وقد أطلق عليه الأديب الكبير خليل السكاكيني اسم "مقهى الصعاليك"، ذكر ذلك في كتابه "كذا أنا يا دنيا". والمثقفون رواد حركة النهضة ورجال الإصلاح والمؤسسون لثقافتنا وحياتنا المعاصرة، وهم طليعة الأمة ونخبتها وعليتها فكيف بهم "صعاليك" كما يسمون أنفسهم ولا يأبهون لذلك؟! وكيف يكون بيت المثقفين الفلسطينيين".هو "مقهى الصعاليك" ...؟؟
إنها تضادية شكلانية في اللفظ، وربما كانت توافقية في المضمون أو لم يكن "السليك ابن السلكة والشنفرى" من أشعر الشعراء، ومع ذلك فقد كانا صعلوكين ...ً؟!
كان الصعاليك هم مجموعة مثقفي البلاد الذين كان يطلق عليهم السكاكيني لقب "الشلة". وكان من فكاهياته على هذا الصعيد أنه وضع دستوراً لهم أسماه "دستور الصعاليك" وقد حدد بموجبه شروط عضوية الشلة التي يجب توفرها في المتقدم للحصول عليها. وكان من بينها أن لا يطلبوا لغيرهم طلبات إلا إذا كانوا ضيوفهم، وأن لا يقبلوا تضييف أحد لهم. وكان من شروط العضوية أن يقبل الأعضاء الجدد على طريقة جلوس الشلة في المقهى والموافقة على أساليب أحاديثهم ونكاتهم وطرائفهم ".
وتقول المراجع التاريخية أن الشهرة الخارجية التي كان يتمتع بها المقهى جعلت منه عنواناً لتراسل الأدباء والمثقفين العرب مع نظرائهم الفلسطينيين وخصوصاً بواسطة الحجيج الذين كانوا يجلبون معهم بعض الجرائد والمجلات والكتب الثقافية والأدبية، وكذلك أخبار الأدباء والأدب في المدن التي قدموا منها.
ومبنى المقهى عبارة عن بيت قديم سقفه قائم على ما هو بين القوس والعقدة واطئ في بعض أركانه وبعضها الآخر يعلو بدرجتين وأكثر. فيه تداخلات تكسبه غرابة فتضفي درجة رهبة إضافية على ما يتمتع به المكان من جلال وعظمة متخيلة. المبنى ملتصق بالسور العظيم في باب الخليل بالقدس العتيقة ومظهر المبنى الخارجي متناغم مع ما تبدو عليه العقارات المجاورة والمحيطة، وفيها عراقة الماضي وألق الحاضر الذي يبرز ما يشبهه من طرازات العمارة المعاصرة. والشدروان "البركة" وكذلك نافورة المياه التي كانت تقوم وسط حديقة المقهى الخلفية لا زالت قائمة حتى يومنا هذا، ولكنها بلا جلساء متحلقين حولها كما كان يفعل السكاكيني وشلته".
وإذا كان هنالك بعض بقايا من أشجار الحديقة التي كانت تظلل الشدروان، لا زالت حية وتبدو فخورة بشموخها الذي يتأهب لمناطحة السحاب، فإن عصافير سيّارة وحماماً برياً هي التي تتسلق الأغصان، في حين اختفت الأقفاص الرحبة التي كانت تحتوي على الحمام الزاجل والدجاج الهندي والطيور
وقد تخرج منه الشعراء والأدباء والوزراء والقيادات السياسية والأدبية والحقوقية والاجتماعية ورجال الحكومة وقادة الأحزاب والمنظمات النقابية والمهنية.
وقد تبلورت فكرة انطلاقة "انتفاضة عام 1919 وتعينت أهدافها في مقهى الصعاليك". وبهذه المناسبة تقتضي الأمانة التاريخية القول بأن الأديب خليل بيدس هو أول سجين انتفاضة في التاريخ الفلسطيني، فقد كان واحداً من دعاة تلك الانتفاضة ومن قادتها الذين اعتقلوا وهم على رأسها.
وبتزايد ارتياد المثقفين والأدباء والسياسيين والشعراء للمقهى تحول اسمه إلى "ملتقى النخبة" و"بيت المثقفين الفلسطينيين"، و"ندوة الأدب والسياسة" وأسماء أخرى كثيرة.
