Unconfigured Ad Widget

Collapse

الموقف الدولي من القضية الفلسطينية

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • علي الدوسي
    عضو مميز
    • Jun 2002
    • 1078

    الموقف الدولي من القضية الفلسطينية

    اليهود يشكلون أقلية في العالم، ولكن هذه الأقلية استطاعت أن تكوِّن دولة مع أنّه لا أرض لها ولا وطن، ولا توجد لليهود دول - أو حتى دولة يهودية واحدة - تساندهم على إقامة هذه الدولة، لقد استطاعت هذه القلة المشردة المطرودة من دول أوروبا أن تشكل قوة اقتصادية كبرى تسيطر من خلالها على اقتصاديات دول كبرى، بل تسير سياساتها وتوجهها الوجهة التي تريد، إضافة إلى سيطرتها على وسائل الإعلام والاتصال في تلك الدول، وكان من جراء ذلك حصولها على وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، والتزمت بريطانيا بتنفيذ هذا الوعد، وساندتها الدول الأوروبية، والولايات المتحدة في تنفيذه، وقامت دولة إسرائيل في قلب الوطن العربي "فلسطين" بدون وجه حق، إذ ليس لها حق ولا في شبر واحد من أرض فلسطين ،فجميع ادعاءاتها في حقوقها في فلسطين باطلة، فالتوراة - التي بنى اليهود حقوقها في فلسطين على أسفارها، وخاصة أسفار موسى الخمسة- قد ثبت لديهم زيفها، وأنها ليست التي نزلت على سيدنا موسى عليه السلام، فالتوراة المتداولة الآن جمعت على مدى 1100عام ،كان آخرها في القرن الخامس الميلادي، وتضم أسفار موسى الخمسة ،ونتيجة لامتداد زمن التأليف، وطول عصور الجمع فقد خضعت الأسفار الخمسة لمؤثرات كثيرة تعرضت فيها إلى الحذف أو الإضافة، والزيادة أو النقصان، بل هناك من علماء اللاهوت من يشك حول بعض الأسفار، وهل هي حقاً من أسفار العهد القديم أم دخيلة عليه ؟(1)
    وقد بيَّن القرآن الكريم - في مواضع كثيرة- مدى تحريف اليهود للتوراة من ذلك قوله تعالى: ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثُمَّ يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم ممَّا كتبت أيديهم وويل لهم ممَّا يكسبون )(2) .
    ونحن المسلمون يكفينا دليلاً ما ورد في القرآن الكريم عن تحريف اليهود في التوراة، ولكن اليهود والمسيحيين لا يأخذون في الاعتبار عما جاء في القرآن الكريم الذي لم يأته باطل، ولعل هؤلاء قد يقنعون بما توصل إليه العلماء عند خضوع التوراة للنقد التاريخي في القرن السادس عشر الميلادي، إذ ظهرت تناقضات كثيرة في كثير من الحقائق التاريخية،وتوصل فريق من العلماء المسيحيين بعد دراستهم النقدية للتوراة إلى بعض النتائج أهمها أن التوراة المتداولة لم تكن من عمل موسى عليه السلام، وإنَّما كتبت بعده بعدة قرون عديدة.وقد بيَّن الدكتور "موريس بوكاي" مدى تناقض التوراة في كثير من المواقع في كتابه "القرآن ، والإنجيل ، والتوراة ..دراسة مقارنة"
    ولو فرضنا جدلاً أنَّ لهم هذا الحق التاريخي، فالقوانين الدولية تسقط هذا الحق بمرور السنين ،فكيف أقرّت هذه القوانين لليهود هذا الحق المدعى، والذي ثبت عدم صحته، وقد مضى عليه ألوف السنين، علماً بأن الحق التاريخي المدعى كان لبني إسرائيل، ويهود العالم الموجودون حالياً ليسوا من بني إسرائيل، ففي دراسة قام بها عالم أنثروبولوجي بريطاني هو " جيمس فنتون " على يهود إسرائيل توصل فيها إلى أنَّ 95% من اليهود ليسوا من بني إسرائيل التوراة، وأنهم أجانب وأخلاط من شعوب مختلفة اعتنقوا اليهودية، وأطلق عليهم "الإشكانزيم" وهم يهود روسيا وأوروبا الشرقية، وينحدرون إلى أصول مغولية تترية وفلاندية اعتنقوا اليهودية ديانة لهم في القرن الثامن عشر عندما اعتنقها ملك الخزر، وأمَّا النسبة الباقية وهي 5% فقد اختلطت بالشعوب التي كانت تعيش معها، وقد تشتتوا في إنجلترا وفرنسا وبلجيكا، والنمسا وهولندا ،وإيطاليا وسكونيا وهنغاريا، وقد طردوا من هذه الدول فاعتصموا بالدولة الإسلامية في الأندلس حتى خرج العرب منها عام 1492م،فلجأوا إلى الدولة العثمانية في سالونيك، حيث كانت مؤامرتهم الخطيرة في إسقاط الدولة العثمانية والوصول إلى القدس، ويطلق على هؤلاء يهود التوراة(3).
