الناظر إلى ما نشرته "الوطن" في عددين ليسا بعيدين عن بعضهما حول أخطاء منسوبة إلى رجال محسوبين على هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشعر بشيء من القلق أن توجد مثل هذه التصرفات في جهاز تقوم مهمته على مساعدة الناس على أن يكونوا أكثر صفاء وأشد نقاء، ومساعدة المجتمع على طمأنينة أكثر والتزام أكبر. ويشعر بشيء من القلق أن الناس ربما يجدون - فعلاً - عنتاً ومشقة من بعض رجال الهيئة ولكن كثيراً من هذه القضايا لا تصل إلى الصحافة ولا يطلع عليها الناس.
إن القلق هو الباعث في كثير من شؤون حياتنا على الإبداع ومراجعة تصرفاتنا وحساباتنا في كثير من الأعمال التي نمارسها والتصورات التي نحملها. بل يكاد يكون كالصداع الذي يدل وجوده على مرض آخر لا علاقة له بما اعترى الرأس من ألم، وتلك حسنة من حسنات أن يعترينا القلق أحياناً من تصرف أو ظاهرة أو حالة من الحالات كي نفزع إلى البحث عن الحل والحصول على الدواء.
الهيئة جهاز من الأجهزة الحكومية التي تمارس نشاطها بين الناس كما تمارسها أجهزة أخرى حكومية ذات علاقة بالناس وتصرفاتهم وحركاتهم وسكناتهم كمراقبة الأسواق التجارية والغش التجاري ورجال المرور ومنسوبي المباحث والعاملين في المستشفيات وكتابة العدل والمحاكم وفي جميع هذه الأجهزة وغيرها تقع أخطاء جسيمة أو بسيطة ومقصودة أو عفوية ومعروفة أو مجهولة وذلك أمر طبيعي يجب أن نتوقعه وأن نفترض وجوده.
وفي كل هذه الأجهزة وغيرها أيضاً لو أردنا أن نتبين طبيعة الإنجاز ونوعيته وجودته فلابد لنا من آلية محايدة ذات فعالية عالية تسهم في وضع المقاييس التي يلزم أن تحدد مسبقاً حتى يمكن بواسطتها معرفة جودة الأداء من عدمه، ويعرف المواطنون أن هذه هي المساحة التي يتحرك فيها هؤلاء وكأنها تفصيل للعقد الاجتماعي الذي يقوم بين الدولة ومواطنيها، ذلك أن مهمة الدولة تحقيق مزايا إضافية لا يمكن تحقيقها إلا بوجودها وإلا أصبحت غير ذات فائدة، وحين يكون هذا التفصيل أو التوسع في معرفة مهام كل واحدة من هذه الهيئات الحكومية من أمر بمعروف ونهي عن منكر أو مرور أو صحة أو تجارة أو مباحث أو شرطة أو قضاء ويعرف ما له وما عليه يصبح الأمر أكثر شفافية وأسهل تناولاً وأشد موضوعية، بل قد نخطو خطوة إلى الأمام في تقديم نتائج شهرية أو فصلية عن أداء كل من هذه الأجهزة بناءً على استبيانات تبين رأي المواطنين فيه.
والحسبة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن من أركان المجتمع المسلم دعا إليه القرآن وامتدح به هذه الأمة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه( وعاب على بني إسرائيل إهمالهم له (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ( وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من تركه والإعراض عنه " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله تعالى أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم " وهو قيمة إيجابية وظاهرة بناءة في المجتمع الذي يريد أن ينشد الكمال ويحقق مستوى أعلى في الوصول إلى الصلاح الذي كتب الله لأهله وراثة الأرض (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ(.