وكان المقهى يعج طيلة سنوات الانتداب البريطاني بمثقفي مدينة القدس وجوارها وكذلك المثقفين الوافدين من حيفا ويافا وعكا وغزة وغيرها من أمثال: أحمد الشقيري وأكرم زعيتر ، وعبد الحميد ياسين، وتوفيق عبد الرازق، ورفعت الشهابي، وصالح عبد اللطيف الحسيني، والمحامي حسن صدقي الدجاني، وأحمد سامح الخالدي، وأحمد عزت الأعظمي، ومحمد البديري، ومنيف الحسيني، وطاهر الفتياني، وعادل جبر، وداود الكردي، وعلي محيي الدين الحسيني، وأديب الخوري، وعبد الله البندك، وجميل مسلم، وصبحي الطاهر، وجبرائيل شكري ذيب، وعيسى الناعوري، واسكندر الحوزي البيتجالي، وجميل البحري، ومتري حلاج، وكمال عباس، ورشيد الحاج إبراهيم، وهاني بشير، وصبحي فؤاد الريس، وهاني أبو مصلح، وعزت القاسم، ومنير إبراهيم حداد، وعزمي النشاشيبي، وفهمي الحسيني، وخليل الدجاني، وعارف العزوني، وسعيد الخليل، وجورج صالح الخوري، وسليم الحلو، ويوسف سلوم، وجودت حبيب، وشوكت حماد، وزهدي السقا، ومحمود سيف الدين الإيراني، والدكتور اسكندر حلبي، وعمر العزوني، ويوسف حنا. وتمتع ضيوف المقهى من الأشقاء العرب بترحاب لا تحده حدود وبكرم الضيافة والرعاية من مضيفيهم دائماً. و"مقهى الصعاليك" كان اللقاء فيه بلا موعد للصحافيين العرب الذين يعملون في الصحافة العربية مع بعضهم البعض وكذلك مع زملائهم الفلسطينيين. وكان من بين الصحافيين العرب السوريين الذين كانوا يرتادون المقهى السادة: سامي السراج، وخير الدين الزركلي، وإبراهيم كريم، ومحمود الشركس، وجلال عوف، وسليمان جابر، ومحمود الخيمي، وصلاح الدين المختار. وعرف ممن يرتاد المقهى من الصحافيين اللبنانيين الذين كانوا يعملون في الصحافة الفلسطينية السادة: عجاج نويهض، وسليم اللوزي، وكمال عباس، ورمضان بعلبكي، وأحمد منيمنة، وإبراهيم سليم النجار، وميشيل سليم النجار. وأما من السعودية فكان السيد يوسف ياسين، ومن مصر السيدان علي منصور، وألبير عمون.
ولم يستدل من المصادر التاريخية على أية معلومات تفيد بأن أياً من المثقفين اليهود كان قد ارتاد ذلك المقهى طيلة فترة الانتداب البريطاني.
أما في القاهرة فإن الوجوه تستسلم لرغبة دفينة في التطلع للمكان المكتظ بالاروقة والمساجد والمحلات والمقاهي ووجوه الرواد والعابرين والمقيمين والسائحين حيث يحلو السهر والمرح والالتفاف حول كوب شاي يجترون معها الدخان والذكريات.. هذا هو المشهد الليلي في ميدان الحسين وتحديداً في مقهى الفيشاوي اشهر واعرق مقاهي الحسين بل مقاهي القاهرة جميعاً.والذي يقول عنه الاديب جمال الغيطاني في كتابه عن مقاهي القاهرة ان مقهى الفيشاوي يزيد عمره على القرنين من الزمان، واقيم في البداية ليكون ملتقى التجار القادمين من الشرق والغرب
و مقهى الفيشاوي رغم انه ليس مكانا اثريا او تاريخيا او دينيا إلا ان شهرته لا تقل عن شهرة اي مكان آخر
ويرجع ذلك الى انه شهد فترات مهمة من تاريخ مصر من بداية نشائه العام 1798 وحتى الآن.