    وهكذا نجد أنَّ تاريخ اليهود من خلال التوراة، والذي تزعم فيه حقها في فلسطين، وفي القدس عاصمة أبدية لدولتها هي من وضع اليهود أنفسهم، ولا يوجد لها سند تاريخي، ولا تستند إلى التوراة المنزلة على سيدنا موسى عليه السلام، فاليهود من الناحية التاريخية لا حق لهم في فلسطين ،فتاريخهم فيها لم يكن إلاَّ تاريخ لاجئين إليها عابري سبيل ومغتصبين لها، ومن ذلك جاء اسمهم بالعبرانيين، أي الذين عبروا الصحراء .
    وفلسطين عربية، باعتراف التوراة، فاسمها في التوراة " أرض كنعان، والكنعانيون من أصل عربي، وقد هاجروا مع الأكاديين من جنوب الجزيرة العربية، وارتحلوا شمالاً مع بداية الألف الثالث قبل الميلاد، وهناك من يرجح بأنَّهم قد هاجروا قبل هذا التاريخ، واستقروا هم والفينيقيون في المناطق الجبلية،وأسماء مدن فلسطين أسماء كنعانية، وليست عبرية، كما يحاول اليهود إيهامنا بذلك، وإيرادها في التوراة ليس دليلاً على أنَّها أسماء عبرانية، فأورشليم التي تطلق على القدس كلمة كنعانية معناها " مدينة السلام "، وجبل صهيون الذي بنيت عليه مدينة القدس هو اسم تل كنعاني، وكان معروفاً باسمه الكنعاني هذا قبل مجيء العبرانيين إلى أرض كنعان، وكذلك شكيم "نابلس" وسبسطية " السامرة"،وغزة "حبرون " وغيرها(4).
    أمَّا عن مملكة داود وسليمان -عليهما السلام- والهيكل السليماني، فلقد بنوا بخيالهم إمبراطورية عظيمة لسيدنا داود ولسليمان عليهما السلام ،وأتوا بمصطلحات لا وجود لها في القواميس العلمية والسياسية والتاريخية مثل " العلاقات التاريخية" و"الحق التاريخي "، و"أرض الميعاد.
    والحقيقة - التي لا جدال فيها، ولا شك- أنَّ مملكة داود وسليمان -عليهما السلام- التي جعلتها التوراة الموضوعة تمتد من النيل إلى الفرات لم تكن لتشمل غير يهوذا والسامرة فقط، أي المنطقة الجبلية الممتدة بين مدينتي الخليل ونابلس،وكلها مدن كنعانية يبوسية فرزية كان يتخللها بعض اليهود، بدليل أنَّها انقسمت بعد موت سيدنا سليمان -عليه السلام- إلى مملكتي يهوذا وإسرائيل ليس غير (5).
    وهكذا نجد أنَّ اليهود رغم بطلان دعواهم استطاعوا تكوين دولة لهم في فلسطين بعد مرور خمسين عاماً من مؤتمر بازل الأول بسويسرا الذي عقد في 29/ 8/1897م، وقد صرَّح" تيودور هرتزل" رئيس المؤتمر بعد اختتام المؤتمر بأيام قائلاً: ( لو أردتُ أن ألخص أعمال مؤتمر بازل في كلمة واحدة قلتُ: في مدينة بازل أوجدت الدولة اليهودية، ولو جاهرتُ بذلك اليوم لعاملني العالم بالسخرية في غضون خمس سنوات ـ وربما ـ وفي غضون خمسين سنة ـ بالتأكيد ـ سيراها الجميع ـ أنَّ الدولة قد تجسدت في إرادة الشعب لإقامتها).
    هذه الدويلة على مدى أربعة وخمسين عاماً تضرب بقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة عرض الحائط، ولم يجرؤ المجتمع الدولي إلى الآن على توقيع عقوبة عليها، فالعقوبات الدولية تطبق فقط على الدول العربية والإسلامية ،أمَّا إسرائيل فهي الدولة المدللة لدى المجتمع الدولي عامة، والولايات المتحدة الأمريكية بصورة خاصة، التي تستخدم دائماً حق الفيتو لصالح إسرائيل.