ولا يعقل بحال من الأحوال أن تكون كل قصة تنشر عن أخطاء الهيئة مكذوبة مفتراة، ذلك أنها جهاز بشري يتعامل مع البشر في أمور تتعلق بإقامة حق وإماتة باطل، أو بنشر معروف ومنع انتشار منكر، وقد يقع فيها من الاجتهاد وسوء الفهم أو سوء التطبيق من المواقف الشخصية الآنية التي يلتبس فيها الفعل ورد الفعل ليتشكل موقف جديد تغلب فيه العداوة وحب الانتقام من أحد الطرفين، كما لا يعقل بحال من الأحوال أن نبحث عن كل خطأ للهيئة وحدها فنسعى إلى اصطياده ووضعه على مشرحة النقد والتحليل والتجريح، بينما تقوم أجهزة حكومية بنشاطها وترتكب من الأخطاء ما ترتكب ويقع فيها من التجاوزات ما يقع دون أن يجرؤ أحد على مجرد الهمس بما حدث، ذلك أن الأداء العام الذي تتعرض فيه مصالح الناس لإدارة من أحد في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص يعد في كل لحظة شأناً عاماً ولا حصانة فيه لأحد طالماً كانت عدالة الطرح وشفافية التناول وموضوعية التحليل وكفاءة الأدلة هي مناط البحث والنقاش.
والهيئة وهي تعلم أن كثيرين ربما يتربصون بها ويناصبونها المواجهة ويتصيدون الأخطاء، والهيئة أيضاً وهي تعلم أنها تضم الآلاف من العاملين الذين لا يتصور أن يكونوا كلهم من الأتقياء الأنقياء، والهيئة أخيراً وهي تعلم أنها تمارس نشاطها في مجتمع يضم اليوم عشرات الجنسيات بعشرات الاهتمامات والميول والأهواء والمشارب، عليها أمام كل هذه التحديات أن تبحث في سبل تعينها على أن تحقق أهدافها بأفضل قدر من الأداء وأقل قدر من النقد الذي يجب أن تتوقعه وتفرح به بل وتبحث عنه تأسياً بعمر بن الخطاب رضي الله عنه: " رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا" ولتكون هي نفسها حاملة لواء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأن تفتح كل القنوات للذين يسهمون في إقامة عوج أو تقديم إصلاح أو التحذير من أخطاء، وأن تشكر كل من يعينها على تحقيق رسالتها حتى لا تصبح جهازاً يصله النقد من الساحات الخلفية، بل تقيم اللقاءات العامة والمنتديات الخاصة وتقيم لها في كل صحيفة زاوية ليست للعلاقات العامة بإطارها التجميلي الاستعراضي، بل هي زاوية لتواصل وحوار في قناتي إرسال واستقبال وبمصداقية وروح إيجابية.
عندئذ يمكن أن نطالب صاحب الشكاية وصاحب القضية وصاحب الرأي أن يطرحها في ساحة الهيئة هذه لينال حقه من النقاش والتحليل، بل إن الأمر لا يقتصر هنا على الهيئة فقط، فلو قام كل جهاز حكومي بإغلاق أقسام العلاقات العامة التي لا تقدم في الأغلب إلا دفاعاً بارداً وردوداً باهتة على شكاوى كثير من المواطنين وتحول المشتكي إلى متجاوز والمظلوم إلى معتد، وتقيم بديلاً عنها إدارات تسمى "إدارات إرضاء المواطنين" أو "المراجعين الحكوميين" وتقوم هذه الإدارات باستقبال شكاوى واقتراحات ومشكلات المواطنين المتعلقة بالجهاز وترتبط بأعلى سلطة إدارية فيه "قمة الهرم" وتضع مؤشرات للأداء وتقيم علاقة تواصلية مع كل مواطن له مشكلة كي تحل مشكلته وتعتبر هذه المشكلة حينئذ سابقة تضم إلى معايير الأداء وتقاس درجة الرضاء الجماهيري عن هذه الوزارة أو الإدارة بحيث توضع الدرجة المراد تحقيقها عن كل سنة هدفاً في بداية السنة ويتم العمل على تحقيقها، وتكون الغاية الكبرى "أداء دون مشكلات" ولئن نجحت بعض الشركات في تحقيق شيء من ذلك فلأن السوق يحتم عليها أن تبدع وأن تتفوق، ولكن لا يصح ألا يكون لدى الموظف الحكومي هذا الحافز باعتبار الحكومة إدارة يجبر الناس على التعامل معها أو الخضوع لها.