وأهمية مكانته انه كان مسرحاً لكثير من الاحداث السياسية في مصر واحاديث السياسيين كل ذلك كان هذه المقهى شاهد عليه حيث كان ملتقى لرجال السياسة وكذلك كان له دور ثقافي ادبي لا ينسى فعلى مقاعده جلس العظماء من رجال الفكر والثقافة والأدب والفن في مصر و مقهى الفيشاوي معلم بارز في منطقة الحسين حيث يجاور مسجد الحسين ومسجد الجامع الازهر وكذلك خان الخليلي وقام بتأسيسه الحاج فهمي علي الفيشاوي منذ ما يزيد عن مئتي عام ثم تناقل ملكيتها احفاده من بعده ومن يقوم بإدارتها حالياً يعتبرون من الجيل الخامس.
وكان تجار المنطقة وعلماء مشيخة الأزهر القريبة كانوا يلتقون في المقهى بعد صلاة الجمعة. ولكن مع الزمن وبتوالي الايام اصبح يرتاده الكتّاب والادباء والفنانون والدارسون بالازهر من مختلف البلدان العربية، وخصوصا في خمسينيات القرن العشرين، ومنهم الأديب نجيب محفوظ ومجموعة "الحرافيش". وانسجاماً مع منطقة الحسين ومبانيها بني المقهى على الطريقة العربية الإسلامية القديمة، و كان عبارة عن مجموعة من حجرات تطل جميعها على البهو الداخلي، وكان كل فنان أو مفكر يختار واحدة منها للقاء الأصدقاء والمعجبين. وكانت الأرائك والدكك ملئة بالنقوش الإسلامية
ومن جانب أخرارتبطت صورة المقهى بالأفلام والمسلسلات منذ بدايات العمل السينمائي، والتي صورت في الاحياء الشعبية حيث كانت تهتم بابراز مقهى المحلة او المنطقة على انها المكان الاساسي الذي يلتقي فيه اصحاب القرار والرأي، وعلى انها المكان المناسب لمختلف اللقاءات، وتقسمت المقاهي حسب الأحياء التي تتواجد فيها وحسب الناس الذين يرتادونها، مثل قهاوى الحسين، وقهاوى السيّر الشعبية، وقهاوى أصحاب القافية، وقهاوى الحكواتية، وقهاوى الأدباء وغيرها من مختلف الأجناس والأشكال. كما ارتبطت المقاهي العامة بالطوائف والطبقات والشرائح المختلفة في المجتمع المصري، فهنالك مقاه لعلماء ومشايخ الأزهر، وهناك مقاه للأ فـندية والمتقاعدين، ومقاه لعمال البناء، والجزارين، والمجندين، والعساكر، وغيرهم من أصحاب الحرف والصناعات.
هذا اضافة الى انها المكان الرخيص الذي من الممكن قضاء فترة زمنية طويلة فيه تتوثق من خلاله العلاقات الحميمية.. كما انها مكان لتمضية اوقات الفراغ اضافة الى دورها الثقافي المتميز.. ويظهر المقهى الشعبي في عدد كبير من افلام المخرج الراحل حسن الامام التي ابرزها على انها احد الاركان الاساسية في حياة الحارة الشعبية التي تدور من خلالها المناقشات والمساومات وتحاك من خلف ستائرها الدسائس والمؤامرات، وتتم فيها الصفقات كما انها في حالات كثيرة، تغدو محطات فرح حقيقي لما لها من دور في اقامة حفلات الزواج، والطهور، وافراح المناسبات الدينية والشعبية والرسمية حيث تتواجد في هذه المقاهي الفرق الموسيقية المخصصة للافراح كما هو الحال في مقاهي مدينة بغداد القديمة.. وبعضها يحمل تاريخا طويلا وعريقا على انها كانت مقرا لابرز الفتوات والشقاوات المعروفة بصلابتها وقوتها وتحدياتها وفرض وصاياتها وسلطاتها المستقلة البعيدة عن أية رقابة او ضوابط من مؤسسات الدولة، وأبرز من قام بأدوار الفتوة الفنان القدير الراحل فريد شوقي، ومحمود المليجي، عزت العلايلي، وعادل أدهم، ونور الشريف، وعشرات غيرهم.