    الموقف الدولي من اجتياح شارون لأراضي السلطة الفلسطينية:
    ووفق العرف الأمريكي الذي فرض على العالم بأسره أصبح الفلسطينيون - الذين يقاومون الاحتلال الصهيوني لبلادهم- إرهابيين يقودهم زعيمهم الإرهابي "ياسـر عرفات " .
    وكما نلاحظ فقد انقلبت الموازين، وأصبح الجلادون الإرهابيون أصحاب حق، وأصحاب الحق والأرض إرهابيون؛ لأنَّهم يريدون استرداد ما سلب منهم .
    ورغم مخالفة شارون لكل القوانين الدولية، وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالانسحاب من أراضي السلطة الفلسطينية، ورغم منعه إنقاذ الجرحى ونقلهم إلى المستشفيات، ومنعه دفن الشهداء، ومع هدمه المنازل، وقطع الكهرباء والماء عنهم، ومحاصرتهم ومنعهم من التجول، بل لا يسمح لهم حتى إحضار ما يحتاجونه من غذاء إلا ساعتين كل أربعة أيام، مع قتله المدنيين،وجعلهم دروعاً بشرية لهم، واقتحامهم المنازل، وتدمير كل ما فيها، واستيلائهم على المباني ،وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، ومراكز للقناصة، يصوبون منها بنادقهم في وجه كل من يخرج رأسه من النافذة، ولم يكتف بهذا فلقد انتهك حرمة بيوت الله، وضرب المساجد والكنائس، وحرقها، وقتل الكاهن وقارع الأجراس والراهبات في الكنائس ،خارقً بذلك كل حقوق الإنسان ،إلاَّ أنَّ المجتمع الدولي لم يحرك ساكناً، ولم يفرض عليه أية عقوبة لمخالفته للقوانين الدولية، ولم يصنف دولياً كمجرم حرب، وإرهابي ،بل يردد بوش "الرئيس الأمريكي"أنَّ الفلسطينيين -الذين يقاومون العدوان بصدور عارية دون سلاح - إرهابيون، وأن ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني إرهابياً، أمَّا شارون الذي يعيث في الأراضي الفلسطينية فساداً وقتلاً وهدماً والغاصب والمحتل لكل الأراضي الفلسطينية يعطيه حق الدفاع عن نفسه، واصفاً إياه برجل سلام!!والعالم كله يقف موقف المتفرج أمام إبادة الشعب الفلسطيني، بما فيه الموقف السياسي للعالمين العربي والإسلامي، بينما الشعوب في كل بلاد العالم تخرج يومياً في مظاهرات عارمة تندد بشارون، وإبادته للفلسطينيين، ولكن الدول إلى الآن لم تستجب لمطالب شعوبها، بل هناك من الدول من قمعت هذه المظاهرات .
    عفواً لم أضرب المثل بالأقلية اليهودية لكونها قدوة، ولكن لأبين أنَّ التخطيط والجدية في التنفيذ يحققان المستحيل، وشتان بين أهدافنا السامية التي ترمي إلى تحقيق الخير والسعادة للبشرية، وبين أهداف اليهود.
    [glint][grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم[/grade][/glint]
Working...