إن القلق هو الباعث في كثير من شؤون حياتنا على الإبداع ومراجعة تصرفاتنا وحساباتنا في كثير من الأعمال التي نمارسها والتصورات التي نحملها. بل يكاد يكون كالصداع الذي يدل وجوده على مرض آخر لا علاقة له بما اعترى الرأس من ألم، وتلك حسنة من حسنات أن يعترينا القلق أحياناً من تصرف أو ظاهرة أو حالة من الحالات كي نفزع إلى البحث عن الحل والحصول على الدواء.
الهيئة جهاز من الأجهزة الحكومية التي تمارس نشاطها بين الناس كما تمارسها أجهزة أخرى حكومية ذات علاقة بالناس وتصرفاتهم وحركاتهم وسكناتهم كمراقبة الأسواق التجارية والغش التجاري ورجال المرور ومنسوبي المباحث والعاملين في المستشفيات وكتابة العدل والمحاكم وفي جميع هذه الأجهزة وغيرها تقع أخطاء جسيمة أو بسيطة ومقصودة أو عفوية ومعروفة أو مجهولة وذلك أمر طبيعي يجب أن نتوقعه وأن نفترض وجوده.
وفي كل هذه الأجهزة وغيرها أيضاً لو أردنا أن نتبين طبيعة الإنجاز ونوعيته وجودته فلابد لنا من آلية محايدة ذات فعالية عالية تسهم في وضع المقاييس التي يلزم أن تحدد مسبقاً حتى يمكن بواسطتها معرفة جودة الأداء من عدمه، ويعرف المواطنون أن هذه هي المساحة التي يتحرك فيها هؤلاء وكأنها تفصيل للعقد الاجتماعي الذي يقوم بين الدولة ومواطنيها، ذلك أن مهمة الدولة تحقيق مزايا إضافية لا يمكن تحقيقها إلا بوجودها وإلا أصبحت غير ذات فائدة، وحين يكون هذا التفصيل أو التوسع في معرفة مهام كل واحدة من هذه الهيئات الحكومية من أمر بمعروف ونهي عن منكر أو مرور أو صحة أو تجارة أو مباحث أو شرطة أو قضاء ويعرف ما له وما عليه يصبح الأمر أكثر شفافية وأسهل تناولاً وأشد موضوعية، بل قد نخطو خطوة إلى الأمام في تقديم نتائج شهرية أو فصلية عن أداء كل من هذه الأجهزة بناءً على استبيانات تبين رأي المواطنين فيه.
والحسبة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن من أركان المجتمع المسلم دعا إليه القرآن وامتدح به هذه الأمة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه( وعاب على بني إسرائيل إهمالهم له (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ( وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من تركه والإعراض عنه " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله تعالى أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم " وهو قيمة إيجابية وظاهرة بناءة في المجتمع الذي يريد أن ينشد الكمال ويحقق مستوى أعلى في الوصول إلى الصلاح الذي كتب الله لأهله وراثة الأرض (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ(.