وبرزت المقاهى الشعبية في العديد من الافلام السينمائية بكونها مجرد مكان لتمضية الوقت، وتحولت الى العديد من الحالات الى بؤر للانحراف خصوصا ان اعدادا كبيرة من العاطلين عن العمل يلجأون الى المقاهي حيث تكون فرصة جيدة لعدد من رجال العصابات لايقاع عدد من الشباب في حبائل الاغراءات المادية السهلة وحملهم على ممارسة العمل الشرير، وأبرز من قام بمثل هذه الادوار الراحل توفيق الدقن.. كما يتردد عليها صغار السن ويشاهدون وهم، يدخنون الشيشة اي النرجيلة كما تسمى في دول المشرق العربي لمجرد تقليد الكبار وتظهر مقاهي الحارات في بعض الافلام او المسلسلات التلفزيونية وكأنها اماكن للاحتيال والتزوير، والابتزاز، والمخالفات القانونية اما مقاهي تونس فإن ابرزها، المرابط، وفلورنس، وسيدي ابو سعيد، والعباسية، والزيتونة التي تلتصق بجامع الزيتونة العريق، والشواشية. و في مدينة بغداد مقهى الزهاوي ومقهى الرصافي ومقهى عارف آغا، والمقهى البرازيلية ومقهى مرجان المحاذي لمدرسة المستنصرية التاريخية، ومقاهي بيروت القديمة مثل الهورس شو، ومودكا، ومقهى كافيه دي باريى، ومقاهي شارع الحمرا في بيروت التي كانت حتى بداية الثمانينيات ملتقى للمثقفين العرب من كافة الاتجاهات، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، كما توجد مقاهي صور وصيدا التي اشتهرت بالفرق الموسيقية الشعبية ومطارحات اشعار الزجل، . أما في سورية فيعتبر مقهى النوفرة من أقدم المقاهي الدمشقية، فعمره الآن يتجاوز مائتي سنة، وهو يقع خلف الجامع الأموي في ساحة جميلة مرصوفة بالأحجار البازلتية السوداء، وبجانبه شجر الياسمين الأبيض ومئذنة العروس المطلة عليه من الجامع الأموي وكل هذا يضفي سحرًا وجوًا وعبقًا تاريخياً وحضارياً جميلاً وكذلك كانت مقاهي العرب في لندن وباريس وفي القاهرة، ارتبطت كثير من المقاهي بالصالونات الأدبية لمشاهير الأدباء؛ كمقهى "الفيشاوي" و"صفية حلمي"، وارتبط بعضها بتنظيمات سياسية وفكرية؛ كمقهى شارع الفلكي وتستطيع من تتبع حالة المقاهي تلك في وطننا العربي أن تستشعر حالة السخونة أو البرودة في الوسط الثقافي والسياسي، فحالة السخونة عندنا مرتبطة بمناقشات عالية الصوت تتطور في معظمها إلى اللكمات وتشابك بالأيدي، ومرتبطة أيضًا بنوع من "النميمة الثقافية" تسمع معها عبارات ومفردات "العمالة" و"خيانة القضية" (لا أدري أي قضية)، و"فلان باع" و"زيد غيّر جلده"، أما في حالة البرودة فلا يتخلّى مثقفونا أبدًا عن تلك "النميمة الثقافية"، وإن كانت في تلك الحالة مقترنة بإيقاع "قرقرة" النرجيلة الهادئ الممل، وانبعاث الدخان ببطء إلى العدم!! ولم يبق من القديم سوى اسم المقهى والعبارة المكتوبة تحته، ومع الجديد قوانين جديدة "الشكك ممنوع والزعل مرفوع" و"اللي حيطلب راح يقعد، واللي ما يطلبش يبعد". وكان الصحفيون أول المبعدين لأنهم كانوا -من قبل- "المتعاملين بالشكك" وأقل من يطلب المشروبات، وأصبح روّاد المقهى ناساً غير الناس، شباب جامعات وشابات لا يتحدثون في الثقافة ولا يبالون، لكنهم يمارسون "الحرية" التي طالما كانت "الإغراء الأكبر" لكثير من مدعي الثقافة فتيات من كل نوع يدخنون ويتحدثون عن "البانجو" و"أنواع المشروبات" ويُقبلون الشباب عند السلام والمغادرة.
المصـــــادر :
جــوجــــل وبعض محركات البحث الأخرى مادة مقهـــى
إنتظروا قريبا إنشــاء الله
في صفحة شعبيات
[ القهوة العربية : تاريخها وسائلها عاداتهــا ]
تعليق