ولا يعقل بحال من الأحوال أن تكون كل قصة تنشر عن أخطاء الهيئة مكذوبة مفتراة، ذلك أنها جهاز بشري يتعامل مع البشر في أمور تتعلق بإقامة حق وإماتة باطل، أو بنشر معروف ومنع انتشار منكر، وقد يقع فيها من الاجتهاد وسوء الفهم أو سوء التطبيق من المواقف الشخصية الآنية التي يلتبس فيها الفعل ورد الفعل ليتشكل موقف جديد تغلب فيه العداوة وحب الانتقام من أحد الطرفين، كما لا يعقل بحال من الأحوال أن نبحث عن كل خطأ للهيئة وحدها فنسعى إلى اصطياده ووضعه على مشرحة النقد والتحليل والتجريح، بينما تقوم أجهزة حكومية بنشاطها وترتكب من الأخطاء ما ترتكب ويقع فيها من التجاوزات ما يقع دون أن يجرؤ أحد على مجرد الهمس بما حدث، ذلك أن الأداء العام الذي تتعرض فيه مصالح الناس لإدارة من أحد في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص يعد في كل لحظة شأناً عاماً ولا حصانة فيه لأحد طالماً كانت عدالة الطرح وشفافية التناول وموضوعية التحليل وكفاءة الأدلة هي مناط البحث والنقاش.
والهيئة وهي تعلم أن كثيرين ربما يتربصون بها ويناصبونها المواجهة ويتصيدون الأخطاء، والهيئة أيضاً وهي تعلم أنها تضم الآلاف من العاملين الذين لا يتصور أن يكونوا كلهم من الأتقياء الأنقياء، والهيئة أخيراً وهي تعلم أنها تمارس نشاطها في مجتمع يضم اليوم عشرات الجنسيات بعشرات الاهتمامات والميول والأهواء والمشارب، عليها أمام كل هذه التحديات أن تبحث في سبل تعينها على أن تحقق أهدافها بأفضل قدر من الأداء وأقل قدر من النقد الذي يجب أن تتوقعه وتفرح به بل وتبحث عنه تأسياً بعمر بن الخطاب رضي الله عنه: " رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا" ولتكون هي نفسها حاملة لواء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأن تفتح كل القنوات للذين يسهمون في إقامة عوج أو تقديم إصلاح أو التحذير من أخطاء، وأن تشكر كل من يعينها على تحقيق رسالتها حتى لا تصبح جهازاً يصله النقد من الساحات الخلفية، بل تقيم اللقاءات العامة والمنتديات الخاصة وتقيم لها في كل صحيفة زاوية ليست للعلاقات العامة بإطارها التجميلي الاستعراضي، بل هي زاوية لتواصل وحوار في قناتي إرسال واستقبال وبمصداقية وروح إيجابية.
عندئذ يمكن أن نطالب صاحب الشكاية وصاحب القضية وصاحب الرأي أن يطرحها في ساحة الهيئة هذه لينال حقه من النقاش والتحليل، بل إن الأمر لا يقتصر هنا على الهيئة فقط، فلو قام كل جهاز حكومي بإغلاق أقسام العلاقات العامة التي لا تقدم في الأغلب إلا دفاعاً بارداً وردوداً باهتة على شكاوى كثير من المواطنين وتحول المشتكي إلى متجاوز والمظلوم إلى معتد، وتقيم بديلاً عنها إدارات تسمى "إدارات إرضاء المواطنين" أو "المراجعين الحكوميين" وتقوم هذه الإدارات باستقبال شكاوى واقتراحات ومشكلات المواطنين المتعلقة بالجهاز وترتبط بأعلى سلطة إدارية فيه "قمة الهرم" وتضع مؤشرات للأداء وتقيم علاقة تواصلية مع كل مواطن له مشكلة كي تحل مشكلته وتعتبر هذه المشكلة حينئذ سابقة تضم إلى معايير الأداء وتقاس درجة الرضاء الجماهيري عن هذه الوزارة أو الإدارة بحيث توضع الدرجة المراد تحقيقها عن كل سنة هدفاً في بداية السنة ويتم العمل على تحقيقها، وتكون الغاية الكبرى "أداء دون مشكلات" ولئن نجحت بعض الشركات في تحقيق شيء من ذلك فلأن السوق يحتم عليها أن تبدع وأن تتفوق، ولكن لا يصح ألا يكون لدى الموظف الحكومي هذا الحافز باعتبار الحكومة إدارة يجبر الناس على التعامل معها أو الخضوع لها.
تعليق